علم وخبر

منع تشغيل مولّدات كهربائية قبل تجهيزها لضمان سلامة أهل الجوار/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
بحث قاضي الأمور المستعجلة في المتن الرئيس السيّد محمّد وسام المرتضى مسألة مهمّة تتعلّق بتركيز ثلاثة مولّدات كهربائية بالقرب من البناء الكائنة فيه شقّة المدعي الذي أبرز تقرير خبير قام برصد الواقع وأورد في تقريره بأنّ آثار الشحتار الأسود الناتج عن الدخان والغبار الصادر من دواخن تلك المولّدات بادية بشكل واضح على زوايا غرف نوم شقّة المدعي وغيرها من الأمور.
وقد كلّف الرئيس المرتضى خبيراً آخر قام بوصف واقع الحال، وعلى اثر ذلك قضى الحاكم باعتبار أنّ تلك المولّدات تنفث أثناء عملها ما يلوّث الهواء وينفض الأشغال ويجلب الضرر على الصحّة ويقلق الراحة ويحول دون استتباب العيش ويشكّل الحالة النموذجية للتعدّي الواضح على حقّ المدعي في أن تكون إقامته مع عائلته في شقّته بمأمن عن تلك الأخطار، وبمنأى عن ذلك الإزعاج، وبمنع المدعى عليهما من تشغيل المولّدات ريثما يعمدا إلى تجهيزها بما يضمن سلامة وراحة أهل الجوار تحت طائلة غرامة إكراهية، وذلك بموجب حكم معجّل التنفيذ على الأصل.
وممّا جاء في الحكم الصادر بتاريخ 2003/2/9:
بناء عليه،
حيث تقدّم المدعي بدعواه الحاضرة بوجه المدعى عليهما متظلّماً من قيام الآخرين بتركيز ثلاثة مولّدات كهربائية بالقرب من البناء الكائنة فيه شقّته، مستنداً على تقرير خبير قام برصد الواقع وأورد في تقريره بأنّ آثار الشحتار الأسود الناتج عن الدخان والغبار الصادر من دواخين تلك المولّدات بادية بشكل واضح على زوايا غرف نوم شقّة المدعي، وبأنّ مصافي تكرير الروائح والدخان المجهّزة بها هذه المولّدات هي بدائية ولا تفي بالحاجة، وبأنّه وفضلاً عن ذلك، ثمّة سبب آخر لإقلاق راحة أهل الجوار ومنهم المدعي، متمثّل بالضجيج الصادر عن تلك المولّدات أثناء دورانها.
وحيث إنّ أحد المدعى عليهما في ما تقدّم به من ردّ على الدعوى الحاضرة، أدلى بأنّ تلك المولّدات مجهّزة بكواتم للصوت وبـ”فلاتر” لتنقية الدخان المنبعث منها على نحو لا يتولّد عن دورانها أيّ ضرر أو إزعاج.
وحيث استعانت المحكمة بأحد الخبراء لتعزيز قناعتها، وقد جاء تقريره بما يأتي:
– إنّ المولّدات الكهربائية المذكورة موضوعة في هياكل حديد كاتمة للصوت.
– إنّ ثمّة ضجيجاً يصدر عنها أثناء دورانها، ولكنّه مقبول.
– إنّ الفلاتر المجهّزة بها هذه المولّدات هي “بدائية” وإنّها تخفّف من كثافة الدخان والشحتار من دون أن تمتص رائحة المازوت المحروق أو تحول دون تلوّث الهواء، وإنّ هذا الهواء الملوّث بما تنفثه تلك المولّدات ينتشر في الأجواء ويحلّ على شقّة المدعي كيفما كانت الريح باتجاهها.
– وإنّ هذا الوضع يشكّل إزعاجاً ويلحق ضرراً بأهل الجوار ومنهم المدعي وذلك لقرب المسافة بين المكان المثبتة فيه ومحلّات سكن القاطنين.
وحيث ترى المحكمة عطفاً على المعطيات المساقة أعلاه أنّ تلك المولّدات تنفث أثناء عملها ما يلوّث الهواء وينغصّ الأشغال ويجلب الضرر على الصحّة ويقلق الراحة ويحول دون استتباب العيش وهنائه وطيبه، وشكّل بالتالي الحالة النموذجية للتعدّي الواضح على حقّ المدعي في أن تكون إقامته مع عائلته في شقّته بمأمن من تلك الإخطار وبمنأى عن ذلك الإزعاج.
وحيث يدخل في صلب اختصاص هذه المحكمة أمر وضع حدّ لهذ التعدّي وفق ما تنصّ عليه الفقرة الثانية من المادة 579 من قانون أ.م.م. وذلك بمنع المدعي عليهما من تشغيل تلك المولّدات بانتظار قيامهما بتجهيزها بما يضمن سلامة وراحة أهل الجوار أي بما يحجب الدخان والرائحة والضجيج وتلوّث الهواء، على أن تتثبت المحكمة من تحقّق هذه الضمانة ومن استيفاء شرائط الراحة والسلامة عن طريق خبير تكلفه بالكشف على تلك المولّدات وعلى ما صار تجهيزها به من وسائل كتم للصوت وتصفية للهواء وحجب للروائح والدخان.
وحيث نرى إقران الحكم بغرامة إكراهية ضماناً للتنفيذ وعملاً بالمادة 587 من قانون أ.م.م.
وحيث نرى إعطاءه صفة النفاذ على الأصل تماشياً مع ما للقضيّة الحاضرة من خصوصيات متمثّلة بالضرورة التي ينطوي عليها الحال المشكو منه والمطلوب رفعه.
وحيث في ضوء التعليل السابق، والنتيجة المنتهي إليها، لم يعد ثمّة داع للبحث في سائر ما زاد أو خالف من مطالب وأسباب، أو لمزيد من البحث.
لذلك
يحكم:
1- بقبول الدعوى وبمنع المدعى عليهما السيّدين، من تشغيل المولّدات الثلاثة المذكورة في الأوراق أوصافها ومكانها الموجودة فيه، تحت طائلة غرامة إكراهية تنزل بكلّ منهما عن كلّ عملية تشغيل لأحد هذه المولّدات قدرها خمسمئة ألف ل.ل.
2- بإبقاء هذا المنع قائماً ريثما يعمدان إلى تجهيز تلك المولّدات أو المولّد الذي يريدان تشغيله بما يضمن سلامة وراحة أهل الجوار بما يحجب الدخان والرائحة والضجيج وتلوّث الهواء، على أن تتثبّت المحكمة من تحقّق هذه الضمانة ومن استيفاء شرائط الراحة والسلامة بواسطة خبير تكلفة بالكشف على المولّدات وعلى ما صار تجهيزها به من وسائل كتم للصوت وتصفية للهواء وحجب للروائح والدخان.
3- بتضمين المدعى عليهما النفقات كافة، وبردّ كلّ زاد أو خالف.
حكماً معجّل التنفيذ نافذاً على أصله صدر وأفهم علناً في جديدة المتن بتاريخ 2003/2/9.
“محكمة” – السبت في 2020/10/17

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى