مقالات

في المساءلة القضائية/ فرانسوا ضاهر

القاضي السابق والمحامي فرانسوا ضاهر
كيف يُعقل أن يكون القضاء اللبناني قد سار منذ أربع سنوات على اجتهاد قضى بتحويل دين الدائن بالعملة الاجنبية قسراً وعنوةً الى عملة وطنية، وبتقويمه على سعر الصرف الرسمي لتلك العملة، إستناداً الى سلّة من النصوص الوضعية، وأن يبادر بألامس الى الامتناع عن تحويل ذلك الدين المحرّر بالعملة الاجنبية الى عملة وطنية والى الزام المدين به بسداده بذات تلك العملة الاجنبية، ونقداً هذه المرة، إستناداً الى ذات النصوص الوضعية ؟
كيف يُعقل، أنه أمام ذات الوضعية القانونية، وإستناداً الى ذات النصوص القانونية، أن يفتيَ القضاء باجتهادين متعارضين متناقضين تعليلاً ونتيجةً ؟
أضرّ أولهما بالاقتصاد عامةً وبالدائن خاصةً بشكل فاحش لمصلحة مدينه مقابلةً وبذات النسبة.
وأضرّ ثانيهما بالمدين عامةً لمصلحة دائنه، لكونه لم يتوقف عند الظروف الطارئة والاستثنائية وغير المرتقبة التي مرّت بها البلاد عامة وشملت جميع المقيمين على أراضيها، على كافة الصعد المالية والنقدية والمصرفية.
وقد كان من نتائجها أن جُرّد هؤلاء المدينون المقيمون من ودائعهم المصرفية ومداخيلهم، وأن تمّ إسقاط القوة الابرائية للشيكات المصرفية التي كانوا يصدرونها إيفاءً لديونهم والتي كانت تُغذى مؤوناتها من تلك الودائع والمداخيل، بفعل فقدان المصارف عامةً في لبنان لسيولتها النقدية التي كانت قد اقترضتها الدولة اللبنانية واقترضها مصرف لبنان، منها.
إننا في الواقع امام وضعية قانونية يُسأل القضاء عن اقدامه على حلّها، بشكل متناقض ومضرّ للاقتصاد الوطني العام عامةً ولأصحاب الحقوق خاصةً. فظهّر قصوره وعدم أهليته المهنية بمعرض معالجتها. كما تُسأل الهيئة العامة لمحكمة التمييز لكونها لم تتصدّ لها منذ طرحها في أروقة قصور العدل، وهي لم تنتفض بعد لتوحيد الاجتهاد بشأنها.
“محكمة” – الأحد في 2024/3/24

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!