مقالات

في حقّ مجلس الوزراء بردّ القوانين المقرّة من المجلس النيابي وكالةً عن رئيس الجمهورية في فترة الشغور الرئاسي/فرانسوا ضاهر

القاضي السابق والمحامي فرانسوا ضاهر:
١- إن القاعدة الاساسية هي أن “لرئيس الجمهورية، بعد إطلاع مجلس الوزراء، حق طلب إعادة النظر في القانون مرة واحدة ضمن المهلة المحدّدة لإصداره ولا يجوز أن يرفض طلبه” (٥٧ دستور).
٢- وفي حال الشغور الرئاسي، كما هو الواقع الراهن، “تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالةً بمجلس الوزراء” (٦٢ دستور).
٣- اما مجلس الوزراء فيمارس تلك الصلاحيات وفق نظام عمله المنصوص عنه بالفقرة الخامسة (٥) من المادة ٦٥ دستور. بحيث “يكون النصاب القانوني لانعقاده أكثرية ثلثي أعضائه ويتخذ قراراته توافقياً. فإذا تعذّر ذلك فبالتصويت، ويتخذ قراراته بأكثرية الحضور. اما المواضيع الأساسية فإنها تحتاج الى موافقة ثلثي عدد أعضاء الحكومة المحدّد في مرسوم تشكيلها…”
٤- اما الصلاحيات التي تختص برئيس الجمهورية والتي يعود لمجلس الوزراء ممارستها وكالةً، فهي، بحكم القواعد الدستورية العامة والمبادئ ذات القيمة الدستورية، تلك التي توفّر حسن سير عمل المؤسسات العامة في الدولة، ومن ضمنها تعيينات موظفي الفئة الاولى وما يعادلها، او تعود بالنفع العام للمواطنين، كردّ قانون تحرير الإيجارات غير السكنية، او تقتضيها مصلحة البلاد العليا، كإعلان الحرب على الكيان الصهيونى مثلاً او الامتناع عن المشاركة في حرب غزة.
وليس من بينها طبعاً الصلاحيات اللصيقة بشخص الرئيس، والتي غالباً ما يمارسها منفرداً، كتلك المنصوص عليها، على سبيل المثال، بالفقرات ٣ و٥ و٨ و٩ و١٠ من المادة ٥٣ دستور، ذلك أن الشغور الرئاسي لا يصحّ ولا يجوز أن يكون سبباً او علةً او ذريعةً لتعطيل حسن سير العمل في مؤسسات الدولة او تجاهل ما يعود بالنفع العام للمواطنين او التضحية بمصلحة البلاد العليا.
وإن هذه الاعتبارات تسمو دستوريّاً على ما يعود لرئيس الجمهورية من صلاحيات نصيّة تُجيز له المشاركة في إقرارها. وهي محدودة، في كل حال، وفق منطوق أحكام الدستور.
كما وإن مراعاة الاعتبارات المتقدمة لا يعني على الاطلاق التفلّت من إنتخاب رئيس جديد للجمهورية او الاستغناء عن إنتخابه او إسقاط موقعه ومكانته الدستورية، ما دام ثابتاً أن هذين الموقع والمكانة هما مصانان ومحميان بأحكام الدستور الصريحة والناطقة، ولا يمكن المساس بهما الاّ بتعديل دستوري جوهري.
٥- ومن بين الصلاحيات التي تختص برئيس الجمهورية والتي يعود للحكومة ممارستها وكالةً، تبعاً للمصلحة العامة بذلك، هو حقه بطلب إعادة النظر بالقانون الذي يكون قد أقرّه المجلس النيابي، بحيث يتوجب على هذا الأخير إعادة مناقشته وإقراره مجدّداً بالغالبية المطلقة من مجموع الأعضاء الذين يؤلفون المجلس قانوناً (٥٧ دستور). فيكون بالتالي للحكومة أن تمارس هذا الحق بقرار تتخذه بالأكثرية العادية من وزرائها الحاضرين، ضمن المهلة التي نصت عليها المادة ٥٦ دستور.
٦- علماً أن الوضعية المتقدمة تُطرح، إستناداً الى التفسير الذي أُعطي لنص المادة ٧٥ من الدستور والذي يُجيز للمجلس النيابي الاستمرار في ممارسة صلاحيته في التشريع في فترة الشغور الرئاسي. ما دام أن الجلسة النيابية المخصّصه لإقرار تشريع جديد تتمّ بالاستقلال عن تلك التي تنعقد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية (“إن المجلس الملتئم لإنتخاب رئيس الجمهورية يُعتبر هيئة إنتخابية لا هيئة اشتراعية ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة او أي عمل آخر”)، سيما وأن المجلس النيابي هو سيّد نفسه، وأن لا رقابة من المجلس الدستوري على مدى تجاوزه لصلاحياته في ممارسة التشريع، بل على مدى دستورية القوانين التي تصدر عنه، بحدّ ذاتها، أي على مدى انطباقها على أحكام الدستور، نصاً وروحاً.
وقد فنّدت هذا التوجّه منذ طرحه على الملأ في مقال سابق، تمّ نشره على هذا الموقع، موقع مجلّة “محكمة”.
“محكمة” – الجمعة في 2023/12/29

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!