أبرز الأخبارمقالاتميديا

تأهيل قاض فظّ للتعاطي مع الإعلام/علي الموسوي

كتب علي الموسوي:
يخضع عدد من القضاة لدورة تحضيرية مع منظّمة “اليونيسكو” لتنظيم العلاقة بين القضاء والإعلام إنفاذاً لاتفاقية موقّعة بهذا الخصوص، على أن يجري اختيار المميّزين منهم منْطِقاً وحضوراً وتواضعاً، لتسليمهم هذه المسؤولية المُهِمّة في ظلّ هيمنة الإعلام ووسائط الإتصالات ووسائل التواصل على حياة البشرية.
وإنْ كانت محاولة إلباس القاضي ثوب الصحافي ليست بالأمر الناجح، فيما المنطق يقول بوجوب إيلاء الدفّة لصحافي حقوقي، والإستفادة من القاضي في وظيفته الرئيسية وفي مَهَمّته الأساسية التي انتدب إليها، خصوصاً في ظلّ ما يعانيه القضاء من نقص وانتدابات واستضعاف مناطق لبنانية تحتاج إلى تعبئة مراكز شاغرة فيها، وتضخيم الحضور القضائي في محافظتي بيروت وجبل لبنان في محاولة لاختصار القضاء بهما.
وتحاط أسماء القضاة الخاضعين لهذه الدورة التدريبية، بسرّية تامة غير مسبوقة في العمل القضائي، وقد تفوقُ سرّية المذاكرة المنصوص عليها قانوناً، وكأنّهم يُنجزون عملية “كوماندوس” نوعية تقلب الإجتهادات القضائية رأساً على عقب، ولن يتوانى التاريخ عن ذكرها ولو بسطور قليلة!
وبغضّ النظر عن أنّه لا يمكن لأيّة دورة تدريبية أو ورشة عمل أن تحلّ مكان الدافع الداخلي للشخص في العطاء وفي حبّ عمله ومهنته ورسالته مع أنّها ركيزة أساسية لا يستهان بها لتحقيق النجاح المطلوب، إلاّ أنّ تسليم “مكتب إعلامي” لقاض، ليس بالأمر المرغوب.
ويتردّد في أروقة قصر العدل وبين القضاة المصدومين بخطوة مجلس القضاء واختياره غير الموفّق، وبحسب معلومات “محكمة”، أنّ أحد المشاركين في هذه الدورة لا يُحْسن التصرّف مع جيرانه في السكن، وتجمعه مشاكل كثيرة مع قضاة وصلت إلى حدّ تأليب الإعلام عليهم دون أن يفلح في مسعاه، فكيف يعوّل عليه لإيصال صورة راقية عن القضاء في ظلّ ارتفاع منسوب قلّة الثقة لدى الرأي العام بحسب الإحصاءات التلفزيونية والقذف الكلامي اللامسؤول لمسؤولين في الدولة اللبنانية وآخرهم ما تلفّظ به وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال العميد المتقاعد محمّد فهمي؟
فهل يبادر مجلس القضاء الأعلى برئاسة القاضي سهيل عبود إلى تصحيح هذا الخطأ، لا بل هذه الخطيئة، وإلى استبعاد هذا القاضي عن هذه المسؤولية الجليلة، خصوصاً وأنّ وضع القضاء لا يحتمل مزيداً من الشرخ مع الرأي العام؟ أليس من الأفضل لصورة القضاء في أيّ زمان، إستبدال القاضي الفظّ بقاض فذّ من أجل حسن سير العلاقة مع الإعلام ما دام هناك إصرار على إبقاء “المكتب الإعلامي” بيد قاض وبعيداً عن صاحب الإختصاص الوظيفي؟
فعلاقة هذا القاضي بالإعلام سيّئة كثيراً وصلت إلى درجة رفع شكاوى أمام القضاء وهيئة التفتيش القضائي، وقد سبق له أن أعطى معلومات خاطئة وغير حقيقية وغير صحيحة على الإطلاق، لا بل كاذبة وتصنّف تحت عنوان الكيدية وتوضع في خانة الإفتراء الجنائي، لصحيفة يومية عن ملفّ كان بحوزته وفي دائرته، بخلاف ما يمليه عليه قسَمُه القضائي و”موجب التحفّظ”، وذلك بهدف التشهير وإساءة السمعة والمسّ بالكرامات، متبعاً أسلوب الإنتقام المخالف لمهام القاضي العادل، في خروج واضح على المناقبية القضائية وأصول التخاطب، وذلك كردّة فعل غير مستحقّة على عدم نشر مقالاته ومقالات قاض متقاعد نال منه التقدّم في العمر.
وكان هذا القاضي يتصل بإعلاميين لتسويق مقالاته اليتيمة، ومقالات زميله المتقاعد وترويجها ولو عبر إعادة نشرها، وذلك بهدف الإساءة إلى مجموعة قضاة، ولكنّه اصطدم بالرفض المطلق، لأنّ هذه المقالات تقوّض العلاقة بين أعضاء السلطة القضائية وتُظهرها إلى الإعلام، فيما المستحسن إبقاؤها خلف جدران العدلية وداخل البيت القضائي الواحد، إنطلاقاً من أنّ القضاء لا ينقصه المزيد من قلّة ثقة الرأي العام به، وبالتالي فقد كان الإعلام أكثر حرصاً من هذا القاضي على سمعة القضاء، فكيف يولّى موقعاً لا يمكن أن ينجح فيه؟
وهذه الصحيفة التي استغلّها هذا “الريّس” تُلاحَقُ بسببه ونتيجة أفعاله ومعلوماته التضليلية وافتراءاته، بدعويين أمام محكمة المطبوعات وأحد قضاة التحقيق في بيروت.
كما أنّ محكمة التمييز الجزائية “فَرَمَتْ” قراراً ظنّياً أصدره هذا القاضي وأعادت الإتزان إلى مضمونه بتأكيدها مصداقية القرار الإتهامي بمنع المحاكمة عن أربعة أشخاص أصرّ على إبقائهم قيد التوقيف الإحتياطي الإعتباطي التعسفي بين ثمانية شهور وعشرة شهور ومن دون دليل وإثبات.
والغريب أنّ هذا القاضي هو من افترى على نفسه عندما تذمّر من تلقيه صدمةً كبيرة وصفعة قوية من القرار الاتهامي المحكى عنه، فما كان منه إلاّ أن وشوش في أذن قاضية تتقاسم معه رغيف الحقد على الصحافة الملتزمة وتحديداً المعنية بالشؤون القضائية والقانونية، لكي تطعن بالقرار الإتهامي، فجاءت الصفعة أقوى وأكبر من محكمة التمييز بتثبيت القرار الإتهامي حيث لن يجرؤ لا هو ولا سواه، على الطعن بسمعة قضاتها وسلامة قراراتها.
لننتظر ونر.. وإلاّ فلنا عودة وبتفاصيل أكثر وبتلميح أشفّ وخبايا أوضح، وذلك من أجل حسن سير العدالة، والعلاقة بين القضاء والإعلام.
“محكمة” – الثلاثاء في 2020/12/29

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!