أهمّ الميزات التي يجب أن تتوفّر في المسؤول/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
سألني أحد أصدقائي عن سبب تركيزي على صفات يجب أن يتحلّى بها المسؤول، وهي طبعاً عدا عن الشفافية والنزاهة ونظافة الكفّ والجرأة في اتخاذ القرارات، الكفاءة والخبرة واليقظة وبُعْد النظر، بالإضافة إلى تمتّعه بميزة أن يكون Chef d’orchestre.
فأجبته: أوليست هذه الصفات هي التي يجب أن يتمتّع بها المسؤول؟ إذ كيف سيدير إدارة أيّ مؤسّسة إذا لم تكن لديه الكفاءة العلمية والعملية بالإضافة إلى الخبرة التي تجعل منه مسؤولاً واثقاً من نفسه ومن قراراته فلا تأتي عشوائية، مؤذية، فيتمرّن بنا وبحياتنا وبصحّتنا وبمصالحنا. أمّا اليقظة وبُعْد النظر فهما ميزتان مهمّتان وضروريتان، إذ على المسؤول أن يكون يقظاً Attentif، متنبّهاً لجميع الأمور والاحتمالات. ينظر إلى البعيد، إلى نتائج كلّ عمل يقدم به وإلى مفاعيله. وبالإستناد إلى هذه الصفات المعدّدة، فهل إذا علم أيّ مواطن اليوم بوجود مواد شبيهة بتلك التي انفجرت على المرفأ، في أيّ منظقة. فهل يسكت أم يقيم القيامة ويبلغ المسؤولين ووسائل الإعلام؟
هذا بالإضافة إلى أنّه على المسؤول أن يتمتّع بميزة القائد وأن يكون Chef d’orchestre فلا يضطرّ للقيام بالأعمال شخصياً، بل يجعل معاونيه ومستشاريه يساعدونه في مهمّاته فيعالجها استراتيجياً وتكتيكياً. ولا يغرق في تفاصيل مملّة لا يستطيع الخروج منها، أو يركّز على نقطة أو موضوع واحد ولا يجيد معالجة عدّة مواضيع بوعي وبتقنية ودفعة واحدة وبسرعة. وأعطي مثلاً على ذلك. كان هناك رئيس قلم في إحدى المحاكم، جميعنا نجزم أنّه لم يقبض ليرة واحدة كإكرامية ومعروف بآدميته، ولكنّنا كنّا نعاني معه من مشكلة. إذا حضر محام ليطلع على ملفّ. فيجعل الجميع ينتظرون إلى حين الإنتهاء من الإطلاع حتّى ولو دام الأمر عدّة دقائق، ولا يقبل أن يضع أمامه على الطاولة ملفّين مثلاً ليطلع محاميين عليهما، أو أن يكتب كلمة واحدة أو ضمّ ورقة إلى ملفّ آخر قبل انتهاء المحامي الذي يطلع على الملفّ من عمله. وهذا الأمر ينطبق على موظّفين أو مسؤولين في مختلف القطاعات حيث “لا يفرز” رأسه للقيام بعملين في الوقت عينه. وكلامي ليس نظرياً بل عملياً. ففي حالات كثيرة يضطرّ المسؤول للردّ على الهاتف وفي الوقت عينه يقوم بعدّة أعمال كتسليم مذكّرة مثلاً، أو ورقة وضمّها إلى الملفّ، أو تسليم أوراق لشخص أتى لتسلّمها، وإعطاء تعليمات لتسيير الأمور.
ونعود إلى مسؤولينا الحاليين. هل هكذا تعالج مشكلة كورونا؟ كلّ يوم قرار مختلف تشوبه الأخطاء الكثيرة. فلو أعلنوا حالة الطوارئ منذ الأسبوع الأوّل وواكبوا الأمور بدقّة خصوصاً من الوافدين من الخارج لما وصلنا إلى ما وصلنا اليه.
هذا بالإضافة إلى قرارات وزير الداخلية التي لم نعد نفهمها خصوصاً تلك المتعلّقة بمنع التجوّل ليلاً وكأنّ الكورونا تتسلّل ليلاً وتنام نهاراً. ولن ندخل في أخطاء الوزراء في معالجة الأمور والتي ينقصها الخبرة والتقنية وحسن تسويق الأفكار والأمور.
وأخيراً الموضوع الأهمّ والأخطر. موضوع انفجار المرفأ. هذا الإنفجار الذي أتى على الحجر والبشر. ودخل منازل الكبار الصغار الشيوخ والنساء والشباب والأطفال الآمنين في منازلهم. نحن نفهم أن يسافر الإنسان أو يغامر ويتحمّل نتائج مغامراته وطيشه. ولكن ما ذنب أولئك القابعين في منازلهم؟ وبسبب ماذا؟ ومن سيعاقب المرتكبين وهم يملكون النفوذ والسلطة والمال ولديهم المرافقين والأزلام والمناصرين والمطبّلين والمزمّرين والمنتفعين الذي يدافعون عنهم على طريقة “عنزة ولو طارت” ولا يزالون مصرّين على عدم مسؤوليتهم؟
نعتقد أنّ عقابهم في الآخرة هو الذي سيحصل لأنّنا واثقون أنهم لن يعاقبوا على الأرض.
“محكمة” – الخميس في 2020/8/20