علم وخبر
“إستئناف إيجارات بيروت” تصدر قراراً مهماً حول الصفة والشفعة وتحديد سعر الصرف/ناضر كسبار
ناضر كسبار (نقيب المحامين السابق في بيروت):
في قرار يدل على ان قضاة لبنان لا يزالون يتمتعون بالعلم والعطاء والمتابعة والإهتمام، اصدرت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت الغرفة الحادية عشرة، الناظرة في قضايا الايجارات، والمؤلفة من القضاة الرئيس أيمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري، قراراً مشبعاً بالدرس والتمحيص مستنداً الى النصوص القانونية المتعددة جداً، رابطاً إياها بعضها ببعض، وكذلك الى الفقه والاجتهاد، والى مقارنة النصوص القوانين اللبنانية بالنصوص في القوانين الفرنسية.
فبحث في صفة الفرقاء، وفي مفهوم حق الشفعة وشروطها ومفاعيلها بدقة وتقنية عالية. كما بحث في مفهوم بدل المثل وفي مفهوم عمليات ايفاء المبالغ، وما اذا كان دفعه بالدولار الاميركي او بالليرة اللبنانية استناداً الى سعر الصرف الرائج بتاريخ الدفع.
ودخل القرار في ما آلت اليه الاوضاع المالية والنقدية والاقتصادية في لبنان، وعدم تمكن المحاكم الحلول محل مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والنقدية في إيجاد الحلول للانهيارالذي يشهده لبنان. وبحث في مفهوم قانون النقد والتسليف وتوصل الى عدم صلاحية مصرف لبنان لتحديد سعر صرف الليرة إزاء العملات الاجنبية، وان العبارة الصحيحة لوصف ما تم تسميته بالسعر الرسمي هي السعر المدعوم.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2025/2/20.
بناء عليه،
حيث ان الدعوى الراهنة تتمحور حول طلب المستأنف عليهم المستأنفين مقابلة (المدعين بداية) السادة ج. ور. والعميد م.، إلزام المستأنفة وعليها (المدعى عليها بداية) السيدة ز. ، بإخلاء القسم 13 من العقار رقم /3406/ المصيطبة كما والحكم عليها ببدلات إشغاله اعتباراً من تاريخ 2015/2/13 وحتى تاريخ الاخلاء الفعلي.
وحيث ان الحكم الابتدائي قد قضى بما يلي:
1- برد الدفع بانتفاء صفة المدعيين ر. وج. للتقدم بطلب الزام المدعى عليها ببدل مثل الاشغال وقبول الدفع بانتفاء صفتهما في ما يتعلق بطلب اخلاء المدعى عليها.
2- برد الدفع بانتفاء صفة المدعي م.
3- برد طلب استئخار البت بالدعوى.
4- بإلزام المدعى عليها بإخلاء القسم موضوع النزاع وتسليمه الى السيد ع.
5- بإلزام المدعى عليها بأن تدفع تدفع للمدعي السيد ع. مبلغا وقدره /51,401,472/مليوم ليرة لبنانية.
6- برد طلب المدعيين ج. ور. الزام المدعى عليها ببدل مثل الاشغال
7- برد كل ما زاد او خالف
8- بتضمين المدعى عليها النفقات كافة.
وحيث ان المستأنفة وعليها تطلب فسخ الحكم المذكور والحكم مجددا بقبول طلب الاستئخار، وبقبول الدفع بانتفاء صفة المستأنف عليهما المستأنفين مقابلة ج. ور. لمطالبتها ببدل المثل، وبقبول الدفع بانتفاء صفة المستأنف عليه المستأنف مقابلة العميد ع. للادعاء بسبب وجود دعوى شفعة وصورية وبالتالي رد طلب الزامها بالاخلاء وبإيفاء بدل الاشغال لمخالفة القانون ولوجود دعوى شفعة ولكون تاريخ التملك يعود الى نيسان 2019 وليس الى شهر ايار 2018، وعلى سبيل الاستطراد فسخ الحكم لاستنادة الى تقرير خبرة مخالف للمادتين /356/ و/357/ أ.م.م. ولوجود شكوى مقدمة بوجه الخبير، وتعيين لجنة خبراء للكشف على الشقة وتحديد بدل المثل من شهر نيسان 2019 الى شهر اب 2020 تاريخ انفجار مرفأ بيروت ومن ثم تحديد الاضرار التي لحقت بالشقة والتدني الذي اصابها في ثمنها والذي يؤثر على بدل المثل.
وحيث ان المستأنف عليهم المستأنفين مقابلة يطلبون من ناحيتهم فسخ الحكم جزئيا لناحية تحويله بدلات المثل المحكوم بها عن الاعوام 2018 و2019 و2020 من الدولار الاميركي الى الليرة اللبنانية، والحكم مجددا بالزام المستأنفة وعليها بتسديدها بالدلاور الاميركي عن تلك الاعوام كما وعن الفترة اللاحقة ولحين الاخلاء الفعلي، كما وفسخ الحكم لناحية رده طلب الزام المستأنفة وعليها ببدل مثل الاشغال للمستأنف عليهما، المستأنفين مقابلة ر. وج. بحجة وجود تسامح من قبلهما الامر غير القائم وغير الثابت ذلك ان التنازل يجب ان يكون واضحا وصريحا، وبالتالي الحكم بالزامها بأن تدفع لهما بدل الاشغال عن الفترة الممتدة من 2015/2/13 ولغاية 2018/4/24 بما قيمته /44,640/د.أ.
وحيث من الثابت من معطيات الملف ان المستأنفة وعليها السيدة ز. والمستأنف عليهما المستأنفين مقابلة السيدين ر.وج. قد تملكوا القسم موضوع الدعوى ارثا عن والدتهم المرحومة ي. المتوفاة بتاريخ 2015/2/13، بنسبة 480 سهما للابنة و960 سهما لكل من الابنين، وان الاخيرين قد باعا حصتهما البالغة 1920 سهما لكل من المستأنف عليه المستأنف مقابلة العميد م. بتاريخ 28/4/2018 _حق استثمار) والسيدتين م. وم. (حق رقبة) بموجب عقد بيع ممسوح مسجل لدى الكاتب العدل في بيروت، وقد تسجلت الحصص نهائيا على اسمهم بتاريخ 2018/4/30 وفق سند التمليك المبرز ربطا بلائحة المستأنف عليهم تاريخ 2019/5/2.
وحيث ان المستأنف عليهما المستأنفين مقابلة ج. ور. قد وجها انذارا للمستأنفة وعليها بتاريخ 2018/4/24 طالباها بموجبه تسديد بدلات اشغال القسم من 2015/3/1 ولغاية 2018/4/30، ثم عاد المستأنف عليه المستأنف مقابلة العميد ع. ووجه انذارا لها بتاريخ 2018/7/16 طالبها بموجبه باخلاء القسم وبتسديد بدل الاشغال بما يعود للحصص المشتراة حتى تاريخ الاخلاء الفعلي.
وحيث ان المستأنفة وعليها قد تقدمت بتاريخ 2019/5/23 بدعوى لدى المحكمة الابتدائية في بيروت الناظرة في الدعاوى العقارية بوجه الشارين المذكورين من ال ع. ترمي الى منحها حقها في ممارسة الشفعة على 1920 سهما من القسم موضوع النزاع، صدر بنتيجتها حكم بتاريخ 2022/2/24 قضى بتمليكها بالشفعة الاسهم المشار اليها لقاء ثمن مقداره /300,000/د.أ. والترخيص للمدعى عليهم بقبض قيمة الشك وامر القبض المودع اصلهما في صندوق المال العائد للمحكمة، وقد صدق هذا الحكم استئنافا بموجب القرار الصادر 2023/12/13، وتمييزا بموجب القرار الصادر بتاريخ 2024/6/19 وتسجلت الحصص نهائيا على اسمها بتاريخ 2024/8/22، وفق سند التمليك المرفق ربطاً بلائحتها تاريخ 2024/12/17.
وحيث وقبل البت بالنقاط المثارة، تجدر الاشارة الى انه وبحسب المادة /826/ م.ع. فإن “كل شريك يمكنه ان يستعمل الشيء المشترك على نسبة ما له من الحق بشرط ان لا يستعمله على وجه يخالف ماهية ذلك الشيء او الغاية المعد لها، او يناقض مصلحة الشركة، او على وجه يحول دون استعمال الشركاء الاخرين لحقوقهم”، وبحسب المادة /835/ من القانون ذاته فإن “الاقلية من الشركاء مجبرة على قبول القرارات التي تتخذها الغالبية فيما يختص بإدارة الشيء المشترك وكيفية الانتفاع به بشرط ان يكون للغالبية ثلاثة ارباع المصالح التي يتكون منها موضوع الشركة”.
وحيث انه في حالة الملكية الشائعة يحق لمالك اسهم في الشيوع استعمال الملك المشترك، ولا يعتبر اشغاله غصبا او تعديا على سائر حقوق المالكين متى انتفت معارضة اكثرية مالكي ثلاثة ارباع الحصص وثبت بالتالي التسامح.
وحيث على ضوء ما تقدم، اذا كان الشريك يشغل العقار بصفته مالكا بدون معارضة اكثرية مالكي ثلاثة اربع الحصص، فلا يجوز مطالبته بالاخلاء، بل يجوز للشريك المطالبة بريع حصته على اساس بدل الاشغال، واما في حال معارضة الاكثرية المذكورة فجاز مطالبته بالاخلاء وبتسديد بدل الريع.
وحيث انه في ما يتعلق بطلب الزام المستأنفة وعليها باخلاء القسم موضوع النزاع فإنه وفي ضوء انبرام الحكم الصادر بنتيجة دعوى الشفعة المنتهي الى تمليك المستأنفة الاسهم العائدة لشقيقها والمباعة من آل ع. ما يجعلها مالكة لكافة اسهم القسم المذكور، يمسى طلب الاخلاء بدون موضوع، فتنتفي وتزول صفة المستأنف عليهم المستانفين مقابلة، بصرف النظر عن مدى توفرها لديهم جميعا او لدى بعض منهم في الاساس، (ولو كانت متوفرة اساسا لدى المستأنف عليه المستأنف مقابلة “بصفته شاريا لاكثر من ثلاثة ارباع الاسهم سجلها نهائيا على اسمه)
وحيث انه في ما يتعلق بطلب الزام المستأنفة وعليها بتسديد بدلات اشغال القسم موضوع النزاع، فإنه يقتضي التثبت من صفة المستأنف عليهما المستأنفين مقابلة ر. وج. للمطالبة بها، كما ومن صفة المستأنف عليه المستأنف مقابلة العميد م. للمطالبة بها، مع الاخذ بالاعتبار واقعة التفرغ عن الحصص وعليها بدعوى شفعة.
وحيث بالنسبة للمستأنف عليهما، المستأنفين مقابلة ج. ور, فهما اصبحا مالكين ل1920 سهما في القسم موضوع النزاع ابتداء من تاريخ وفاة والدتهما، وذلك سندا للمادة /204/ ملكية عقارية التي تعتبر كل من يكتسب عقارا بالارث مالكا قبل التسجيل، وتبقى صفتهما تلك قائمة لغاية تفرغهما عن اسهمهما بموجب عقد البيع الممسوح الموقع بينهما وبين آل ع. بتاريخ 2018/4/28 والمسجل نهائيا بتاريخ 2018/4/30 في السجل العقاري.
وحيث تبعاً لذلك تتوفر لديهما، من حيث المبدأ، الصفة اللازمة للمطالبة بالريع الناجم عن حصصهما في العقار، وذلك بصرف النظر عن مدى احقية تلك المطالبة في الاساس وهو امر يجري التحقق منه عند البحث في الموضوع، فترد اقوال المستانفة وعليها المتعلقة بانتفاء صفة المستأنف عليهما المستأنفين مقابلة المذكورين، بمطالبتها ببدل الاشغال.
وحيث انه في ما يتعلق بأحقية تلك المطالبة، فإنه يتبين ان المستأنفة وعليها بقيت في القسم موضوع النزاع بعد وفاة والدتها في 2015/2/13، وهو كناية عن المنزل العائلي الذي نشأت فيه مع شقيقيها وتملكت لاحقا اسهما فيه بالارث، وذلك بصورة علنية بمعرفة وعلم شقيقيها المذكورين مما يدل، بالنظر لعلاقة القربى القائمة معهما وبغياب اي اعتراض او تحفظ من قبلهما، على موافقتهما على استمرار هذا الاشغال، ويفيد بوجود تسامح من جانبهما تجاه شقيقتهما، لاسيما وانه لم يثبت ان الاخيرة قد حرمت اي منهما من الانتفاع بملكهما بسبب اقامتها في القسم علما انه وبحكم الروابط العائلية الموجودة فان لا شيء كان يحول دون سكن اي من المستانف عليهما المستأنفين مقابلة معها في منزل واحد، وقد ثبت من بعض المراسلات الجارية بين المستأنفة وعليها وشقيقها ر. على تطبيق واتساب في شهري شباط واذار 2016 انها عرضت عليه المكوث في البيت من باب التوفير والحد من النفقات.
وحيث فضلا عن ذلك فإن مضمون الكتاب، غير المؤرخ، الموجه من المستانف عليهما المستأنفين مقابلة الى المستأنفة وعليها (مبرز ربطا بلائحتهما تاريخ 2024/7/12) والذي لم ينازع الاخيران في صدوره عنهما او ينفيا مضمونه، حيث ذاكرا انهما عرضا عليها رغبتهما ببيع الشقة التي تقيم فيها واكدا لها انهما يأخذان على عاتقهما كامل رسوم ومصاريف الانتقال المتوجبة عن تركة المرحومة والدتهم بما فيه براءات الذمة المالية والبلدية بالاضافة الى القيمة التأجيرية دون ان تتحمل هي اي مبلغ من تلك الرسوم والمصاريف او اي مسؤولية عن تنفيذ اتفاقية البيع، كما اكدا لها انه يعود لها وحدها حق الاستمرار في استعمال اسم “راديو برس – أخوي للاعلام والعلاقات العامة والتصرف به تصرف المالك بملكه دون منازعة. متنازلين لها عن كل حق او مطلب يتعلق بهذا الاسم مبرئين ذمتها ابراء تاما نهائيا بهذا الخصوص، انما يدل على حسن العلاقات القائمة بين الاشقاء قبل الانذار وعلى عدم وجود اية اشكالات او خلافات بينهم لغاية حصول عملية البيع، هذا فضلا عن ان اخذهما على عاتقهما كافة المصاريف والنفقات لهذه الجهة دون المطالبة باجراء اي مقاصة او التطرق لاية اموال قد تكون مستحقة بذمتها لهما، انما يؤكد عدم نيتهما في تلك الفترة في المطالبة بأية بدلات متوجبة عليها لمصلحتها، والا لجرى ذكر ذلك في متن الكتاب او لتمت مطالبتها ببدلات طوال الفترة الممتدة من وفاة الوالدة ولغاية عقد البيع.
وحيث انه تبعا لما تقدم، فإنه يقتضي رد طلب المستأنف عليهما المستأنفين مقابلة لجهة الحكم لهما بأية بدلات اشغال عن الفترة الممتدة من وفاة مورثتهما ولغاية بيع حصصهما، الامر الذي يقتضي معه رد استنئاف عليهم المستأنفين مقابلة لهذه الجهة وتصديق الفقرة السادسة من الحكم المطعون فيه.
وحيث بالنسبة للمستأنف عليه المستأنفين مقابلة العميد م. فهو يستمد صفته من عقد البيع الممسوح الموقع من المستأنف عليهما المستأنفين مقابلة الآخرين، والذي يوليه حق المطالبة بالحقوق الناشئة عن ذلك العقد ولو قبل تسجيله وذلك بغض النظر عن احقية تلك المطالبة وهو الامر الذي سوف يتم بحثه لدى النظر في الموضوع سيما وان عقد التفرغ المشار اليه سجل نهائيا في السجل العقاري خلال السير بالدعوى الراهنة، ما اثبت واكد توفر تلك الصفة لديه.
وحيث انه في ما يتعلق بأحقية تلك المطالبة فإن المستأنف عليه المستأنف مقابلة العميد ع. قد عبر وبشكل واضح عن معارضته اشغال المستأنفة وعليها للقسم موضوع النزاع بمفردها وذلك من خلال الانذار الموجه لها، الا انه غير مخول بمطالبتها بالاخلاء سندا للاسباب التي سبق بيانها اعلاه، على ان يبقى له مطالبتها ببدلات الاشغال او الريع.
وحيث انه في ما يتعلق بالفترة التي يعود له المطالبة بتلك البدلات عنها، فإنه يقتضي تحديدها في ضوء مفعول دعوى الشفعة التي اضحت بنتيجتها المستأنفة وعليها مالكة للاسهم التي كان قد اشتراها المستأنف عليه المستأنف مقابلة.
وحيث انه وان كانت الاراء القانونية قد اختلفت في تحديد بدء آثار حكم الشفعة على البيع، الا ان ذلك لم يعد موضع خلاف جدي بعد صدور قانون اصول المحاكمات المدنية عام 1983.
وحيث انه بحسب المادة /559/ أ.م.م. المشار اليه في ما تقدم، يعتبر الحكم مبدئيا معلنا للحق فترجع اثاره الى تاريخ المطالبة بالحق امام القضاء، على ان الحكم الذي يحدث تغييرا في حالة الشخص او في اهليته او الحكم الصادر في مسائل التنفيذ يعتبر منشئا ولا يكون له اثر الا من تاريخ النطق به.
وحيث انه في الاساس، يقر الحكم الحقوق الواردة في طلبات الخصوم ويقرر حقا قائما للمدعي ولا ينشئ حقا جديدا له، فيظل هذا الحق، الموجود في الاصل، محتفظا بسببه ووصفه وجميع اثاره، اي يؤدي الحكم الى اثبات الحق بالحالة التي كان موجودا فيها وقت اقامة الدعوى.
وحيث ان الشفعة حق يجيز لصاحبه ان ينتزع العقار المبيع من المشتري (م/238/ ملكية عقارية) ويثبت الحق في الشفعة لمالك الرقبة اذا بيع حق الانتفاع وللشريك الشيوع اذا بيعت حصة او اكثر في العقار الشائع من غير الشركاء في الشيوع…(م/29/ من ذات القانون) ولا يمكن استعمال حق الشفعة الا بشرط ان يقوم صاحبه بتعويض المشتري تعويضا تاما، وهذا التعويض يشمل ثمن المبيع الذي يجب عرضه وايداعه فعليا يوم تقديم دعوى الشفعة على الاكثر الا اذا كان العقد المسجل ينص على تأجيل الدفع، ويتم العرض والايداع الفعلي في صندوق مال المحكمة الصالحة للنظر بدعوى الشفعة، اضافة الى نفقات العقد وبدل التحسن الطارئ على العقار بفعل المشتري، (م/249/) ويعتبر الشفيع انه قد اشترى من المشتري ويكون للشفعة بينهما مفاعيل البيع نفسه (م/253/).
وحيث انه يستفاد من الاحكام المذكورة ان حق الشفعة ينشأ لدى المالك بالشيوع اثر تبليغه عملية بيع الحصص الشائعة الاخرى من الغير، ويثبت له عند عرض وايداع الثمن فور تقديم الدعوى، ويكرس بعدها باعتباره بمثابة الشاري من المشتري الاول، بحيث ان الحكم الصادر بتمليك الشفيع الاسهم المتفرغ عنها، انما يرسخ حق الشفيع المذكور الناشئ سابقا ويكون له بالتالي الطابع الاعلاني الذي يعود اثره الى تاريخ تقديم الدعوى.
وحيث ان ما قضت به المادة /252/ ملكية عقارية لجهة ان الشفيع يكتسب حق التسجيل إما بتسليمه العقار المشفوع برضى المشتري بعد دفع الثمن وتوابعه المعينة بالمادة /249/، واما بحكم صادر لمصلحة الشفيع، انما يجب تطبيقه على ضوء احكام المادة /559/، أ.م.م . التي تعطي الاحكام مفعولا معلنا للحق الا في حالات استثنائية ذلك عندما تنشئ وضعاً قانونياً جديداً.
وحيث بالتالي فان حكم الشفعة يعود بمفعوله الى تاريخ الادعاء والمطالبة بها، ويكون للشفيع المطالبة بحقه بالثمار منذ تقديم الدعوى ووضع اشارتها على صحيفة العقار.
محكمة التمييز قرار تاريخ 1975/2/28 ، القاضي عفيف شمس الدين المصنف العقارين الجزء الاول ص. 526.
– استئناف مدني تاريخ 1973/11/27 العدل 1974 ص 95، اشار اليه القاضي مروان كركبي في كتابه مبادئ اصول المحاكمات المدنية ص 455.
وحيث ان ما يعزز هذه الوجهة ما يستدل به من مضمون المادة /253/ ملكية عقارية لجهة انه متى ثبت للشفيع حقه بالشفعة تحول البيع بين البائع والشاري الى ان يكون بين البائع والشفيع وكأن هذا الاخير هو الذي اشترى اصلا.
وحيث انه تأسيسا على ما تقدم فإن الفترة التي يعود للمستأنف عليه المستأنف مقابلة العميد ع. المطالبة ببدلات الريع عنها انما تمتد من تاريخ التفرغ عن عقد البيع ولغاية اقامة دعوى الشفعة اي من تاريخ 2018/4/28 ولغاية 2019/5/23 وترد اقواله المخالفة لهذه الوجهة.
وحيث انه في هذا السياق فقد استعانت المحكمة بداية بالخبير السيد ابراهيم الحداد من اجل تحديد بدل اشغالها عن الفترة الممتدة من العام 2018 ولغاية وضع التقرير، فاعتبر ان بدل المثل عن العامين 2018 و2019 يبلغ /14,880/د.أ. سنويا.
وحيث ان المستأنفة وعليها تدلي بكون التقرير المذكور مخالفاً لقانون اصول المحاكمات المدنية لاسيما المادتين /356/ و /357/أ.م.م. وبوجود شكوى مقدمة بوجه الخبير امام هيئة تأديب الخبراء.
وحيث ان بدل الريع يختلف عن بدل الايجار لانتفاء صفة المستأجر لدى المالك بالشيوع، كما انه يتميز عن بدل المثل بالمعنى المقصود في قانوني الايجارات الجديدين لعام 2014 و2017 بل هو يمثل تعويضاً لمالك الشيوع عن الخسارة الناجمة عن حرمانه من الانتفاع بملكه بسبب اشغاله بصورة منفردة من مالك آخر بالشيوع، علما ان هذا الاشغال انما يكون مسندا الى ملكية الاخير لجزء من الاسهم ما يزيل عنه صفة التعدي والاحتلال، الامر الذي يتيح للمحكمة تقدير هذا التعويض بشكل يتناسب مع معطيات القضية سواء لناحية اساس الاشغال وظروفه وسببه وصفة الشاغل لاسيما علاقة المالكين الاساسيين في ما بينهم وطبيعة القسم موضوع النزاع،الذي يبرر بقاء احد الورثة، غير المتفرغ عن حصته، في المسكن العائلي وتعلقه به، وهو واقع يكون الشاري في هذه الحالة على علم ومعرفة به عند شرائه جزء من الحصص بالشيوع عن عدد من الورثة.
وحيث ان الخبير المعين بداية السيد ابراهيم الحداد قد حدد بدل المثل وفق الاسس المحددة في قانون الايجارات الجديد لعام 2017 اي على بالاستناد الى نسبة 4% من قيمة القسم، وذلك بالاستناد لفرضية وجود اجارة.
وحيث ان اشغال المأجور في الفترة المطلوب بدل الريع عنها يرتب عليه إذن تعويضا لمصلحة المالك، وهذا التعويض لا يتعدى كونه تعويضا عن الاشغال الفعلي والواقعي للملك ولا يشكل تعويضا عن فعل جرمي، وتبعا لذلك، فإن بدلات الاشغال تتوجب عليه حتما بسبب الاشغال وهي غير مرتبطة بخطأ صادر عنه، ولا يعتمد تحديد هذا البدل على الاسس نفسها التي حددها القانون لتحديد بدل الايجار.
وحيث انه بصرف النظر عن مدى قانونية التقرير المذكور وبمعزل عن الطعون الموجهة اليه ومدى صحة تلك الطعون، فإنه تبعا لكون العلاقة الراهنة تخرج عن اطار الاجارة، فإن، المحكمة ترى اهمال الاسس المعتمدة من قبل الخبير، كما ترى بما توافر لها من معلومات حول تخمين العقارات بشكل عام وفق المشاهد والمتعارف عليه، وبعد الاخذ بعين الاعتيار العناصر التقديرية التي جرى التثبت منها لناحية موقع العقار، وحالة البناء والقسم، ووصفه من مساحة وتقسيم وقدم، وبالنظر لسند الاشغال واساسه وهوية الشاغلة، وبما لها من سلطان في التقدير في هذا الاطار، تحديد بدل الريع بمبلغ مقطوع عن الفترة المشار اليها اعلاه وقدره /8,000/د.أ.
وحيث سندا لمجمل ما تقدم يقتضي قبول الاستئناف الاصلي المقدم من السيدة ز. جزئيا في الاساس، لجهة البندين 4 و5، ورؤية النزاع انتقالا، ورد طلب الزام المستانفة المستأنف عليها تبعيا السيدة ز. باخلاء القسم موضوع الدعوى، وقبول الاستئناف التبعي جزئياً لجهة مقدار بدل الريع المطالب به من المستأنف عليه المستأنف تبعيا العميد م. والزامها بأن تدفع للمستأنف عليه المستأنف تبعيا السيد م. مبلغا وقدره /8,000/د.أ. وتصديق الحكم المستأنف في سائر بنوده.
وحيث في ما يتعلق بعملة ايفاء المبلغ الواجب الحكم به، فانه يقتضي بيان ما اذا كان دفعه بالدولار الاميركي او بالليرة اللبنانية استنادا لسعر الصرف الرائج بتاريخ الدفع.
وحيث من المشاهد والمعتاد في لبنان استناد الفرقاء في العلاقات التجارية والمالية فيما بينهم على التعامل بالعملة الاجنبية، كمثل قيام المدعي بالمطالبة باتعابه بالعملة الاميركية في النزاع الراهن وادلاء المدعى عليه بان الاتعاب المذكورة لا تتعدى مبلغاً معيناً بالعملة الاميركية، وكذلك وفق المشاهد من اعتياد المحاكم اللبنانية في احكامها على تحديد مقدار الالزامات المالية والنقدية التي تحكم بها بالعملة الاجنبية او ما يعادلها بالعملة اللبنانية بتاريخ الدفع.
وحيث انه بسب الانهيار المالي والنقدي والاقتصادي في لبنان وهبوط سعر صرف الليرة اللبنانية، ومع وجود اكثر من سعر صرف للعملة المحلية في السوق اللبنانية مقابل الدولار الاميركي، وجدت العقود المبرمة في كافة عمليات البيع والشراء او الايجارات او التعاملات المصرفية سواء بالعملة اللبنانية او بالعملة الاجنبية في كافة المواضيع، طريقها نحو نزاعات متعددة ادت الى اقامة دعاوى قضائية امام المحاكم بمختلف درجاتها.
وحيث انه لا بد اولا من التأكيد انه لا يمكن للمحاكم والفقه الحلول محل مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والنقدية في ايجاد الحل للانهيار الذي يشهده لبنان، بل جل ما يمكن لهما فعله هو محاولة حل ما يثار من نزاعات بسبب الانهيار النقدي بين الاشخاص، وذلك وفق القواعد والمبادئ التي يقوم عليها النظام القانوني اللبناني الوضعي، وليس ايجاد حلول عامة اقتصادية ونقدية ووقف الانهيار المالي والنقدي.
وحيث ان المسألة لهذه الجهة تتعلق بمدى جواز اشتراط الايفاء بالعملة الاجنبية، وما اذا كان بطلان هذا الشرط يؤدي الى ابطال العقد ككل، وفي حال الاتفاق على التعامل بالعملة الاجنبية، ما اذا كان يحق للمدين ابراء ذمته بالعملة الوطنية.
وحيث انه بالنسبة للعقود الداخلية فإن المادة /166/ موجبات وعقود تنص على ما حرفيته:
“ان قانون العقود خاضع لمبدأ حرية التعاقد، فللأفراد ان يرتبوا علاقاتهم القانونية كما يشاؤون بشرط ان يراعوا مقتضى النظام العام والآداب العامة والاحكام القانونية التي لها صفة الزامية.”
وحيث ان القرض هو عقد وفقا للمادة /729/ موجبات وعقود، فيكون خاضعا بالتالي لمبدأ حرية التعاقد.
وحيث ضمن الاطار نفسه فان المادة /299/ موجات تنص على انه “يجب ايفاء الشيء المستحق نفسه، ولا يجبر الدائن على قبول غيره وان كان اعلى قيمة”، وتجدر الملاحظة بان هذا النص قد ورد بشكل عام بخلاف المادة /1243/ قانون الفرنسي التي كرست القاعدة ذاتها، فالنص الفرنسي لا يطبق على الديون المحررة بالنقد التي خصها القانون بأحكام معينة تطبق عليها وحدها وردت في المادة /1243/ المعدلة ق.م.ف. والخاص يلغي العام فلا تجوز المقارنة بين الوضعين اللبناني والفرنسي لهذا السبب ايضا.
وحيث ان القانون اللبناني لم يتعامل اصلا مع الديون المحررة بالنقود باحكام خاصة، لا في مجال الايفاء بشكل عام، ولا في ما يخص قرض الاستهلاك او الوديعة المتعلقة بمال، وذلك بخلاف القانون الفرنسي، وبالنسبة للوديعة المصرفية، نصت المادة /307/ تجارة على ان المصرف الذي يتلقى على سبيل الوديعة مبلغا من المال يصبح مالكا له ويجب عليه ان يرده بقيمة تعادله، فكلمة “تعادله” لا تحمل اي معنى خاصا وانما تحيل الى المادة /691/ موجبات التي عطفت عليها المادة /761/ من القانون ذاته المتعلقة بالوديعة والتي فرضت رد “ما يضارع الشيء المقرض (او المودع) نوعا وصفة” فكلمة تعادل تحمل ذات المعنى ولا تخصص الودائع المصرفية بأحكام خارجة عن نطاق النص العام.
وحيث انه كذلك تنص المادة /301/ من القانون عينه على انه عندما يكون الدين مبلغا من النقود يجب ايفاؤه من عملة البلاد. وفي الزمن العادي حين لا يكون التعامل اجباريا بعملة الورق، يظل المتعاقدون احرارا في اشتراط الايفاء نقودا معدنية معينة او عملة اجنبية”، ونص المادة /301/ ورد بالفرنسية على الشكل الاوضح التالي (علما ان النص وضع اصلا بالفرنسية وتمت ترجمته الى العربية في ما بعد)
“Lorsque la dette est d’une somme d’argent, elle doit étre acquitée dans la monnaire du pays,
En période normale et lorsque le cours forcé n’a pas été établi pour la monnaie fiduciaire, les parties sont libres de stipuler que le paiment aura lieu en espéces métalliques déterminées ou en monnaie étrangére ».
وحيث انه يتبين بجلاء مما تقدم، انه يجوز للمتعاقدين ان يتفقا ويشترطا ان يكون العقد بالعملة الاجنبية، مع ما يترتب على ذلك من مفاعيل قانونية ومنها التزام المقترض، عملا بأحكام المادة /299/ موجبات وعقود، بايفاء الشيء المستحق نفسه”، اي برد المبلغ المدين بالعملة الاجنبية المتفق عليها.
وحيث ان المادة /249/ موجبات وعقود توجب على المدين ايفاء الدين بالعملة التي التزم بها، ولم يرد في الفصل المتعلق بقرض الاستهلاك نص يتعلق بايفاء الديون المحررة بالعملة، فحكم هذه الديون هو حكم اي التزام آخر. وما ورد في المادة 691 موجبات (وهو يسري كذلك على الوديعة بمقتضى المادة (761) يختلف تماما عما ورد في القانون الفرنسي اذ فرضت هذه المادة على المقترض “ان يرجع ما يضارع الشيء المقرض نوعا وصفة qualité et quantité” وذلك بخلاف المادة /1895/ ق.م.ف. التي حصرت واجب اعادة مثل النقود بالكمية ذاتها فقط.
وحيث انه في عام 1963 صدر قانون النقد والتسليف الذي تضمن في المادة /192/ منه “تطبق على من يمتنع عن قبول العملة اللبنانية بالشروط المحددة في المادتين /7/ و/8/ عقوبات المنصوص عليها بالمادة /319/ عقوبات “فيقتضي بيان تأثير هذه المادة على ما تضمنه قانون الموجبات والعقود لجهة حرية تعامل الفرقاء في العقود بالعملات الاجنبية.
وحيث ان المادة /7/ من قانون النقد والتسليف كما تعدلت بالقانون رقم 361 تاريخ 1994، التي تعطف عليها المادة /192/ مشار اليها في ما سبق، نصت على انه “للاوراق النقدية التي تساوي قيمتها الخمسماية ليرة وما فوق قوة ابرائية غير محدودة في اراضي الجمهورية اللبناني”.
وحيث ان بعض الفقهاء اعتبروا ان المادة /192/ نقد وتسليف المذكورة لا علاقة لها بحرية التعاقد وهي فقط تتعلق بالعقود الجارية بالعملة اللبنانية، الا انه يتبين ان نص المادة المذكورة قد جاء مطلقا دون اي تمييز بين التعامل في العقود سواء بالعملة المحلية او بالعملة الاجنبية، ما يقتضي معه تطبيق هذه المادة على اطلاقها، وهي قد جاءت ضمن قانون صدر بتاريخ لاحق لقانون الموجبات والعقود بحيث ان لها افضلية التطبيق على الحالات المنصوص عنها في هذا القانون، اذ تعتبر معدلة لبعض احكامه.
وحيث ان المادة /192/ نقد وتسليف قد نصت على عقوبات جزائية على من يرفض استيفاء دينه بالعملة اللبنانية، فهي اذن منشئة لقاعدة جزائية الزامية واجبة التطبيق، ولا يمكن حصر ذلك بالاوراق النقدية فقط بل يطال التعامل بهذه الاوراق سواء تم من خلال العملة الورقية او عن طريق التحويل او سائر وسائل الدفع الالكترونية بالعملة اللبنانية، اذ ان هذا التعامل الاخير يبقى مماثلا للتعامل بالعملة الورقية، واما الاشارة الى الشروط المحددة في كل من المادتين /7/ و/8/ من قانون النقد والتسليف فهي تعود لمقدار العملة وليس لنوعيتها اكانت ورقية او مستندية .
وحيث تبعا لذلك فان المادة /192/ نقد وتسليف لا تجيز للدائن ان يرفض استيفاء دينه بالعملة اللبنانية سواء كان هذا الدين بالعملة الاجنبية او بالعملة اللبنانية، ويقتضي على الدائن ان يقبل وفاء دينه المعقود بالعملة الاجنبية عن طريق التسديد بالعملة الوطنية.
وحيث ضمن الوجهة نفسها، فإن السيادة الوطنية للدولة اللبنانية توجب ان يتم التعامل في لبنان بالعملة الوطنية.
وحيث ان هذا الواجب المتعلق بالقبول بالتسديد بالعملة الوطنية ليس من شأنه ان يطال صحة التعاقد الذي يبقى قائما وصحيحا تبعا لحرية التعاقد، اذ ان المنع يقتصر على الزامية تسديد الدين بالعملة الاجنبية فقط وذلك فقط اذا رغب المدين بالتسديد بالعملة الوطنية، ان هذه العقود تبقى قائمة وصحيحة في مندرجاتها كافة، ويمكن للفرقاء ان يتابعوا تنفيذها بكل حرية وبالعملة المتفق عليها الا اذا رغب المدين بتسديد دينه بالعملة الوطنية عندها يتوجب على الدائن القبول بذلك.
وحيث انه تبعا لما تقدم، فإنه يقتضي تحديد سعر صرف العملة الاجنبية في حال استعمالها كأداة للوفاء من قبل المدين، وفي ما اذا كان هنالك سعر رسمي لها او اسعار اخرى محددة بالقرارات الادارية الصادرة عن مصرف لبنان التي تعتمد سعر السوق الحرة لتحديد سعر الصرف.
وحيث لهذه الجهة فانه يتبين ان النظام التشريعي اللبناني الوضعي يستند الى المبادئ والنصوص التالية:
– اعتماد لبنان في الفقرة ” و” من الدستور على النظام الاقتصادي الحر الذي لا يعترف بتحديد سعر رسمي لتبادل العملات، فتحديد سعر صرف العملة الوطنية تجاه الدولار برقم محدد يستحيل في لبنان حيث انه لا يأتلف مع النظام الاقتصادي الحر، واعتماد نظام اقتصادي موجه يصطدم بالواقع الاقتصادي المحلي الذي يقوم على التبادل التجاري لا على الانتاج.
– المادة 2 من قانون النقد والتسليف تنص على ان القانون يحدد قيمة الليرة اللبنانية بالذهب الخالص.
– المادة 192 من قانون النقد والتسليف التي تعاقب من يرفض استيفاء الدين بالعملة الوطنية.
– عدم وجود نص في القانون اللبناني يتكلم عن صرف العملة الاجنبية بالسعر الرسمي للعملة الوطنية.
– المادة 229 من قانون النقد والتسليف التي تنص على ما يلي:
“ريثما يحدد بالذهب سعر جديد لليرة اللبنانية بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي وريثما يثبت هذا السعر بموجب قانون وفقا للمادة الثانية، يتخذ وزير المالية الاجراءات الانتقالية التالية التي تدخل حيز التنفيذ بالتواريخ التي سيحددها.
يعتمد لليرة اللبنانية، بالنسبة للدولار الاميركي المحدد ب 0,888681 غرام ذهب خالص سعر قطع حقيقي اقرب ما يكون من سعر السوق الحرة يكون هو “السعر الانتقالي القانوني” لليرة اللبنانية…”
ما يفيد ويؤكد عدم صلاحية مصرف لبنان لتحديد سعر صرف الليرة اللبنانية إزاء العملات الاجنبية.
– وجوب اعتماد السعر الرائج وفق ما نصت عليه المادة 432 تجارة لجهة دفع قيمة الشيك بالعملة اللبنانية وفق السعر الدارج.
– لا يمكن القول بسعر رسمي للدولار الاميركي في لبنان وهذا ما اخذت به هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل في رأيها رقم 1985/881 تاريخ 1985/10/9، ويجب تدخل المشترع لتحديد هذا السعر الرسمي ولا يمكن لمصرف لبنان ان يقوم بذلك، اذ لا صلاحية له بذلك ويكون كل ما قام به المصرف المركزي بتحديد سعر رسمي للصرف مخالفا للقانون، فلا يمكن لتعاميم المصرف المذكور ان تعدل وضعيات قانونية حددتها النصوص التشريعية الدستورية او العادية او المبادئ العامة.
– ولو فرضنا ان المادة 70 من قانون النقد والتسليف اعطت المصرف المركزي كمهمة عامة المحافظة عل ىسلامة النقد واستقرار الوضع النقدي والاقتصادي، فان ذلك يتم من خلال الاحكام القانونية والمبادئ الاساسية المعتمدة في النظام اللبناني واولها نظام الحرية الاقتصادية وحرية الاسواق بما فيها حرية التدوال بالعملات النقدية، وبالتالي صلاحية مصرف لبنان تكون من خلال التدخل في السوق شاريا او بائعا لاستقرار سوق القطع.
– ولو افترضنا جدلا جواز وجود سعر رسمي للدولار الاميركي محدد من مصرف لبنان فان ذلك غير متداول بشكل بين الناس اذ لا يمكن الحصول على هذا السعر الا محاسبيا وبالشروط المفروضة من المصرف المذكور وتمتنع المصارف والصيارفة عن تسليم الزبائن بهذا السعر، وبالتالي فهو غير متاح للكافة ولذلك لا يمكن اعتبار ان هذا السعر المحدد هو المتداول.
وحيث انه لو كان القانون اللبناني يعتمد النظام الاقتصادي الموجه لكان حدد سعر الصرف الرسمي في السابق وجرت ملاحقة من يخالفه دون ان يقوم المصرف المركزي بصرف اموال طائلة للتدخل في سوق القطع عن طريق شراء وبيع العملات للحفاظ على ثبات سعر الصرف طوال الفترة التي استقر فيها سعر الدولار على مبلغ 1500 ليرة.
وحيث ان ما يعزز عدم صلاحية مصرف لبنان بتحديد سعر صرف رسمي لليرة اللبنانية إزاء العملات الاجنبية، هو السوابق في الاوضاع القانونية، اذ انه في سنة 1973، وبعدما قررت الحكومة الاميركية تخفيض قيمة الدولار الاميركي نسبة الى الذهب اتخذ مجلس الوزراء في 21 آذار 1973 قرارا بتكليف وزير المالية تحديد سعر انتقالي جديد، وبالفعل اصدر وزير المالية القرار الرقم 883 في 28 آذار 1973 بحيث نص على ان الضرائب والرسوم التي تستوفيها الدولة وسائر مصالح القطاع العام عن المبالغ المحررة بالعملات الاجنبية تحسب على اساس متوسط اسعار القطع الفعلية في سوق بيروت التي تكون قد تحققت خلال الفترة المتراوحة ما بين الخامس والعشرين من كل شهر والخامس والعشرين من الشهر الذي يليه، وقد تم تصديق هذه الاجراءات بموجب القانون الموضوع موضع التنفيذ بموجب المرسوم الرقم 6104 تاريخ 1973/10/5. وفي النهار نفسه تم منح الحكومة بموجب القانون الموضوع موضع التنفيذ بالمرسوم رقم 6105 تاريخ 5 تشرين الثاني 1973 صلاحية تحديد سعر انتقالي جديد للذهب، اذ نصت المادة الاولى على التالي:”ريثما يصبح بالامكان تطبيق احكام المادة الثانية من قانون النقد والتسليف تعطى الحكومة لمدة ستة اشهر من تاريخ نشر هذا القانون، صلاحية تحديد سعر انتقالي قانوني جديد لليرة اللبنانية بعد استشارة مصرف لبنان وصندوق النقد الدولي”. ولم يتبين ان الحكومة قد استخدمت هذا القانون، علما ان موازنة سنة 1985 منحت في المادة 51 منها وزير المالية صلاحية تحديد سعر الدولار لاحتساب رواتب الدبلوماسيين العاملين في الخارج”.
وحيث انه بالنظر للاسباب التي ذكرت في ما سبق وبسبب ان سمي سعر الصرف الرسمي للدولار الاميركي غير صحيح بدليل ان من حدده لا صلاحية له بذلك، وهو نفسه لا يلتزم به في التعامل المصرفي، اذ حدد لكل من العمليات المصرفية او عمليات تحويل الاموال سعرا مختلفا، ما يثبت معرفة الجهات المصرفية بعدم قانونية تحديد ما سمي سعر رسمي للعملات الاجنبية، والعبارة الصحيحة لوصف ما تم تسميته بالسعر الرسمي هي السعر المدعوم.
وحيث ان ما وضعه الشارع في القانون 2020/193 لجهة ما يسمى بالدولار الطالبي ولمرة واحدة فقط وبشكل ظرفي ولا يمكن ان يتعداه ليشمل تعديل طبيعة الاقتصاد والسوق الحرة المحمية بالدستور، ولا اثر لتمديد مفاعيل هذا القانون لسنة تالية.
وحيث كذلك فان ما اعتمدته التعاميم والنصوص القانونية لجهة استيفاء بعض الرسوم والضرائب على الارباح والمداخيل المحددة بالعملة الاجنبية بإعتماد سعر الصرف الرسمي المحدد من قبل مصرف لبنان، فإن ذلك ينحصر بالغاية من هذا النص المحصورة فقط باستيفاء الضرائب والرسوم، ولا يمكن ان ينشأ عن ذلك مبدأ عاماً يجيز لمصرف لبنان تحديد سعر صرف رسمي لليرة اللبنانية ازاء العملات الاجنبية التي تبقى خاضعة لمبدأ العرض والطلب في السوق الحرة.
وحيث ان ما يعزز هذا التحليل ان مصرف لبنان نفسه وعندما قرر تسديد رواتب موظفي القطاع العام بالعملة الاجنبية وليس بالعملة اللبنانية، اصدر تعميما للمصارف بإعتماد سعر منصة صيرفة الذي بلغ في حينه ما يزيد عن مبلغ /20,000/ل.ل. للدولار الواحد، بحيث ان مصرف لبنان نفسه لم يعتمد السعر الذي اسماه رسميا للصرف.
وحيث انه يتبين من ما تقدم ان سعر الصرف الرسمي يتم تحديده بقانون من قبل مجلس النواب، ولا يحق لمصرف لبنان القيام بذلك.
وحيث انه في خلاصة ما تقدم يجوز للمدين ان يدفع دينه المحدد بعملة اجنبية بواسطة العملة اللبنانية ولا يحق للدائن ان يرفض ذلك، على ان يحول الدين بالعملة الاجنبية الى العملة اللبنانية بالسعر الدارج في السوق.
وحيث ان المسألة الشائكة هي في ايجاد مرجعية لتحديد سعر الصرف الدارج بشكل يوحي بشيء من الجدية دون الارتكاز الى التداولات الجارية خارج الاطر العادية.
وحيث انه لهذه الجهة فانه يمكن لتحديد هذا السعر الدارج، الاعتماد على سعر السوق الحرة وهذا الامر سهل التحديد باعتماد ما تعلنه وسائل الاعلام والاسواق من سعر التداول لهذه الجهة.
وحيث ان من شأن اعتماد هذا الحل جعل الامر تحت رحمة التداولات الواقعية والمنصات الالكترونية المجهولة الهوية والتي لا تخضع لاي رقابة او تنظيم سواء اداريا او قانونيا.
وحيث لذلك يبقى من الانسب الاسترشاد بما انشأه مصرف لبنان من منصة الكترونية لتحديد سعر الصرف للدولار الاميركي بالنسبة للعملة اللبنانية بموجب قراره رقم 13324 تاريخ 2021/5/10 (انشاء منصة صيرفة للتدوال بالدولار) وهذا حل وسطي وعادل ويحاكي تقريبا سعر الصرف الدارج المتداول خارج الاطر العادية، لاسيما وان هذا السعر يخضع لتنظيم ورقابة مصرف لبنان، وذلك رغم الشروط المفروضة للولوج الى هذه المنصة.
وحيث انه حاليا وبسبب توقيف منصة صيرفة عن العمل للجمهور، لا مجال قانونا سوى لاعتماد سعر الصرف المحدد في السوق الحرة والمتداولة في الاسواق العادية وهذا الامر سهل التحديد بإعتماد ما تعلنه وسائل الاعلام والاسواق من سعر التداول لهذه الجهة.
وحيث انه يقتضي اعتماد هذا الحل كونه يجد سنده العملي بانه يوفر العدالة بالقيمة الحقيقية للدين الموفى من المدين وليس بالقيمة الاسمية والكمية للدين المذكور، لاسيما وان المادة /221/ م.ع. اشترطت تنفيذ الموجبات المنشأة على الوجه القانوني في العقود وفاقا لحسن النية والانصاف والعرف، وكذلك المادة /134/ من القانون عينه التي نصت على ان العوض يجب ان يكون في الاساس معدلا للضرر الذي حل بالمتضرر.
وحيث بالنتيجة يجب التأكيد ان الوضع التشريعي اللبناني يجيز للمدين ان يدفع دينه المحدد بعملة اجنبية سواء بهذه العملة او اذا رغب بواسطة العملة اللبنانية ولا يحق للدائن ان يرفض ذلك، ولكن يحول الدين بالعملة الاجنبية الى العملة اللبنانية بالسعر الدارج المحدد في الاسواق الحرة والمتداولة في الاسواق العادية.
وحيث انه يقتضي اعتماد هذا الحل كونه يجد سنده العملي بانه يوفر العدالة بالقيمة الحقيقية للدين الموفى من المدين وليس بالقيمة الاسمية والكمية للدين المذكور.
وحيث سندا لمجمل ما تقدم يقتضي الزام المستأنفة السيدة ز. بان تدفع للمستأنف عليه العميد خ. مبلغ /8,000/د.أ. كاتعاب محاماة اضافة الى الفائدة على المعدل القانوني بنسبة 9% سنويا من تاريخ ابلاغه هذا القرار الذي حدد الدين وحتى تاريخ السداد الفعلي، سواء بالعملة الاميركية او اذا رغب بواسطة العملة اللبنانية ولا يحق للدائن ان يرفض ذلك، ولكن يحول الدين من العملة الاجنبية الى العملة اللبنانية بالسعر الدارج على المنصة المنشأة من قبل مصرف لبنان والمسماة صيرفة بتاريخ الدفع.
وحيث بنتيجة الحل المساق، تغدو سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة بما فيها الاستئناف التبعي لجهة سائر ما تضمنه، مستوجبة الرد إما للاسباب المبينة في متن القرار او لكونها لاقت ردا ضمنيا او لعدم تأثيرها على النزاع.
لذلك
وعطفا على القرار المختلط الصادر بتاريخ 2022/4/21 الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من هذا الحكم.
تقرر بالاجماع:
قبول الاستنئاف الاصلي المقدم من السيدة ز. في الاساس، لجهة البندين 4 و5، وقبول الاستئناف التبعي جزئيا لجهة مقدار بدل الريع المطالب به من المستأنف عليه المستأنف تبعيا العميد م.، وفسخ البندين المذكورين، ورؤية النزاع انتقالا، والحكم مجددا برد طلب الزام المستأنفة المستأنف عليها تبعيا السيدة ز. باخلاء القسم موضوع الدعوى، والزام السيدة ز. بان تدفع للمستأنف عليه المستأنف تبعيا المذكور مبلغا وقدره /8,000/د.أ.، سواء بالعملة الاميركية او اذا رغبت بواسطة العملة اللبنانية، ولكن يحول الدين من العملة الاجنبية الى العملة اللبنانية بالسعر الدارج على المنصة المنشأة من قبل مصرف لبنان والمسماة صيرفة بتاريخ الدفع.
1- تصديق الحكم المستأنف في سائر بنوده.
2- سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة بما فيها الاستئناف التبعي لجهة سائر ما تضمنه، مستوجبة الرد إما للاسباب المبينة في متن القرار، او لكونها لاقت ردا ضمنيا او لعدم تأثيرها على النزاع.
3- رد التأمين الاستئنافي، وتضمين كل من الفريقين رسوم ونفقات استئنافه.
قراراً صدر وأفهم علنًا في بيروت بتاريخ 2025/2/20.
“محكمة” – الاثنين في 2025/3/3