أبرز الأخبارعلم وخبر

معركة الصوت الواحد في انتخابات محامي بيروت فلمن الغلبة؟/علي الموسوي

كتب علي الموسوي:
مهما علت سحب الشائعات و”الحرتقات” الخارجة عن أصول وتقاليد انتخابات المحامين في بيروت والتي لا يستحقّ مطلقها المعروف أن يكون عضوًا أو نقيبًا، فإنّ الأمر المحسوم والمؤكّد والجلي هو أنّ انتخاب تسعة أعضاء بينهم نقيب ويضاف إليهم رديف، للمرّة الأولى في مائة سنة وسنتين من عمر أمّ نقابات المهن الحرّة، يعني أنّها معركة الصوت الواحد بامتياز.
فلا يوجد أيّ داع على الإطلاق للتنازل عن أيّ صوت، أو تضييع صوت واحد، والوضع التنافسي لا يحتمل مثل هذه المخاطرة حتّى ضمن الحلفاء، ذلك أنّ عدد المحامين الذين سدّدوا اشتراكاتهم السنوية ويحقّ لهم المشاركة في الإقتراع يبلغ 7240 محاميًا ومحامية من أعمار مختلفة، لن يقوى أكثر من أربعة آلاف محام منهم على الحضور إلى قصر عدل بيروت حيث تجري عملية التصويت إلكترونيًا، ومن ينل ألف صوت وما فوق من المرشّحين الكثر، والمهمّة ليست سهلة كما يتخيّل بعضهم، في ظلّ اشتداد المنافسة، “بيته بالقلعة” و”أمّه دعت له في ليلة القدر”!
فكلّ واحد من المرشّحين المستقلّين والحزبيين على حدّ سواء، يريد الصوت لنفسه قبل حليفه وشريكه في القائمة المقرّر اختيارها وتأكيدها خلال ثوان على الشاشة الموجودة أمام أعين الناخبين، وقد رشحت البيانات الحزبية الصادرة بدعم هذا وذاك، وبعضها فُخّخ بالأسماء تمهيدًا “للحرق عليها” لأنّها خارج حسابات المنافسة ولا أمل لها بجمع عدد كبير من الأصوات، وكلّ ذلك يحصل من أجل فتح الطريق لوصول آخرين، هم في الأصل الأسماء المطلوبة والمراد لها أن تنجح.
كما أنّ إعطاء صوت واحد لمرشّح ما، لا يعني الحصول على صوت بديل عنه من ناخبي هذا المرشّح أو داعميه، فدون هذا الأمر محاذير ومجازفة!
فرقم المرشّحين البالغ 38 محاميًا ومحامية مبالغ فيه، ولم تعتد نقابة المحامين في بيروت عليه في أيّة انتخابات سابقة حتّى ولو لم تجر الإنتخابات في دورة العام 2020 بسبب جائحة “كورونا”، ويتوزّع هؤلاء بين وجوه مخضرمة وأخرى جديدة، وكثير من الجديد أقوى من القديم والمعتاد على الترشّح والفوز، وفي الوقت نفسه كثير من القدامى يتقدّم بأشواط وبفارق كبير عن الجدد، وهذا يدلّل على أنّ المنافسة كبيرة وخصوصًا بين الطامحين لمنصب النقيب، وأنّ النتيجة النهائية للدورة الأولى المخصّصة لعضوية مجلس النقابة لن تعرف قبل إعلانها رسميًا بعكس حالات سابقة حيث كانت الترجيحات تصيب في إعلان فوز مرشّح ما قبل بدء العملية الإنتخابية.
ولن يكون مستغربًا انتقال أربعة مرشّحين لمنصب النقيب إلى المباراة النهائية في الجولة الثانية، بعضهم مدعوم حزبيًا وسياسيًا وبعضهم الآخر يلقى تأييد المستقلّين، فتنقسم الأحزاب وتتهافت لترجيح كفّة مستقلّ وليس المرشّح الحزبي، لئلّا يجيّر هذا الأمر في الحسابات السياسية وقبل شهور قليلة من موعد الإنتخابات النيابية، مع الإشارة إلى أنّه مهما رفع المستقلّ من سقف استقلاليته، فإنّ التصويت الحزبي عامل رئيسي في تتويجه في نهاية المطاف، ويستدلّ على ذلك من دورات إنتخابية سابقة ومن فوز نقباء مستقلّين بمجرّد أن توفّر لهم دعم حزبي وسياسي.
ولا شكّ أنّ السباق الإنتخابي قائم في الدرجة الأولى بين إثني عشر مرشّحًا من بين الثمانية والثلاثين، أيّ بين ثلث المرشّحين تقريبًا، والمطلوب فوز ربع هؤلاء، فيما يسعى آخرون إلى إثبات وجودهم وتحقيق رقم يشفع لهم في مرّات مقبلة مستقبليًا أو التلذّذ بهذه التجربة وحمل لقب مرشّح سابق!
بازرلي
ويمكن القول إنّه بمقدور المحامي إيلي بازرلي أن يعود إلى مجلس النقابة من منطلق تجربته الناجحة خلال ثلاث سنوات، ووقوفه الكبير إلى جانب زملائه وزميلاته عند مطالع انتشار جائحة “كورونا” واشتداد هجومها الضاغط على كلّ الناس، إذ واكب بازرلي وأمينّ السرّ المستمرّ سعد الدين الخطيب هذه المرحلة بكثير من الجهد والجدّية، ولن ينسى المحامون هذه الوقفة الإنسانية التي تكون مكافأتها بإتاحة الفرصة أمام بازرلي للبقاء ثلاث سنوات إضافية في مجلس النقابة. ولم يميّز بازرلي بين حزبي ومستقلّ في تعامله في التصدّي لـ”كورونا”، وهو المحسوب أصلًا على المستقلّين.
نجّار
ويلقى عضو المجلس المرشّح مجدّدًا عماد مرتينوس دعمًا علنيًا من حزب الكتائب والنقيب الأسبق جورج جريج، كما هو حال زميله المحامي فادي المصري، فهل بإمكان هذا الحزب أن “يقطع” بمرشّحين إثنين للعضوية ومرشّح ثالث لمنصب النقيب هو المحامي اسكندر نجّار صاحب السيرة الذاتية المشبعة بالكفاءة العلمية والحضور المهني والتطلّعات النقابية المتميّزة والقادر على اجتذاب أصوات بعض المستقلّين كونه واحدًا منهم؟
الأمر ليس سهلًا على الإطلاق في ظلّ وجود أحزاب مسيحية أخرى في ساحة المنافسة وتحديدًا “القوّات اللبنانية” التي ترشّح المحاميين عبدو لحود ومايا الزغريني، فيما كان التيّار الوطني الحرّ أكثر تصويبًا بالإكتفاء بدعم مرشّح واحد هو عضو المجلس المنتهية ولايته فادي بركات.
كسبار
ولهذه الأحزاب الثلاثة مرشّحوها لمركز النقيب، ووصول الثلاثة مع المرشّح المستقل ناضر كسبار قد يعطي الأفضلية لهذا الأخير الذي ينطلق من حضوره النقابي الممتد لأكثر من 15 سنة، ووقوفه إلى جانب المحامين في كلّ المناسبات ولهذا كان شعاره أنّه مع المحامين وليس عليهم. كما أنّ كسبار ونجّار هما أكثر المرشّحين قدرة على ممارسة الكتابة القانونية وهذا ما يتجلّى بوضوح من كتبهما ومقالاتهما الكثيرة.
وكلّ هذا التصوّر رهن مجموع الأصوات الذي يناله كلّ مرشّح في انتخابات العضوية، ولذلك فلا يوجد شيء محسوم بشكل نهائي.
على أنّ الإهتمام منصبّ على تأمين أصوات للحزبيين في الدرجة الأولى ومنعها عن آخرين عن طريق الإقتراع لمرشّحين لا يشكّلون “خطورة” تذكر، وهذا يعني محاولة تحقيق هدفين في آن معًا، تسهيل فوز الحزبيين وإخراج أيّ منافس قوي من ميدان الإنتخابات.
وإذا ما فاز بركات بالعضوية ولكن بمعدّل أصوات لا يتيح له المنافسة على مركز النقيب، يعني انتقال التيّار الوطني الحرّ إلى دعم مرشّح مستقلّ وليس لحود ولا نجّار بطبيعة الحال ما دام العداء مستحكمًا في السياسة بين الأحزاب المسيحية الثلاثة.
وإذا ما جرى تبادل للأصوات بين حزبي”الكتائب” و”القوّات اللبنانية” بشأن الحزبيين فقط، وهو احتمال وارد، فهذا يصبّ في مصلحة فادي المصري ومايا الزغريني أوّلًا، وينعكس سلبًا على ترشّح عبدو لحود الذي سبق له أن فاز بالعضوية في العام 2016 بفضل أصوات “القوّاتيين” ودعم النائب ستريدا جعجع. وما ان ذكر اسم لحود في بيان مصلحة المهن القانونية في حزب “القوّات” حتّى قرّر محامون مسلمون من منطقة ساحل المتن الجنوبي حيث مسقط رأسه بلدة الشيّاح، وسواها من المناطق اللبنانية، الإحجام عن التصويت له.
جبر
ولم تهدأ تحرّكات النقيب السابق نهاد جبر وما رافقها من اتصالات قبل أن يضمن أنّ ابنه مروان جبر دخل مربّع الفائزين، وهو في الأصل مرشّح مستحقّ لما في سيرته الذاتية من قيمة إضافية “لمهنة النبلاء”. وجبر الأب صائغ ماهر للتحالفات ومجتهد في جمع أصوات الأضداد سياسيًا.
مسعد
ويقطف عضو مجلس السابق وجيه مسعد الأصوات من شجرتي الأحزاب والمستقلّين بفضل قربه من المحامين، ولذلك قد تكون العضوية مضمونة، ولكن بما لا يعكس القدرة على الإنتقال إلى دورة انتخاب النقيب.
هيكل
ويلقى رمزي هيكل تأييد حزب “الكتلة الوطنية” الناشطة بين المحامين الكبار في السنّ أكثر من حضورها بين زملائهم الشباب، بالإضافة إلى أنّ نقباء سابقين تولّوا بأنفسهم العمل لمصلحته والتواصل مع قاعدة الناخبين، وكان لافتًا للنظر وبحسب معلومات “محكمة” أنّ اتصالات سياسية – مصرفية جرت بعيدًا عن الأضواء لتأمين فوزه بالعضوية، وفي خزائنه المهنية الكثير من ملفّات المصارف.
شريم
يبقى أنّ آمال المرشّحين المسلمين الشيعي والدرزي بالفوز ضئيلة نوعًا ما، فقد أخرج الحزب التقدّمي الإشتراكي نفسه من النقابات وابتعد عن ترشيح حزبي لعضوية مجلس نقابة المحامين يحلّ مكان العضو المنتهية ولايتها ندى تلحوق التي بقيت سبع سنوات متواصلة بين العامين 2014 و2021، فيما تمكّنت حركة أمل من تأمين نسبة معقولة من الأصوات من تيّار المستقبل والإشتراكي وماكينات نقباء سابقين في طليعتهم النقيبة أمل حدّاد، لمرشّحها المحامي شوقي شريم، فهل تكون كافية لفوزه بالعضوية وبما يحقّق الميثاقية الموقّع عليها ورقيًا دون التقيّد بها في كلّ انتخابات نقابية؟!
خلف
كلّ هذه المشهدية لا تمنع حصول مفاجآت كما حصل في دورة العام 2019 عندما فاز ملحم خلف بمنصب النقيب من خارج التوقّعات ومن دون المرور بالعضوية ولو لسنة واحدة على الأقلّ، مسقطًا شعار المحامين “لا نقيب من دون عضوية”. آنذاك كان الحراك الشعبي المنطلق في 17 تشرين الأوّل 2019 في أوجه، ووضعه اليوم بلا حراك!
“محكمة” – السبت في 2021/11/20

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!