مقالات

تعديل المرسوم 6433 المتعلّق بتحديد المنطقة الإقتصادية الخالصة خديعة قانونية تؤكّد النيّة المَخفِيّة!/ ضياء الدين زيبارة

المحامي ضياء الدين زيبارة:
ما هو شائع بين اللبنانيين ومتوافَق عليه من قبل السلطة، أنّ رئيس الجمهورية يحتجز تعديل المرسوم رقم ٦٤٣٣ تاريخ 2011/10/1 المتضمّن تحديد حدود المنطقة الإقتصادية الخالصة ليصبح الحدّ من الجهة الجنوبية الغربية النقطة ٢٩ بدلاً من النقطة ٢٣ ، ذلك بعد أن وقّعه كلّ من رئيس حكومة تصريف الأعمال آنذاك حسان دياب ووزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار ووزير الدفاع زينة عكر، وأحالته الأمانة العامة لمجلس الوزراء بتاريخ 2021/4/12.
لتتوضح صورة النية المُبَيَتة أيّ السكوت عن التنقيب والإستخراج من قبل العدوّ لقاء ثمن ما لفريق ما أو لفرقاء ، لا بدّ من الإجابة على السؤال التالي :
ما هو الوصف القانوني للمرسوم ٦٤٣٣ وللمرسوم الذي سيقضي بتعديله؟ هل هو مرسوم “قرار” يصدر عن رئيس الجمهورية ويوقّع عليه الوزراء المختصون فقط ؟ أم أنّه مرسوم يصدر بعد موافقة مجلس الوزراء؟
فإذا كان الوصف القانوني هو النوع الأوّل (مرسوم قرار) يكون ما هو شائع بين اللبنانيين صحيحاً أيّ أنّ رئيس الجمهورية يحتجز المرسوم!
وإذا كان الوصف القانوني أنّه (مرسوم يصدر بعد موافقة مجلس الوزراء) هنا تُطرح أسئلة عديدة يتأكّد بنتيجتها أنّ فريقاً سياسياً (فريق رئيس الجمهورية) أو فرقاء آخرين (كلّ من يسكت ولا يحرّك ساكناً) يريدون مكسباً أو مكاسب لقاء هذا التفريط.
(بالمناسبة وللإنصاف فإنّ حركة أمل ممثّلة برئيسها الأستاذ نبيه بري أعلن عدّة مواقف واضحة، آخرها اليوم حول وجوب دعوة مجلس الوزراء لإقرار التعديل).
إذاً ما هو الوصف القانوني لهذا المرسوم أو للمرسوم الذي يقضي بتعديله؟
واضح من استعراض مواد وأحكام قانون تحديد وإعلان الـمناطق البحرية للجمهورية اللبنانية (القانون رقم 163 الصادر في 2011/8/18)، ومرسوم تحديد حدود الـمنطقة الإقتصادية الخالصة اللبنانية (المرسوم رقم 6433 الصادر في 2011/10/1) أنّنا أمام مرسوم يصدر بعد موافقة مجلس الوزراء وأنّ التذرّع باحتجاز رئيس الجمهورية للمرسوم لا قيمة قانونية له فيمكن لرئيس الحكومة أن يدعو مجلس الوزراء اليوم للبتّ بهذا الموضوع حتّى في ظلّ تصريف الأعمال لأنّنا أمام مصلحة وطنية عليا تتعلّق بثروة لبنان النفطية والمائية، وفي ظلّ عدوان واضح على هذه الحقوق، وفي ظلّ انهيار مالي بِتنا معه بأمَسّ الحاجة لعدم التفريط بثرواتنا النفطية.
فقد نصّت الـمادة 17 من قانون تحديد وإعلان الـمناطق البحرية للجمهورية اللبنانية: (تُحدّد دقائق تطبيق أحكام هذا القانون، لا سيّما لجهة تعيين حدود الـمناطق البحرية الـمختلفة ، بمراسيم تُتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزراء الـمختصين).
وصدر المرسوم ٦٤٣٣ بعد موافقة مجلس الوزراء بتاريخ 2011/9/19.
ونصّت الـمادة 3 من المرسوم ٦٤٣٣: (يمكن مراجعة حدود المنطقة الاقـتصـادية الخالصة وتحـسينها وبالتالي تعديل لوائح إحداثياتها عند توافر بيانات أكثر دقّة ووفقًا للحاجة فـي ضوء المفاوضات مع دول الجوار الـمعنية).
فمن البديهي استنادًا إلى أحكام المواد المتقدّمة و”قاعدة موازاة الأعمال والصيغ” أنّ تعديل المرسوم يتمّ بنفس صيغة صدور المرسوم، أيّ بعد موافقة مجلس الوزراء، ولا قيمة قانونية لما يشاع عن احتجاز المرسوم من قبل رئيس الجمهورية .
إذًا في ضوء ما تقدّم – أنّه لا قيمة لما يشاع عن احتجاز رئيس الجمهورية لتعديل المرسوم – ما هي الأسئلة وعلامات الإستفهام التي تُطرح في هذا السياق ؟
١ – لماذا قبل رئيس الجمهورية أن تُعمَم واقعة غير صحيحة “أنّه يحتجز المرسوم” بينما يجب على رئيس مجلس الوزراء دعوة المجلس وإصدار القرار وحينها يكون رئيس الجمهورية ملزمًا بإصدار المرسوم وفقًا لأحكام الدستور اللبناني؟ لماذا قبل أن يتحمّل نتيجة وتبعة ذلك؟
٢ – لماذا قبل الفرقاء الآخرون بإشاعة هذه الواقعة المغلوطة؟
٣ – من هي الجهة التي فرضت على الأفرقاء في الحكم النزول عند رغبة رئيس الجمهورية ؟ والعبارة المتعارف عليها “مرّقولنا هالموضوع ! ”
خلاصة :
نستخلص ممّا تقدّم:
أوّلًا : يجب الدعوة فوًرا إلى جلسة لمجلس الوزراء يصار فيها إلى إقرار تعديل المرسوم رقم 6433 لأنّنا دون تعديله لا يمكن للبنان أن يتذرّع أمام الجهات الدولية أنّ العدوّ يعمل ضمن منطقة لبنانية أو منطقة متنازع عليها .
ثانيًا: إنّ القبول باتهام رئيس الجمهورية باحتجاز المرسوم والسكوت المريب عن ذلك يحمل في طيّاته نيّة مبيّتة بالتنازل عن جزء من حقوق لبنان لقاء مكسب ما أو ربّما مكاسب!
“محكمة” – الإثنين في 2022/6/6

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!