أبحاث ودراسات

محكمة الاستئناف الناظرة بالدعاوى النقابية(الحلقة الثانية)/ ناضر كسبار

ناضر كسبار( نقيب المحامين سابقًا):
4- اما الصلاحية الأهم لمحكمة الاستئناف، فهي النظر في الاستئنافات المتعلقة بإذن الملاحقة المنصوص عليها في المادة 79 من القانون. وبالفعل، تنص المادة 79 على ما يأتي:
باستثناء حالة الجرم المشهود، لا يستجوب محام عن جريمة منسوبة اليه قبل ابلاغ الامر لنقيب المحامين الذي يحق له حضور الاستجواب بنفسه او بواسطة من ينتدبه من اعضاء مجلس النقابة.
– لا يجوز ملاحقة المحامي لفعل نشأ عن ممارسة المهنة او بمعرضها الا بقرار من مجلس النقابة يأذن بالملاحقة. ومجلس النقابة يقدر ما اذا كان الفعل ناشئا عن المهنة او بمعرضها.
– يجب اصدار القرار بالاذن بالملاحقة او رفضه خلال شهر من تاريخ ابلاغ النقيب وقوع الفعل بكتاب خطي، فاذا انقضت مهلة الشهر ولم يصدر القرار يعتبر الاذن واقعا ضمنا.
– تقبل قرارات مجلس النقابة وقرارات لجنة ادارة صندوق التقاعد الطعن امام محكمة الاستئناف بمهلة عشرة ايام من التبليغ، على ان ينضم الى الهيئة الحاكمة عضوان من مجلس النقابة يختارهما المجلس المذكور من بين اعضائه.
– تختار لجنة ادارة صندوق التقاعد هذين العضوين من اعضائها عندما يكون الامر مختصا بهذا الصندوق.
– خلافاً لنص الفقرة الاخيرة من المادة 14 من المرسوم الاشتراعي رقم /22/ تاريخ 1985/3/23 تقبل قرارات مجلس النقابة المنصوص عنها في المادة /79/ المعدلة، الطعن امام محكمة الاستئناف بمهلة 15 يوماً تلي التبليغ.
يتبيّن ممّا تقدّم انه يقتضي لفت النظر الى عدة نقاط مهمة واساسية:
أ_ التفريق بين حالة الجرم المشهود من عدمها. اذ يمكن في حالة الجرم المشهود، استجواب المحامي عن الجريمة المنسوبة اليه بعد إبلاغ الامر لنقيب المحامين الذي يحق له حضور الاستجواب بنفسه او بواسطة من ينتدبه من اعضاء مجلس النقابة. مع ملاحظة مهمة وهي، انه وفقاً لتعاميم مدعي عام التمييز فإن المحامي يستجوب فقط من قبل القاضي وليس الضابطة العدلية. إلا انه لا يجوز ملاحقة المحامي إلا بعد الاستحصال على إذن من مجلس النقابة. وهنا نقطة الخلاف. اذ يقتضي التفريق بين الاستجواب وبين اذن الملاحقة. ففي حالة الجرم المشهود، يمكن استجواب المحامي، إلا أنّه يقتضي إرسال الملف امام مجلس النقابة، لأنّه هو المخوّل بإعطاء الإذن من عدمه، وقراره يقبل الاستئناف. اما في حالات الجرم غير المشهود، فإنه يقتضي، قبل الاستماع الى المحامي او دعوته الحضور او استجوابه، ارسال الملف امام مجلس النقابة.
ب- ونعود الى مفهوم إذن الملاحقة والاحكام المتعلقة به.
فإذا تقدم المدعي بشكوى جزائية امام القضاء ضد محامٍ ناسباً اليه جرماً جزائياً. فإن النيابة العامة تحيل الملف امام مجلس نقابة المحامين للبت بموضوع إعطاء الاذن بالملاحقة من عدمه.
وهنا، لا بد من لفت النظر الى ان النيابة العامة هي التي ترسل الملف امام النقابة. بمعنى انه اذا تقدم المدعي بشكواه المباشرة امام قاضي التحقيق، فيحيل الملف امام النيابة العامة لانها هي التي تخاطب النقابة وليس قاضي التحقيق. وهذه نقطة مهمة وأساسية.
عندما تتبلغ النقابة طلب إذن الملاحقة الوارد من النيابة العامة، ويوقع المسؤول عن التبليغ وتاريخ التبليغ. تبدأ مهلة الشهر للبت بالطلب. فإذا انقضت هذه المهلة ولم يُبَت به، يعتبر الإذن واقعاً ضمناً. ويطلع نقيب المحامين شخصياً على طلب الاذن بالملاحقة بحق المحامي، فيحيل الشكوى امام مفوض قصر العدل. مع ملاحظة مهمة، وهي ان البعض يعتقد بأنه على النقيب ان يحيلها حكماً امام مفوض قصر العدل كما جرت العادة بشكل طبيعي، الا انه يمكنه ان يحيلها امام اي عضو مجلس نقابة آخر.
بعد الإحالة امام مفوض قصر العدل، يتصل المفوض بالمحامي ويحدد له موعداً للاستماع اليه، وبيان اقواله ومستنداته بهذا الخصوص، بعدها يعرض مفوض قصر العدل تقريره امام مجلس النقابة. فيشرح الوقائع، وبماذا اجاب المحامي المدعى عليه ويعرض تقريره، تمهيداً لتصويت النقيب واعضاء مجلس النقابة لاتخاذ القرار:
– إما باعتبار الفعل غير ناشئ عن ممارسة المهنة ولا بمعرضها.
– او باعتبار الفعل ناشئاً عن ممارسة المهنة وإعطاء الاذن بالملاحقة، او بعدم اعطاء الاذن بالملاحقة.
– او باعتبار الفعل بمعرض ممارسة المهنة وإعطاء الاذن بالملاحقة او بعدم إعطاء الاذن بالملاحقة.
وبعد التصويت على هذا القرار ضمن مهلة الشهر المحددة يكتب القرار خطياً ويوقعه امين السر، ويرسل امام النيابة العامة.
مع ملاحظة مهمة وهي ان النقابة غير ملزمة بإرسال القرار ضمن مهلة الشهر امام النيابة العامة. والاساس هو اتخاذ القرار ضمن المهلة. كل ذلك عائد لهمة ونشاط المفوض الذي يكتب القرار بسرعة او ببطء. واسمح لنفسي بأن اؤكد انني عرضت في مرحلتي تولي مفوضية قصر العدل مئات الملفات، وكنت اكتب القرارات وارسلها للطبع في اليوم التالي لعرضها يوم لم يكن هناك عطلة يوم السبت، وبعد ان حُددت عطلة يوم السبت، كنت ارسلها يوم الاثنين.
– عندما تتبلغ النيابة العامة القرار، تتخذ قرارها إما بكتابة كلمة “نظر” اي انها اقتنعت ولا تبغي الاستئناف. او تستأنف قرار مجلس النقابة ضمن مهلة 15 يوماً. إلا ان الاستئناف يجب ان يرد امام قلم المحكمة خلال هذه المهلة وإلا يرد شكلاً.
وبالفعل. ردت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت الغرفة الحادية عشرة الناظرة في استئناف القضايا النقابية والمؤلفة من القضاة الرئيس ايمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري وعضوي مجلس النقابة ايلي بازرلي وايلي حشاش، الاستئناف المقدم من النيابة العامة شكلاً لوروده خارج المهلة خصوصاً وانه يؤخذ بعين الاعتبار فقط تاريخ ورود الاستئناف امام قلم المحكمة.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2019/11/14.
حيث ان المستأنف عليه يطلب رد الاستئناف شكلاً في حال وروده خارج المهلة القانونية.
وحيث ان الاستئناف الراهن يرمي الى الطعن بالقرار الصادر عن مجلس نقابة المحامين في بيروت بتاريخ 29/9/2017 والذي قضى باعتبار الافعال المنسوبة الى المستأنف عليه ناشئة عن ممارسة مهنة المحاماة وعدم اعطاء الاذن بملاحقته.
وحيث يتبين ان المادة 79 من قانون تنظيم مهنة المحاماة نصت على انه تقبل رارات مجلس النقابة الطعن امام محكمة الاستئناف بمهلة عشرة ايام تلي التبليغ، على ان ينضم الى الهيئة الحاكمة عضوان من مجلس النقابة يختارهما المجلس من بين اعضائه.
وحيث ان القانون رقم 42 الصادر بتاريخ 1991/2/19 تضمن في المادة الثانية منه انه “خلافاً لنص الفقرة الاخيرة من المادة 14 من المرسوم الاشتراعي رقم 22 الصادر بتاريخ 1985/3/23 تقبل قرارات مجلس النقابة المنصوص عنها في المادة 79 المعدلة الطعن امام محكمة الاستئناف بمهلة 15 يوماً تلي التبليغ.
وحيث انه من مراجعة اوراق الملف، يتبين ان المستأنفة النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان تدلي بانها تبلغت القرار المستأنف بتاريخ 2017/10/31 ولم يتبين خلاف ما تقدم في المستندات المبرزة.
وحيث انه يتبين ان الاستئناف الراهن قد ورد الى قلم المحكمة (وهو ما ينظر اليه قانوناً لتحديد تاريخ تقديم الاستئناف) بتاريخ 2017/11/21، اي بعد انقضاء اكثر من 15 يوماً المذكورة اعلاه والمحددة قانوناً لاستئناف قرارات مجلس نقابة المحامين من قبل النيابة العامة الاستئنافية.
وحيث انه في ضوء ما تقدم، يكون الاستئناف الحاضر وارداً خارج المهلة القانونية ويقتضي رده لهذه العلة.
وحيث بنتيجة الحل المساق، تغدو سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة مستوجبة الرد إما لكونها لاقت رداً ضمنياً او لعدم تأثيرها على النزاع.
لذلك
تقرر بالاجماع:
1- رد الاستئناف شكلاً
2- رد سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة
3- تعليق الرسوم
قراراً صدر وأفهم علناً في بيروت بتاريخ 2019/11/14.
(يتبع)
“محكمة” – الثلاثاء في 2024/3/19

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!