الأخبار

النقيب كسبار: ألف سجين ينتظرون البتّ بإخلاء سبيلهم وآخرون أنهوا محكوميتهم والقضاة مستنكفون

خاص “محكمة”:
طالب نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار السلطة اللبنانية ببناء سجون نموذجية حديثة في مركز كلّ محافظة، في الأراضي الشاسعة التي تملكها الدولة، طالباً من القضاة العودة عن استنكافهم بعد أن استفحل موضوع الموقوفين الذين لم يبتّ بطلبات إخلاء سبيلهم.


كلام النقيب كسبار جاء خلال المؤتمر الذي نظّمته لجنة السجون في نقابة المحامين في بيروت حول أزمة السجون والحلول المقترحة، حيث تكلّم أيضاً وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال القاضي بسام مولوي.

 

وهذه كلمة النقيب كسبار:
السَّجْن هو سلب لحرية إنسان بوضعه في مكان يُقيّد حريته. وهو طريقة لإحتجاز شخص بموجب قرار أو حكم قضائي. وإذا كان القانون يجيز سَجن إنسان، ومنعه من التنقل وممارسة حياته اليومية، وبالمعنى الواسع سلبه حريته، إلا أن هذا الأمر لا يعني أن تُسلب منه كرامته.
في لبنان اليوم بلغ عدد المساجين تسعة آلاف سجين. يتوزعون على خمسة وعشرين سجناً ومايتين وتسع وعشرين نظارة. سجن رومية المركزي الذي بني في العام 1972، أُعدَّ ليستوعب 1200 سجين، موجود فيه حالياً أربعة آلاف سجين.
ثلاثون بالمئة من المساجين من غير اللبنانيين، ومن بينهم ستين بالمئة من السوريين.
ألف سجين ينتظرون البت بإخلاء سبيلهم. والأمر متوقف بسبب إستنكاف القضاة عن البت، حيث كانوا يبتون بمعدل عشرين طلباً يومياً إما سلباً أو إيجاباً. وهناك مجموعة أخرى انتهت مدة محكوميتهم ولا يزالون ينتظرون الإفراج عنهم ويتطلب الأمر توقيع القضاة المعتكفين.
أما حراسة تلك السجون فلا تبشّر بالخير على الأقل بسبب قلة العناصر. إذ نرى مع كل مسؤول حالي وسابق عشرات العناصر. أما السجن الذي يستوعب الآلاف من المساجين المتهمين بجرائم متعددة والمحكومين بها، فعدد العناصر ضئيل جداً. إذ لا يكفي أن نمضي الوقت الطويل في عجقة السير أمام مستديرة قصر العدل التي تعتبر أكثر منطقة في لبنان تشهد زحمة سير نظراً لوجود قصر العدل وبيت المحامي والأمن العام والوزارات والإدارات، ومع ذلك لا نجد شرطياً واحداً ينظّم السير، بل أيضاً نشهد تقصيراً في عناصر حماية السجون.
هذا الإكتظاظ في السجون، مرده إلى عدة عوامل، منها عدم احترام نص المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، والبطء في بت الملفات، وازدياد عدد الجرائم في ظل الوضع المعيشي المتردي، وانعدام الأخلاق، والفلتان الأمني، والتوقيف “عن بو جنب”، وعدم البت بإخلاءات السبيل وخصوصاً في الدعاوى المالية التي يمكن فرض كفالات مالية عالية بدلاً من إبقاء الموقوف في السجن.
قبل وفاته، أخبرني المحامي أوغست باخوس أنّ شقيقه القاضي جان باخوس كان رئيساً للهيئة الإتهامية في طرابلس وانه استاء مرّة من قرارات أحد قضاة التحقيق الذي كان يوقف “عالريحة”: وهي كلمة كان يستعملها الأستاذ باخوس، وعندما سأله القاضي باخوس عن سبب التوقيف وعن سبب ردّ طلب إخلاء السبيل، كان يجيبه: وكيف بدنا نفرض هيبتنا؟ طبعاً كان القاضي باخوس في معظم الأحيان يفسخ قرار قاضي التحقيق خصوصاً في الشكاوى المالية مقابل كفالة.
أيها الحضور الكريم،
لن أكرر الكلام الذي نسمعه دائماً حول دخول الإنسان بجرم صغير، لا طعم له، ويخرج من السجن وقد تعلّم الأساليب المتعددة في الإحتيال وغيره ليصبح عنصراً فاسداً في المجتمع. نحن نعلم أنه يتقتضي تأهيل السجين في السجن. ونعلم أنه يقتضي معاملته معاملة حسنة، إلا أن هذه الآمال تتبدد لأن الوضع في لبنان مرتبط ببعضه. ففي ظل الأزمة الإقتصادية الخانقة، كيف يمكن إنشاء سجون نموذجية؟ وكيف يمكن خلق مراكز تأهيل للمساجين؟.
الإتكال على مسؤولين واعين، يحاولون التخفيف على الأقل من هذه الأزمة الخانقة في السجون، وعدم التوقيف إلا لأسباب جوهرية، والإستعاضة عن ذلك بفرض كفالات مرتفعة خصوصاً في الشكاوى المالية. والإسراع في بت الملفات وطلبات إخلاء السبيل.
طبعاً نحن مع النظرية التي تقول: بدلاً من بناء السجن، يقتضي بناء مدرسة وجامعة. إلا أن هذا الكلام الجميل يبقى نظرياً، لأنه لا بد من بناء السجون0 وبما ان الدولة تملك الأراضي الشاسعة في كل لبنان، فلماذا لا تُبنى السجون النموذجية في مركز كل حافظة، وبشكل يستوعب المساجين؟.
أتمنى لمؤتمركم النجاح والله وليّ التوفيق.
“محكمة” – الأربعاء في 2022/11/2

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!