التفرقة بين غيرة الأطفال والعاطفة الطبيعية/رنا نحلة

رنا نحلة:

تعتبر الغيرة والعاطفة الطبيعية جزءًا من النمو العاطفي للأطفال، لكن من المهم التمييز بينهما لفهم سلوك الطفل بشكل أفضل.

قد يُخطئ الأهل في تفسير مشاعر الطفل عندما تكون عاطفية، بينما قد يغفلون عن أعراض الغيرة التي قد تشير إلى مشكلة تحتاج إلى معالجة. لذا، من خلال فهم الفرق بينهما، يمكن للوالدين التعامل مع مشاعر أطفالهم بطرق أكثر فعالية.

العاطفة الطبيعية هي تلك المشاعر التي يمر بها الطفل في مراحل مختلفة من نموه، مثل حب والديه، والخوف من المجهول، والشعور بالفرح أو الحزن. هي ردود فعل عادية تمامًا للأحداث المحيطة بالطفل. مثال على ذلك: عندما يشعر الطفل بالحزن لأنه فقد لعبته المفضلة أو يشعر بالفرح حين يحصل على مدح من أحد والديه. هذه العواطف تشكل جزءًا من النمو العاطفي وتساعد الطفل على فهم نفسه ومحيطه.

الغيرة، من جهة أخرى، هي شعور معقّد يعبّر عن انعدام الأمان أو القلق الناتج عن شعور الطفل بأنه مهدد في مكانته أو محبته. تحدث الغيرة غالبًا عندما يشعر الطفل بأن شخصًا آخر (مثل أخ أو أخت جديدة، أو صديق مقرب) يأخذ مكانه في قلب الأهل أو في اهتمامهم. قد يظهر الطفل سلوكيات مثل البكاء الزائد، محاولة لفت الانتباه، أو حتى التصرف بعدوانية تجاه الشخص الذي يشعر بالغيرة منه.

الغيرة قد تكون ناتجة عن:

•وصول طفل جديد إلى العائلة.

•انتباه مفرط يُعطى لشخص آخر.

•تجربة فشل أو عدم التفوق في أمر معين مقارنةً بالآخرين.

•العاطفة الطبيعية: عادة ما تكون ناتجة عن تجارب أو مواقف يومية مثل الشعور بالسعادة بسبب شيء جيد أو الحزن بسبب فقدان شيء مهم.

•الغيرة: غالبًا ما تكون ناتجة عن شعور بالتهديد أو الخوف من فقدان حب أو اهتمام الأهل أو المحيطين بالطفل.

•العاطفة الطبيعية: تكون ردود الفعل واضحة وتظهر من خلال سلوكيات طبيعية مثل الضحك أو البكاء، ولا تكون مشبعة بمشاعر سلبية تجاه الآخرين.

•الغيرة: قد تظهر من خلال تصرفات غير لائقة أو مفاجئة مثل العدوانية، أو محاولة جذب الانتباه بأية وسيلة حتى لو كانت غير محببة.

•العاطفة الطبيعية: تساعد الطفل على تعزيز علاقاته الاجتماعية، سواء مع الأهل أو الأصدقاء، حيث يعبّر عن نفسه بطريقة مناسبة.

•الغيرة: قد تضر بالعلاقات، سواء بين الأشقاء أو مع الآخرين، حيث قد تؤدي إلى مشاعر انعدام الثقة أو التنافس المفرط.

كيف نتعامل مع كل منهما؟

•يجب على الأهل الاستماع للطفل وتعزيز مشاعره الطبيعية بطريقة إيجابية. على سبيل المثال، إذا كان الطفل يشعر بالحزن بسبب عدم الحصول على ما يريده، يجب أن يشعر بأنه مقبول ومفهوم من قبل الأهل.

•من المهم تشجيع الطفل على التعبير عن مشاعره بشكل مفتوح، مثل من خلال اللعب أو الرسم.

•عندما يشعر الطفل بالغيرة، يجب أن يدرك الأهل أن هذا الشعور غالبًا ناتج عن القلق على مكانته في العائلة أو المجتمع. من هنا، يجب العمل على طمأنته بشكل دوري.

•إذا كان الطفل يشعر بالغيرة من أخ أو أخت، يمكن للأهل تعزيز مشاعر الحب والاهتمام المتساويين بين جميع الأبناء، مع التأكيد على أهمية كل طفل ومكانته الخاصة في العائلة.

•التواصل مع الطفل وإشراكه في الأنشطة العائلية يمكن أن يساعد في تقليل مشاعر الغيرة.

التفرقة بين غيرة الأطفال والعاطفة الطبيعية تعتبر أمرًا حاسمًا لفهم سلوك الطفل ومعالجة مشاعره بالشكل المناسب. الغيرة هي شعور طبيعي، لكن إذا تم تجاهله أو التعامل معه بطريقة غير صحيحة، قد يؤدي إلى مشكلات أكبر في سلوك الطفل. بينما العاطفة الطبيعية تساعد الطفل على فهم مشاعره وتطوير مهاراته الاجتماعية والعاطفية. إذا تمكن الأهل من تحديد الفرق بينهما وتقديم الدعم المناسب في كل مرحلة، سيكبر الطفل ليكون أكثر توازنًا عاطفيًا وأكثر قدرة على التعامل مع مشاعره بشكل إيجابي.