أبرز الأخبارعلم وخبر

الجمع بين نائب عام مالي ورئاسة “الصندوق” وعضوية الهيئة المصرفية ليس ضروريًا لكنّه عُقِد للقاضي علي ابراهيم/علي الموسوي

المحامي المتدرّج علي الموسوي:
ليس صحيحًا ما يجري تداوله في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ويتناقله الرأي العام دون انتباه وتدقيق، من أنّ النائب العام المالي هو حكمًا، رئيس مجلس إدارة صندوق تعاضد القضاة، أو عضو في الهيئة المصرفية العليا لدى مصرف لبنان، فليس هناك من رابط قانوني يقضي بجمع هذه المراكز الثلاثة معًا ودفعة واحدة، لا بالعكس يجب ألّا يعيّن أيّ نائب عام مالي عضوًا في الهيئة المصرفية المذكورة للحؤول دون حصول تضارب قانوني إذا ما حصلت ملاحقة قضائية لحاكم مصرف لبنان الذي يرأس هذه الهيئة.
وإذا كان القاضي الدكتور علي ابراهيم الذي يحال على التقاعد في 10 نيسان 2025، قد استحوذ على المراكز الثلاثة المذكورة معًا وعُقد لواؤها له، وهذا ما حدث للمرّة الأولى في تاريخ النيابة والصندوق والهيئة وبالتالي في تاريخ القضاء اللبناني، فليس هذا الأمر قاعدة على الإطلاق، أو يجب العمل بها دومًا وبصورة مستمرّة وأكيدة.
وينمّ الترويج عن “وجوب” الجمع بين هذه المراكز الثلاثة معًا عن عدم معرفة وقلّة خبرة بالشؤون القضائية العامة وليس خباياها، كما يدلّ عن عدم امتلاك قدرة البحث والتنقيب والإطلاع أو الإستفسار، وهو أضعف الإيمان، عن تاريخ النيابة العامة المالية ومن شاءت الأقدار والسياسة أن يتولاها، ومن استلم رئاسة مجلس إدارة صندوق تعاضد القضاة، أو أن يكون عضوًا في الهيئة المصرفية العليا لدى مصرف لبنان.
فالنيابة العامة المالية أنشئت لدى النيابة العامة التمييزية بمقتضى المادة 31 من المرسوم الاشتراعي رقم 150 تاريخ 1983/9/16، أيّ أنّها وضعت تحت سلطة النائب العام التمييزي. ولم تبصر النور فعليًا وعمليًا إلّا في العام 1991 بموجب المرسوم رقم 1937 الصادر بتاريخ 1991/11/16 ، مع أنّه جرى تعيين نائب عام مالي في العام 1990 هو القاضي حسين حمدان الذي انتقل إليها من رئاسة الهيئة الاتهامية في بيروت كمحكمة استئنافية فمكث سنتين، ثمّ عيّن رئيسًا لديوان المحاسبة في العام 1992 خلفًا للقاضي عبدالله ناصر الذي يعتبر أوّل قاض من الطائفة الشيعية يعيّن رئيسًا لديوان المحاسبة في العام 1990 مع إقرار إتفاق الطائف وما تخلّله من توزيع جديد لوظائف الفئة الأولى في الجمهورية اللبنانية.
وعيّن القاضي أحمد تقي الدين نائبًا عامًا ماليًا لغاية العام 1999، وخلفه القاضي خليل رحّال لغاية تقاعده في العام 2008، وبقي المنصب شاغرًا كونه محسوبًا من حصّة الطائفة الشيعية ضمن التوزيع الطائفي المعمول به في لبنان، وذلك لغاية تعيين القاضي علي ابراهيم فيه خلال العام 2010.
ولم يستلمّ القضاة حمدان وتقي الدين ورحّال رئاسة مجلس إدارة صندوق تعاضد القضاة، ولم يعيّنوا أعضاء في الهيئة المصرفية العليا لدى البنك المركزي.
أمّا صندوق تعاضد القضاة، فقد أسّسه القاضي عبد الله ناصر في العام 1984، بالتعاون مع قضاة آخرين، وأنيطت به رئاسة أوّل مجلس إدارة تألّف منه ومن القضاة بشارة متّى ورشيد مزهر وديب درويش ومنح متري وعفيف المقدّم(عن ديوان المحاسبة) وسليم سليمان(عن مجلس شورى الدولة). ولم يكن ناصر نائبًا عامًا ماليًا، ولكنّه كان قبل سبعة عشر عامًا أيّ في العام 1967 عضوًا في الهيئة المصرفية العليا لدى مصرف لبنان.
وفي العام 1993 عيّن القاضي عفيف شمس الدين رئيسًا لمجلس إدارة الصندوق المذكور، وكان يشغل مركز رئيس محكمة الاستئناف في بيروت منذ العام 1992، ثمّ تولّى رئاسة محكمة التمييز الجزائية في العام 1997 وبقي رئيسًا لمجلس إدارة الصندوق، إلى أن تقاعد في العام 2008. وخلت سيرته القضائية من أيّ تعيين في النيابة العامة المالية والهيئة المصرفية العليا.
وفي العام 2009، عيّن القاضي عبد اللطيف الحسيني رئيسًا لمجلس إدارة صندوق تعاضد القضاة، وكان مركزه الرئيسي في القضاء، رئيس محكمة استئناف في الشمال والرئيس الأوّل لمحاكم الاستئناف هناك منذ العام 2000، وقد بقي رئيسًا لمجلس إدارة الصندوق سنتين لغاية انتقاله إلى منصب مفوّض الحكومة لدى مجلس شورى الدولة في العام 2010 والذي استمرّ فيه لغاية تقاعده في العام 2016، وحلّ مكانه في رئاسة مجلس إدارة الصندوق القاضي علي إبراهيم في العام 2010 بموازاة استلامه منصب نائب عام مالي. ولم يعيّن القاضي الحسيني عضوًا في الهيئة المصرفية العليا طوال مسيرته القضائية.
وعيّن القاضي سامي منصور عضوًا في الهيئة المصرفية العليا لدى مصرف لبنان في العام 2008 بموازاة تعيينه رئيسًا لمحكمة التمييز المدنية للمرّة الأولى في العام 2008، ولم يتسنّ له أن يرأس مجلس إدارة صندوق تعاضد القضاة، بل شغل موقع رئيس معهد الدروس القضائية بالإنتداب في العام 2007 بعد تقاعد القاضي شبيب مقلّد في العام 2006.
أمّا بخصوص الهيئة المصرفية العليا لدى مصرف لبنان فأنشئت بموجب المادة العاشرة من القانون رقم 28 الصادر بتاريخ 1967/5/9، على أن يكون أحد أعضائها الخمسة، قاضيًا عاملًا منذ عشر سنوات على الأقلّ، واتفق عرفًا على أن يكون من حصّة الطائفة الشيعية، ولم يرد في النصّ تحديد طائفة رئيس الهيئة الذي هو حاكم مصرف لبنان، وبالتالي عرفًا من الطائفة المارونية، وكذلك الأمر بخصوص الأعضاء الثلاثة الباقين.
ويعتبر القاضي عبدالله ناصر أوّل قاض من الطائفة الشيعية يعيّن عضواً في الهيئة المصرفية العليا لدى المصرف المركزي خلال عهد الحاكم الياس سركيس الذي صار في ما بعد رئيسًا للجمهورية.
وقد تعاقب على عضوية هذه الهيئة بعد ناصر، عدد من القضاة نذكر منهم: شبيب مقلّد منذ العام 1999 ولغاية تقاعده في 4 نيسان 2006، وسامي منصور منذ العام 2008 وإلى حين تقاعده في 25 كانون الأوّل 2013، ثمّ علي إبراهيم في العام 2014 ولغاية إحالته على التقاعد.
“محكمة” – الأحد في 2025/3/23
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً على أيّ شخص، طبيعيًا كان أم معنويًا وخصوصًا الإعلامية ودور النشر والمكتبات منها، نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، كما يمنع نشر وتصوير أيّ خبر بطريقة الـ”screenshot” وتبادله عبر مواقع التواصل الإجتماعي وتحديدًا منها “الفايسبوك”، و”الواتساب”، و”اكس”، و”الإنستغرام”، و”التلغرام”، ما لم يرفق باسم “محكمة” والإشارة إليها كمصدر، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!