“التمييز العسكرية” تصدر حكمها على سوزان الحاج وإيلي غبش/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
أصدرت محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي طاني لطوف وحضور المحامي العام التمييزي القاضي غسّان الخوري، حكمها في قضيّة الضابط سوزان الحاج والمقرصن إيلي غبش وفبركة جرم التعامل مع العدوّ الإسرائيلي للممثّل المسرحي زياد عيتاني ممّا أدّى إلى توقيفه وتعذيبه.
وخلص الحكم المبرم إلى إعلان براءة المقدّم في قوى الأمن الداخلي الحاج من جرم التدخّل مع غبش بفبركة الجرم المذكور، بداعي عدم توافر الأدلّة، وحبسها شهرين مع غرامة مائتي ألف ليرة لجهة جرم “إهمال إفادة رؤسائها عن مخطّط غبش رغم علمها بذلك”، أيّ ثبّت العقوبة التي كانت المحكمة العسكرية الدائمة قد أصدرتها بحقّها بجرم كتم معلومات!
أمّا بالنسبة إلى غبش فقد حكمت عليه المحكمة بعقوبة الأشغال الشاقة مدّة ثلاث سنوات وخفّضتها إلى سنة ونصف السنة أيّ بعكس حكم المحكمة العسكرية الدائمة الذي قضى بسجنه سنة واحدة، وهو صاحب التصرّف الوسخ والحلقة الأضعف في مشهد هذه المحاكمة الغريبة في هذه القضيّة.
واستمعت المحكمة في بدء الجلسة الختامية إلى إفادة الممثّل المسرحي زياد عيتاني بصفته متضرّرًا من أفعال الحاج وغبش الذي كان يعمل لديها باعتبار أنّهما بالتكافل والتضامن عمدا إلى اختلاق جرم التعامل مع العدوّ الإسرائيلي له ممّا أدّى إلى توقيفه زورًا وبهتانًا مدّة أربعة شهور لاقى خلالها صنوفًا مختلفة من التعذيب والتشهير كما قال غير مرّة وأعاد التذكير بذلك خلال مثوله كشاهد أمام محكمة التمييز العسكرية.
ورفض رئيس المحكمة القاضي طاني لطوف الذي يمضي أيّامه الأخيرة في القضاء العدلي قبل تقاعده يوم الخميس الواقع فيه 29 نيسان 2021، ضمّ نسخة خطّية من شهادة عيتاني أعدّها مع وكيلته القانونية المحامية ديالا شحادة، واستعاض عنها بإلإفادة الشفهية.
وذكّر عيتاني بالشكوى التي سبق لها أن قدّمها أمام النيابة العامة التمييزية ضدّ الحاج وغبش وأربعة عسكريين من المديرية العامة لأمن الدولة بجرائم الإفتراء الجنائي والتعذيب وإساءة استعمال السلطة وإفشاء سرّية التحقيقات والتزوير وقد سجّلت تحت الرقم 7268/م/2018 وأحيلت إلى القضاء العسكري في 28 تشرين الثاني 2018، وأحيل الشقّ المتعلّق بالتعذيب إلى القضاء العدلي للإختصاص النوعي ولم أعد أعرف مصير ادعائي بالجرائم الأخرى.
“بالخطأ عزيزي”..”مشي الحال”
وقال عيتاني إنّه لم يحصل أيّ تواصل بينه وبين الحاج إلاّ بعدما وضعت إعجاب(LIKE) على تعليق للمخرج شربل خليل على منشور يتعلّق بالسماح للمرأة السعودية بقيادة السيّارة على حسابه على “تويتر”، فالتقط عيتاني صورة إشارة الإعجاب ونشرها على حسابه على “تويتر” مستهجنًا أن يصدر مثل هذا الموقف عن موظّف في الدولة اللبنانية فما كان من الحاج إلاّ أن دخلت إلى حسابه وعلّقت بالتالي:”بالخطأ عزيزي” فقام بحذف الصورة عن صفحته لإقرارها بالخطأ، وعندما علم أنّه تمّ إبعادها عن مركزها كرئيسة لمكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية اتصل بزوجها المحامي زياد حبيش وأخبره بنيّته أنّه لم يقصد أن تصل الأمور إلى هذا الحدّ فأبلغه الزوج بتسوية الأمر متلفّظًا بعبارة”مشي الحال” وانتهت المكالمة. وهنا سأل عيتاني كيف تقول الحاج إنّها لا تعرفني وأنا من اتصل بزوجها معرّفًا عن نفسي ومهنتي ومسؤوليتي عن الصورة التي أحدثت كلّ ذلك؟
“التنقير” والتلفيق
وكشف عيتاني أنّه في اليوم الثالث من توقيفه لدى المديرية العامة لأمن الدولة، وكان نهار سبت، وكان معلّقًا من ذراعيه بالسقف بعد جولات تعذيب وتهديدات باغتصابه وبالاعتداء على عائلته، دخل المحقّق جبران ميسي إلى الزنزانة الموجود فيها و”فكّ قيودي وعرض عليّ سندويش من مطعم “كبابجي” وسألني:”ليش بعتت السكرينشات لأسعد بشارة؟” وكان يومها مستشارًا للوزير أشرف ريفي الرئيس السابق للحاج في قوى الأمن الداخلي، فاستوضحته عن أيّ “سكرينشات” يتحدّث فأجاب:”سوزان الحاج”.
وقال عيتاني إنّه فوجئ بهذا الأمر وأخبر المحقّق أنّه حذف التعليق كلّه عن صفحته على “تويتر” فأجابه الأخير:”ايه خود لكين هيدي هديتها.. بس نسوي الموضوع زبطلي اياها بإفادتك بتقول انو المشغّلة الاسرائيلية تبعيتك طلبت منك تنقّر ع سوزان الحاج لأنّها أحبطت عملية قرصنة إسرائيلية كبرى. وطلب مني التفكير بهذا العرض وانصرف.
وتابع عيتاني: في اليوم التالي حضر ميسي والمحقّق الآخر إيلي برقاشي إلى زنزانتي وسألني عن قراري فقاطعه برقاشي قائلًا:” خلص بقا شو بدك بهالشغلة، بلا ما تحط اسمها للمقدّم بالمحضر”.
وذكّر عيتاني بأنّه سبق للمقدّم سوزان الحاج أن فبركت تهمة التعامل مع العدوّ الإسرائيلي للشاب ك.ح. في العام 2015 على خلفية مقال شاركه على صفحته على “الفايسبوك” وطلب سماع أقواله، غير أنّه لا لطوف لا الخوري اقتنعا بالفكرة، مع أنّه يفترض بالنيابة العامة أن تتحرّك بغضّ النظر عن اسم الشخص والصلاحية تابعة لها حتمًا.
الخوري يترك التقدير للمحكمة!
ثمّ أبدى القاضي غسّان الخوري مطالعته فتحدّث عن وجود تسوية سياسية في الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية، وقال إنّ تمييز الحكم لم يكن بقصد محاكمة نوايا الحاج وإنّما لأصل الموضوع الذي تجاهله مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية الدائمة القاضي بيتر جرمانوس وإنْ كان له الحقّ بطلب البراءة وهو ينصبّ على طريقة التحقيق مع عيتاني ودفعه إلى الاعتراف بأنّه عميل. والغريب أنّ عيتاني قدّم شكوى أمام النيابة العامة التمييزية قبل سنتين ونيّف وتحديدًا في تشرين الثاني 2018 ووزّعت بين القضاء العسكري والقضاء العدلي ويمكن للقاضي الخوري الاستفسار عنها وإعادة تحريكها بالشكل القانوني المناسب ما دامت الغاية إعادة الاعتبار إلى عيتاني ومعرفة الحقيقة في هذه القضيّة.
وسأل لطوف الخوري ماذا يطلب للحاج فأجابه بأنّه يترك التقدير للمحكمة!
وترافع وكيل الحاج الوزير السابق المحامي رشيد درباس فاستغرب حديث الخوري عن”إبرام تسوية”، مذكّرًا بأنّ القاضي السابق بيتر جرمانوس “طلب البراءة لموكّلتي ولم يترك لي ما أقوله”، واستعاد مقولة قيام أمن الدولة بمراقبة عيتاني بسبب دفاعه عن المخرج زياد الدويري الذي خالف قانون مقاطعة إسرائيل وقام بعملية تطبيع.
وأعطي الكلام الأخير للحاج فأنكرت معرفتها بالممثّل عيتاني واستعرضت تاريخها في قوى الأمن.
“محكمة” – الثلاثاء في 2021/4/13