أبرز أحكام منح الأوسمة وفق القانون اللبناني/عطاف قمر الدين
الدكتورة عطاف قمر الدين:
وسط ما نعيشه من أزمات على كافة المستويات، توجّهت أنظار اللبنانيين في الآونة الاخيرة إلى القصر الرئاسي حيث قلّد فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية في الأسابيع الأخيرة لولايته، أوسمة متنوّعة لأشخاص ينتمون إلى عدّة مجالات علمية وثقافية وإعلامية وسواها، ما دفع البعض إلى التساؤل حول القواعد القانونية التي تحكم منح الأوسمة في لبنان، وما قد لا يعلمه الكثيرون، أنّ مسألة منح الأوسمة ليست صلاحية استنسابية لرئيس الجمهورية بالمطلق، بل أنّها منظّمة من جانب المشرّع بموجب المرسوم الاشتراعي ” نظام منح الأوسمة ” رقم 122 – الصادر في 1959/6/12 (آخر تعديل بالقانون رقم 155 تاريخ 2011/8/17)، وفي ما يلي نورد أبرز أحكام هذا النظام:
١- آلية منح الأوسمة:
سنداً للمادة الأولى من نظام منح الأوسمة، إنّ أوسمة: الاستحقاق اللبناني، الأرز الوطني، المغتربين، الفخر العسكري، الوسام الحربي، ميدالية وزارة الداخلية والبلديات، الأوسمة التذكارية للعمليات العسكرية، ميدالية الجهاد الوطني، ميدالية فلسطين التذكارية، وسام 31 كانون الأوّل 1961 التذكاري، وسام الوحدة الوطنية، فجر الجنوب، الميدالية الوطنية للـمؤتمرات، وسام العمل ووسام المعارف، تمنح أو يتمّ الترفيع فيها بموجب مرسوم بناءً على اقتراح الوزير المختص. وتبيّن في المرسوم أسباب منح الوسام أو الترفيع.
وبالنسبة لميدالية الجدارة، فتمنح بقرار من نائب رئيس المجلس الأعلى للدفاع أو وزير الداخلية بناءً على اقتراح المدير العام المختص.
في حين يمنح وسام التقدير العسكري بقرار من وزير الدفاع الوطني بناءً على إنهاء قائد الجيش.
أمّا الوسام الحربي ووسام الجرحى فيتمّ منحهما بقرار من نائب رئيس المجلس الأعلى للدفاع أو وزير الدفاع الوطني أو وزير الداخلية بناءً على اقتراح قائد الجيش أو المدير العام المختص.
٢- إدارة الأوسمة الوطنية:
يتولّى إدارة الأوسمة الوطنية بإشراف رئيس الجمهورية، مجلس يدعى “مجلس الأوسمة”* يتألف من حيث المبدأ، سنداً للمادة ٤ من نظام الأوسمة، من:
– عميد رئيساً
– نائب عميد نائب رئيس
– ستة أعضاء
– أمين سر
وطبقاً لأحكام المادة الخامسة من نظام منح الأوسمة، يعيّن العميد ونائب العميد وأعضاء المجلس لمدّة ثلاث سنوات بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء. يشترط في كلّ من العميد ونائب العميد أن يكون حاملاً وسام الاستحقاق اللبناني من الدرجة الأولى ووسام الأرز من رتبة كومندور على الأقلّ، وأن يكون قد مارس وظيفة عامة مدّة عشرين سنة منها خمس سنوات على الأقلّ في الفئة الأولى أو في فئة معادلة لها.
أما أعضاء المجلس فيعيّنون على الوجه التالي:
– عضوان يمثّلان حملة وسام الاستحقاق اللبناني، يختاران ممن يحملون هذا الوسام من الدرجة الأولى على الأقلّ.
– عضوان يمثّلان حملة وسام الأرز، يُختاران ممن يحملون هذا الوسام من رتبة كومندور على الأقلّ.
– عضوان يمثّلان حملة وسام المعارف، يختاران ممن يحملون هذا الوسام من الدرجة الأولى أو الثانية.
ويقوم مبدئياً الموظّف المكلّف بدائرة الأوسمة في رئاسة الجمهورية بمهمّة أمين سرّ مجلس الأوسمة ولا يشترط فيه أن يكون حاملاً وساماً على أنّه لا يعطى حقّ التصويت.
٣- عمل مجلس الأوسمة:
بالإضافة إلى السهر على حسن تطبيق القوانين والأنظمة المتعلّقة بالأوسمة، وطبقاً للفقرة الثالثة من المادة ٦ من نظام الأوسمة، من مهمّات المجلس إبداء الرأي بصورة إلزامية في الأمور التالية:
أ- المشاريع التنظيمية والشؤون المبدئية المتعلّقة بمختلف أنظمة الأوسمة اللبنانية والأجنبية.
ب- الاقتراحات المتعلّقة بمنح الأوسمة اللبنانية أو الترفيع من درجة إلى أخرى.
ج- التدابير التأديبية تجاه حاملي الأوسمة.
بإلإضافة إلى ما سبق، يضطلع المجلس، وفق أحكام المادة ٩ من النظام، بما يلي:
– يجتمع المجلس بدعوة من عميده مرّة على الأقلّ كلّ ثلاثة أشهر وكلّما دعت الحاجة إلى ذلك. يلزم العميد بدعوة المجلس بناء على طلب ثلث الأعضاء على الأقلّ، ولا يكون الاجتماع قانونياً إلّا إذا حضره نصف الأعضاء الذين يؤّلفون المجلس وفقاً لأحكام المادة الثامنة من هذه المرسوم الاشتراعي.
– تؤخذ قرارات المجلس بأكثرية الأصوات. وفي حال تعادل الأصوات يكون صوت الرئيس مرجّحاً.
وفي حال غياب العميد ونائب العميد، يتولّى الرئاسة العضو الأعلى رتبة في نظام وسام الأرز. وفي حال تعادل الرتب، العضو الأقدم في الرتبة.
ينظّم أمين السرّ بإشراف العميد محضراً بجميع مناقشات المجلس. يوقّعه العميد وأمين السرّ.
مع الإشارة إلى أنّ أعضاء مجلس الأوسمة لا يتقاضون أيّ تعويض عن قيامهم بأعمال المجلس.
٤- أصول منح الأوسمة:
لقد نظّم الفصل الثالث من الباب الأوّل من نظام الأوسمة (المادة ١٥ حتّى ٦٠ ضمنًا) أصول منح الأوسمة الوطنية بحسب أنواعها المختلفة؛
فعلى سبيل المثال، يمنح وسام الأرز الوطني لتكريم أو مكافأة خدمات كبرى أسديت للبلاد أو أعمال بطولة وشجاعة أو تضحيات خارقة أو أعمال ذات قيمة معنوية كبيرة أو جديرة بأن تكون مثالاً للأمة أو خدمات مخلصة أسديت للدولة أو لإحدى المؤسّسات العامة الكبرى طويلة المدى.
ووسام المعارف لكونه تقدير الغاية منه مكافأة خدمات جليلة أدّيت في حقل التعليم في لبنان، فلا يجوز منحه إلّا لأشخاص ينتمون إلى الهيئة التعليمية، الادارية والتفتيشية التابعة لوزارة التربية الوطنية، أو أعضاء اللجان الدائمة في هذه الوزارة، أو إلى الأشخاص الذين أسدوا خدمات جليلة في حقل التعليم العملي أو ساهموا في نشر رسالة التعليم المنوطة بوزارة التربية الوطنية وذلك ببناء المدارس أو بتقديم الهبات وبتخصيص المنح الدراسية للطلاب اللبنانيين، أو إلى الأشخاص الذين ساهموا أو بواسطة الانتاج والتعليم، في ازدهار الفنون والآداب والعلوم أو التربية البدنية.
أمّا وسام الاستحقاق اللبناني، في ما يختص بباقي الدرجات غير الرتبة الاستثنائية والوشاح الأكبر، فهو يُمنح لخدمات كبرى أسديت للبلاد أو لأعمال مثالية في الشجاعة أو لأعمال ذات قيمة معنوية كبيرة، أو لخدمات مخلصة طويلة المدى أسديت للدولة، أو لإحدى المؤسسات العامة الكبرى…
وفي ظلّ إيراد علامات استفهام من قبل اللبنانيين حول مدى جدارة بعض الشخصيات المكرّمة مؤخّراً لنيل الأوسمة التي تقلّدتها، نأمل أن لا تتحوّل المسألة إلى طقس من طقوس انتهاء الولاية الرئاسية على أساس التنفيع المعنوي لأسباب غير موضوعية، حفاظاً على رمزية الوسام وعطاءات المستحقين.
*أنظر لطفاً، مرسوم تأليف مجلس الأوسمة 2021/8410
“محكمة” – الخميس في 2022/10/27