إستحداث دوائر جديدة لكتّاب العدل..متى يحين موعد الإنفجار؟/عماد سليم
عماد سليم*:
دولة يديرها أناس من الصفّ الثالث، تربطهم بالمستولين على القرار، خيوط أصبحت وبكلّ وقاحة حبالًا مرئية وملوّنة بألوان مغتصبي السلطة.
دولة تجيد استعمال المسكّنات والتسويف، في نفس الوقت الذي تمعن فيه طعناً بالمواطن ولقمة عيشه، مستفيدة من حجر أملاه الوباء المستشري.
دولة تفصّل قراراتها على قياس الأزلام والمحاسيب، ولو أدّت إلى دمار الوطن وخراب ما تبقّى منه.
دولة أتحفنا بعض وزرائها بمشاريع مراسيم تطرح من خارج جدول الأعمال ما أنزل الله بها من سلطان، دون مراعاة الأصول، وآخرها تمرير مرسوم باستحداث خمس وأربعين دائرة جديدة للكتّاب العدل الذين يرزحون أصلاً ومنذ بداية العام ٢٠١٨ تحت نير الإفلاس الذي يهدّد الوطن، دون أيّ دراسة موضوعية وعلمية لوضع الكتّاب العدل الحالي ودون الالتفات أقلّه، إلى كمّية المعاملات المنجزة من الكتّاب العدل والتي تهاوت إلى أكثر من ٥٠ ٪ ، وإلى قدرة المهنة على احتمال هذه الزيادة التي تجعل من غالبية الكتّاب العدل بحكم العاطلين عن العمل، بعد خمس وعشرين سنة من عدم إنصافهم بتجميد الأتعاب التي يدفعون منها كلفة مكاتبهم وموظّفيهم.
مرسوم في حال إقراره سيؤدّي فوراً إلى إفلاس صندوق التعاضد والتقاعد للكتّاب العدل المموّل منهم على مدى خمس وعشرين سنة والمتعثّر أصلاً بالوضع الاقتصادي لعدم تناسب تمويله، الذي أرهق كاهل الكتاب العدل، مع المتطلّبات البديهية المطلوبة منه، لتأمين ضمان صحّي وتقاعد متواضع جدّاً، فتأتي إضافة المراكز لتقصم ظهره وظهر من يستفيدون منه وهم شريحة لا تستفيد لا من ضمان صحّي ولا من تقاعد من أيّ مصدر أو مرجع آخر،
مرسوم أطلّ علينا في غفلة زمن الحجر بزيادة غير مدروسة وغير محسوبة النتائج لمراكز الكتّاب العدل الفائضة أصلاً عن الحاجة، في الأيّام العادية فكيف في أيّام الانكماش والإفلاس الاقتصادي.
مرسوم تشوبه مخالفات قانونية فاضحة إذ لم يراع أبسط قواعد التشريع والأصول التي نصّ عليها قانون المهنة الملزم باستشارة مجلس الكتّاب العدل في أيّ مشروع لاستحداث أو نقل أو إلغاء لدوائر الكتّاب العدل.
مرسوم واضح المقاصد مرّر قبل إصدار مرسوم تعيين الناجحين في المباراة ، كما أنّه يضرب عرض الحائط بمبدأ المباراة بدل الامتحان، ويجعل كتابة العدل مستباحة ومطية لأهواء أهل السلطة.
مرسوم أتى من خارج جدول الأعمال ليزيد الطين بلّة حيث سيستفيق من سموهم بالفائض بعد تعيينهم على فضيحة التغرير بهم ورميهم في مهنة أهلكها السياسيون وليس فيها لا ضمان صحّي أو اجتماعي ولا تعويض ولا تقاعد، اللهم إلاّ صندوق تعاضد سيقوده هذا الفائض إلى الإفلاس في القريب العاجل.
مرسوم دبّر في ليل كان المفترض فيه أن يتمّ تعيين الأوائل الملحوظين في نتائج المباراة قبل الإستحداث حتّى تخفّ وطأة فضيحة المحاصصة وإرضاء المحاسيب.
مرسوم أطلقتم بموجبه أيّها السياسيون، رصاصة الرحمة على مهنة كتابة العدل كانت ومنذ أكثر من قرن، الضمانة القانونية للمواطنين لحماية أرزاقهم وأموالهم وممتلكاتهم إلاّ أنّ فسادكم سيضع هذه المهنة على شفير الإنهيار في بلد على حدود الانفجار اللهم إلاّ إذا كان هذا مبتغاكم.
*رئيس صندوق تعاضد وتقاعد الكتّاب العدل.
“محكمة” – الجمعة في 2020/4/17