إتهامات ولا شكاوى/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
منذ عشرات السنين كتبت مجلّة” ” le canard enchainé” الفرنسية مقالة تتكلّم فيها عن فضيحة تتعلّق بمسؤول كبير وبموظّف كبير، فأصدر العميد المرحوم ريمون اده بياناً قال فيه، إنّه أمام هذا المسؤول الكبير حلّ من حلّين: إمّا أن يتقدّم بشكوى ضدّ المجلّة لأنّ الخبر غير صحيح، أو أن يسكت عن الخبر الذي سوف يبقى عالقاً في أذهان الناس.
وأمام هول الاتهامات والاتهامات المتبادلة التي نقرأها ونسمعها يومياً، نعود ونستذكر ما كان يقوله المحامي الصديق سامي أبو جودة. إذ يتهم مسؤول أو شخص عادي شخصاً آخر قائلاً له أنت سرقت. فلا ينفي، بل يقول له وأنت سرقت أيضاً.
ونعود إلى لبّ الموضوع. قرأت البارحة بياناً صادراً عن أحد الزعماء يتهم مسؤولاً كبيراً باتهامات شتّى. ويمرّ الموضوع مرور الكرام. لا شكاوى ولا من يحزنون. وكأنّ الشكاوى هي فقط على من يكتب عبارة سخيفة أو عفوية. وكأنّ الصغار هم فقط من يلاحقون. أليس هذا هو قدر الصغار؟ صغار المودعين، صغار المالكين، صغار القوم الذين يلاحقون من قبل من يعتبر بأنّ كرامته قد مسّت، في حين أنّه إذا هوجم من قبل الكبار فلا يتحرّك.
يضاف إلى كلّ ذلك ما نتابعه في الجلسات النيابية وغيرها وتصريح البعض أنّهم يملكون ملفّات خطيرة. ولكن للأسف سوف يمضي العمر ولا نطلع على مضمون تلك الملفّات.
وأختم بطرفة دوّنتها في كتابي: القضاة والمحامون: مواقف وطرائف الصادر في العام 2000- ص9. فقد أجرى الصحافي كمال سنو مقابلة مع العميد ريمون اده في العام 1978 حيث قال العميد:”أنا لا أعرف المعطيات التي استند إليها الوزير فؤاد بطرس عندما أجاب عن سؤال حول موقف الحكومة اللبنانية من اتفاقية القاهرة بعد دخول القوّات الإسرائيلية جنوب لبنان”. إذ قال:”هل هناك من يتكلّم اليوم عن اتفاقية القاهرة”؟.
واستطرد العميد اده قائلاً: ذكّرني هذا الكلام بالمرحوم الحاج حسين العويني – وكان وزيراً للخارجية معي في الحكومة الرباعية – عندما أدلت غولدا مائير، وكانت يومها وزيرة لخارجية إسرائيل – بتصريح، وطلب إلى الحاج أن يعلّق على تصريح مائير. وبلباقته المعهودة لم يجد أمامه مخرجا سوى الجواب…بأنّه لا يردّ على امرأة!
“محكمة” – الخميس في 2020/4/16