أهمّية الاستماع للأطفال: كيف نكون مستمعين جيّدين لأطفالنا؟/رنا نحلة
رنا نحلة:
يعتبر الاستماع الفعّال أحد الأسس الأساسية لبناء علاقة صحية بين الأهل وأطفالهم.
في عالم مليء بالانشغالات والضغوط اليومية، قد يكون من السهل أن نغفل عن أهمية الاستماع للأطفال. ولكن في الحقيقة، الاستماع الجيّد ليس مجرّد صمت أثناء تحدّث الطفل، بل هو عملية نشطة تتطلّب الانتباه الكامل، والتفهّم، والاحترام.
إليك بعض الأسباب التي تبرز أهمية الاستماع للأطفال وكيفية أن نكون مستمعين جيّدين لهم.
أهمية الاستماع للأطفال:
1- بناء الثقة والاحترام المتبادل:
عندما يشعر الطفل أنّه مسموع ويتمّ تقدير مشاعره وأفكاره، فإنّه يبني ثقة أكبر في نفسه وفي الآخرين. هذا يسهم في تعزيز العلاقة بين الطفل ووالديه، ويجعلهم قادرين على التواصل بشكل أكثر فعالية في المستقبل.
2- تحفيز التعبير عن الذات:
الأطفال الذين يشعرون بأنهم يستحقون الاستماع، يكتسبون القدرة على التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بشكل أفضل. الاستماع الجيد يساعد الطفل على تطوير مهارات الاتصال، ممّا يعزّز قدرته على التعبير عن نفسه بثقة في المستقبل.
3- تحقيق التفاهم والحدّ من التوتّر:
الاستماع بعناية لمشاكل الطفل يساعد في تقليل شعورهم بالإحباط أو التوتّر. عندما يعرف الطفل أنّ والديه يتفهّمون مشاعره، يصبح من الأسهل عليه تجاوز المشاكل الصغيرة التي قد يواجهها.
4- تعزيز التفاعل العاطفي:
الاستماع النشط يعزّز التفاعل العاطفي بين الأهل والأطفال. الشعور بالفهم العاطفي يساعد في تقوية الروابط الأسرية، ويسهم في نمو الطفل العاطفي والنفسي بشكل صحّي.
5- تقديم الدعم العاطفي:
الأطفال يمرّون بتجارب عاطفية متنوّعة. عندما يستمع الوالدان لهم بعناية، يشعر الطفل بدعم قوي يعزّز استقراره العاطفي. الاستماع الجيد يمكن أن يساعد الأطفال على مواجهة تحدياتهم الشخصية ويمنحهم الإحساس بالأمان.
كيف نكون مستمعين جيّدين للأطفال؟
1- الانتباه الكامل:
عندما يتحدّث الطفل، يجب أن يكون هناك تفرّغ كامل له. أغلق الهاتف، تجنّب التشتّت، وابقَ عينيك على الطفل. هذا يظهر للطفل أنك مهتم بما يقوله.
2- استخدام لغة جسد إيجابية:
كن قريبًا من الطفل على مستوى عينيه، واستخدم تعبيرات وجهك وحركاتك الجسدية لتعكس اهتمامك. الابتسام، وهزّ الرأس، وإيماءات أخرى تُظهر للطفل أنك تفهمه وتدعمه.
3- إظهار التفهم من خلال التعاطف:
بدلاً من الحكم أو الردّ بسرعة، حاول أن تتعاطف مع مشاعر الطفل. قل له مثلًا: “أفهم أنّك تشعر بالحزن لأنّك فقدت لعبتك” أو “يبدو أنّك غاضب بسبب ما حدث”. هذا يعزّز شعور الطفل بأنّه يتمّ فهمه بشكل عميق.
4- تجنّب مقاطعة الطفل:
دع الطفل ينهي حديثه قبل أن تبدأ بالردّ. المقاطعة قد تعطي انطباعًا للطفل أنّه غير مهمّ أو أنّ مشاعره ليست جديرة بالاهتمام.
5- طرح أسئلة مفتوحة:
عندما ترغب في معرفة المزيد عن شعور الطفل أو موقفه، استخدم أسئلة مفتوحة تشجّع الطفل على التعبير بحرّية، مثل: “ماذا حدث بالضبط؟”، أو “كيف شعرت عندما حدث ذلك؟”
6- التحلّي بالصبر:
في بعض الأحيان قد يتطلّب الأمر وقتًا طويلًا ليعبّر الطفل عن نفسه. لا تستعجل في إعطاء إجابة أو حلّ للمشكلة. دع الطفل يتحدّث بطريقته الخاصة وفي الوقت الذي يشعر فيه بالراحة.
7- عدم الاستهانة بمشاعر الطفل:
من المهمّ أن نتذكّر أن مشاعر الطفل، مهما كانت تبدو صغيرة أو غير مهمّة بالنسبة لنا، هي مشاعر حقيقية بالنسبة له. لا تقلّل من أهمّية ما يشعر به أو ما يمرّ به، بل اعترف بها واحترمها.
8- التفاعل مع الطفل بعد الاستماع:
بعد أن يستمع الطفل إليك، أجب بلطف ودعم. يمكن أن تتضمّن ردودك تأكيدًا للمشاعر أو عرضًا للمساعدة. هذا يعزّز التواصل ويظهر للطفل أن حديثه لم يكن مجرّد كلام عابر، بل كان ذا قيمة.
خاتمة
الاستماع للأطفال ليس مجرّد وسيلة للتواصل، بل هو عملية تتطلّب الوعي الكامل والرغبة في فهم ما يشعر به الطفل. إنّ القدرة على الاستماع بشكل جيّد تبني جسورًا من الثقة، وتعزّز العلاقة بين الأهل والطفل، وتساعد في نموه العاطفي والنفسي. لذلك، يجب على الآباء والأمهات أن يتعلّموا كيف يكونون مستمعين جيّدين، لأنّ ذلك يؤثّر بشكل إيجابي في تطوّر الأطفال ويعزّز قدرتهم على التعبير عن أنفسهم بشكل صحّي.
“محكمة” – الأحد في 2025/1/19