الايجار التملّكي/جان تابت
المحامي جان تابت:
القسم الأول- في المقدمة:
1. مع تطور السوق العقاري ، وزيادة غلاء المعيشة، ومع الازدياد السكاني والازمة المالية التي عرفها لبنان ومع وقف مصرف الاسكان تمويل القروض الاسكانية وإن مؤقتاً على أثر إستنفاد الأموال التي كانت بحيازته فانه كان لا بد من ايجاد بدائل، وعقد الايجار التملكي هو أحدها وهو يتضمن حق خيار شراء القسم العقاري الذي يكون قد إستأجر للتو.
2. وقد عمد المشترع اللبناني إلى تعديل القانون رقم /539/ تاريخ 1996/7/24 المتعلق بإنشاء المؤسسة العامة للإسكان، وأقر في 2006/11/11 القانون رقم /767/ الذي عرف الايجار التملكي.
3. والايجار التملكي كما أشار إليه القانون أعلاه هو عقد يخول المستأجر حق تملك المأجور لقاء ثمن متفق عليه مع احتساب الأقساط المدفوعة منه كبدلات إيجار من أصل ثمن البيع وفقاً للاتفاقات التي توقع في هذا المجال.
4. لم يحدد المشترع الطبيعة القانونية لهذا العقد ولا موجبات أطرافه، انما ترك لإرادة الفرقاء المؤجر والمستأجر أي المالك والشاري حق الخيار وحق تحديد هذه الموجبات وتنظيمها.
5. وقد اكتفى المشترع بتعريف معنى ومفهوم الإيجار التملكي بالمفهوم العام وأشار كعشرات آلاف القوانين التي تصدر في بلادنا أنه سيصدر قوانين لاحقة بناءً على اقتراح الوزير المختص وذلك خلال مهلة ثلاثة أشهر تنظم هذه العقود من تاريخ نفاذ القانون إلا أن شيئاً لم يتم، وكان من المفروض اتمامه لأن هذا المرسوم المنتظر صدوره كان من شأنه أن يحدد النظام المذكور والاطار العام له وشروط وإجراءات الايجار التملكي بما في ذلك الأحكام والشروط التي يجب ان يتضمنها العقد، وحقوق وموجبات كل من المالك والمستأجر وكيفية ممارسة حق الخيار بالشراء ومفاعيله.
6. وفي ظل الفراغ التشريعي والتنفيذي، فان ارادة الفرقاء في العقود هي التي تنظم أمورهم في هذا السياق، لاسيما إذا وجدوا مصلحة لهم في ذلك لتنظيم علاقاتهم القانونية على هذا الوجه وإننا نستعرض النصوص القانونية التي ترعى الموضوع كما يلي:
7. نصت المادة /533/ من قانون الموجبات والعقود على الآتي:
“ايجار الاشياء عقد يلتزم به المرء ان يولي شخصا آخر، حق الانتفاع بشيء ثابت او منقول او بحق ما لمدة معينة مقابل بدل يلتزم هذا الشخص اداءه اليه.
والايجار على اطلاقه هو ايجار العقارات التي لا تثمر ثماراً طبيعية وايجار المنقولات المادية او الحقوق.
8. كما نصت المادة /372/ من قانون موجبات وعقود على الآتي:”البيع عقد يلتزم فيه البائع ان يتفرغ عن ملكية شيء، ويلتزم فيه الشاري ان يدفع ثمنه”.
9. ونصت المادة /220/ من قانون الملكية العقارية على التالي:
“الوعد بالبيع هو اتفاق يتعهد بموجبه شخص ببيع شيء ما لشخص آخر حالما يصرح هذا الشخص الآخر (الذين لا يتعهد بشراء الشيء) بأنه قرر شراء الشيء الموعود به على هذه الصورة. ولا يكون الوعد بالبيع صحيحاً إلا إذا شمل اتفاق الطرفين، بآن واحد، الشيء، والثمن والمهلة التي يتسنى لصاحب الوعد في أثنائها أن يقرر الشراء. ولا يجوز أن تتجاوز هذه المهلة خمس عشرة سنة، وإذا اتفق الطرفان على مهلة تتعدى الخمس عشرة سنة يكون الوعد صحيحاً إنما لا يكون له مفعول إلا مدة خمس عشرة سنة”.
10. ويجوز أن يكون الوعد بالبيع لشخص محدد أو لشخص غير محدد وعندئذ يصير انتقاله (بتجيير) سند الوعد بالبيع. ويكون التجبير باطلاً إذا لم يشتمل على التاريخ مكتوباً بكل حروفه، وعلى توقيع المتنازل وعلى تصديق هذا التوقيع من قبل الكاتب العدل. ولا يجوز أن يحرر سند الوعد بالبيع “لحامله”.
القسم الثاني- مفهوم عقد الايجار التملكي:
أولاً- تعريف عقد الإيجار التملكي:
1. يقصد بالإيجار التملكي عقد الايجار الذي يمنح المستأجر حق الخيار بتملك المأجور لقاء ثمن متفق عليه عند اجراء عقد الايجار مع حق احتساب الاقساط المدفوعة منه كبدلات ايجار وحسمها من أصل الثمن، يصبح الشراء بمجرد أن يعبر من كان مستأجراً عن رغبته في الشراء وهذا الخيار (l’option) اذا ما استعمل يمنح الحق للمستأجر بالتملك.
2. إذاً، يعتبر الإيجار التملكي عقداً جديداً مختلطاً (Mixte) يخضع في البدء لأحكام قانون الايجارات ليصبح بعد أن يوافق المستأجر الذي سيصبح مالكاً على حق الخيار المعطى له، مالكاً لنفس الشقة التي سبق وان استأجرها.
3. والعقد اذاً هو ذات طبيعة خاصة (Contrat Special) وأنه يتضمن مراحل عديدة تمتاز كل مرحلة عن الاخرى بميزات خاصة سواء من ناحية توصيف العلاقة التعاقدية، او القانون الواجب التطبيق على المتعاقدين الأمر الذي سنتطرق إليه تباعاً من خلال استعراض المراحل التي يمر فيها العقد.
ثانياً- الطبيعة القانونية لعقد الايجار التملكي:
1. يعتبر عقد الإيجار التملكي عقداً مختلطاً كونه يختزن عمليات قانونية ثلاث هي:
• عقد الايجار وهو منظم بموجب قانون الموجبات والعقود. وقد نصت المادة /533/ من قانون الموجبات والعقود على تعريف عقد الايجار بأنه عقد ملزم للطرفَین، یلتزم فیه المؤجِّر بتمكین المستأجر من الإنتفاع بالمأجور مقابل بدل.
• الوعد بالبيع وهو منظم بموجب القانون العقاري. وقد نصت المادة /220/ من قانون الملكية العقارية على أنه اتفاق يتعهد بموجبه شخص ببيع شيء ما لشخص آخر حالما يصرح هذا الشخص الآخر (الذين لا يتعهد بشراء الشيء) بأنه قرر شراء الشيء الموعود به على هذه الصورة. ولا يكون الوعد بالبيع صحيحاً إلا إذا شمل اتفاق الطرفين، بآن واحد، الشيء، والثمن والمهلة التي يتسنى لصاحب الوعد في أثنائها أن يقرر الشراء. اذاً یمكّن عقد الإیجار التملكي المستأجر من أن یصبح مالكاً للعقار المأجور عند تنفيذ حق الخیار بالشراء. ويعد حق الخيار بتملك المأجور شرطاً أساسياً في عقد الايجار التملكي وهو أهم ما يميز هذا العقد.
• وعقد البيع وهو أيضاً منظم بموجب قانون الموجبات والعقود. وقد نصت المادة /372/ من قانون الموجبات والعقود بأن عقد البيع هو العقد الذي يلتزم فيه البائع بأن يتفرغ عن ملكية شيء، ويلتزم فيه الشاري أن يدفع ثمنه.
2. وعقد الإيجار التملكي هو دمج للعقود الثلاثة ضمن بوتقة واحدة لمراحل متعددة التي تنص عليها بنود العقد والتي تبدأ بتسديد الراغب بالتملك ثمن الخيار ليصبح في مرحلة أولى مستأجراً ولاحقاً شارياً.
3. انه اذاً عقد من نوع خاص، تتداخل فيه عقود ثلاث وطالما ان العقد قد نظم لخدمة الانسان فإنه لا بأس من أن تدمج العقود الثلاثة الواحدة بالأخرى حيث أن العقد يتضمن المراحل الآتية:
القسم الثالث- في مراحل عقد الإيجار التملكي:
أولاً- المرحلة الأولى: وتتمثل بتسديد الراغب بالشراء للمالك دفعة على حساب حقه في ممارسة:
1) حق الخيار بالشراء وهذه الدفعة لا يوجد أي نص قانوني يحددها انما درجت العادة بعد اطلاعنا على نفس العقود التي وُقعت في الخارج: في اوروبا والولايات المتحدة الاميركية ان هذه النسبة هي 10% من قيمة العقار موضوع العقد.
2) ان هذه الدفعة من شأنها تجميد حق المالك ببيع القسم موضوع العقد حتى ممارسة او انقضاء مهلة ممارسة حق الخيار.
ثانياً- المرحلة الثانية: وهي مرحلة الإيجار:
1. يمتاز هذا العقد بذاتية معينة.
2. أنه في المبدأ فان عقد الإيجار، يتمكن من خلاله المستأجر من الإنتفاع بالمأجور لقاء تسديده لبدلات تدفع للمؤجر مقابل هذا الإنتفاع. إلا أنه يتميز هذا العقد بشروط تجعله عقداً مميزاً عن الإيجار المتعارف عليه في القوانين المتداولة.
3. يبدأ أولاً عقد الايجار التملكي بعلاقة تأجيرية، الهدف منها الوصول إلى العلاقة القانونية، الذي يترك للمؤجر الحرية بإختيار المستأجر تبعاً لمبدأ حرية التعاقد، يدخل هذا العقد في إرادة الفرقاء مولياً احدهما حق الأفضلية المطلقة بالإشتراك في هذا النظام التأجيري.
4. وبالفعل، فعندما يصار إلى توقيع العقد المذكور بين الفريقين، فإن المرحلة الأولى من التنفيذ تتسم بأنها عقد إيجار محض، لأن الطرفين المتعاقدين يتعاملان مع بعضهما البعض على هذا الأساس أي ينتفع المستأجر بالمأجور مقابل تسديده بدلاً شهرياً يسمى بدل إيجار، ويكون أي نزاع في تلك المرحلة من مراحل العقد مستوجب توصيفه على أساس كونه عقد إيجار ويراعى أحكام قانون الإيجارات وذلك طالما أن المستأجر لم يبد خياره بالشراء ولم تنصرم المهلة المحددة في العقد لزوم ذلك.
ثالثاً- المرحلة الثالثة: حق الخيار بتملك المأجور في عقد الإيجار التملكي :
1. لقد قصد القانون 2006/767 بالإيجار التملكي العقد الذي يعطي المستأجر حق تملك المأجور لقاء ثمن متفق عليه عند إجراء عقد الإيجار، مع حسم الأقساط المدفوعة منه كبدلات إيجار من أصل الثمن.
2. ويعتبر حق الخيار بتملك المأجور شرطاً أساسياً في عقد الإيجار التملكي، وهو أهم ما يميز هذا العقد عن غيره من الأنظمة التي تتيح للأفراد تملك مسكنهم إن أرادوا ذلك. ويبقى المؤجر، طوال فترة عقد الإيجار، رهن انتظار قرار المستأجر بتملك المأجور، ولا يكون له حق التصرف بالعقار حتى انتهاء المدة وتسمى هذه الفترة بفترة الانتظار (Période d’expectative) حيث ينتظر المالك في هذه الأثناء ما سوف يقرره المستأجر الى ان يرفع حق الخيار فيصبح المالك في موجب التسجيل والافراز.
3. إن نية التملك هي غالباً الغاية التي من أجلها يتم اللجوء إلى الإيجار التملكي، ولا يستطيع المؤجر الامتناع عن ابرام عقد البيع إذا ما أعلن رغبته بذلك، وأوفى جميع التزاماته المرتبة عن العقد، إذ أنه عند تسديده المبالغ المتبقية لإستيفاء الثمن المتفق عليه، ينعقد البيع وتنتقل الملكية للمستأجر.
4. ويعطي عقد الإيجار التملكي المستأجر حق تملك المأجور لقاء ثمن متفق عليه عند إجراء عقد الإيجار مع احتساب الأقساط المدفوعة منه كبدلات إيجار من أصل الثمن.
5. اذا ما عدنا الى المادة 1-13 من مسودة عقد الايجار الحر بموجب القانون 92/159 الذي وضعته بين ايديكم يتبين بقراءة هذا النص ما يلي: بتاريخ توقيع العقد الحاضر سدد الفريق الثاني للفريق الاول مبلغاً قدره /_____/ دولار اميركي (فيما يلي: “بدل الخيار”)، لقاء اعطاء الفريق الاول للفريق الثاني حق الخيار لشراء المأجور وفقاً لما هو وارد اعلاه.
يحق للمستأجر ان يمارس حق خيار شراء المأجور لمرة واحدة حينما يشاء خلال مهلة الخيار، اي خلال مدة قيام العقد الحاضر الاساسية فقط من ______ الى ______ (فيما يلي:” مهلة الخيار”) وذلك شرط تحقق الشروط الواردة ادناه مجتمعة:
أ- ان يكون عقد الايجار سارياً ونافذاً بكافة مفاعيله بتاريخ ممارسة المستأجر لحقه بالخيار في شراء المأجور.
ب- الا يكون المستأجر مخالفاً لأي من موجباته بمقتضى عقد الايجار.
ج- ان تتم ممارسة المستأجر لحقه بالخيار في شراء المأجور من خلال توجيهه كتاباً الى المالك بواسطة الكاتب العدل وتبليغه له خلال مهلة الخيار وذلك على عنوان المالك المبين في مطلع العقد الحاضر يعلن بموجبه عن رغبته بشراء المأجور.
د- ان يكون المستأجر قد سدد كامل بدل الخيار.
6. ولا بد من التنويه، أن المتعاقدين هم من يحددون الفترة التي يتم التعامل على اساسها، كعقد إيجار، على سبيل العلاقة التعاقدية التأجيرية، بموجب بند صريح، مع تحديد المهلة التي تناسب الفريقان قبل ممارسة حق الخيار.
7. وبذلك تصبح العلاقة التعاقدية مبنية على أساس النتائج التي ترتبها ممارسة حق الخيار المذكور. فيتحول المستأجر الى شاري للقسم شرط أن يقوم بإيداع المبلغ المتفق عليه سابقاً في العقد على أساس أنه الثمن المتوجب لممارسة حق الخيار. وعند تطبيق هذه الآلية، تؤخذ بعين الاعتبار البدلات المسددة سابقاً ويصبح على عاتق المالك موجب توقيع عقد بيع ممسوح لزوم تسجيل الشراء الذي عبر عنه المستأجر وفقاً للآلية المتفق عليها بموجب عقد الإيجار التملكي.
8. أما إذا إعتبر المستأجر نفسه غير قادر على تأمين الثمن الواجب دفعه لزوم ممارسة حق الخيار بالشراء، فأنه يقع عليه أيضاً في هذه المرحلة توجيه كتاب خطي للإعراب عن نيته بعدم الرغبة بممارسة حق الخيار بالشراء. وعندها يصار إلى تطبيق البنود التعاقدية سواء لجهة اخلائه أم لتجديد عقد الإيجار.
رابعاً- المرحلة الرابعة: مرحلة تنفيذ حق الخيار:
1. یُلقي عقد البیع على عاتق كل من أطراف العقد، عدة موجبات، فانتقال الملكیة في عقد البیع هي أهم مفاعیل هذا العقد، إذ أن شروط طرفَي البیع على شروط العقد یجعل العقد منعقداً ومنتجاً للموجبات التي ینشئها باستثناء نقل الملكیة اذ ان القانون اللبناني يجعل عقد بیع غیر المنقول غير ناقلاً للملكیة بحدّ ذاته إنمّا یولّد على عاتق البائع موجباً شخصیاً بنقل الملكیة إلى المشتري وبتسلیمه وضمانه مقابل إلتزام الطرف الثاني بأداء الثمن المتفّق عليه.
2. اذاً، یتضّح أنّ عملية البیع تشكّل المرحلة التالية من مراحل الإیجار التملكي الإحتمالیة، فهدف المشترع من خلال هذا الإیجار هو الوصول إلى إتمام صفقة البیع وتملیك المستأجر العقار الذي كان سبق له أن شغله على سبیل الإیجار. في حال طبّق المستأجر في عقد الإيجار التملكي المهل والبنود التعاقدية الآيلة إلى ممارسة حق الخيار بالشراء، فأنه يصبح من الواجب على الجهة المالكة تنظيم عقد بيع ممسوح ليصار إلى تنفيذه في الدوائر العقارية. فيصبح عندئذٍ المستأجر مالكاً وفقاً للعقد المذكور.
3. فیتجلّى البیع كأحد نتائج الإیجار التملكّي. الا أنه في الايجار التملكي، يسدد الثمن على ثلاث مراحل: الأولى، هو تسديد بدل حق الخيار، الثانية، مقابل انتفاعه من المأجور، وأما الثالثة فتكون اختيارية مرتبطة بإرادة المستأجر وممارسته حق الخيار بتملكه فيصبح ملزماً بمجرد قبوله بالشراء ورفعه حق الخيار بوجه المالك على أن يسدد قيمة البيع وفقاً لما هو متفق عليه مع المالك البائع، المؤجر السابق.
القسم الرابع- في القانون، وفي عدم وجود قانون صريح يرعى عقد الإيجار التملكي:
1. نستطيع هنا، وبعد أن ألقينا نظرة سريعة بخصوص طبيعة عقد الإيجار التملكي، ان نشير أنه ليس هناك نص تشريعي واضح وصريح، يحدد أطر وأنظمة عقد الإيجار التملكي اذ لم تصدر المراسيم التطبيقية المفترض صدورها كما نص القانون /767/ خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدوره.
2. الا أنه وفیما یتعلّق بموجبات أطراف العقد، یتبیّن أنّه یمكن إعمال قواعد قانون الموجبات والعقود في جزء كبیر منها، كما وأحكام قانون الملكية العقارية لاسيما أحكام الوعد بالبيع (La promesse de vente) اذ أن أحكامه لا تتعارض مع موجبات أطراف عقد الإیجار التملكي المفترضة بالتالي یمكن إعمالها ضمن الحدود التي تتلاءم مع خصوصیة هذا العقد مع الأخذ بعین الإعتبار الموجبات التي یُلقیها هذا العقد بشكل خاص كموجب المؤجِّر بنقل الملكیة عند ممارسة حق الخیار بالتملك وموجب المستأجر بتسدید الثمن عند نیتّه تملّك المأجور.
3. ونعتبر أن أمر تنظيم هذا النوع من العقود في ظل عدم وجود تشريع خاص قد فتح على مصراعيه، وهو متروك لأمر مشيئة المتعاقدين الذين لهم مطلق الحرية وسلطان الإرادة في تنظيم شؤونهم وفقاً لما يرونه مناسباً، عملاً بالمادة / 166/ من قانون الموجبات والعقود التي تنص على التالي: ” إن قانون العقود خاضع لمبدأ حرية التعاقد، فللأفراد أن يرتبوا علاقاتهم القانونية كما يشاؤون بشرط أن يراعوا مقتضى النظام العام والآداب العامة والأحكام القانونية التي لها صفة إلزامية”، على إعتبار أن العقد هو شريعة المتعاقدين وهو مبدأ متعلق بالإنتظام العام.
4. لكن يترتب على هذا العقد في حال تنظيمه من قبل الأشخاص قبل صدور القانون أو المراسيم التي ترعى تطبيقه أو أنظمته محاذير عدة لاسيما في ما يتعلق بحل أي خلاف قد ينشأ بين فرقاء العقد.
5. بالفعل، ففي حال نشوء أي خلاف بخصوص أي بند من بنود العقد، حول ماهية الأحكام القانونية التي ترعاه أو المستوجبة التطبيق عليه، على إعتبار أنه هناك قوانين خاصة ترعى الإيجارات وقوانين أخرى ترعى النزاعات العقارية، فسيكون إختصاص البت بأي نزاع في أية مرحلة من مراحل العقد عائداً للمحكمة المختصة، أي محكمة الإيجارات إذا كنا في المرحلة التي تسبق ممارسة حق الخيار، وإلا المحكمة العقارية في حال تم ممارسة هذا الحق، الى حين صدور القوانين الخاصة التي لم تصدر بعد حتى اليوم.
6. وبالتالي، فعلى محكمة الإيجارات أن تطبق أحكام قوانين الإيجارات، ويكون على المحكمة العقارية أن تعتبر المستأجر مشتري وتعطيه حقوقه في حال نفذ البند التعاقدي بوجه سليم، ووفقاً للبند المتفق عليه بهذا الإطار، إذ لا يغيب عن بالنا أنه يعود للمحكمة أن تعتبر وفقاً للسلطان المعطى لها ما إذا كان المستأجر قد مارس حقه وفقاً للأصول التعاقدية، باعتبار أننا أمام عقد نظم العلاقة بين الفريقين وليس أمام قانون قد حدد أطر هذه العلاقة.
7. ولكن يبقى أن نلفت انتباهكم إلى أنه يعود وفقاً المادة /369/ من قانون أصول المحاكمات المدنية للمحاكم في إطار بت أي خلاف أن تنظر هذا الخلاف وفقاً للقانون المطبق عليه وهي تنص على التالي: ” يفصل القاضي في النزاع وفق القواعد القانونية التي تطبق عليه”.
8. وبالتالي، فإن الخطر الذي يندرج في حال نشوء أي خلاف بخصوص عقد الإيجار التملكي هو أن القاضي أو المحكمة، سوف يصطدما بإنتفاء النص أو القانون الذي ينظم هذا العقد والذي يفترض تطبيقه عليه.
9. ويكون الحل عندئذٍ هو بالرجوع إلى العقود المسماة فيما يخص كل مرحلة أو الرجوع إلى القانون العام، وقواعد الإنصاف والعرف، وذلك وفقاً لكل خلاف، الأمر الذي يترك بالمبدأ لسلطان المحكمة الواضعة يدها على النزاع.
10. وبالرجوع إلى العقود المسماة فيما يخص كل مرحلة أو الرجوع إلى القانون العام، وقواعد الإنصاف والعرف، وذلك وفقاً لكل خلاف، الأمر الذي يترك بالمبدأ لسلطان المحكمة الواضعة يدها على النزاع جدية تطبيق القانون الذي يتلائم مع أحكام العقد الموقع واننا ننصح بأن تكون أحكام العقد واضحة لدرجة لا يحتاج القاضي لتطبيق أي قانون آخر او عرف، لان العقد هو “شريعة المتعاقدين”.
الخلاصة:
1. يتبيّن ممّا تقدّم أنّ عقد الإيجار التملكي له فوائد عديدة بالرغم من عدم صدور تشريع خاص يسمح للكثيرين بأن يصبحوا مالكين بدل ان يكونوا مستأجرين، وإن هذا العقد سوف يمكنهم في حال صدور التشريعات المناسبة من تأمين مسكن دائم، وفقاً لإمكانياتهم ووفقاً للحلول التي تتيحها الدولة، ولا شك أن الهدف من القوانين هو تحقيق غاية معينة للمجتمع ألا وهي تمكين فئة كبيرة من الناس من تملك المآجير التي يستأجرونها وفي حال تحقق الهدف فنكون قد نجحنا في حل أزمة قوانين الإيجارات التي يعاني منها لبنان منذ العام 1940 ولم تجد الدولة حلاً لها.
2. فإن تأمين حق السكن وسعي المشترع إلى تأمينه يجد مصدره في الدستور اللبناني الذي أكد في مقدمته على العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين. وإنطلاقاً من أهمية حق السكن، عمد المشرع اللبناني إلى إقرار القانون رقم /767/ الذي عرض فيه مهام المؤسسة العامة للإسكان والمقصود بالإيجار التملكي.
3. ونأمل أن يصار إلى قوننة الإيجار التملكي بصورة متكاملة لتلبية حاجات مجتمعنا.
4. أتمنى أن أكون قد نجحت في الاضاءة على عقد الايجار التملكي وأن تكون ورشة العمل هذه قد ساهمت بأن يبدأ السوق العقاري اللبناني التداول بهذا النوع من العقود التي تبقى مطبقة في نظام البلدان (Anglo-Saxon) في كندا واميركا واذا ما كتب ان تطبق في لبنان فانه يقتضي بكم وانتم أعمدة مهنة الوساطة ان تروجوا لهذا العقد فتؤدون خدمة للمتعاملين ونؤمن لمن لم يكتب لهم ان يتملكوا ان يحصلوا على ملكية عقارية وهذا هو الهدف في قيمة الاقتصاد وتعزيزه.
“محكمة” – الخميس في 2019/6/20