الشيكات المصرفية الموجّهة للخزينة في خطر فمن يعالج الثغرات؟
كتبت نسرين نصّار:
يوماً بعد يوم تزداد مخاطر التداول بالشيكات المصرفية الموجّهة إلى “حضرة أمين صندوق الخزينة المركزي”، إذ بات اختلاس قيمتها وسرقتها وإساءة الائتمان من الجرائم المفتعلة عن سابق إصرار وترصّد، ممّا بات يستدعي معالجة جذرية من أهل الحلّ والربط قبل فوات الأوان، خصوصاً في ظلّ الورود الكبير والكثير لهذه الجرائم وبهذه الحالات تحديداً إلى دوائر التحقيق والمحاكم اللبنانية.
وصار الأمر يحتاج إلى تحديد الغاية من تسديد هذا المبلغ المالي، بمعنى حصر التسديد بذكر المعلومات المتعلّقة بماهية الموضوع، فإذا كان لشراء عقار على سبيل المثال، فإنّه يتوجّب ذكر رقم العقار تحديداً وحصراً في إحدى خانات وسطور الشيك المصرفي، وهذا التصرّف الحمائي يمنع التلاعب بالشيك وقيمته المالية والتصرّف به كيفما اتفق.
ومن الحالات التي عرفت بها “محكمة” ما قدّمه المحامي علي كمال عبّاس بوكالته عن أشخاص ضمن شكاوى مباشرة إلى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان واتخذ فيها صفة الادعاء الشخصي، وفيها أنّ م.د. أوهم شركة عقارية أنّ بإمكانه تنفيذ معاملة تسجيل عقود بيع وإنشاءات وتأمين على أحد العقارات واستلم لهذه الغاية عقود البيع ورخص البناء والخرائط وعقود التأمين ومبالغ مالية نقدية مثبتة بإيصالات موقّعة منه، بالإضافة إلى أربع شيكات مصرفية باسم”حضرة أمين صندوق الخزينة المركزي” بملايين الليرات(128 مليون و750 ألف ليرة)، وذلك لاستعمالها في تسديد رسوم تسجيل عقود البيع على هذا العقار ورسوم الإنشاءات، إلاّ أنّه تبيّن أنّه لم يستعملها في هذه المعاملة، وإنّما في معاملات أخرى لا علاقة للشركة صاحبة الشيكات بها.
وعلى الرغم من مطالبة م.د. بإعادة الأموال والمستندات المسلّمة إليه إلاّ أنّه ثابر على التهرب من أصحاب الشركة الذين اضطرّوا إلى إنذاره أصولاً بواسطة كاتب بالعدل، لكنّه لم يرتدع.
وإزاء تفشّي هذه الظاهرة، بات يتوجّب على القضاء التشدّد في الملاحقة وإشهار سيف التوقيف وعدم الاكتفاء بالادعاء بموجب المادة 671 من قانون العقوبات التي تطال كلّ من تصرّف بمبلغ من المال سلّم إليه لعمل معيّن ولم يرجعه ولم يبرئ ذمّته يعاقب بالحبس حتّى سنة مع غرامة مالية وعطل وضرر، لأنّ هذه الجنحة البسيطة تفيد الفاعل وتشجّع سواه على التصرّف بأموال سواه.
ومثل هذه الحالة، عرفت في ملفّ اختلاس أموال عائدة للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي حيث كانت الشركات تسلّم معقّب المعاملات جورج بعينو شيكات مصرفية بقيمة الأموال اللازمة لتسديد اشتراكاتها ودفع المتوجّبات المالية عليها لهذا الصندوق، فيستغلّ هو الأمر وهذه الثقة، ويقوم بصرفها في غير الاتجاه المخصّص لها، والسبب خلو هذه الشيكات من تحديد الغاية المحدّدة من القيمة المالية الواردة فيها.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 13 – كانون الثاني 2017).