علم وخبر

إعادة “نبش” اقتراح القانون المدني للأحوال الشخصية/يارا عبود

يارا عبود*:
بعدما لامس الخطر سجلات الأحوال الشخصية وقيود المواطنين في دوائر النفوس في المناطق التي طالها العدوان الإسرائيلي، «نبشت» جمعية «رواد الحقوق» اقتراح قانون «التسجيل المدني للأحوال الشخصية» الذي أعدّته سابقاً، وقدمه النائب أسامة سعد إلى المجلس النيابي عام 2021.
إقرار الاقتراح الذي ينصّ على مكننة سجلات النفوس ومستنداتها في قاعدة بيانات إلكترونية موحّدة تضمن صحتها وحمايتها من التلف، بات «حاجة ملحّة. فلو لم تنقل المديرية العامة للأحوال الشخصية بعض السجلات الورقية بمبادرة فردية خلال الحرب الأخيرة، لكنّا أمام خسارة قيود، أو تزويرها، أو إدخال غير مستحقين إلى السجلات، كما حصل في الحرب الأهلية عندما تعرضت بعض دوائر النفوس للاحتراق»، بحسب مسؤولة المناصرة في الجمعية برنا حبيب. كما إن مكننة السجلات لا تحفظ حقوق المواطنين فحسب، بل «تسمح للدولة بالقيام بإحصاءات ودراسات اجتماعية وديموغرافية والتخطيط المبني على معلومات سكانية علمية دقيقة».
واقتراح القانون الذي ينتظر إحالته إلى اللجان النيابية يتعدى المكننة إلى التحول من السجل العائلي إلى القيد الفردي، واعتماد رقم وطني للبنانيين ورقم تعريفي لغير اللبنانيين للاستخدام في جميع المعاملات، الأمر الذي يكرّس المساواة بين الجنسين، إذ يعفي المرأة من التنقل بين قيد الأب والزوج، ثم العودة إلى قيد الأب بعد الطلاق، ليكون لها قيد خاص تسجل عليه أي واقعة في أحوالها الشخصية، مع الإبقاء على القيد العائلي لمسائل الإرث وغيرها من العلاقات العائلية.
وهو يسمح باعتماد شهرة الأب أو الأم للعائلة، بعد الاتفاق بين الزوجين في عقد الزواج لتسري العائلة نفسها على جميع الأولاد، «بعدما تبيّن أن اعتماد الشهرة المركبة للأولاد (شهرة الوالدين) قد تخلق التباسات في بعض المسائل، ولكي نحفظ حقوق الوالدين في اختيار العائلة الأنسب لأسباب مختلفة وترتبط بالمكانة الاجتماعية لكلّ العائلة على وجه الخصوص»، كما تقول حبيب.
إلا أن هذه المواد وقفت حجر عثرة في طريق إقرار قانون الأحوال الشخصية الجديد، فـ «أثناء مناقشته مع المحاكم الشرعية والروحية والمذهبية أظهرت المرجعيات الدينية تردداً في إحداث أي تغيير في نظام الأحوال الشخصية»، بحسب حبيب، أما الإدارات الرسمية كالمديرية العامة للأحوال الشخصية والأمن العام ومديرية شؤون اللاجئين ووحدة التحول الرقمي في مجلس الوزراء، فقد «رحّبت بالمكننة وتنظيم القيود من دون أن تحسم رأيها».
وإلى ذلك، «ينصّ الاقتراح على مواد لا خلاف عليها، لا سيما المكننة وشمول سجلات الدولة جميع الأشخاص الموجودين في لبنان بمختلف أوضاعهم القانونية، وكلّ بحسب تصنيفه القانوني، بعدما استبعد القانون الحالي فئات عدة مثل مكتومي القيد وعديمي الجنسية والأجانب الذين لا يحملون إقامة، وبعدما وصل عدد مراجع الأحوال الشخصية في لبنان إلى عشرة، واحد للبنانيين المقيمين، وآخر للمغتربين، ودائرة لوقوعات الأجانب، وسجلات قيد الدرس في المديرية العامة للأمن العام، وسجلات أحوال الفلسطينيين في المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين»…
* المصدر: جريدة الأخبار.
“محكمة” – الخميس في 2025/2/20

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!