علم وخبر

مفهوم القدح وعدم مسؤولية التلفزيون بسبب البثّ المباشر/ناضر كسبار

النقيب ناضر كسبار:
اعتبرت محكمة استئناف بيروت الناظرة في قضايا المطبوعات والمؤلّفة من الرئيس لبيب زوين والمستشارين وائل مرتضى وغادة عون أنّ في كلام المدعى عليه أثناء المقابلة التلفزيونية المباشرة قدحًا بحقّ المدعية وخصوصًا لجهة إنكار ونفي كلّ أهلية لها لممارسة النشاط الإعلامي والتلفزيوني.
كما اعتبرت المحكمة أنّ المؤسّسة التلفزيونية غير مسوؤلة لعدم توفر العنصر المعنوي لأنّ المقابلة حصلت في معرض برنامج تلفزيوني كان يبثّ مباشرة على الهواء وبالنظر لعنصر المفاجأة الذي كان يتميّز به البرنامج.
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 2000/11/13:
في تحقّق عناصر جرم القدح:
حيث من الثابت أنّ المدعى عليه الثاني قد تعرّض عبر شاشة التلفزيون لسمعة الشركة المدعية ولمكانتها الإعلامية.
وحيث إنّ المحكمة تلاحظ هنا أنّ كلام المدعى عليه المذكور لم يقتصر على النقد الموضوعي، وعلى إبداء رأي شخصي في عمل المدعية ونشاطها المهني، أو حتّى على نفي بعض التصرّفات الصادرة عن ممثّليها، إنّما تعدّى ذلك إلى إنكار ونفي كلّ أهلية لها لممارسة النشاط الاعلامي والتلفزيوني وإلى الإيماء والتلميح خاصة إلى أنّ ثمّة أمورًا لا يمكن البوح بها على الهواء، وكأنّه يسند بذلك إلى المدعية وبأسلوب ضمني أمورًا من شأن البوح بها تهديد اعتبارها وسمعتها للخطر، الأمر الذي يؤدّي إلى إثارة الشكوك حول مصداقية الجهة المذكورة، ويحمل المشاهد العادي على التساؤل عن وجود أمور مشينة تتعلّق بها لا يمكن الإفصاح عنها على الهواء.
حيث وبما لهذه المحكمة من حقّ التقدير، فإنّها ترى أنّ فعل المدعى عليه الثاني على الوجه المبيّن أعلاه، يؤلّف والحالة ما ذكر جريمة القدح لكونه ينال من سمعة المدعية ومن مكانتها الإعلامية، ويؤدّي إلى إهدار ثقة واحترام المشاهدين لها، ويشكّل بالتالي عناصر الجريمة المنصوص عليها في المادة 385ع. فقرة 2 معطوفة على المادة 21 من المرسوم 77/104 ويوجب مساءلة المدعى عليه مدنيًا عن نتائج فعله الجرمي لهذه الجهة.
في مسؤولية المدعى عليها الأولى:
حيث إنّ الجهة المدعية تنسب إلى المدعى عليها الأولى إقدامها على السماح للمدعى عليه الثاني بإطلاق اتهاماته المتضمّنة قدحًا وذمًّا بها عبر محطّتها التلفزيونية الواسعة الانتشار وأمام آلاف المشاهدين، الأمر الذي يجعلها شريكة في هذه الجرائم سندًا للمادة 214ع.
وحيث إنّ المادة 26 من قانون المطبوعات تنصّ على أنّه تطبّق بالنسبة للأفعال الجرمية التي يرتكبها المدير المسؤول وكاتب المقال أحكام قانون العقوبات المتعلّقة بالاشتراك الجرمي.
وحيث وعطفًا على القرار الصادر عن هذه المحكمة بتاريخ 2000/5/12 فإنّه يقتضي اعتبار المدعى عليه بمثابة فاعل أصلي في الجرم المدعى به والذي اقترف بواسطة المؤسّسة التلفزيونية المدعى عليها وذلك سندًا للمواد 28 و35 من القانون رقم 382/ع. معطوفة على المادة 121 المنوّه عنها، أيّ بمثابة كاتب المقال الذي يقترف بصيغة كتابية وبواسطة المطبوعة الصحفية إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون المطبوعات، إلّا أنّ السؤال يبقى مطروحًا لمعرفة ما إذا كانت المؤسّسة المدعى عليها قد اشتركت وتدخّلت فعليًا بأيّ وجه من الوجوه في الجرم المسند إلى المدعى عليه الثاني.
وحيث لا بدّ للتحقّق من مدى مساهمة المدعى عليها في الجرم المذكور كمتدخّلة أو شريكة من التثبّت من مدى توافر العناصر الأساسية المكوّنة لكلّ جريمة بوجهها: أي العنصر المادي والعنصر القانوني والعنصر المعنوي.
وحيث وإنْ كان من الثابت توفّر العنصرين الأوّلين لثبوت حصول البثّ التلفزيوني ولوقوع هذا الفعل تحت طائلة أحكام قانون البثّ التلفزيوني والاذاعي معطوفة على نصوص قانوني المطبوعات والعقوبات، إلّا أنّ السؤال يبقى مطروحًا للتأكّد من مدى توافر النيّة الجرمية لدى المدعى عليها المذكورة لجهة ثبوت انصراف إرادتها نحو تحقيق النتيجة الجرمية المقترفة من قبل المدعى عليه الثاني.
وحيث من الراهن من التدقيق في أوراق الملفّ أنّ هذا الأخير قد ارتكب الفعل المشكو منه في معرض برنامج تلفزيوني كان يبثّ مباشرة على الهواء، فجاء كلامه ردًّا على سؤال مباشر طرحه عليه أحد المشاهدين في اتصال هاتفي كان يجري مباشرة على الهواء.
وحيث إنّ الشكّ في حال وجوده يقتضي أن يفسّر لمصلحة المدعى عليه، خاصة وأنّ الجهة المدعية لم تقدّم أيّ إثبات جدّي يحمل المحكمة على اعتقاد خلاف ذلك.
وحيث إنّ عناصر الإشتراك الجرمي تكون تبعًا لذلك غير محقّقة بوجه المدعى عليها، الأمر الذي يوجب ردّ الادعاء وعدم ترتيب أيّة مسؤولية مدنية عليها عن فعل المدعى عليه الثاني.
“محكمة” – الأربعاء في 2021/11/24

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!