مقالات

مشروع الخيارات القانونية والتجمعات السكنية/منير الحداد

المحامي منير الحدّاد*:
يتبين لنا ، انه من المستوجب ان نشير إلى ان قوانين الايجارات في لبنان نشأت في العام 1939 وذلك ابان نشوء الحرب العالمية الثانية، وقضى المجلس النيابي آنذاك بأن أحكام القانون الاستثنائي ينتهي بانتهاء هذه الحرب ويصار الى اعادة تطبيق القانون العام.
ولكن للاسف، إنتهت تلك الحرب ولم يصر الى اعتماد القانون العام مجدداً، بل استمر المجلس النيابي بالتمديد لهذا القانون الاستثنائي كلّ خمس او اربع سنوات، بحيث دام هذا التمديد وحتى يومنا هذا ما يقارب 80 سنة، واضعاً القيد على الملكية الخاصة ومانعاً المالكين من حق التصرف في ملكهم نتيجة هذا التمديد، ومخالفاً بهذا التمديد احكام الدستور اللبناني الذي يقضي بأن حق الملكية مصان بالدستور ولا يمكن تعرضه لاي قيد، ونتيجة هذا القيد وهذه المخالفة.
لقد نتج عن ذلك نزاعات ودعاوى وخلافات بين المالكين والمستأجرين ارهقت الجميع، حيث اضطررنا وبمبادرة شخصية، ان نطرح حلاً لهذه المعضلة في بداية الثمانيات بمؤتمر صحفي عقد في دار نقابة المحررين بحضور الصحافة والاعلام الذي يتبين لنا بعد ذلك ان الاعلام والصحف اثنت وشجعت اعتماد هذا المشروع وتطبيقه، مما دفعنا الى القيام بذلك والمتابعة بطرحه.
ونتيجة هذا الاستمرار بالطرح، وجدنا ان شريحة من المواطنين بدأت باعتماد تطبيق هذا المشروع بيعاً وشراء بالتراضي، كما تبين لنا لاحقاً ان نسبة عالية من المواطنين راحت تطالب باعتماد هذا المشروع قانوناً، وكان اول مبادرة رسمية بتطبيق هذا المشروع من المؤسسة العامة للاسكان في المادة 16 من نظامها، التي حولت المستأجر من الافتراض من المؤسسة لشراء المأجور الذي يشغله.
وهذه المبادرة الرسمية شجعتنا على المتابعة بالطرح اعلامياً وبواسطة الندوات ، حيث تبين لنا وفي العام 1995 ان وزير العدل آنذاك، طرح مشروع الخيارات القانونية تحت عنوان 60/40، ولكن لم يبصر النور لتعذر التمويل.
كما تبيّن لنا أنّه في العام 2014 و2017 أنّ المجلس اللبناني أقرّ قانون للايجارات وتضمّن ثلاث مواد هي المادة 35 و 36 و37 اعتمد فيها أحكام الخيارات القانونية ولكن جاءت غير إلزامية وضمن اطار العرض والطلب،.
وعلى أساس هذه المرحلية الرسمية الذي اعتمدت فيها الخيارات القانونية، ولو بصورة جزئية، أصبح لزاماً ان يعتمد هذا المشرع في المجلس النيابي واقراره قانوناً بحيث يتمكّن المالك من عرض وشراء المأجور لشاغله المستأجر، ودفع ثمنه من ماله الخاص أو استعرض الثمن والتقسيط على 15 أو 20 سنة من المؤسسة المالية أو من مصرف خاص، بحيث يكون الاقساط مشابهة لبدل الايجار.
وفي حال رفض المستأجر الشراء، يمكن للمالك عرض الاخلاء لقاء تعويض يسدده للمستأجر سواء من ماله الخاص او تقسيطاً واستعراضاً من مؤسسة مصرفية وعلى مدة 15 او 20 سنة، وفي حال لم يقبل المستأجر الاخلاء لقاء التعويض يخضع عندها المستأجر للخيار العائد لاحكام البدل العادل.
وبالمقابل، وفي حال لم يقدم المالك على ممارسة خياراته، يحق للمستأجر ان يعرض خياراته بوجه المالك، في البدء بشراء المأجور وفي حال لم يوافق المالك لذلك، عندها يحق للمستأجر طرح خيار الاخلاء لقاء تعويض الذي يلزم المالك بقبوله.
وعلى أساس هذا الخيارات، يتبيّن لنا، أنّ المالك سيتمكّن من استرجاع ملكه عيناً او تعويضاً، وسيتمكّن المستأجر من البقاء في مأجور شراء او تعويضاً.
آن الاوان ان يكون لنا قوانين صالحة وغير مخالفة للدستور، وآن الاوان ان يقوم المجلس النيابي بدرس القوانين في العمق وتمكين المواطن من تطبيقه دون اللجوء الى المحاكم وتحمل النزاعات وارهاق الجميع.
* ألقى المحامي الحداد هذه الكلمة ضمن مؤتمر عقد حول كتابه “مشروع الخيارات القانونية والتجمّعات السكنية” في “بيت المحامي” برعاية نقيب المحامين في بيروت فادي المصري، وتخللته كلمات لكلّ رئيس لجنة الايجارات في النقابة المحامي شارل أبي صعب وممثّل المستأجرين المحامي أديب زخور وممثّلة المالكين المحامية انديرا الزهيري، وعضو مجلس النقابة رئيسة محاضرات التدرّج المحامية ميسم يونس.
“محكمة” – الثلاثاء في 2025/1/21

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!