التحديات النفسية في عصر التكنولوجيا: كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية؟/رنا نحلة
![](https://mahkama.net/wp-content/uploads/2025/02/رنا-نحلة.jpg)
رنا نحلة:
في العصر الحديث، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، إذ يتصل الناس ببعضهم البعض ويشاركون تفاصيل حياتهم عبر الإنترنت. ومع تزايد استخدام هذه الوسائل، ظهرت مجموعة من التحديات النفسية التي أثرت على الصحة النفسية للأفراد، خاصة في فئات الشباب والمراهقين. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية؟
1- المقارنة الاجتماعية والضغط النفسي
من أبرز التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي هو شعور الأفراد المستمر بالمقارنة الاجتماعية. في منصات مثل إنستجرام وفيسبوك، يعرض المستخدمون صورًا عن لحظاتهم المثالية، مما يعزز فكرة أن الحياة على الإنترنت دائمًا تكون أكثر جمالًا ونجاحًا. هذا النوع من المقارنات يمكن أن يؤدي إلى انخفاض تقدير الذات، ويشعر الأفراد بالضيق والتوتر بسبب الفجوة بين حياتهم الواقعية والمثالية التي يرونها على الشاشات.
2- القلق الاجتماعي والعزلة
على الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي تتيح للأفراد التواصل مع الآخرين، إلا أنها قد تسهم في الشعور بالعزلة. قد يعاني الأشخاص من القلق الاجتماعي نتيجة للتفاعلات المحدودة والافتراضية التي تتم عبر الإنترنت، مما يعيق تطور العلاقات الاجتماعية الحقيقية. بعض الدراسات أظهرت أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي قد يؤدي إلى تراجع المهارات الاجتماعية، مما يزيد من مشاعر العزلة.
3- التأثير على النوم وجودة الحياة
أصبح استخدام وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا من الروتين اليومي للكثير من الناس، بل إنه قد يمتد إلى ساعات متأخرة من الليل. التصفح المستمر قبل النوم قد يؤثر بشكل كبير على جودة النوم، حيث إن التعرض للضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يقلل من إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم النوم. هذا يسبب اضطرابات في النوم ويزيد من مستويات التوتر والقلق.
4- التنمر الإلكتروني والإساءة عبر الإنترنت
يشكل التنمر الإلكتروني أحد أكبر التحديات النفسية المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي. يمكن أن يتعرض الأفراد إلى حملات تنمر عبر الإنترنت تؤثر بشكل سلبي على صحتهم النفسية، وتزيد من شعورهم بالقلق والاكتئاب. وقد تكون هذه الظاهرة أكثر شيوعًا بين المراهقين والشباب، حيث يجدون صعوبة في التعامل مع التعليقات السلبية أو الهجمات الشخصية.
5- الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي
الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي هو تحدٍّ آخر له تأثير نفسي عميق. مع استمرار ظهور التنبيهات والرسائل والإعجابات والتعليقات، يصبح الفرد في حالة مستمرة من الانشغال بالمنصات الاجتماعية. هذا الإدمان لا يؤثر فقط على وقت الفرد وإنتاجيته، بل يساهم في زيادة مستويات القلق والاكتئاب، حيث يشعر المستخدم بالحاجة المستمرة للتفاعل والبحث عن الاعتراف الاجتماعي.
6- تحسين الرفاهية النفسية عبر الاستخدام المعتدل
من جهة أخرى، هناك بعض الاستخدامات الإيجابية لوسائل التواصل الاجتماعي، مثل دعم الأفراد الذين يعانون من مشاكل صحية نفسية. يمكن للمنصات الاجتماعية أن توفر مساحة للتواصل مع الأفراد ذوي الخبرة المتشابهة، مما يساهم في تقليل مشاعر الوحدة والعزلة. كما يمكن أن تكون هذه المنصات مكانًا لتبادل الأفكار والنصائح حول الصحة النفسية والرفاهية.
ختامًا: كيف نواجه التحديات؟
على الرغم من التحديات النفسية الكبيرة التي تطرحها وسائل التواصل الاجتماعي، يمكننا أن نتخذ خطوات لتقليل آثارها السلبية. من أهم تلك الخطوات تحديد أوقات معينة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مع التأكد من أننا نمارس أنشطة أخرى تدعم صحتنا النفسية مثل الرياضة، القراءة، وقضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء. من الأهمية بمكان أيضًا توعية الأفراد بخطر المقارنة الاجتماعية وكيفية التعامل مع التنمر الإلكتروني، مع تشجيع الحوار المفتوح حول الصحة النفسية.
في النهاية، يمكن القول إن وسائل التواصل الاجتماعي هي سيف ذو حدين: يمكن أن تكون أداة رائعة للتواصل والتعلم، ولكنها أيضًا تحمل تحديات نفسية يجب التعامل معها بحذر ووعي.
“محكمة” – الأربعاء في 2025/2/5