مقالات

الجلسات في المحاكم لا في المحكمة داخل سجن رومية/ناضر كسبار

ناضر كسبار(نقيب المحامين السابق في بيروت):
منذ عدة سنوات، اتخذ القرار بعقد جلسات محكمة جنايات جبل لبنان، في قاعة المحكمة المنشأة داخل حرم السجن المركزي في روميه. وكانت اهم الاسباب الموجبة، انه لا يمكن سوق (وهي كلمة لا أحبذها) الموقوفين من سجن روميه الى محكمة بعبدا بسبب الاوضاع الامنية والمالية وعدم توفر الآليات وغيرها. يومها عارضنا هذا الامر، كما عارضه المحامون، وعملنا على عدم عقد الجلسات في روميه.
اليوم عادت النغمة مع اسباب اضافية، منها ان الخارج يطلب ذلك، تماماً كما يطلب ويضغط لإبقاء النازحين السوريين في لبنان.
ومع تأكيدنا اليومي انه لا يمكن الاستماع الى الخارج، وعدم انتظار كلمات السر، ومنها انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لأنّ للخارج مصالح تتضارب مع مصالح لبنان وشعبه، إلا ان مسألة عقد الجلسات في محكمة روميه عادت الى الواجهة، وبدأ التداول بها والتسويق لها من قبل مجموعات ومنها جمعيات على علاقة مع الخارج.
نعود ونؤكد ان مسألة عقد الجلسات في روميه غير قابلة للتطبيق لعدة اسباب اهمها:
1- ان الجلسات تتعلق فقط بمحكمة جنايات جبل لبنان. فماذا عن بقية المحاكم؟
2- ان الموقوفين في روميه موقوفون من قبل عدة محاكم في بيروت وزحلة والشمال والجنوب وليس فقط محاكم جبل لبنان. بمعنى انه يقتضي سوقهم الى عدة مناطق وليس فقط الى بعبدا.
3- من مخاطر الامور، انه سوف يتم نقل الملفات من قلم محكمة بعبدا الى محكمة روميه. بمعنى انه على الكاتب “حمل” عشرات الملفات ونقلها الى سيارته، ومن ثم نقلها الى روميه. فماذا اذا فُقدت اوراق او مستندات من الملفات اثناء النقل؟ وماذا اذا اعترض اشخاص مسلحون او غير مسلحين الكاتب وسرقوا الملفات، وان كان يهمهم ملف واحد؟
4- والمشكلة الكبرى تتعلق بعمل المحامين:
وبالفعل:
أ‌- المحامي الذي لديه ملف في بعبدا وينوي حضور الجلسة. قد يقوم بعشرات المراجعات، كما ان باستطاعته حضور جلسات اخرى في المحكمة، سواء امام قاضي التحقيق او امام القضاة المنفردين، او محكمة الاستئناف.
ب‌- باستطاعة المحامي ادخال هاتفه الخلوي الى حرم محكمة بعبدا، ويتابع اعماله واشغاله على الهاتف. في حين انه في محكمة روميه، عليه ترك هاتفه الخلوي في الخارج، كما عليه ركن سيارته على الطريق العام، وعليه ان يمشي صيفاً شتاء مسافة طويلة جداً بين الطريق العام والمحكمة الكائنة داخل حرم سجن روميه.
ج- هذا، اذا تخطينا مسألة تفتيش المحامين، وما يتعرضون له من ذل الانتظار، وتفتيش الحقائب اذا كان مسموحاً إدخالها.
د- آلية ادخال الشهود وما ينتج عنها من مشاكل.
***
5- جميع هذه الاجراءات المعقدة والمضرة، لأنّ بعض الآليات معطلة، ولا يوجد عدد كاف من عناصر المواكبة. في حين ان الملايين تصرف على السفر والمناسبات وعلى سيارات مواكبة المسؤولين، فلا ضير اذا خصص مبلغ منها لصيانة آليات نقل الموقوفين. كما لا ضير من اتخاذ القرار الشجاع بسحب عناصر المواكبة والحرس للشخصيات، وإعادة النظر بمسألة مهمة جداً: من يحق له بعناصر مواكبة وحماية. وهي مسألة دقيقة، اشار اليها الرئيس المنتخب الشيخ بشير الجميل عندما تكلم عن مرافق الست في التسوق، والمرافقين الذين لا يحتاج اليهم من فُصلوا لمصلحته، كأن يكون نائب رئيس مجلس نواب سابق مثلاً. فلماذا هو بحاجة لمرافقين؟
وبالتالي، سوف نقف سداً منيعاً بوجه كل من يحاول إعادة عقد الجلسات في المحكمة الكائنة داخل حرم سجن روميه.
“محكمة” – الجمعة في 2024/4/19

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!