مقالات

الإعدام جريمة أم عقوبة؟/ملاك خضر

المحامية المتدرّجة ملاك خضر:
يعود الحديث عن تطبيق عقوبة الإعدام إلى الواجهة في لبنان مع كلّ جريمة تهزّ الوطن، آخرها “جريمة أنصار” التي راحت ضحيتها أمّ وبناتها الثلاث، فعاد معها الحديث مجدّداً عن ضرورة وضع حدّ للإجرام عبر تطبيق الاعدام، وبين مؤيّد للعقوبة الذي يرى فيها وسيلة تخويف تردع المجرمين، وبين رافض لها بحجّة أنّ الجريمة لا يردّ عليها بجريمة، بل بعقوبة، إنقسم المجتمع اللبناني إلى رأيين.
في البداية، فإنّ الإعدام حتّى في المجتمعات المتحضّرة محطّ جدل، فمثلاً الإتحاد الأوروبي يرفض رفضاً تاماً عقوبة الإعدام، وهناك حظر مطلق لهذه العقوبة في الدول الأوروبية، بينما الولايات المتحدة الأميركية التي تنادي بالسلام والمحبّة، فإنّها تطبّق عقوبة الإعدام بعدّة أساليب منها الحقنة المميتة، وكرسي الكهرباء، وغرف الغاز، والشنق.
أمّا روسيا فعلّقت تطبيق الإعدام، ولم تنفّذ أيّ حكم للإعدام منذ عام ١٩٩١.
وعلى الصعيد القانوني اللبناني، فإنّ قانون العقوبات اللبناني الصادر عام ١٩٤٣ ينصّ على عقوبة الإعدام، وما بين هذا التاريخ وتاريخ تنفيذ آخر عقوبة إعدام، وقد جرت في عهد الرئيس إميل لحود في العام 2004، حيث أعدم ثلاثة أشخاص في سجن رومية، تمّ تطبيق ٥٣ حكم إعدام غالبيتهم شنقاً، واليوم هناك عشرات الأشخاص المحكومين بالإعدام مع “وقف التنفيذ” بسبب امتناع المسؤولين عن توقيع مراسيم تنفيذ إعدامهم حيث ينصّ قانون أصول المحاكمات الجزائية في المادة 420 وما يليها على إجراءات تنفيذ العقوبة التي لا تجري إلّا بعد استطلاع رأي لجنة العفو وموافقة رئيس الجمهورية، وينفّذ الحكم بموجب مرسوم يحدّد مكان تنفيذه ووسيلته.
وبالتالي، فإنّ عقوبة الإعدام لا تزال موجودة لبنانياً غير أنّها لا تطبّق، فلبنان من الدول التي جمّدت تطبيق العقوبة لكن لم يتمّ إلغاؤها رغم محاولات عدّة لإلغائها بموجب اقتراحات ترمي إلى استبدالها بعقوبة أخرى مشدّدة.
وعملياً فإنّ قانون تنفيذ العقوبات رقم 2002/463 أعطى القاضي منفّذ العقوبة حقّاً بتحويل الإعدام إلى السجن، شرط تمتّع المحكوم بسلوك حسن، ومنح التعويضات الشخصية وإعلام أهل الضحيّة.
في المقابل، فإنّ عقوبة الإعدام غير قابلة للتطبيق في لبنان لكون المادة الثانية من قانون أصول المحاكمات المدنية تنصّ على أنّه عند وجود تعارض بين القانون والمعاهدات الدولية تطبّق الأخيرة، ولبنان انضمّ وصادق على معاهدات دولية عديدة تسمو على قانون العقوبات من بينها اتفاقية مناهضة التعذيب، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية، والتي ترفض جميعها تطبيق عقوبة الإعدام.
أخيراً، هناك مقولة فرنسية تشرح الإعدام بالقول:

“La peine de mort : tuer des gens qui tuent des gens pour prouver aux gens que tuer des gens est mal”

ما يعني أنّ عقوبة الإعدام هي قتل الناس الذين يقتلون الناس للإثبات للناس بأنّ القتل أمر خاطىء!”
وأنتم هل تؤيّدون أو ترفضون هذه العقوبة؟!
“محكمة” – الجمعة في 2022/4/1

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!