أبرز الأخبارعلم وخبر

حكم للقاضي علاء بشير عن مسألة إختصاص المحاكم العادية للنظر بدعاوى العرض والإيداع عند وجود بند تحكيمي/علي الموسوي

المحامي المتدرّج علي الموسوي:
تصدّى القاضي علاء بشير بوصفه قاضيًا منفردًا مدنيًا ناظرًا في دعاوى الإيجارات في جديدة المتن لإشكالية قانونية تتعلق بوجود بند تحكيمي في عقد إيجار موقّع بين الشركة المستأجرة والسيّدة المالكة وذلك في معرض البتّ بخلاف يتصل بتسديد بدلات الإيجار، إذ إنّ المالكة ترفض قبول العرض والإيداع وكانت تقيم دعوى تطلب فيها فسخ عقد الإيجار.
وقد تنازلت المالكة عن العقد التحكيمي بمجرّد اللجوء إلى المحكمة العادية، بينما لم تجاريها الشركة ولم تتنازل عن هذا العقد وتقدّمت بدعوى لإعلان صحّة العرض الفعلي والإيداع أمام القاضي المنفرد وليس أمام الهيئة التحكيمية التي لم تكن قد تشكّلت بعد.
وإذا كان القاضي المنفرد المدني مختصًا للبتّ بالعرض والإيداع، إلّا أنّه اصطدم بوجود محكّم، وانتهى إلى قبول الدفع بعدم اختصاص محكمته لعلّة وجود بند تحكيمي وردّ الدعوى شكلًا.
“محكمة” تتفرّد بنشر كامل حكم القاضي بشير لأهمّية ما تضمّنه من مناقشة قانونية والنتيجة التي خلص إليها:
باسم الشعب اللبناني
إنّ القاضي المنفرد المدني في جبل لبنان (جديْدة المتن)
الناظر في دعاوى الإيجارات،
لدى التدقيق،
تبيّن أنّه بتاريخ 2021/4/22 تقدّمت شركة (…) ش.م.ل. ممثلةً بشخص المفوّض بالتوقيع عنها السيّد ج. ع.، وكيلها المحامي ع. ل.، باستحضار بوجه السيّدة د. خ.، خلُصت فيه إلى طلب إعلان صحة العرض الفعلي والإيداع رقم 2020/2530 تاريخ 2020/8/11، وكذلك العرض الفعلي والإيداع رقم 2021/181 تاريخ 2021/12/18، واللذيْن سدّدت بموجبهما البدلات المترتبة عن إيجار العقار رقم ١٤٤٥/سن الفيل (الدفعة الثانية عن العام ٢٠٢٠ والدفعة الأولى عن العام ٢٠٢١)، وإبراء ذمّتها من البدلات المذكورة ذلك سنداً لنص المادّة ٣٠١ م.ع. والمادّة ١٩٢ من قانون النقد والتسليف.
وتبيّن أنّه بتاريخ 2021/5/10 تقدّمت المدّعى عليها السيّدة د. خ.، وكيلها المحامي إ. ن.، بلائحة تتضمن طلب ضم عرضت فيها أنّه سبق أن تقدّمت بالدعوى رقم 2021/1330 والتي ترمي من خلالها إلى إبطال العرضيْن الفعلي عينهما المطلوب إثبات صحّتهما بموجب الدعوى الحاضرة. وخلُصت طالبةً ضم الدعوى المذكورة إلى الدعوى الحاضرة ليصار بعدها إلى تقديم جواب شامل.
وتبيّن أنّه بتاريخ 2021/9/2 تقدّمت الشركة المدّعية بطلب إضافي طارئ خلُصت فيه إلى إعلان صحة العرض الفعلي والإيداع رقم 2021/10163 تاريخ 2021/8/2 والذي سدّدت بموجبه بدلات الإيجار التي تُمثّل الدفعة الثانية عن العام ٢٠٢١، وذلك سنداً لنص المادتيْن ٢٩ و٣٠ و٣١ أ.م.م. وكرّرت أقوالها ومطالبها السابقة كافّة.
وتبيّن أنّه بتاريخ 2022/5/11 جرى ضم ملف الدعوى رقم 2022/1242 والتي تطلب بموجبها المدعية (المدعى عليها في الدعوى الحاضرة)، فسخ الإجارة بينها وبين الشركة المدّعى عليها (المدّعية في الدعوى الحاضرة) لإخلالها بموجب دفع البدلات، إلى ملف الدعوى الحاضرة.
وتبيّن أنّه بتاريخ 2022/6/29 تقدّمت المدّعى عليها، المدّعية في الملف المضموم، بلائحة مع طلب إضافي خلُصت فيه إلى إبطال معاملات العروض الفعلية والإيداعات رقم 2020/2530 تاريخ 2020/8/11، ورقم 2021/181 تاريخ 2021/12/18، ورقم 2021/10163 تاريخ 2021/8/2، ورقم 2022/9148 تاريخ 2022/6/21، وتضمين الشركة المدّعية، المدّعى عليها في الملف المضموم، الرسوم والمصاريف كافة.
وتبيّن أنّه بتاريخ 2022/6/29 تقدّمت الشركة المدّعية، المدّعى عليها في الملف المضموم، بطلب إضافي طارئ خلُصت فيه إلى طلب إعلان صحة العرض الفعلي والإيداع رقم 2022/9148 تاريخ 2022/6/21. وكرّرت أقوالها وطلباتها السابقة كافّة.
وتبيّن أنّه بتاريخ 2022/5/11 جرى ضم ملف الدعوى رقم 2022/1243 إلى ملف الدعوى الحاضرة.
وتبيّن أنّه بتاريخ 2023/4/6 تقدّمت المدّعى عليها، المدّعية في الملفيْن المضموميْن، بلائحة جوابية أولى بعد الضم كرّرت فيها أقوالها وطلباتها السابقة كافّة.
وتبيّن أنّه بتاريخ 2023/5/5 تقدّمت الشركة المدّعية، المدّعى عليها في الملفيْن المضموميْن، بلائحة جوابية شاملة كرّرت فيها أقوالها ومطالبها السابقة، مؤكّدة على الدفع بعدم الإختصاص لوجود بند تحكيمي عملاً بأحكام المادّة ١١من ملحق عقد الإيجار.
وتبيّن أنّه بتاريخ 2023/6/6 تقدّمت المدّعى عليها، المدّعية في الملفيْن المضموميْن، بلائحة تتضمن طلباً إضافياً خلُصت فيه إلى إعلان بطلان معاملة العرض الفعلي والإيداع رقم 2023/6591 تاريخ 2023/5/18 لعدم موازاة المبلغ المدفوع للدين المستحق. وكرّرت أقوالها وطلباتها السابقة كافّة.
وتبيّن أنّه بتاريخ 2023/6/14 تقدّمت الشركة المدّعية، المدّعى عليها في الملفيْن المضموميْن، بطلب إضافي طارئ خلُصت فيه إلى طلب إعلان صحة العرض الفعلي والإيداع رقم 2023/6591 تاريخ 2023/5/18. وكرّرت أقوالها وطلباتها السابقة كافّة.
وتبيّن أنّه بتاريخ 2023/6/27 تقدّمت المدّعي عليها، المدّعية في الملفيْن المضموميْن، بلائحة جوابية ردّاً على الدفع بعدم الإختصاص عرضت فيها أنّ الاتفاق على التحكيم جاء شاملاً لحل كل خلاف قد ينشأ عن تفسير أو تنفيذ العقد، فيكون من شأن ذلك إستبعاد إختصاص المحاكم العادية ما لم يتنازل الطرفان عن هذا الاتفاق صراحةً أو ضمناً، وأن رفع أحد أطراف النزاع لدعواه أمام المحاكم العادية يعد بمثابة تنازل ضمني عن اتفاق اللجوء إلي التحكيم، وأنّ الشركة المدّعية، المدّعى عليها في الملفيْن المضموميْن، قد لجأت إلي القضاء العادي بدلاً من التحكيم لرفع دعواها الرامية إلى إثبات صحة العروض الفعلية والإيداعات المنظمة من قِبلها، كما أنّها وافقت على طلب ضم الدعويين دون أي معارضة، وأنّه لا يُردّ على ذلك وجوب تقديم دعوى إثبات العرض الفعلي والإيداع ضمن مهلة معينة لأنّ المادّة ٨٢٤ أ.م.م. أشارت إلى وجوب تقديم الدعوى أمام المحكمة المختصة دون أي تحديد تاركةً الأمر للقواعد العامّة التي لا تمنع من اللجوء إلى التحكيم حتى لو كانت الدعوى مقيّدة بمهلةً واحدة، وأنّ تقديم طلب عرض النزاع على الهيئة التحكيمية، وإن كانت غير مستكملة، من شأنه أن يقطع المهلة المحدّدة لإقامة الدعوى، وأنّ ورود طلب التحكيم ضمن المهلة المخصصة لإقامة الدعوى من شأنه أن يُعتبر بمثابة الدعوى في هذه الحالة، وأنه لا يمكن تجزئة الإختصاص بحيث ينظر القضاء العادي بصحة أو بطلان إيفاء البدلات التأجيرية، في حين ينظر القضاء التحكيمي في دعوى فسخ الإجارة. وخلُصت مكرّرة طلباتها السابقة كافّة.
وتبيّن أنّه بتاريخ 2023/7/21 تقدّمت الشركة المدّعية، المدّعى عليها في الملفيْن المضموميْن، بلائحة جوابية أكّدت فيها على الدّفع بعدم الإختصاص لوجود بند تحكيمي وأنّها تقدّمت بطلب تعيين محكم ثالث أمام رئيس الغرفة الإبتدائية في المتن، وأضافت أنّ تقدّمها أمام هذه المحكمة بدعوى لإثبات صحة العرضيْن الفعلي والإيداعيين موضوع الإستحضار بتاريخ 2021/4/22 كان مجرّد إجراء تحفظي لحفظ حقوقها ومنع سقوط مفاعيل العرضيْن المذكوريْن في ما لو لم تقدّم الدعوى ضمن مهلة العشرة أيام المحدّدة لها دون أن يعني ذلك تنازلاً عن البند التحكيمي، وأنّه عندما تقدّمت المدّعية، المدّعى عليها في الملفيْن المضموميْن، بدعوى فسخ عقد الإيجار، أجابت طالبةً ردّ الدعوى شكلاً لعدم صلاحية القاضي المنفرد الناظر بها لوجود بند تحكيمي، وأنّ العدول عن البند المذكور يجب أن يحصل بموافقة طرفي العقد الأمر غير الحاصل في الدعوى الراهنة، وأنّ قرار ضم الدعاوى لا يعني مطلقاً التنازل عن التمسك بالبند التحكيمي لأنه مجرّد تدبير من تدابير الإدارة القضائية، وأنّ اللجوء إلى الهيئة التحكيمية لإثبات صحة العرض الفعلي والإيداع ضمن المهلة القانونية كان أمراً متعذراً في ظل عدم تشكيل الهيئة المذكورة وعدم وضع يدها على النزاع. وخلُصت الشركة مكرّرة طلباتها السابقة كافّة.
وتبيّن أنّه بتاريخ 2023/8/25 تقدّمت المدّعى عليها، المدّعية في الملفيْن المضموميْن، بلائحة جوابية حول الدفع بعدم الإختصاص مؤكّدة على تنازل الشركة المدّعية عن البند التحكيمي الّذي أشار بوضوح إلى إيلاء المحكمين صلاحية الفصل في صحة أو فسخ عقد الإيجار، وأنّ النزاع الحالي يتعلّق بمسألة تسديد البدلات لأحكام العقد والقانون وهي مسألة من شأنها أن تؤدي إلي نتيجة تتمثّل بفسخ الإجارة، وأنّه كان بإمكان هذه الأخيرة أن تتقدّم بطلب استكمال الهيئة التحكيمية من أجل قطع مهلة لعشرة أيام التي يتوجّب خلالها تقديم دعوى إثبات صحة العروض الفعلية والإيداعات. وخلُصت إلى تكرار أقوالها وطلباتها السابقة كافّة.
وتبيّن أنّه بتاريخ 2023/10/11 تقدّمت الشركة المدّعية، المدّعى عليها في الملفيْن المضموميْن، بلائحة ضم مستند أبرزت طيّها قراراً صادراً عن رئيس الغرفة الإبتدائية في المتن بتعيين القاضي السابق فرنسوا ضاهر محكّماً ثالثاً مطلقاً في اللجنة التحكيمية عملاً بأحكام المادّة ١١ من ملحق عقد الإيجار. وكرّرت طلباتها السابقة كافة.
وتبيّن أنّه في الجلسة المنعقدة بتاريخ 2023/10/17 كرّر الفريقان أقوالهما وأختُتِمت المحاكمة أصولاً.
وتبيّن أنّه بتاريخ 2023/10/19 تقدّمت المدّعى عليها، المدّعية في الملف المضموميْن، بمذكرة توضيحية أكّدت فيها على مسألة تنازل الشركة المدّعية، المدّعى عليها في الملفيْن المضموميْن، عن البند التحكيمي بمجرّد توسّلها القضاء العادي، وأنّه كان يمكن، لها وكما حصل في قضايا مشابهة، التقدّم بطلب إثبات صحة العرض الفعلي والإيداع أمام المرجع المولج بتعيين المحكم، وأنّه لا أثر لقرار تعيين المحكم الثالث من قِبل رئيس الغرفة الإبتدائية، فضلاً عن أنّه قد جرى الطعن به إستئنافاً. وخلُصت مكرّرة طلباتها السابقة كافّة.
وتبيّن أنّه بتاريخ 2023/10/20 تقدّمت الشركة المدّعية، المدّعى عليها في الملفيْن المضموميْن، بمذكرة توضيحية كرّرت فيها أقوالها ومطالبها السابقة متمسكةً بالدفع بعدم إختصاص المحكمة الحاضرة لوجود بند تحكيمي.
وتبيّن أنّه بتاريخ 2023/10/25 تقدّمت المدّعى عليها، المدّعية في الملف المضموميْن، بمذكرة توضيحية إضافية كرّرت فيها أقوالها ومطالبها السابقة كافّة.
بناءً عليه،
حيثُ إنّ الشركة المدّعية تطلب إعلان صحة العرض الفعلي والإيداع رقم 2020/2530 تاريخ 2020/8/11، وكذلك العرض الفعلي والإيداع رقم 2021/181 تاريخ 2021/12/18، واللذيْن سدّدت بموجبهما البدلات المترتبة عن إيجار العقار رقم ١٤٤٥/سن الفيل، وإبراء ذمّتها من البدلات المذكورة،
وحيثُ إنّ المدّعى عليها تقدّمت بدورها بدعوييْن: الأولى تحمل الرقم 2022/1242 وتطلب بموجبها فسخ الإجارة القائمة بينها وبين الشركة المدّعى عليها (المدّعية في الدعوى الحاضرة) لإخلالها بموجب دفع البدلات، والثانية تحمل الرقم 2022/1243 وفيها تطلب إعلان بطلان عروض فعلية وإيداعات لبدلات إيجار مجراة من قِبل الشركة المذكورة، وقد جرى ضم الدعوييْن المذكورتيْن إلى ملف الدعوى الأصلية الحاضرة من أجل السير والحكم فيهم معاً كدعوى واحدة،
وحيثُ إن الشركة المدّعية، المدّعى عليها في الملفيْن المضموميْن، تدفع بعدم إختصاص المحكمة الحاضرة لوجود بند تحكيمي في عقد الإيجار الموقّع بينها وبين المدّعى عليها، المدّعية في الملفّيْن المضموميْن، وهي تُدلي بأنّ تقديمها دعوى لإثبات العرض الفعلي والإيداع أمام القضاء العادي كان مجرّد تدبير تحفظي حمايةً لحقوقها ومنع سقوط مفاعيل العرض والإيداع فيما لو لم تُقدّم الدعوى ضمن مهلة العشرة أيام المحدّدة لها دون أن يعني ذلك تنازلاً عن البند التحكيمي، في حين أنّ المدّعى عليها، المدّعية في الملفّيْن المضموميْن، تُصِر على إعتبار ما قامت به الشركة تنازلاً من قِبلها عن إتفاق اللجوء إلي التحكيم، وهي تُدلي بأنّ تقديم طلب عرض النزاع على الهيئة التحكيمية، وإن كانت غير مستكملة، كان من شأنه أن يقطع المهلة المحدّدة لإقامة الدعوى،
وحيثُ من الثابت أنّ المادّة الحادية عشرة من ملحق عقد الإيجار الموقّع بين فريقَي النزاع بتاريخ 2012/4/17 تنص على ما حرفيّته: ” كل خلاف قد ينشأ حول تفسير أو تنفيذ العقد الحاضر أو أحد بنوده يتم حلّه عن طريق التحكيم المطلق بواسطة لجنة تحكيمية مؤلفة من المحاميين ع. ل. وإ. أ. ومحكم ثالث يتفق المحكمان على تسميته وإلّا فيتُم تعيينه من قِبل رئيس محكمة بداية المتن بناءً على طلب الفريق الأكثر عجلة”،
وحيثُ إنّ إجراء معاملة عرض فعلي وإيداع لبدلات الإيجار تُعتبر تنفيذاً لموجبات عقدية متمثلة بدفع البدلات المذكورة، وعليهِ، فإنّ الخلاف الناشئ حول مدى صحة العرض الفعلي والإيداع يُعتبر خلافاً ناشئاً عن تنفيذ العقد ويكون بالتالي مشمولاً، من حيثُ المبدأ، بالبند التحكيمي المُشار إليه أعلاه،
وحيثُ إنّ المسألة المطروحة على بساط البحث تتلخّص في تحديد ما إذا كان تقديم الشركة المدّعية لدعواها الحاضرة (الرامية إلى إثبات صحة عروض فعلية وإيداعات) أمام هذه المحكمة يُعتبر تنازلاً من قِبلها عن البند التحكيمي، أم أنّ لدعاوى إثبات العرض الفعلي والإيداع، أو حتى إعلان بطلانها، خصوصية معيّنة في هذا المجال؟،
وحيثُ إنّ المادّة ٨٢٤ أ.م.م نصّت في فقرتها الأولى على أنّه على المدين، تحت طائلة سقوط الآثار المترتبة على العرض والإيداع، أن يتقدّم خلال عشرة أيام من تاريخ تبلّغه رفض الدائن بدعوى لإثبات صحة العرض والإيداع. ويكون للدائن خلال عشرة أيام من تاريخ صدور رفضه أن يتقدّم بدعوى لإثبات بطلان العرض والإيداع،
وحيثُ من الثابت أنّ مهلة العشرة أيام المذكورة هي مهلة إسقاط يترتّب على إنقضائها سقوط الحق بإقامة دعوى إثبات صحة العرض الفعلي والإيداع أو أعلان بطلانه، شأنّها في ذلك شأن جميع الدعاوى التي يشترط القانون إقامتها ضمن مهلة معيّنة،
وحيثُ لئن صحّ ما تُدلي به المدّعى عليها، المدّعية في الملفيْن المضموميْن، لجهة أنّ دعاوى إثبات صحة العرض الفعلي والإيداع هي من الدعاوى المشمولة أيضاً بالبند التحكيمي، إلاّ أن خصوصية هذه الدعاوى المتمثّلة بوجوب إقامتها ضمن مهلة معيّنة تحت طائلة السقوط، لا تؤدي إلى إعتبار إقامتها ضمن المهلة أمام القضاء العادي تنازلاً عن البند المذكور، لا سيّما في ظل عدم تشكيل الهيئة التحكيمية بتاريخ نشوء حق الشركة المدّعية بإقامة دعوى إثبات صحة العرض الفعلي والإيداع، الأمر الّذي كان سيؤدي حتماً إلى سقوط حقّها بتقديم الدعوى المذكورة في حال إنتظار تشكيل الهيئة التحكيمية،
وحيثُ لا يُردّ على ما تقدّم بأنّه كان يتوجّب على هذه الأخيرة أن تتقدّم بطلب عرض النزاع على الهيئة التحكيمية، وإن كانت غير مستكملة، من أجل قطع المهلة المحدّدة لإقامة الدعوى، لأنّ ما يقطع المهلة المحدّدة لإقامة دعوى معيّنة هو إقامتها أمام محكمة تبيّن في ما بعد أنّها غير مختصّة، وليس أمام محكمة لم يتم تشكيلها بعد، وإنّ تقديم طلب إثبات صحة العرض الفعلي والإيداع من قَبل أحد فريقَي البند التحكيمي أمام المرجع المولج بتعيين المحكم، كما حصل في قضايا مشابهة، لا يُشكّل سنداً قانونياً يمكن للمحكمة الإستناد إليه أو الأخذ به،
وحيثُ لا يُمكن، إستناداً لما تقدّم، إعتبار قيام الشركة المدّعية، المدّعى عليها في الملفيْن المضموميْن، بتقديم الدعوى الحاضرة لإثبات صحة العرض الفعلي والإيداع تنازلاً عن البند التحكيمي، وليس أدلّ على ذلك سوى دفعها بعدم إختصاص المحكمة لوجود بند تحكيمي بمجرّد تبلّغها الدعوى الرامية إلى فسخ الإجارة بينها وبين المدّعى عليها (المدّعية في دعوى الفسخ) لإخلالها بموجب دفع البدلات،
وحيثُ إنّ دعوى فسخ الإجارة المضمومة إلى ملف الدعوى الحاضرة تُشكّل أساس النزاع القائم بين فريقَي الدعوى، إذ إنّ البت بصحة أو بطلان العروض الفعلية والإيداعات يُعتبر مسألة جزئية يقتضي البت بها أولاً تمهيداً لتحديد مدى إلتزام الشركة المستأجرة بتسديد بدلات الإيجار المترتبة بذمّتها وبالتالي للحكم بفسخ الإجارة أم لا، وإنّ تمسّك الشركة المذكورة بالبند التحكيمي بشكل واضح وصريح، أقلّه في دعوى فسخ الإجارة، يؤكّد عدم تنازلها عن البند المذكور، كون الدعوى المذكورة لا تتمتّع بأي خصوصية معيّنة في هذا المجال خلافاً لدعوى إثبات صحة العرض الفعلي والإيداع، الأمر الّذي يقتضي معه، وإعمالاً لمبدأ عدم جواز تجزئة الإختصاص (بحيث ينظر القضاء العادي بصحة أو بطلان إيفاء البدلات التأجيرية في حين ينظر القضاء التحكيمي في دعوى فسخ الإجارة) والّذي تُدلي به المدّعى عليها، المدّعية في الملفيْن المضموميْن، إعتبار القضاء التحكيمي مختصاً للنظر في النزاع برمّته،
وحيثُ يقتضي بالنتيجة، قبول الدفع بعدم إختصاص المحكمة الحاضرة لوجود بند تحكيمي، ورد كُل ما يُدلى به خلافاً لِما تقدّم، وبالتالي ردّ الدعوى الحاضرة شكلاً،
لذلك،
يحكم بـ:
أوّلاً: ردّ الدعوى شكلاً لعدم الإختصاص.
ثانياً: تضمين المدّعى عليها، المدّعية في الملفيْن المضموميْن، النفقات القانونية كافّة.
حكماً صدر وأُفهِم علناً في جديْدة المتن بتاريخ 2023/11/7.
“محكمة” – الثلاثاء في 2023/12/26
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً على أيّ شخص، طبيعيًا كان أم معنويًا وخصوصًا الإعلامية ودور النشر والمكتبات منها، نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، كما يمنع نشر وتصوير أيّ خبر بطريقة الـ”screenshot” وتبادله عبر مواقع التواصل الإجتماعي وتحديدًا منها “الفايسبوك” و”الواتساب”، ما لم يرفق باسم “محكمة” والإشارة إليها كمصدر، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!