“العمّالي” وموظّفو الإتصالات يطعنون بقرار الجرّاح منح شركة خاصة احتكار الانترنت السريع
كتبت نسرين نصّار:
لم يمرّ قرار وزير الإتصالات جمال الجرّاح بشأن الإجازة لشركة “غلوبال داتا سرفيسز” تمديد ألياف بصرية في المسالك الهاتفية المحلّية، في القنوات القانونية المعتادة، ممّا رسم علامات استفهام كثيرة حوله، ولذلك بات موضوعَ طعنٍ أمام مجلس شورى الدولة، من أجل وقف تنفيذه أولّاً، ثمّ العمل على إبطاله بسبب تضمّنه شوائب ومخالفات تصبّ على الأقلّ، في خانة تجاوز حدّ السلطة.
هذا هو مآل المراجعة التي قدّمها المحامي علي عبّاس بوكالته عن الاتحاد العمالي العام ممثّلاً برئيسه الدكتور بشارة الأسمر، والنقابة العامة لموظّفي وعمّال المواصلات السلكية واللاسلكية الدولية في لبنان ممثّلة برئيسها المهندس جورج اسطفان، والموظّف محمّد موسى حمية، ضدّ الدولة اللبنانية ووزارة الإتصالات.
وكان الجرّاح قد أصدر في 11 أيّار 2017، القرار الرقم 365/1، والمتعلّق بالإجازة لشركة “غلوبال داتا سرفيسز” تمديد ألياف بصرية في المسالك الهاتفية المحلّية إبتداء من المراكز الهاتفية إلى المواقع المعروفة بالـ” Hand Holes”، وتركيب تجهيزات “Optical Splitter” داخل كلّ “Hand Hole” ومتمّماتها، وتمديد ألياف بصرية في المسالك الهاتفية المحلّية لربط الـ “Hand Hole” بالمباني، والهدف إحتكار الانترنت السريع.
ووصفت المراجعة صدور هذا القرار “بشكل مفاجئ ومشبوه ودون اعتماد الآلية القانونية والمتعارف عليها لجهة إجراء الدراسات والأسباب الموجبة والمبرّرة ودراسة الجدوى بالمقارنة مع إمكانيات مشغّلي القطاع الرسميين وتوفير المال العام”، معتبرة أنّ هذا القرار يحقّق “منافع خاصة لشركة “غلوبال سرفيسز” التي لا تملك أية خبرة بصدد الأعمال المحدّدة في القرار”.
وذكّرت مراجعة الإبطال الواقعة في 30 صفحة “فولسكاب”، بالفارق الكبير بين حصّة وزارة الاتصالات من هذا القرار والمحدّدة بـ 20% فقط من فواتير المشتركين الذين تقوم الشركة بربطهم على الشبكة بعد حسم بدل مرور الكابلات ورسم الربط الشهري على (Transmission) حسب مراسيم التعرفة ذات الصلة، في حين تتقاضى الشركة 80% من الإشتراكات وهي نسبة ستُسْتَتْبَع حتماً بتحقيق مبالغ وأرباح ضخمة تحرم الدولة منها”.
ونبّهت المراجعة المدروسة قانونياً بدقّة، إلى أمر في غاية الأهميّة يرتبط بـ “المسّ بديمومة عمل العمّال والمستخدمين في “هيئة أوجيرو” الذين كانوا يعوّلون على هذا المشروع نظراً لإلمامهم به، وللدراسات العديدة التي سبق وقاموا بها لهذه الجهة، وتمتّعهم بالخبرات والقدرات الكافية والواجبة لتنفيذ هذا المشروع، دون أن يكلّفوا الدولة اللبنانية أيّة أعباء أو مصاريف، وبمعنى آخر، هناك إمكانية لأنْ تحقّق الدولة الأرباح بدلاً من ذهابها إلى شركة خاصة، وبالتالي بدلاً من تحقيق منافع خاصة على حساب المنفعة العامة وهو أمر أقرّ به وزير الإتصالات الأسبق جبران باسيل بتاريخ 27/4/2009، عندما أعلن إنجاز “أوجيرو” لمشروع الألياف البصرية في الحمراء والأشرفية، وأكّد أهلية “أوجيرو” لتنفيذ هذا المشروع دون حاجة لشركات خاصة”.
وصوّبت المراجعة على مخالفة القرار للدستور اللبناني، وقانون الإتصالات، وقانون تنظيم عمليات الخصخصة، فضلاً عن مخالفته مبادئ المشروعية والعدالة والإنصاف والنزاهة والمساواة، ممّا يشكّل برأي مقدّميها “تجاوزاً لحدّ السلطة لعلّة مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتفسيره، ومخالفة المبادئ العامة، وانحراف السلطة، وإساءة إستعمالها”، وهذا يفضي حتماً إلى إبطال القرار، وتبقى هذه النتيجة رهن رأي الغرفة الأولى لمجلس شورى الدولة التي أودعت المراجعة لديها تحت الرقم 22235/2017.
“محكمة”- الإثنين في 10/07/2017.
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 25% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة”، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.