الأخبار

إحتفال تكريمي للقاضي نادر منصور والكلمات تتناول مناقبيته.. ودرع وزارة الثقافة لعائلته

تكريمًا ووفاءً لشخص المحامي الاستئنافي العام في جبل لبنان القاضي نادر منصور ومناقبيته، أقيم احتفال تأبيني في قصر “الاونيسكو”، في حضور النائب فادي علامة ممثلًا رئيس مجلس النواب نبيه بري، أمين عام مجلس الوزراء القاضي محمود مكيّة ممثلًا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الشيخ محمد عساف ممثلًا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، الشيخ حسن عبدالله ممثلًا نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب، المحامي نشأت هلال ممثلًا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابي المنى، وزيري الثقافة والعدل القاضيين محمد وسام المرتضى وهنري خوري، وحشد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وشخصيات سياسية وقضائية وعقيلة المكرم القاضية أميرة صبره منصور وأفراد العائلة.


آيات من الذكر الحكيم، فالنشيد الوطني وقصيدة رثاء للشاعر نزار فرنسيس(نشرتها “محكمة” على حده) وترحيب من الإعلامي والكاتب روني الفا، وكلمة لوزير العدل في حكومة تصريف الأعمال القاضي هنري خوري الذي قال:
دنيا الغرور لا نُدرك لها أجلٌ كالغمض نكبر ومثل النسم نرتحل. نادراً كنتَ بالأخلاق متسماً منصوراً بما كنتَ من مزايا تختزل. كم أدمى فقدك قلوباً أحبتك. يا ليت دنيانا بغير الموت تكتمل. إذا كان الرثاء حقاً للفقيد، فإنه بلا شك صعبٌ على الراثي أن يكتب حياةً في سطور، ويُفرغَ ذكريات بكلمات معدودات مهما كثُرت، كم يصعب عليّ أن أرثيك، وماذا أقول؟ وقد أدمى الخبر قلوبنا وصغُرت بأعيننا الحياة الدنيا وما فيها.
ماذا أقول وقد أسكت موتك كل قول؟ فلو قلتُ إنه لم يخطر في بالي أن أقف يوماً لأرثيك، لخالفتُ حكم الله، وعصيتُ حكمته بأن ” كل مَن عليها فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام”، ولو قلتُ أنك غادرتنا باكراً في ريعان شبابك يستحضرني قوله تعالى بأنه “أينما تكونوا يُدرككم الموت ولو كنتم في بروج مُشيّدة”، ولو قلتُ إننا مؤمنون بقدر الله، سنرضى بمشيئته وأنك في مكان أفضل مع الأبرار والصالحين.
لقد كان المرحوم القاضي نادر مثالاً للشاب العصامي المندفع المُحب المتواضع ك”عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هَوناً واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً”. أحَبَّه كل من عرفه لدماثة أخلاقه ورحابة صدره. خسره القضاء وهو في عز عطائه، لكنها إرادة الله التي لا مفرّ منها، فالموت هو أكبر المصائب التي يختبر الله بها عباده، والصبرُ رحمة من الخالق لمَن امتحنهم.
لعل عزاءكم يا أهل نادر وإخوته وزوجته الزميلة أميرة وولديه جاد وآدم أن المرحوم أورثكم كنزاً لا يقدّر بثمن، وهو الأثر الطيب الذي خلّفه بين الناس يشهد له هذا الجمع الغفير من الأهل والأقارب والزملاء والأصدقاء، فابنوا على الأساس الذي وضعه لكم، وحافظوا على مسيرته.
ستبقى ذكراك يا نادر محفورة في وجداننا علّنا نعتبر أن الحياة الدنيا لعبٌ ولهوٌ، رحمك الله وألهمَ عائلتك الصبر والسلوان.
علامة
وألقى ممثّل الرئيس نبيه بري النائب فادي علامة الكلمة التالية:
شرّفني دولة الرئيس نبيه برّي فكلّفني بتمثيلهُ اليومَ بينكم في لقاءٍ نجتمعُ فيه لتكريمْ وتخليدَ ذكرى رجل كان له بصامتهِ في مساحةِ العدل وإحقاق العدالة في هذا الوطن، وكلماتِه المضيئة في كتاب القانون، الذي نتمسكُ به. ودولة الرئيس المشرّع الأول في وطننا هو أفضل من يعلم قيمة وأهمية رجال القانون كالقاضي المرحوم نادر منصور ودورهم في تعزيز فكرة الدولة ومفهومها وإحترام القوانين وتحقيق العدالة ِ .
وقد حمّلني الرئيس نبيه بري كل مشاعر العزاء والمواساة لعائلة الفقيد الصغيرة وعائلتهِ الكبيرة سائلاً الله تعالى أن يسكنه الفسيح من جناته ولكم الصبر والسلوان.
شكّل خبر رحيل الرّيس نادر صدمةٌ كبيرةٌ لنا جميعاً وكأن غيمة من الحزن قد سكنت فضاء قلوبنا المصابة بالحرقةِ والألم ، ونحن الذين تربطنا علاقة صداقة ومودة وترابط عائلي ومناطقي وحلم كبيرٌ يجمعنا ببناء وطن نستحقه جميعاً وإزدهاره على مختلف الأصعدة.
أحمل اليوم اليكم كلمات المواساة العفوية ، فكل عائلات ساحل المتن الجنوبي ولبنان فقدت عزيزا برحيل الريس نادر وكلهم كعائلة واحدة يحتضنون عائلة الريس ويلتفون من حولها بالحب. وكلهم يرفعون هاماتهم فخراً بالقاضي المتميز بأنه لم يميز بين أحد يوماً وأنه كان مُتزناً في الحكم بميزان العدل. الشاب المكافح والطموح والمثقف والمهذب الخلوق الذي عمل ليلاً ونهاراً وعلى حساب صحته وعائلته ورفع إسم القضاء وإسم منطقته وعائلاتها وشرفهم حيث حلّ .
ونحن في لقاء لتكريم الراحل الريس نادر منصور الذي شغل منصب محامي العام بالإستئناف لجبل لبنان ، تستحضرنا العديد من الأسماء والرجالات القانونية ، سفراء ساحل المتن الجنوبي إلى القضاء اللبناني والذين تركوا بصمات مُجلية في قوس العدالة منذ ما قبل الإستقلال مع القضاة ، مصطفى وعلي الشيخ محمد رضا ، القاضي راغب علامة، الى القاضي عبد الكريم سليم ، والقاضي سامي بديع منصور ، والقُضاة كريم حرب ، وخليل اسماعيل ، وأمين حركة ، ومحمد سمير حاطوم ، والقاضية فرح ياسر حاطوم وسهجنان نواف حاطوم، بالاضافة الى عقيلة الراحل الكبير القاضية صبرا (مع المعذرة في حال نسيت أسماء ساطعة أخرى) هؤلاء كلهم نجوم مُضيئة بأفكارهم وسلوكهم ، خير ممثلين وأبهى صورة لمنطقة ساحل المتن الجنوبي في القضاء اللبناني. هذا الحضور لم يأت من الفراغ ، إنما هو نتيجة ثقافة وتربية وإرث قائم على الإنتماء للبنان والتمسك بمنطق القانون وقُوته ، والسعي دوماً لبناء دولة ونظام يحفظ أبناءه وينصفهم . وهذه المبادئ قد اختزلها فقيدنا الراحل بصفاته وسلوكه الوطني العابر للمناطق والطوائف والمذاهب والمتمسك بفكرة العدالة والقانون.
ونحن في حضرة قاضي نزيهٌ ومكافحٌ ربما تكريمه الأهم يكون من خلال السعي لتحقيقْ ما عاشَ لأجله وآمن به ، وهو وجود سلطة قضائية مستقلة تكون الأساس في تأمين حسن إنتظام الحياة داخل المجتمع اللبناني وفي إداراته ومُؤسساته من خلال دعم وتعزيز دور القضاة وتفعيل دور الأجهزة القضائية والرقابية كافة وملء الشواغر والتعيينات ورفد الجسم القضائي بالطاقات.
أصدقاء الراحل الكبير وعائلته الحبيبة ، بإسم دولة الرئيس نبيه بري ، أجددُ العزاءَ لنا جميعا برحيل الأخ والصديق الريس نادر منصور ولكم منا خالص مشاعرَ الحُب والمواساة … والفُقد واحد والحُزنُ مشترك.
الصمد
وألقى خالد عبد الصمد كلمة أصدقاء الفقيد فقال:
أن أرثيَّ نادرْ، لحظةً ووقفةً. مِنبراً وكلمةً. حتماً كُلُهَا ما كُنتُ أتمناها.. وليتَ هذا الإمتحانُ الصعبْ لم يأتِ، إلّا أنها مشيئةُ اللهِ. فمنَ الترابْ.. وإلى الترابِ نعودْ. أن أرثيَّ نادر، هيَ مراثينا كُلُنا نحنُ أصدقاءْ وأحبةْ نادر. كيفَ لا.. وأنتَ كُنتَ تُقاسمُنا الفرحَ والحُزنَ. النجاحَ والتحدياتْ. وكُلَ تفاصيلْ التفاصيل. كيفَ لا.. وأنت كُنتَ كُتلةً مُتقدةً منَ الحيويةِ والنشاطْ. منَ الجديةِ والصداقةْ. منَ العفويةِ والطُمأنينة.
نادرْ، يا أخي ويا صديقي، إسمحْ لنا أنْ نلُومَكَ. أن نعتَبَ عليكَ أشدَّ العتبْ. نلومُكَ.. لأنكَ لمْ تستأذنْ الرحيلْ، ونعتبُ عليكَ.. لأنكَ جعلتنَا نتجرعُ كأسَ الفُقدانْ مُبكّراً. يا أولَ الراحلين منْ مجموعتِنَا. أينما حللتَ يا نادرْ، كُنتَ تَتركُ بَصمتَكَ بين الناس. فيْ المدرسةِ… في الجامعةِ… فيْ قصورِ العدلِ وأقواسِ المحاكمِ. فيْ الحقلينْ العامْ والخاصْ. فيْ مِهنتِكَ المُتعِبةْ. فيْ رِعَايتِكَ لِعائلتِكَ واهتمامِكَ بِكُلِّ أحبائِكَ. كبُرَ القضاءُ بكَ يا نادرْ، وأكبرتَ أنتَ فيْ الناسِ ألّا يترددُوا فيْ الطلبْ. كُنتَ مُدرِكاً أنَّ حاجاتَهمْ أكبرَ منْ قُدرةِ مُجتمعِهمْ على تلبيتِهَا. ومعْ الوقتْ، صارتْ خدمةْ الناسِ فيْ صُلبِ حياتِكَ وشخصيتِكَ ويومياتِكَ.. ترعرعتَ يا نادرْ في بيتٍ يتحدىْ الصعابْ.
صارَ المُمتنَعُ مَعكَ سَهْلاً وأضحىْ المستحيلُ حقيقةً وباتَ المنصِبُ خِدمةً والتزاماً وسهراً وليس مِنّةً لأحدْ. لقد أسّستَ. ناضلتَ. سهِرتَ. تَعِبْتَ. راكمتَ… حانَ القُطافُ، ولكنَّ القدرَ شاءَ أنْ يَخطِفكَ في عزِّ العطاءْ.
نادرْ منصورْ، يا اوفى الاوفياء… أيُّها العابرُ للطوائفْ والمذاهبْ، أيُّها العابرُ للمناطقْ والجسورْ، أيُّها الساعي إلى تكبيرِ المساحاتْ المُشتركَةْ؛ سَنبقَى دائماً نُردّدُ بحسرة: “لماذا فَعلتَها”؟ نعم، برحيلِكِ يا نادر، انعقدتْ ألسِنتُنا وتكتّفتْ أيدينا وتعبتْ عُيونُنا وشُلّتْ حناجِرُنا. صَدِّقْ يا نادر، لمْ نحْسَبُكَ قابلاً للكسرِ والرحيلِ. إعتقدنا أنكَ على عَادتِكَ، صَلباً قويّاً إلى حدِّ المستحيلْ.
أيُها المَازحْ بجديةِ الكبارْ، أيُها الجَدّيُّ بابتسامةِ الصغارْ. أيُّها القَلِقُ والمُطمئِنُ، يا ناثرْ شعورْ الأمانْ على كُلِ مَنْ محيطك. نادر، يا حبيبَ القلبْ ورفيقَ العُمرْ، صورتُكَ صورتُنا. عائلتُكَ عائلتُنا. أحلامُكَ أحلامُنَا. بيوتُنا مُشرّعةٌ لعائلتِكَ.. يا ابنَ العائلةِ الكريمةْ، مماتُكَ إرادةٌ ربّانيةٌ، وأولادُكَ أمانةْ في أعناقِ كُلِّ واحدٍ مِنَّا. أأرثيكَ يا نادر أمْ أرثيْ حالنَا وأحوالنَا؟ حُضورُكَ كان سر اطمئنانِنَا.. وغِيابُكَ مَدْعاةُ حُزْنِنَا. تواضُعُكَ نمطُ تربيةٍ وحياةْ. ثقافتُكَ واجتهادُكَ.. إستثناءٌ فيْ زمنِ السهلِ والاستسهال.
عِشتَ يا نادر بُرهةً قصيرةً وغنيةً وقرّرتَ غيبةً طويلةً في عليائِكِ الأبديةْ. هناكَ حيثُ تنامْ يا نادر. هناكَ حيثُ صمتُ القبورِ ورائحةُ البخورِ، هناكَ حيثُ تغرقُ في قيلولتِكَ الطويلةْ؛ تذكّرْ يا نادر أنَّ الأرضَ التي أغنيتَها بِعُمرِكَ القصيرْ ستبقى مدينةً لكَ، عسىْ أنْ تكونَ الجنةْ التي تستقرُ فيها أكثرَ غناءً بكَ ومعكَ. هلْ أتعبتكَ كلماتي يا نادر، إذا كانَ كَذَلِكَ، أعتذرْ مِنْكَ يا صَديقِي. فَقَدْ أتعبَنا الرحيلْ. عزاؤٌنَا بِحُضورِكْ المستمرْ بجادْ وآدمْ، عسى أن يَحمِلَا أحلَامَكَ ويُتابِعَا مسيرتِكَ.
أسعدَ اللهُ مساءَكَ يا نادر. انتهتْ كَلِمَتيْ.. لكنَّ حُبَّنَا لكَ لنْ ينتهي.
وكانت كلمتان لوزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى وزوجة الفقيد القاضي أميرة صبره.(نشرتهما “محكمة” على حده).
وفي ختام الاحتفال التأبيني، سلّم وزير الثقافة المرتضى عائلة القاضي نادر منصور درع وزارة الثقافة تقديرًا لما جسّده من ثقافة تفانٍ ومحبة وأخوة ووفاء.
“محكمة”- الأحد في 2024/4/7

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!