أبرز الأخبارمقالات

خاص “محكمة”: عشية عيد الإستقلال.. قوانين منذ زمن الإحتلال ما زالت نافذة/ ضياء الدين زيباره

المحامي ضياء الدين محمّد زيباره (باحث قانوني):
عشية الإستقلال الخامس والسبعين للجمهورية اللبنانية من الإحتلال الفرنسي وما سبقه، تعالت أصوات اللبنانيين حول أيّ استقلال يتمتّعون به في ظلّ الأزمات العديدة التي يعانون منها .
مع تأييدنا لهذه الأصوات نتيجة لما وصل إليه الفساد والشخصانية في العمل المؤسّساتي وضرب هيبة الدولة إلى مستوى غير مسبوق، إلاّ أنّنا سنحصر بحثنا لجهة القوانين التي ما زالت نافذة حتّى تاريخه، رغم صدورها عن سلطة محتلة، ورغم كونها تمسّ جوهر الكيان اللبناني كقانون الجنسية والقوانين العقارية التي سنسلّط الضوء عليها في هذا المقال .
وفي ما يلي تعداد لأهمّ تلك القوانين التي ما زالت نافذة:
1- قانون الجنسية اللبنانية (القرار رقم 15 تاريخ 19\1\1925 ) صدر عن المفوّض السامي الفرنسي في حينه الجنرال “ساراي”، رغم أنّ المادة 6 من الدستور اللبناني لعام 1926 نصّت على “أنّ الجنسية اللبنانية وطريقة اكتسابها وحفظها وفقدانها تحدّد بمقتضى القانون”، وأنّ المادة 16 منه نصّت على أنّه “يتولّى السلطة المشترعة هيئتان: مجلس الشيوخ ومجلس النوّاب “.
يحدّد هذا القرار الأشخاص الذي يعتبرون لبنانيين حكمًا، وأصول منح الجنسية اللبنانية للمرأة الأجنبية المقترنة بلبناني.
2- قانون تحديد وتحرير الأملاك العقارية الصادر بموجب القرار رقم 186 تاريخ 15\3\1926 المفوّض السامي الفرنسي في حينه “دي جوفينيل”.
تنتقل بموجب هذا القانون ملكية العقارات من نظام وضع اليد إلى نظام السجل العقاري، وهو يحدّد آلية وأصول تحرير العقارات وقيدها على أسماء المالكين المفترضين .
ولئن كانت هذه هي الإيجابية الوحيدة التي استندت إليها السلطة السياسية منذ ذلك الحين للقول بمنافع أعمال التحديد والتحرير، فقد كرّس هذا القانون الملكية العقارية لما عرف قديمًا بـ “المقاطعجية” أيّ الإقطاع العائلي والسياسي والديني خلال فترة الإحتلال العثمان ، وأدّى إلى تكريس اغتصاب الملكية، وما زلنا نعاني من آثاره السلبية حتّى تاريخه، فما يضجّ به الإعلام لجهة تزوير الملكية العقارية من مشاعات وأوقاف وملكية خاصة هو في جزء كبير من آثار بعض أحكام هذا القانون، فضلاً عن عدم مراعاة أحكام أخرى واردة فيه .
3- القراران رقم 188 و 189 تاريخ 15\3\1926 .
الأوّل يتعلّق بإنشاء السجل العقاري وهو القانون الذي يحدّد أصول التسجيل في السجل العقاري، والثاني يتعلّق بالتفصيلات المتعلّقة بتنفيذ القرار الأوّل رقم 188 .
4- قانون استبدال العقارات الوقفية الصادر برقم 80 تاريخ 29\1\1926 عن المفوّض السامي الفرنسي في حينه “دي جوفينيل”، الذي حدّد آلية استبدال العقارات الوقفية، وهو لا يسري على الطوائف الإسلامية لكونها تخضع في إدارة أوقافها لأحكام الشريعة الإسلامية سندًا لقوانين تنظيمها .
5- قانون التحديد والتحرير الإختياري المسمّى بـ “إنشاء طريقة لتحديد ووضع التخوم للعقارات في المناطق التي لم تنفّذ فيها بعد معاملات التسجيل العقاري” الصادر بموجب القرار رقم 2576 ل.ر 24\5\1929 عن “بونسو”.
وهو القانون الذي يجيز لأصحاب العقارات في المناطق التي لا تخضع لنظام السجّل العقاري والتي لم تجر فيها بعد أعمال التحديد الإجباري، تحديد وتحرير عقاراتهم اختياريًا .
ساهم هذا القانون أيضًا كما هو حال شقيقه “قانون التحديد والتحرير الإجباري (القرار رقم 186) “في اغتصاب الملكية من قبل الإقطاع العائلي والسياسي والديني ، حيث كان الإقطاعيون يسعون لتحديد أملاكهم خلسة بالإتفاق مع المخاتير، ويجرون أعمال التحديد بسرعة مستفيدين من أنّ معظم المواطنين لم يكونوا على اطلاع على الجريدة الرسمية ولا من قرّاء الصحف المحلّية، فتصبح الملكية غير قابلة للطعن بمرور الزمن المنصوص عليه قانونًا .
6- قانون الملكية العقارية الصادر بموجب القرار رقم 3339 تاريخ 12\11\1930 عن المفوّض السامي الفرنسي بالوكالة ” تيترو “.
وقد أستند هذا القرار في بناءاته على أحكام القوانين العثمانية (المجلّة وقانون العقارات وقانون الطابو) وهو يحدّد أنواع العقارات، والحقوق العينية التي يمكن أن تجري عليها، واكتساب حقّ القيد في السجل العقاري .
7- نظام الطوائف الدينية الصادر بموجب القرار رقم 60 ل ر تاريخ 13\3\1936 عن المفوّض السامي الفرنسي ” دي مارتيل”.
نصّ هذا النظام على الطوائف الدينية المعترف بها وشروط الإعتراف بطوائف أخرى ، ونصّ على تمتّع كلّ طائفة بالشخصية المعنوية ، كما نصّ على الإعتراف بالطوائف التابعة للقانون العادي ضمن شروط وصلاحيات محدّدة.
في ضوء ما تقدّم، فإنّه لمن المؤسف، عدم إصدار تشريعات جديدة تنظّم جميع المسائل بعد استقلال لبنان، الأمر الذي يناقض أبسط مقوّمات سيادة الدولة .

وعليه، فإنّنا نرى أنّه يجب إعادة النظر في جميع التشريعات الصادرة خلال مرحلتي الإحتلال العثماني والفرنسي وإصدار قوانين جديدة تتلائم مع واقع الدولة وحاجات المواطنين .
“محكمة” – الثلاثاء في 2018/11/20

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!