إلاّ الموازنة/عصام اسماعيل
عصام نعمة إسماعيل:
وضعَ الدستور اللبناني مبادئ خاصة لإقرار الموازنة مختلفة عن إقرار القوانين العادية، ودون الخوض في كافة هذه الخصوصيات، نقتصر على ما ورد في المادة 65 من الدستور التي جعلت الموازنة من المواضيع الأساسية، مستخدماً في هذه المادة مصطلح”الموازنة العامة للدولة” وعندما يصنّف الدستور “الموازنة العامة للدولة” ضمن المواضيع الأساسية، فلا يعود جائزاً لمجلس النوّاب أن يناقش مشروع الموازنة مع حكومة تصريف الأعمال، بل يجب على مجلس النوّاب ردّ الموازنة إلى مجلس الوزراء (حيث يوجد في الدستور مصطلح ردّ الموازنة برمّتها)، وذلك لإعادة دراستها وفق المتغيّرات الحاصلة، بخاصةٍ وأنّ المادة 65 من الدستور أناطت بمجلس الوزراء لا بمجلس النوّاب رسم السياسة العامة في جميع المجالات.
ولهذا فإنّ الحكومة الكاملة الصلاحيات لا حكومة تصريف الأعمال هي التي سيناط بها رسم هذه السياسية العامة في مواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية.
علماً أنّه لا يوجد أيّ مبرّرات دستورية للإسراع في إقرار الموازنة قبل نهاية هذا الشهر، لأنّ التأخير لا يعزى إلى إخلال مجلس النوّاب بواجباته، بل يعزى إلى كون الحكومة هي حكومة تصريف أعمال لا تملك صلاحية المشاركة في التقرير في المواضيع التي وصفها الدستور بالأساسية. كما لا خوف من إقرار الموازنة بمرسوم لأنّ الحكومة السابقة لم تقدّم الموازنة قبل بداية العقد العادي الثاني بخمسة عشر يوماً كما تنصّ على ذلك المادة 86 من الدستور.
وما يعزّز فرضية أن تكون الحكومة حائزة على ثقة مجلس النوّاب للمشاركة في جلسة إقرار الموازنة، ما ورد في محضر الجلسة الثانية لمجلس النوّاب تاريخ 1969/14/4 حيث أدلى النائب أحمد أسبر:”نعود لواقعنا.الحكومة المستقيلة، تقدّمت في الوقت المناسب، من هذا المجلس الذي كان غائباً، بمشروع الموازنة والآن أصبحت الحكومة مولوداً سوياً متكاملاً، لا نقص فيه ولا عيب. هل تريد الحكومة أن تنشر هذه الموازنة بمرسوم؟ أم تريد أن يناقشها هذا المجلس؟
وهكذا فإذا كان لمجلس النوّاب صلاحية التشريع عندما تكون الحكومة في حالة تصريف أعمال، إلاّ أنّ هذه الصلاحية ليست مطلقة، بل هي مقيدّة بأن لا يطال التشريع أحد الموضوعات الأساسية المقرّرة في المادة 65 من الدستور.
“محكمة”- الأحد في 2020/1/26