الإنذار المبلّغ بواسطة الموظّفة والعِلْم لا يغني عن الشكلية في التبليغ/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
إعتبر القاضي المنفرد المدني في بيروت الناظر في قضايا الإيجارات الرئيس داني شرابيه أنّ المشترع قد حصر عملية تبليغ الإنذار بوجوب تسديد بدلات الإيجار بأشخاص محدّدين وهم المستأجر نفسه أو أحد أفراد عائلته الراشدين المقيمين معه. وبالتالي لا يمكن اعتبار التبليغ بواسطة الموظّفة لدى الشركة صحيحاً حتّى ولو علمت الشركة بذلك وسدّدت البدلات بموجب الشكّ المتنازع عليه.
وقضى بردّ دعوى الإسقاط من حقّ التمديد القانوني. وممّا جاء في الحكم الصادر بتاريخ 2001/2/21:
ثانياً: في الإسقاط من حقّ التمديد
حيث إنّ الجهة المدعية تطلب إسقاط حقّ المدعى عليها من التمديد القانوني عملاً بالمادة 14 من القانون رقم 92/160 المعطوفة على الفقرة (أ) من المادة العاشرة من القانون نفسه.
وحيث إنّ المدعى عليها تدلي بأنّ الدعوى الحاضرة قد تأسّست بعد انتهاء فترة العمل بالقانون رقم 92/160 المعدّل، الامر الذي يستوجب ردّها شكلاً.
وحيث من المعلوم أنّ القانون رقم 206 الصادر بتاريخ 2000/5/26 قد مدّد لغاية 2001/6/30 مفعول القانون رقم 92/160 المعدّل، الأمر الذي يحسم الجدل الدائر لهذه الناحية بحيث يصبح من الجائز لا بل من الضروري الإسترشاد بنصوص القانون المذكور بغية حلّ النزاع الراهن.
وحيث إنّ الفريقين يتنازعان حول مدى صحّة الشكّ الذي تعذّر على الجهة المدعية قبضه بسبب العيب الذي اعترى توقيعه.
وحيث وبغضّ النظر عن النقاش الدائر لهذه الناحية وعلى فرض التسليم بصحّة الفرضية المتذرّع بها من قبل الجهة المدعية لناحية عدم قانونية الشكّ تاريخ 99/6/29 وذلك على سبيل الجدل القانوني ليس إلاّ، فإنّ هذه الفرضية لا تبدو قادرة على إعادة إحياء مفاعيل الإنذار المرسل إلى المدعى عليها وذلك بعد الأخذ بالإعتبار العيب الجوهري الذي رافق عملية التبليغ، ممّا أفقد الإنذار المذكور آثاره القانونية وأهمّها جزاء الإسقاط من حقّ التمديد.
وحيث إنّ المادة 14 من القانون رقم 92/160 المعدّل قد نصّت على ما يلي:
“مع الإحتفاظ بأحكام المادة 12 من هذا القانون يسقط حقّ المستأجر في التمديد وفقاً لأحكام البنود (أ) و(ب) و (ج) و (و) و(ز) من المادة 10 من هذا القانون.
وحيث يتحصّل من النصّ المعروض أنّ المشترع لم يضع أحكاماً خاصة بتبليغ الإنذار المتعلّق بمأجور غير سكني، بحيث يبدو واضحاً أنّ جزاء الإسقاط من حقّ التمديد إنّما هو مرتبط بتحقّق شروط البنود (أ) و(ب) و(ج) و(و) و(ز) من المادة العاشرة من القانون 92/160 والمتعلّقة بالمآجير السكنية، الأمر الذي يستتبع القول بأنّ النصّ الواجب اعتماده في هذه الحالة توصّلاً إلى التأكّد من مدى صحّة التبليغ هو نصّ الفقرة (أ) من المادة العاشرة من القانون رقم 92/160.
وحيث من الضروري تبعاً لما تقدّم العودة إلى نصّ الفقرة (أ) من المادة العاشرة من القانون رقم 92/160 المعدّل والمحال إليها بمقتضى المادة 14 المذكورة، بحيث يتضح أنّ المشترع قد حصر عملية تبليغ الإنذار بأشخاص محدّدين وهم المستأجر نفسه أو أحد أفراد عائلته الراشدين المقيمين معه، بحيث يعتبر المستأجر في الحالة الحاضرة الشخص المفوّض بالتوقيع عن الشركة المدعى عليها. يراجع بهذا الإتجاه:
– إستئناف بيروت، الغرفة الرابعة تاريخ 97/2/13، المصنّف في قضايا الإيجارات للرئيس شمس الدين، الجزء الثالث، 1998 ص 64.
– إستئناف بيروت، الغرفة الخامسة، تاريخ 98/1/29، المرجع نفسه ص70.
وحيث إنّ اتصاف قوانين الإيجارات بالطابع الإستثنائي إنّما يدفع المحاكم إلى اعتماد التفسير الضيّق والحرفي للنصّ، ولا مجال للتوسّع في التفسير توصّلاً إلى الخلط بين القواعد العامة المنصوص عنها في قانون أصول المحاكمات المدنية وبين النصوص الخاصة الإستثنائية الواردة في قوانين الإيجارات، ويقتضي بالتالي ردّ أقوال الجهة المدعية الرامية إلى تكريس صحّة التبليغ الحاصل بواسطة الموظّفة لدى الشركة المدعى عليها وذلك بالإستناد إلى نصّ المادة 403 أصول مدنية.
وحيث إنّه لا يردّ على ما تقدّم بأنّ الشركة المدعى عليها قد علمت بالإنذار وسدّدت البدلات بموجب الشكّ المتنازع عليه، الأمر الذي يعكس تنازلاً ضمنياً عن حقّ التذرّع بالعيب الشكلي الذي رافق عملية التبليغ “إذ إنّ العلم في مثل هذه الحالات لا يغني عن الشكلية في التبليغ” (استئناف بيروت، الغرفة الخامسة، تاريخ 99/2/18، المصنّف السنوي في الإجتهاد للرئيس شمس الدين، 1999، ص 13).
وحيث يتبيّن ممّا تقدّم أنّ تبليغ الإنذار موضوع هذه الدعوى قد تمّ بصورة مخالفة للأصول ممّا يحول دون إمكانية إعطاء الإنذار المذكور أيّ أثر قانوني ويقتضي تبعاً لذلك ردّ طلب الإسقاط من حقّ التمديد.
وحيث إنّ الجهة المدعية تطلب من ناحية ثانية إلزام الشركة المدعى عليها بدفع بدلات الإيجار المستحقّة لغاية 99/6/30 والبالغة (3,177.688) ل.ل. مضافاً إليها مبلغ (74100) ل.ل. وهو يمثّل أجرة الكاتب العدل.
وحيث إنّه في الملفّ ما يشير إلى أنّ المدعية قد عادت وقبضت الشكّ المتنازع عليه، كما أنّه ليس في الملفّ ما يشير إلى أنّها قبضت المبالغ المذكورة بأيّة وسيلة أخرى، مع العلم أنّ المدعى عليها لم تدل بما يتناقض مع مطالب الجهة المدعية لهذه الناحية.
وحيث يقتضي على ضوء ما تقدّم، إلزام الشركة المدعى عليها بدفع مبلغ (3,251.768) ل.ل.
وحيث إنّه لم يعد من داع لبحث كلّ ما زاد وخالف بما في ذلك طلب العطل والضرر عن المحاكمة غير المتوفّرة شروطه.
“محكمة” – الأحد في 2020/11/8