أبرز الأخبارعلم وخبر

ناضر كسبار لـ”محكمة”: المحامي أوّلًا فمصير المهنة بأكملها على المحكّ!

خاص –”محكمة”:
نقابي بامتياز، عضو مجلس نقابة ومفوّض قصر على عدّة دورات، وفي رصيده عدّة كتب ومقالات قانونية وحقوقية. لم يحالفه الحظّ في الدورة الماضية رغم نيله عددًا كبيرًا جدًّا من الأصوات، إنّه ناضر كسبار القريب جدًّا من المحامين ولذلك أعلن ترشّحه لمنصب النقيب في الانتخابات المقرّرة يوم الأحد الواقع فيه 21 تشرين الثاني 2021.
قبل أيّام قليلة من موعد الإنتخابي، إلتقت “محكمة” “نقيب القلوب” كسبار كما يحلو لمحامين مناداته، وأجرت معه الحوار التالي:
• لماذا ناضر كسبار مرشّح مجدّدًا لتبوء مركز نقيب محامي بيروت؟
– لاستنهاض وضع المهنة. أنا موجود دائم في النقابة والعدلية، وعضو مجلس نقابة ومفوّض قصر على عدّة دورات وعلى اتصال دائم بالمحامين منذ أكثر من عشرين عامًا. وثمّة صرخة واضحة ومعاناة لم تشهد لها العدلية مثالًا. هذه المعاناة تحاكي طبعًا المأساة التي تمرّ بها البلاد، إلّا أنّها أصعب على المحامي الذي بطبيعة عمله قد يتأثّر أكثر من غيره من المهن بأوضاع البلاد وقيمة العملة الوطنية.
وقد أولت النقابة في السنين الماضية الشأن الوطني أهمّية خاصة، وقد تكون وضعته على رأس سلّم أولوياتها، وساهمت شخصيًا بهذا التوجّه كعضو نقابة ومفوّض قصر إيمانًا مني بدور النقابة العريق على الصعيد الوطني وفي ظلّ الأيّام المصيرية التي نعيشها.
إلّا أنّني على اقتناع راسخ بأنّ على النقابة حاليًا إعطاء أولوية مطلقة لأوضاع المحامين والعمل قدر المستطاع على تأمين شبكة حماية لهم لتمرير هذه المرحلة الصعبة من تاريخ البلاد. إنّ المحامين يعانون، وأرقام الهجرة وإقفال المكاتب مقلقة للغاية، حتّى أنّني لا أبالغ إن قلت إنّ مصير المهنة بأكملها أصبح على المحكّ!
هذا هو سبب ترشيحي، شعاري المحامي أوّلًا، وهدفي إن انتخبني زملائي نقيبًا العمل ليلًا نهارًا للمحافظة على المهنة وتطبيق برنامج عمل واضح يدعم المحامين ويؤمّن استمرارية مكاتبهم إلى حين عودة الإستقرار والنمو في البلاد.
• هل تزعجك مقولة إنّ ناضر كسبار مرشّح دائم لمركز نقيب محامي بيروت؟
– دعني أبدأ بالقول إنّني أتفهّم توق بعض اللبنانيين عمومًا والمحامين خصوصًا إلى التغيير، فحال البلاد والعباد الكارثية تستوجب محاسبة المتعاقبين على جميع المواقع وضخّ دم جديد في البلاد. إلّا أنّني أعتبر أنّني لا زلت أستطيع تقديم الكثير لنقابتي وللمحامين، نظرًا إلى خبرتي الطويلة وتواصلي غير المنقطع مع زملائي وتفهّمي لهواجسهم.
فعامل الخبرة أساسي جدًّا في الموضوع النقابي، وهو الذي سيمكّنني إن أولاني زملائي ثقتهم من مباشرة العمل منذ اليوم الأوّل وعدم تضييع الوقت لفهم طريقة عمل النقابة وتفاصيلها. والملاحظ في هذه الانتخابات هو العدد الكبير للمرشّحين مباشرة إلى مركز نقيب من دون أن يكونوا انتخبوا لمركز عضو في السابق. وهذا أمر لا أؤيّده، لأنّ الخبرة التي تكتسبها كعضو مجلس نقابة أساسية لأداء دور ومهمّة النقيب على أكمل وجه. أوليست هذه الخبرة بالتحديد السبب لتجديد ثلث مجلس النقابة كلّ سنة وليس كلّه، إذ إنّ المشترع اعتبر أنّ مجلسًا جديدًا بكامل أعضائه قد لا يستطيع أداء مهامه على أكمل وجه؟ وفي نقابة باريس مثلًا، ينتخب المحامون نقيبًا عتيدًا أو مرادفًا (dauphin)، يرافق النقيب الحالي لسنة بغية اكتساب الخبرة الكافية قبل تسلّم مهامه كنقيب محامي نقابة باريس. وقد لاحظت مؤخّرًا من خلال اجتماعاتي بالمحامين تقديرهم المتزايد لهذا العامل الأساسي لنجاح أيّ نقيب. وبالأخير، إنّ المحامين لهم كامل الحرّية باختيار ممثّليهم، وهم خير من يختار.
• هل دفعت ثمن دعم الأحزاب لك في الانتخابات الأخيرة؟ وهل تعتبر أنّك ظلمت؟
– طبعًا ظلمت عندما لقّبت بمرشّح الأحزاب. وهذا لا يعني أنّني لا أتفهّم الأسباب التي حدت المحامين، وبخاصة الشباب منهم، إلى توجيه رسالة عبر صندوق الإقتراع لجميع أحزاب السلطة والتيّارات السياسية. ظلمت لأنّني المستقلّ الدائم وأحيانًا كثيرة الوحيد، الذي نزل إلى الأرض منذ الأيّام الأولى لثورة 17 تشرين، والذي لطالما عبّر بأنّه يخوض انتخاباته منفردًا من دون دعم أيّ حزب أو تيّار سياسي.
وبالمناسبة، إن نظرتَ الآن إلى المشهد الانتخابي، ستلاحظ أنّني مجدّدًا المرشّح الجدّي الوحيد لمركز نقيب غير المدعوم من أيّ حزب أو طرف.
• ولكن ما هي حظوظ نجاحك في هذه الحال؟
– هذا السؤال مهمّ، واسمح لي أن أشرح طريقة مقاربتي للإنتخابات النقابية.
تخسر الثورة والمجموعات والأحزاب، والأهمّ نخسر جميعًا كمحامين عندما يفرض علينا مرشّحون “بالبراشوت”، أيّ مرشّحون ممن ليس لديهم أيّ تواصل مع المحامين أو أيّ تاريخ في العمل النقابي. وإذا سألت أيّ محام اليوم، سيقول لك إنّ ناضر كسبار متقدّم لأنّنا نعرفه ويعرفنا، “وفي بيننا خبز وملح”.
ومن جهة أخرى، فإنّني أراقب بدهشة وأسف الجدالات العقيمة حول إذا ما كان هناك لدى المرشّحين غير المدعومين من أحزاب السلطة أيّة فرصة للوصول. هل هذا فعلًا ما يريده المحامون؟ وهل دور النقابة وانتخاباتها الوحيد هو تحديد أحجام أحزاب السلطة تمهيدًا للإنتخابات النيابية؟
أدعو الجميع للتعالي عن الإنتماء الحزبي أو السياسي الضيّق والتفكير والعمل على ما يهمّ المحامي ويحفظ له كرامته واستمراريته. ما نفع المحامي إن ربح هذا الحزب أو ذاك إن لم يكن هو نفسه قادرًا على تأمين استشفاء عائلته مثلًا؟
أنا مرشّح حزب المحامين، شاركت في الثورة منذ يومها الأوّل وأعتمد على وعي زملائي لخطورة وضع المهنة ورغبتهم بنقيب يعيد التأكيد على أولويتها القصوى. وأخوض كما دائمًا معركة نقابية مهنية بامتياز بناء على برنامج واضح يضع المحامي أوّلًا ويعمل على تحسين ظروف عمله اليومية. وقد أستثني ملفّين وطنيين سأوليهما منذ اليوم الأوّل أهمّية قصوى توازي أهمّية الأمور المهنية، وهما ملفّا ضحايا المرفأ ومصير ودائع اللبنانيين في المصارف.
البرنامج
• فلنعد إذًا إلى برنامجك. ذكرت أنّ شعار حملتك المحامي أوّلًا. ما الذي يميّز برنامجك عن برامج المرشّحين الآخرين؟
– قد تكون شمولية برنامجي، بالإضافة إلى أنّه ثمرة تواصلي المستمرّ مع زملاء من كافة المناطق والإنتماءات، هي التي تميّزه. فهذا المرشّح مثلًا يريد التركيز على الصندوق الإستشفائي، وذاك على موضوع الودائع المصرفية، أمّا برنامجي، فشامل ومفصّل، يركّز على ملفّات متعدّدة، من ملفّ أتعاب المحامين إلى ملفّ ودائعنا في المصارف، مرورًا بالصندوق الاستشفائي ومكننة النقابة والعلاقة مع القضاة والإدارات العامة والقوى الأمنية وإدارة السجون، من دون أن ننسى طبعًا ملفّ تفجير المرفأ وحقّ أهالي الضحايا.
• ما هي أولوياتك إذا انتخبت نقيبًا؟
– إذا أولاني زملائي ثقتهم، فسأدعو فورًا إلى عقد خلوة لمجلس النقابة تحت عنوان تنويع مصادر الدخل.
تنويع مصادر دخل المحامين أوّلًا، ولدينا عدّة اقتراحات في هذا المجال، إن من خلال إعادة النظر في أتعاب المحاماة لرفعها تدريجيًا، أو عبر تعليق تطبيق ضريبة الـTVA على أتعاب المحامين، وإنشاء منصّة الكترونية تربط المحامين في لبنان بزملائهم في الخارج، بحيث تستفيد مكاتبهم العالمية والعربية من طاقاتنا القانونية بشكل يؤمّن موردًا إضافيًا للمحامين في لبنان بالعملات الأجنبية وغيرها من الاقتراحات التي قد تمكّن المحامي من الصمود والإستمرار.
أمّا في ما خصّ موارد النقابة، فسنتجه لفتح باب التبرّعات من الصناديق والنقابات الأجنبية، أو الطلب من الزملاء المقتدرين العاملين في بلاد الانتشار دفع الرسوم السنوية بالعملة الصعبة. ولكن والأهمّ، فسنعمل على تحرير أموال النقابة وصناديقها العالقة في المصارف عبر جميع السبل المتاحة، وسنواجه في القضاء وعبر الضغط الشعبي والتواصل مع جميع السلطات والجمعيات الفاعلة دوليًا.
وفي الموازاة، وفي ما يتعلّق بالصندوق الإستشفائي، فسنقوم بنشر المحاضر ونتائج التدقيق الداخلي الذي أجري بهذا الشأن لكي يطلع الجميع على مكامن الخلل وأسباب الخسائر وطريقة عمل الصندوق. وكذلك سنعمل على إعادة هيكلة المنافع والأقساط، وتوسيع شبكة التغطية الصحّية والاستشفائية بحيث نؤمّن للزملاء وعائلاتهم تغطية صحّية سليمة متكاملة دون إرهاق جيوب المحامين أو موارد الصندوق.
• ماذا عن العلاقة مع القضاء؟
– إنّ أفضل العلاقات مع السلطة القضائية والقضاة، ضمن إطار التعاون والاحترام المتبادل، هي مدماك أساسي لحسن سير العدالة ولتأمين سلاسة عملنا اليومي كمحامين. ولديّ اقتراحات عديدة وعملية لتحسين العلاقة مع القضاة، ومنها وضع آلية مع مجلس القضاء والتفتيش القضائي لحثّ القضاة على عقد جلسات قريبة، والحضور أكثر من يوم إلى المحاكم، والسعي مع مجلس القضاء لمكننة وتشفير العمل القضائي قدر المستطاع، وعقد بعض الجلسات على تطبيق zoom وغيره من التطبيقات المشابهة، وكذلك تنظيم محاضرات مشتركة للمحامين المتدرّجين وللقضاة الجدد المنتسبين لمعهد القضاة، بغية تحسين العلاقات بين عناصرنا الشابة وتأسيس جيل جديد من المحامين والقضاة ترعى علاقاته مبادئ الاحترام والتآخي.
كما أنّ علينا كنقابة مساعدة القضاة لتحصين استقلاليتهم ودعمهم في معركة تثبيت وإقرار قانون استقلالية السلطة القضائية. وأودّ في هذا الخصوص التأكيد على أهمّية توطيد العلاقة مع مجلس القضاء الأعلى، وبالأخصّ مع رئيسه القاضي سهيل عبود. أعرف الرئيس عبود جيّدًا، وهو آدمي وشغّيل ومستقلّ إلى أقصى الحدود. وجوده على رأس السلطة القضائية فرصة لنا جميعًا، وهو بالمناسبة من أكثر القضاة الذي يحترم المحاماة والمحامين (وللتذكير فقط، فإنّ أخاه وابنه وإبنته زملاء أعزاء منتسبون إلى نقابة بيروت). فلنستفد إذا من وجوده لإعادة بناء أمتن العلاقات بين النقابة ومجلس القضاء الأعلى ولنعمل يدًا بيد لتحصين القضاء وتعزيز استقلاليته وصون كرامة المحامي.
• ذكرت ملفّ حقوق ضحايا المرفأ وودائع اللبنانيين العالقة في المصارف. ما هو الدور الذي تستطيع أن تلعبه النقابة في كلّ من هذين الملفّين؟
– إنّ هذين الملفّين هما من أهمّ الملفّات الساخنة على الصعيد الوطني التي سأتابعها شخصيًا إذا انتخبت نقيبًا.
في ملفّ المرفأ، البوصلة هي حقوق الضحايا وأهاليهم الذين تمثّلهم النقابة. فعلى النقابة أن تسهر ليس فقط على إيصال صوت الأهالي إلى المرجعيات كافة، بل والأهمّ على الحفاظ على استقلالية القضاء والعمل مع مجلس القضاء الأعلى لتحصين القضاة حتّى اتضاح الحقيقة كاملة. ورأيي الشخصي أنّ الحصانات كلّها يجب أن تسقط في جريمة مماثلة.
أمّا بخصوص ودائع اللبنانيين، فإنّني أعلن انحيازي التام للمودعين. وإذا انتخبني زملائي نقيبًا، فإنّ النقابة ستتولّى مباشرة التوكّل عن المودعين والدفاع عن حقوقهم. وهذا الموقف يميّزني بوضوح عن المرشّحين الآخرين لمركز نقيب الذين توكّل معظمهم ولا يزال عن مصرف أو أكثر ممّا يعني أنّهم سيكونون محرجين في هذا الخصوص، وقد يتواجدون حكمًا أمام حالة تضارب مصالح. من ناحيتي، فسأصرّ على أن تتابع النقابة في القضاء ملفّ المودعين، وعلى أن يحضر في موازاة ذلك ممثّل عن النقابة الاجتماعات الاقتصادية الكبرى التي سيعقدها النوّاب أو الوزراء كممثّل عن المودعين، وسنكون بالمرصاد لأيّ حلّ يعقد مع صندوق النقد الدولي أو غيره لا يحمي ويرجع بالكامل (ولو بطريقة متدرّجة زمنيًا) الودائع لأصحابها.
• هل من كلمة أخيرة للمحامين؟
– أقول لزملائي المحامين تعرفونني وأعرفكم جيّدًا ومنذ مدّة طويلة. أطلب منكم فقط تحكيم الضمير والعقل وعدم الإستماع لخطابات البهورة والوعود الفارغة التي ستتبخّر جميعها في اليوم التالي للإنتخابات. أقبلوا وانتخبوا من تثقون به ومن لديه الخبرة الكافية لتأمين شبكة حماية لمهنتكم ومكاتبكم وعائلاتكم ولقمة عيشكم. الإنتخابات ليست هدفًا بحدّ ذاته، هي مجرّد محطّة وصفارة الإنطلاق للسنتين التي ستليها، فاختاروا من ترونه الأفضل لقيادة السفينة في هذه الأيّام العصيبة، حتّى الوصول بالمهنة إلى برّ الأمان.
“محكمة” – الإثنين في 2021/11/15

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!