علم وخبر
القرار التأديبي وعدم النفاذ المعجّل ومرور الزمن على الأتعاب وطريقة الإيفاء/ناضر كسبار
ناضر كسبار (نقيب المحامين السابق في بيروت):
أكد رئيس محكمة استنئاف بيروت – غرفتها المدنية الحادية عشرة، القاضي أيمن عويدات، على الاجتهاد الذي سارت عليه محكمته وهو ان القرار الذي يصدر عن المجلس التأديبي في النقابة لا يتمتع بصفة النفاذ المعجل.
وبحث الرئيس عويدات بصفته رئيس الغرفة الناظرة في دعوى اتعاب المحاماة في مرور الزمن على الاتعاب. فاعتبر أن مرور الزمن الثنائي ينحصر في هذا الاطار بالاتعاب التي تعود للمحامي عن وكالته في الدعاوى او الطلبات التي يرفعها الى القضاء العدلي او الاداري نيابة عن موكليه، بدليل استخدام عبارتي “وكلاء الدعاوى” و”صدور حكم نهائي” وهو لا يتناول الاتعاب التي يطالب بها المحامي عن اعمال قانونية اخرى قام بها لمصلحة اي شخص والتي اجاز له القاضي القيام بها بوكالة او بغير وكالة كتلك المتعلقة بتقديم استدعاءات لاجهزة الدولة الادارية وتلك المشرفة على قوات الامم المتحدة في جنوب لبنان، والتي تخضع المطالبة بها لمرور الزمن العادي العشري.
كما اعتبر الرئيس عويدات ان بدء مرور الزمن يكون بتاريخ حصول العزل من الوكالة، ولا يؤخذ بتاريخ التبليغ للقول بسريان مدة مرور الزمن.
ولدى بحثه المعمق في مسألة الايفاء بالعملة الاجنبية، وكما سبق وان اصدرت المحكمة التي يترأسها قراراً مشابهاً، اعتبر الرئيس عويدات ان الوضع التشريعي اللبناني يجيز للمدين ان يدفع دينه المحدد بعملة اجنبية سواء بهذه العملة او اذا رغب بواسطة العملة اللبنانية ولا يحق للدائن ان يرفض ذلك، ولكن يحول الدين بالعملة الاجنبية الى العملة اللبنانية بالسعر الدارج المحدد في السوق الحرة والمتدالة في الاسواق العادية.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2025/2/20.
بناء عليه،
حيث ان المدعي يطلب الزام المدعى عليهم بدفع بدل اتعاب متوجبة له بصفته وكيلاً عنهم وعن بعض مورثيهم عن الاعمال التي قام بها لمصلحتهم والمتعلقة بالاراضي التي يملكون حق التصرف بها في بلدة علمان –مرجعيون، على مدى سنوات عديدة واستغرقت منه مجهوداً كبيرا ووقتاً وفيراً، وهي تلك المتعلقة باتفاقية الاتعاب الموقعة بينه وبعض المدعي عليهم ومورثيهم، وعن المصاريف التي تكبدها نتيجة هذه الاعمال، اضافة الى إلزام المدعى عليهم بتسديده مبلغ يقدره مؤقتاً لتسديد الرسم ب/180,000/د.أ. كبدل اتعاب عن الدعاوى والاعمال التي قام بها خارج اطار اتفاقية الاتعاب الموقعة بينهم، نتيجة فسخ العلاقة التعاقدية وعزله بصورة تعسفية وعلى مسؤولية المدعى عليهم.
وحيث ان المدعى عليهم يطلبون من جهتهم رد الدعوى لسقوط المطالب بمرور الزمن الثنائي كونهم قاموا بعزل المدعي وابلغوه العزل في 2011/9/17 بواسطة المحامي م. وهو وكيل قانوني عن المدعي، والمطالبة بالاتعاب تمت في 2014/1/28، اضافة الى ان المدعي قد توقف عن ممارسة مهنة المحاماة بسبب شطبه تأديبياً بتاريخ 2003/3/14 من جدول نقابة المحامين بحيث اضحى غير مؤهل لمتابعة مهامه كمحام عنهم، فيكون قد مر الزمن العشري بين تاريخ توقفه عن ممارسة مهنة المحاماة وتاريخ مطالبته بالاتعاب، اضافة الى عدم استحقاق الاتعاب لعدم تحقق شروط هذا الاستحقاق.
وحيث ان المستأنف يدلي بعدم إمكانية إعطاء قرار شطبه صفة النفاذ المعجل وان محكمة الاستئناف المختصة قد اوضحت ذلك بقرار فسخ قرار الشطب.
وحيث ان المستأنف بوجهها تدلي بوجوب اعتبار المدعي متوقفاً عن ممارسة مهنة المحاماة من تاريخ قرار شطبه تأديبياً وبالتالي فقدانه اهلية تمثيلها كمحام امام هذه المحاكم.
وحيث يقتضي التذكير في البدء الى انه لدى وجود نقص في القوانين والقواعد الاجرائية الاخرى، تتبع القواعد العامة في قانون أ.م.م. عملا باحكام المادة 6 من القانون الآنف الذكر.
وحيث إعمالاً لاحكام المادة 570 من قانون أ.م.م. لا تجوز مباشرة التنفيذ المعجل ان لم يكن مقرراً في الحكم الا في الحالات التي يكون فيها الحكم معجل التنفيذ، وتعتبر معجلة التنفيذ بقوة القانون على الاخص القرارات الصادرة في الامور المستعجلة او الاوامر الصادرة على العرائض والقرارات القاضية بتدابير مؤقتة او احتياطية في نطاق المحاكمة واي حكم او قرار ينص القانون على تعجيل تنفيذه.
وحيث انه من الثابت ان النظام الداخلي لنقابة المحامين في بيروت هو نتاج مجلس النقابة وليس صادراً عن مصدر تشريعي رسمي.
وحيث ولئن نصت المادة 110 من النظام الداخلي لنقابة المحامين في بيروت على صدور القرار التأديبي عن المجلس التأديبي معجل التنفيذ ولا يقف تنفيذه إلا بحكم من محكمة الاستئناف، إلا انه يقتضي البحث في مدى تلاؤم النص المذكور او تعارضه مع الاحكام القانونية العامة، علما انه على المحاكم التقيد بمبدأ تسلسل القواعد عملا باحكام المادة 2 من قانون أ.م.م.
وحيث ان القرارات التأديبية الصادرة عن المجلس التأديبي لنقابة المحامين تعتبر استدلالاً بأحكام المواد 101 و106 و108 و109 من قانون تنظيم مهنة المحاماة التي نصت على ان هذه القرارات هي احكام، وبالتالي يقتضي اعتبار القرارات التأديبية احكاماً تخضع للقواعد المطبقة على الاحكام الصادرة عن القضاء ولو لم تكن صادرة عن مرجعية قضائية رسمية بل عن مجلس تأديبي لنقابة ما تبعاً للوصف المعطى لها بموجب قانون تنظيم النقابة.
وحيث ان المادة 110 الواردة في النظام الداخلي لنقابة المحامين، التي نصت على تعجيل نفاذ القرار الصادر عن المجلس التأديبي، لا يمكن ان تتجاوز نص قانون أ.م.م. الذي يتقدم في التطبيق على نص النظام الداخلي لنقابة المحامين، علما انه وفقا لاحكام المادة 570 أ.م.م. يعتبر معجل التنفيذ اي حكم او قرار ينص القانون على تعجيل تنفيذه.
وحيث على هدي ما تقدم، لا يجوز اعتبار القرار التأديبي بشطب المدعي معجل التنفيذ في ظل عدم النص قانوناً على تعجيل تنفيذه، وان النص على تعجيل تنفيذ القرار التأديبي بموجب نظام لا يجوز تطبيقه لتعارضه مع النص الاعلى درجة والمنصوص عليه قانوناً، الامر الذي يؤدي الى اعتبار المدعي مستمرا بالتمتع بصفته كمحامٍ طيلة فترة النظر بالطعن الذي كان قد تقدم به ضد قرار شطبه تأديبياً من الجدول العام لنقابة المحامين في بيروت، لاسيما وان قرار شطبه من جدول نقابة المحامين في بيروت لا يتمتع بصفة النفاذ المعجل ولا يزال غير مبرم.
وحيث ان ما يعزز هذه الوجهة ويؤكدها هو نص المادة 111 من قانون تنظيم مهنة المحاماة التي تشترط انبرام قرار الشطب عن الجدول لالقاء عقوبة الحبس على كل محام مارس مهنة المحاماة بعد الشطب.
وحيث استنادا لما تقدم، يكون المدعي محتفظاً بصفته كمحام طيلة الفترة السابقة لعزله من قبل الجهة المدعى عليها، وترد ادلاءات هذه الاخيرة لهذه الناحية ومستوفيا سائر شروطه الشكلية، مما يتعين قبوله شكلا.
وحيث تجدر الاشارة الى انه عام 2002 نظم المدعى عليه م. وم. سائر المدعى عليهم المرحومين س. وس. وبعض المدعى عليهم وكالات للمدعي لمتابعة مصالحهم والمرافعة والمدافعة عن حقوقهم في العقارات الكائنة في بلدة علمان – مرجعيون.
وحيث يتبين ان المدعي قد مارس المهام الموكلة اليه عن طريق تقديم المراجعات القضائية المتمثلة بتقديم الدعاوى والمنازعات والمطالبات الادارية والمدنية والجزائية، او الاستدعاءات والمطالبات الادارية عن طريق تقديم الطلبات الى الاجهزة الادارية والمراجع المختصة في اجهزة الدولة او قوات الامم المتحدة.
وحيث انه في ما يتعلق بالدفع بمرور الزمن على المطالبة بالاتعاب، فإن المادة /349/م.ع. تنص على ان “مرور الزمن يتم في الاساس بعد انقضاء عشر سنوات”، في حين تنص المادة /352/م.ع. على انه “يسقط بمرور الزمن بعد سنتين حق دعوى المحامين ووكلاء الدعاوى من اجل اجورهم ومسلفاتهم. وتبتدئ المدة المشار اليها منذ صدور الحكم النهائي او من تاريخ عزلهم عن الوكالة”.
وحيث ان مرور الزمن القصير المنصوص عنه في المادة الاخيرة يشكل استثناء على مرور الزمن العادي اي العشري والمكرس في المادة الاولى المذكورة آنفا، بحيث انه يقتضي تفسير تلك المادة بصورة ضيقة وعدم التوسع في تحديد دائرة الحالات التي تشملها والمحددة بصورة مفصلة وحصرية فيها (وفي المادة /351/ م.ع.) وبالتالي فإن مرور الزمن الثنائي ينحصر في هذا الاطار بالاتعاب التي تعود للمحامي عن وكالته في الدعاوى او الطلبات التي يرفعها الى القضاء العدلي او الاداري نيابة عن موكليه، بدليل استخدام عبارتي “وكلاء الدعاوى” و”صدور حكم نهائي” وهو لا يتناول الاتعاب التي يطالب بها المحامي عن اعمال قانونية اخرى قام بها لمصلحة اي شخص والتي اجاز له القاضي القيام بها بوكالة او بغير وكالة كتلك المتعلقة بتقديم استدعاءات لاجهزة الدولة الادارية وتلك المشرفة على قوات الامم المتحدة في جنوب لبنان، والتي تخضع المطالبة بها لمرور الزمن العادي العشري.
وحيث انه تبعا لما تدلي به الجهة المدعى عليها لناحية مرور الزمن الثنائي على مطالب المدعي، فإنّه سنداً للفقرة 3 من المادة 352 موجبات وعقود يسقط بمرور الزمن بعد سنتين حق دعوى المحامين ووكلاء الدعاوى من اجل اجورهم ومسلفاتهم وتبتدئ المدة المشار اليها منذ صدور الحكم النهائي او من تاريخ عزلهم عن الوكالة وان حكم مرور الزمن عملا بالمادة 360 موجبات يعد بمثابة برهان على ابراء ذمة المديون وقرينة الابراء الناشئة عنه لا ترد ولا تقبل برهانا على العكس.
وحيث ان الدعوى الراهنة تتعلق بطلب اتعاب محاماة عن الدعاوى والمراجعات القضائية المشمولة باتفاقية الاتعاب موضوع النزاع وتلك غير المشمولة بهذه الاتفاقية، وبالتالي فإن منطلق بدء احتساب مرور الزمن على المطالبة بالاتعاب عنهما تبدأ، وفق صراحة مضمون الفقرة 3 من المادة 352 موجبات المتقدم ذكرها، منذ تاريخ صدور الاحكام النهائية او العزل عن الوكالة (وهي حالة النزاع الراهن).
– ادوار عيد، موسوعة الاصول المدنية، الجزء 2 المجلد 1 صفحة 274-273.
وحيث انه لا اجتهاد في معرض وضوح النص لهذه الجهة، اذ ان النص حدد بدء مرور الزمن بتاريخ حصول العزل عن الوكالة، وبالتالي لا يؤخذ بتاريخ التبليغ للقول بسريان مدة مرور الزمن من تاريخ التبليغ لتعارض ذلك مع صراحة مضمون الفقرة 3 من المادة 352 موجبات الآنف ذكرها، وحيث ان ما يدلي به المدعي لجهة المادة 808 موجبات وعقود، فان ذلك يتعلق بعلاقة الموكل والوكيل مع الغير وليس بعلاقتهما مع بعضهما البعض.
وحيث تبعا لما تقدم فانه يتبين ان افراد الجهة المدعى عليها قد قاموا بعزل المدعي عن الوكالة المعطاة له وذلك بموجب كتاب لدى الكاتب العدل بتاريخ 2011/9، وان المدعي قد انذر الجهة المدعى عليها وطالبها باتعابه عن الاعمال التي قام بها بموجب كتاب لدى الكاتب العدل بتاريخ 2014/1/28، فيكون قد مر اكثر من سنتين بين تاريخ عزل المدعي وتاريخ مطالبته باتعابه عن الدعاوى والمنازعات القضائية التي تقدم بها او دافع فيها عن حقوق الجهة المدعى عليها.
وحيث انه وعلى فرض استطراداً وجوب اعتماد تاريخ تبليغ العزل من المدعي كمنطلق لاحتساب بدء سريان مرور الزمن الثنائي (وذلك على سبيل الاستفاضة في البحث)، فانه يتبين ان كتاب عزل المدعي الآنف الذكر قد ابلغ من المحامي م. بتاريخ 2011/9/17.
وحيث يتبين ان المحامي م. يمارس مهامه كمحام في مكتب المدعي، وقد ورد اسمه مع المدعي في الوكالة المنظمة لمصلحة المدعي، وهو يحمل وكالة من المدعي بصفته صاحب مكتب محاماة وكيلا عن زبائن مكتبه، تجيز للمحامي الموكل حق المرافعة والمدافعة وتبلغ الاوراق، فيكون تبليغ العزل للمدعي قد تم وفقاً للأصول بواسطة المحامي في مكتبه الذي يحمل وكالة عنه بصفته محامياً عن زبائن مكتبه، ولا يردّ على ذلك بأنّ المحامي م. قد وقع بتبلغه العزل بالاصالة عن نفسه كون كتاب العزل موجهاً للمدعي والمحامي م. وسائر المحامين العاملين في مكتب المدعي على عنوان مكتبه وتبعاً لكون المحامي م. يعمل في مكتب المدعي، فيكون تبليغ العزل من المدعي بواسطة احد المحامين العاملين في مكتبه والحائز على توكيل منه صحيحاً، مع الاشارة الى انه لم يثبت قيام المدعي بأي عمل يتعلق بالمدعى عليهم بعد العزل فترد كافة الادلاءات المعاكسة.
وحيث بتحقق صحة تبليغ العزل في 2011/9/17 يكون قد انقضى كذلك اكثر من سنتين بين تاريخ تبليغ العزل وتاريخ المطالبة بالاتعاب، ما يجعل هذه المطالبة مردودة لمرور الزمن الثنائي، ما يتوجب معه رد مطالب المدعي المتعلقة بالاتعاب عن الدعاوى والمنازعات موضوع اتفاقية الاتعاب موضوع النزاع، وكذلك ردها بالنسبة للدعاوى والمنازعات غير المتعلقة بهذه الاتفاقية، لسقوط هذه المطالبات بسبب مرور الزمن الثنائي عليها.
وحيث ان مطالبة المدعي بالاتعاب تشمل كذلك الاعمال الادارية التي قام بها من مراجعات واستدعاءات ادارية بها بوكالته عن المدعى عليهم امام الاجهزة الادارية والدولية، وهي اتعاب ادارية لا تعتبر مشمولة بحكم مرور الزمن الثنائي كونها لا تعود للدعاوى والمنازعات، بل تخضع لمرور الزمن العادي العشري.
وحيث يتبين ان المدعي قام باعمال ومراجعات واستدعاءات ادارية متعددة مبينة في الاستحضار الاستئنافي وهي منفذة خلال عشر سنوات سابقة لعزله من الوكالة موضوع النزاع، ولا تعتبر مشمولة بالمواضيع المبينة في اتفاقية الاتعاب الموقعة بين الفرقاء، بحيث لا يكون قد انقضى ما بين هذه الاعمال المنجزة وتاريخ المطالبة بالاتعاب العائدة لها اكثر من عشر سنوات، الامر الذي يقتضي معه رد الدفع بمرور الزمن لهذه الجهة.
وحيث في ما يتعلق بتوجب الاتعاب عن هذه الاعمال، فإن المادة /68/ من قانون تنظيم مهنة المحاماة تنص على “للمحامي الحق ببدل اتعاب عن الاعمال التي يقوم بها ضمن نطاف مهنته وباستيفاء النفقات التي يبذلها في سبيل القضية التي وكل بها”.
وحيث ان كانت اتعاب المحاماة في البدء تعتبر من قبيل الموجبات الطبيعية وتندرج ضمن اطار الهدية او الاكرامية التي لا يجوز الزام الزبون بتأديتها، غير ان هذه النظرة تطورت مع الزمن ومع تطور الظروف الاقتصادية، بحيث تحولت الى حق للمحامي الوكيل وواجب على الموكل، فلا يجوز بالتالي افتراض تنازل الاول عنها او عدوله عن المطالبة بها بل يقتضي ان يكون التنازل واضحا وصريحا وان يفيد بشكل جلي نية المحامي الوكيل في تقديم خدماته بصورة مجانية ودون مقابل.
وحيث تبعا لكون هذه الاعمال غير مشمولة باتفاقية الاتعاب النافذة بين الفرقاء، فانه يقتضي على ضوء اهمية هذه الاعمال والوقت الذي استغرقته ووضعية كل من الفرقاء، تحديد اتعاب المدعي عن هذه الاعمال بمبلغ /20,000/د.أ.
وحيث في ما يتعلق بعملة ايفاء الاتعاب المحكوم بها، فإن المدعي يدلي بوجوب الزام المدعى عليه بتسديد بدل الاتعاب بالدولار الاميركي او بالليرة اللبنانية استنادا لسعر الصرف الرائج بتاريخ دفعه.
وحيث من المشاهد والمعتاد في لبنان إستناد الفرقاء في العلاقات التجارية والمالية فيما بينهم على التعامل بالعملة الاجنبية، كمثل قيام المدعي بالمطالبة باتعابه بالعملة الاميركية في النزاع الراهن وإدلاء المدعى عليه بان الاتعاب المذكورة لا تتعدى مبلغاً معيناً بالعملة الاميركية، وكذلك وفق المشاهد من اعتياد المحاكم اللبنانية في احكامها على تحديد مقدار الالزامات المالية والنقدية التي تحكم بها بالعملة الاجنبية او ما يعادلها بالعملة اللبنانية بتاريخ الدفع.
وحيث انه بسبب الانهيار المالي والنقدي والاقتصادي في لبنان وهبوط سعر صرف الليرة اللبنانية، ومع وجود اكثر من سعر صرف للعملة المحلية في السوق اللبنانية مقابل الدولار الاميركي، وجدت العقود المبرمة في كافة عمليات البيع والشراء او الايجارات او التعاملات المصرفية سواء بالعملة اللبنانية او بالعملة الاجنبية في كافة المواضيع، طريقها نحو نزاعات متعددة ادت الى إقامة دعاوى قضائية امام المحاكم بمختلف درجاتها.
وحيث انه لا بد اولاً من التأكيد انه لا يمكن للمحاكم والفقه الحلول محل مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والنقدية في إيجاد الحل للانهيار الذي يشهده لبنان، بل جل ما يمكن لهما فعله هو محاولة حل ما يثار من نزاعات بسبب الانهيار النقدي بين الاشخاص، وذلك وفق القواعد والمبادئ التي يقوم عليها النظام القانوني اللبناني الوضعي، وليس ايجاد حلولا عامة اقتصادية ونقدية ووقف الانهيار المالي والنقدي.
وحيث ان المسألة لهذه الجهة تتعلق بمدى جواز اشتراط الايفاء بالعملة الاجنبية، وما اذا كان بطلان هذا الشرط يؤدي الى ابطال العقد ككل، وفي حال الاتفاق على التعامل بالعملة الاجنبية، ما اذا كان يحق للمدين ابراء ذمته بالعملة الوطنية.
وحيث انه بالنسبة للعقود الداخلية، فإن المادة /166/ موجبات وعقود تنص على ما حرفيته:
“ان قانون العقود خاضع لمبدأ حرية التعاقد، فللأفراد ان يرتبوا علاقاتهم القانونية كما يشاؤون بشرط ان يراعوا مقتضى النظام العام والآداب العامة والاحكام القانونية التي لها صفة إلزامية”.
وحيث ان القرض هو عقد وفقاً للمادة /729/ موجبات وعقود، فيكون خاضعا بالتالي لمبدأ حرية التعاقد.
وحيث ضمن الاطار نفسه فان المادة /299/ موجبات تنص على انه “يجب ايفاء الشيء المستحق نفسه، ولا يجبر الدائن على قبول غيره وان كان اعلى قيمة”، وتجدر الملاحظة بان هذا النص قد ورد بشكل عام بخلاف المادة /1243/ قانون الفرنسي التي كرست القاعدة ذاتها، فالنص الفرنسي لا يطبق على الديون المحررة بالنقد التي خصها القانون بأحكام معينة تطبق عليها وحدها وردت في المادة /1243/ المعدلة ق.م.ف. والخاص يلغي العام فلا تجوز المقارنة بين الوضعين اللبناني والفرنسي لهذا السبب ايضا.
وحيث ان القانون اللبناني لم يتعامل اصلا مع الديون المحررة بالنقود بأحكام خاصة، لا في مجال الايفاء بشكل عام، ولا في ما يخص قرض الاستهلاك او الوديعة المتعلقة بمال، وذلك بخلاف القانون الفرنسي، وبالنسبة للوديعة المصرفية، نصت المادة /307/ تجارة على ان المصرف الذي يتلقى على سبيل الوديعة مبلغا من المال يصبح مالكا له، ويجب عليه ان يرده بقيمة تعادله، فكلمة “تعادله” لا تحمل اي معنى خاصا وانما تحيل الى المادة /691/ موجبات التي عطفت عليها المادة /761/ من القانون ذاته المتعلقة بالوديعة والتي فرضت رد “ما يضارع الشيء المقرض (او المودع) نوعا وصفة” فكلمة تعادل تحمل ذات المعنى ولا تخصص الودائع المصرفية بأحكام خارجة عن نطاق النص العام.
وحيث انه كذلك تنص المادة /301/ من القانون عينها على انه “عندما يكون الدين مبلغا من النقود يجب ايفاءه من عملة البلاد. وفي الزمن العادي حين لا يكون التعامل إجباريا بعملة الورق، يظل المتعاقدون احراراً في إشتراط الإيفاء نقوداً معدنية معينة او عملة اجنبية”، ونص المادة /301/ ورد بالفرنسية على الشكل الاوضح التالي (علما ان النص وضع اصلا بالفرنسية وتمت ترجمته الى العربية في ما بعد)
“Lorsque la dette est d’une somme d’argent, elle doit étre acquittée dans la monnaie du pays
En période normale et lorsque le cours forcé n’a pas été établi pour la monnaie fiduciaire, les parties sont libres de stipuler que le paiement aura lieu en espéces métalliques déterminées ou en monnaie étrangére »
وحيث انه يتبين بجلاء مما تقدم، انه يجوز للمتعاقدين ان يتفقا ويشترطا ان يكون العقد بالعملة الاجنبية، مع ما يترتب على ذلك من مفاعيل قانونية ومنها إلتزام المقترض، عملا بأحكام المادة /299/موجبات وعقود، بإيفاء الشيء المستحق نفسه”، اي برد المبلغ المدين بالعملة الاجنبية المتفق عليها.
وحيث ان المادة /249/ موجبات وعقود توجب على المدين ايفاء الدين بالعملة التي التزم بها، ولم يرد في الفصل المتعلق بقرض الاستهلاك نص يتعلق بإيفاء الديون المحررة بالعملة، فحكم هذه الديون هو حكم اي التزام آخر. وما ورد في المادة 691 موجبات (وهو يسري كذلك على الوديعة بمقتضى المادة (761) يختلف تماما عما ورد في القانون الفرنسي اذ فرضت هذه المادة على المقترض “ان يُرجع ما يُضارع الشيء المقرض نوعا وصفة “qualité et quantité” وذلك بخلاف المادة /1895/ق.م.ف. التي حصرت واجب اعادة مثل النقود بالكمية ذاتها فقط.
وحيث انه في عام 1963 صدر قانون النقد والتسليف الذي تضمن في المادة /192/ منه “تطبق على من يمتنع عن قبول العملة اللبنانية بالشروط المحددة في المادتين /7/ و/8/ عقوبات المنصوص عليها بالمادة /319/ عقوبات” فيقتضي بيان تأثير هذه المادة على ما تضمنه قانون الموجبات والعقود لجهة حرية تعامل الفرقاء في العقود بالعملات الاجنبية.
وحيث ان المادة /7/ من قانون النقد والتسليف كما تعدلت بالقانون رقم 361 تاريخ 1994، التي تعطف عليها المادة /192/ مشار اليها في ما سبق، نصت على انه “للأوراق النقدية التي تساوي قيمتها الخمسماية ليرة وما فوق قوة ابرائية غير محدودة في اراضي الجمهورية اللبناني”.
وحيث ان بعض الفقهاء اعتبروا ان المادة /192/ نقد وتسليف المذكورة لا علاقة لها بحرية التعاقد وهي فقط تتعلق بالعقود الجارية بالعملة اللبنانية، إلا انه يتبين ان نص المادة المذكورة قد جاء مطلقا دون اي تمييز بين التعامل في العقود على إطلاقها، وهي قد جاءت ضمن قانون صدر بتاريخ لاحق لقانون الموجبات والعقود بحيث ان لها افضلية التطبيق على الحالات المنصوص عنها في هذا القانون، اذ تعتبر معدلة لبعض احكامه.
وحيث ان المادة /192/ نقد وتسليف قد نصت على عقوبات جزائية على من يرفض استيفاء دينه بالعملة اللبنانية، فهي إذن منشئة لقاعدة جزائية إلزامية واجبة التطبيق، ولا يمكن حصر ذلك بالاوراق النقدية فقط بل يطال التعامل بهذه الاوراق سواء تم من خلال العملة الورقية او عن طريق التحويل او سائر الدفع الالكترونية بالعملة اللبنانية، اذ ان هذا التعامل الاخير يبقى مماثر للتعامل بالعملة الورقية، واما الاشارة الى الشروط المحددة في كل من المادتين /7/ و/8/ من قانون النقد والتسليف فهي تعود لمقدار العملة وليس لنوعيتها اكانت ورقية او مستندية.
وحيث تبعاً لذلك فإنّ المادة /192/ نقد وتسليف لا تجيز للدائن ان يرفض استيفاء دينه بالعملة اللبنانية سواء كان هذا الدين بالعملة الاجنبية او بالعملة اللبنانية، ويقتضي على الدائن ان يقبل وفاء دينه المعقود بالعملة الاجنبية عن طريق التسديد بالعملة الوطنية.
وحيث ضمن الوجهة نفسها، فإن السيادة الوطنية للدولة اللبنانية توجب ان يتم التعامل في لبنان بالعملة الوطنية.
وحيث ان هذا الواجب المتعلق بالقبول بالتسديد بالعملة الوطنية ليس من شأنه ان يطال صحة التعاقد الذي يبقى قائما وصحيحا تبعا لحرية التعاقد، اذ ان المنع يقتصر على إلزامية تسديد الدين بالعملة الاجنبية فقط وذلك فقط اذا رغب المدين بالتسديد بالعملة الوطنية، ان هذه العقود تبقى قائمة وصحيحة في مندرجاتها كافة، ويمكن للفرقاء ان يتابعوا تنفيذها بكل حرية وبالعملة المتفق عليها، إلا اذا رغب المدين بتسديد دينه بالعملة الوطنية عندها يتوجب على الدائن القبول بذلك.
وحيث انه تبعا لما تقدم، فإنه يقتضي تحديد سعر صرف العملة الاجنبية في حال استعمالها كأداة للوفاء من قبل المدين، وفي ما اذا كان هنالك سعر رسمي لها او اسعار اخرى محددة بالقرارات الادارية الصادرة عن مصرف لبنان التي تعتمد سعر السوق الحرة لتحديد سعر الصرف.
وحيث لهذه الجهة فانه يتبين ان النظام التشريعي اللبناني الوضعي يستند الى المبادئ والنصوص التالية:
– اعتماد لبنان في الفقرة “و” من الدستور على النظام الاقتصادي الحر الذي لا يعترف بتحديد سعر رسمي لتبادل العملات، فتحديد سعر صرف العملة الوطنية تجاه الدولار برقم محدد يستحيل في لبنان حيث انه لا يأتلف مع النظام الاقتصادي الحر، واعتماد نظام اقتصادي موجه يصطدم بالواقع الاقتصادي المحلي الذي يقوم على التبادل التجاري لا على الانتاج.
– المادة 2 من قانون النقد والتسليف تنص على ان القانون يحدد قيمة الليرة اللبنانية بالذهب الخالص.
– المادة 192 من قانون النقد والتسليف التي تعاقب من يرفض استيفاء الدين بالعملة الوطنية.
– عدم وجود نص في القانون اللبناني يتكلم عن صرف العملة الاجنبية بالسعر الرسمي للعملة الوطنية.
– المادة 229 من قانون النقد والتسليف التي تنص على ما يلي:
“ريثما يحدد بالذهب سعر جديد لليرة اللبنانية بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي وريثما يثبت هذا السعر بموجب قانون وفقا للمادة الثانية، يتخذ وزير المالية الاجراءات الانتقالية التالية التي تدخل حيز التنفيذ بالتواريخ التي سيحددها.
يعتمد الليرة اللبنانية، بالنسبة للدولار الاميركي المحدد بـ 0,888681 غرام ذهب خالص سعر قطع حقيقي اقرب ما يكون من سعر الحرة يكون هو “السعر الانتقالي القانوني” لليرة اللبنانية…”
– وجوب اعتماد السعر الرائج وفق ما نصت عليه المادة 432 تجارة لجهة دفع قيمة الشيك بالعملة اللبنانية وفق السعر الدارج.
– لا يمكن القول بسعر رسمي للدولار الاميركي في لبنان وهذا ما اخذت به هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل في رأيها رقم 1985/881 تاريخ 1985/10/9، ويجب تدخل المشترع لتحديد هذا السعر الرسمي ولا يمكن لمصرف لبنان ان يقوم بذلك، اذ لا صلاحية له بذلك ويكون كل ما قام به المصرف المركزي بتحديد سعر رسمي للصرف مخالفا للقانون، فلا يمكن لتعاميم المصرف المذكور ان تعدل وضعيات قانونية حددتها النصوص التشريعية الدستورية او العادية او المبادئ العامة.
– ولو فرضنا ان المادة 70 من قانون النقد والتسليف اعطات المصرف المركزي كمهمة عامة المحافظة عل ىسلامة النقد واستقرار الوضع النقدي والاقتصادي، فان ذلك يتم من خلال الاحكام القانونية والمبادئ الاساسية المعتمدة في النظام اللبنانية واولها نظام الحرية الاقتصادية وحرية الاسواق بما فيها حرية التداول بالعملات النقدية، وبالتالي صلاحية مصرف لبنان تكون من خلال التدخل في السوق شاريا او بائعا لاستقرار سوق القطع.
– ولو افترضنا جدلا جواز وجود سعر رسمي للدولار الاميركي محدد من مصرف لبنان فان ذلك غير متداول بشكل حر بين الناس لا يمكن الحصول على هذا السعر إلا محاسبيا وبالشروط المفروضة من المصرف المذكور وتمتنع المصاريف والصيارفة عن تسليم الزبائن بهذا السعر، وبالتالي فهو غير متاح للكافة ولذلك لا يمكن اعتبار ان هذا السعر المحدد هو المتداول.
وحيث انه لو كان القانون اللبناني يعتمد النظام الاقتصادي الموجه لكان حدد سعر الصرف الرسمي في السابق وجرت ملاحقة من يخالفه دون ان يقوم المصرف المركزي بصرف اموال طائلة للتدخل في سوق القطع عن طريق شراء وبيع العملات للحفاظ عل ىثبات سعر الصرف طوال الفترة التي استقر فيها سعر الدولار على مبلغ 1500 ليرة.
وحيث ان ما يعزز عدم صلاحية مصرف لبنان بتحديد سعر صرف رسمي لليرة اللبنانية إزاء العملات الاجنبية، هو السوابق في الاوضاع القانونية، اذ انه في سنة 1973، وبعدما قررت الحكومة الاميركية تخفيض قيمة الدولار الاميركي نسبة الى الذهب اتخذ مجلس الوزراء في 21 اذار 1973 قراراً بتكليف وزير المالية تحديد سعر انتقالي جديد، وبالفعل اصدر وزير المالية القرار الرقم 883 في 28 اذار 1973 بحيث نص على ان الضرائب والرسوم التي تستوفيها الدولة وسائر مصالح القطاع العام عن المبالغ المحررة بالعملات الاجنبية تحسب على اساس متوسط اسعار القطع الفعلية في سوق بيروت التي تكون قد تحققت خلال الفترة المتراوحة ما بين الخامس والعشرين من كل شهر والخامس والعشرين من الشهر الذي يليه، وقد تم تصديق هذه الاجراءات بموجب القانون الموضوع موضع التنفيذ بموجب المرسوم الرقم 6104 تاريخ 1973/10/5 وفي النهار نفسه تم منح الحكومة بموجب القانون الموضوع موضع التنفيذ بالمرسوم رقم 6105 تاريخ 5 تشرين الثاني 1973 صلاحية تحديد سعر انتقالي جديد للذهب، اذ نصت المادة الاولى على التالي:”ريثما يصبح بالامكان تطبيق احكام المادة الثانية من قانون النقد والتسليف تعطى الحكومة لمدة ستة اشهر من تاريخ نشر هذا القانون، صلاحية تحديد سعر انتقالي قانوني جديد لليرة اللبنانية بعد استشارة مصرف لبنان وصندوق النقد الدولي”. ولم يتبين ان الحكومة قد استخدمت هذا القانون، علما ان موازنة سنة 1985 منحت في المادة 51 منها وزير المالية صلاحية تحديد سعر الدولار لاحتساب رواتب الدبلوماسيين العاملين في الخارج”.
وحيث انه بالنظر للاسباب التي ذكرت في ما سبق وبسبب ان ما سمي سعر الصرف الرسمي للدولار الاميركي غير صحيح بدليل ان من حدده لا صلاحية له بذلك،، وهو نفسه لا يلتزم به في التعامل المصرفي، اذ حدد لكل من العمليات المصرفية او عمليات تحويل الاموال سعرا مختلفا، ما يثبت معرفة الجهات المصرفية بعدم قانونية تحديد ما سمي سعر رسمي للعملات الاجنبية، والعبارة الصحيحة لوصف ما تم تسميته بالسعر الرسمي هي السعر المدعوم.
وحيث ان ما وضعه الشارع في القانون 2020/193 لجهة ما يسمى بالدولار الطالبي ولمرة واحدة فقط وبشكل ظرفي ولا يمكن ان يتعداه ليشمل تعديل طبيعة الاقتصاد والسوق الحرة المحمية بالدستور، ولا اثر لتمديد مفاعيل هذا القانون لسنة تالية.
وحيث كذلك فان ما اعتمدته التعاميم والنصوص القانونية لجهة استيفاء بعض الرسوم والضرائي على الارباح والمداخيل المحددة بالعملة الاجنبية بإعتماد سعر الصرف الرسمي المحدد من قبل مصرف لبنان، فان ذلك ينحصر بالغاية من هذا النص المحصورة فقط بإستيفاء الضرائب والرسوم، ولا يمكن ان ينشأ عن ذلك مبدأ عام يثجيز لمصرف لبنان تحديد سعر صرف رسمي لليرة اللبنانية ازاء العملات الاجنبية التي تبقى خاضعة لمبدأ العرض والطلب في السوق الحرة.
وحيث ان ما يعزز هذا التحليل ان مصرف لبنان نفسه وعندما قرر تسديد رواتب موظفي القطاع العام بالعملة الاجنبية وليس بالعملة اللبنانية، اصدر تعميماً للمصارف باعتماد سعر منصة صيرفة الذي بلغ في حينه ما يزيد عن مبلغ /20,000/ل.ل. للدولار الواحد، بحيث ان مصرف لبنان نفسه لم يعتمد السعر الذي اسماه رسميا للصرف.
وحيث انه يتبين من ما تقدم ان سعر الصرف الرسمي يتم تحديده بقانون من قبل مجلس النواب، ولا يحق لمصرف لبنان القيام بذلك.
وحيث انه في خلاصة ما تقدم يجوز للمدين ان يدفع دينه المحدد بعملة اجنبية بواسطة العملة اللبنانية ولا يحق للدائن ان يرفض ذلك، على ان يحول الدين بالعملة الاجنبية الى العملة اللبنانية بالسعر الدارج في السوق.
وحيث ان المسألة الشائكة هي في ايجاد مرجعية لتحديد سعر الصرف الدارج بشكل يوحي بشيء من الجدية دون الارتكاز الى التدوالات الجارية خارج الاطر العادية.
وحيث انه لهذه الجهة فانه يمكن لتحديد هذا السعر الدارج، الاعتماد على سعر السوق الحرة وهذا الامر سهل التحديد بإعتماد ما تعلنه وسائل الاعلام والاسواق من سعر التداول لهذه الجهة.
وحيث ان من شأن اعتماد هذا الحل جعل الامر تحت رحمة التداولات الواقعية والمنصات الالكترونية المجهولة الهوية والتي لا تخضع لاي رقابة او تنظيم سواء إدارياً أو قانونياً.
وحيث لذلك يبقى من الانسب الاسترشاد بما انشاه مصرف لبنان حديثا من منصة الكترونية لتحديد سعر الصرف للدولار الاميركي بالنسبة للعملة اللبنانية بموجب قراراه رقم 13324 تاريخ 2021/5/10 (إنشاء منصة صيرفة للتدوال بالدولار) وهذا حل وسطي وعادل ويحاكي تقريبا سعر الصرف الدارج المتداول خارج الاطر العادية، لاسيما وان هذا السعر يخضع لتنظيم ورقابة مصرف لبنان، وذلك رغم الشروط المفروضة للولوج الى هذه المنصة.
وحيث انه حاليا وبسبب توقيف منصة صيرفة عن العمل للجمهور، لا مجال قانونا سوى لاعتماد سعر الصرف المحدد في السوق الحرة والمتداولة في الاسواق العادية، وهذا الامر سهل التحديد بإعتماد ما تعلنه وسائل الاعلام والاسواق من سعر التداول لهذه الجهة.
وحيث انه يقتضي اعتماد هذا الحل كونه يجد سنده العملي بانه يوفر العدالة بالقيمة الحقيقية للدين الموفى من المدين وليس بالقيمة الاسمية والكمية للدين المذكور، لاسيما وان المادة /221/م.ع. اشترطت تنفيذ الموجبات المنشأة على الوجه القانوني في العقود وفاقا لحسن النية والانصاف والعرف، وكذلك المادة /134/ من القانون عينه التي نصت على ان العوض يجب ان يكون في الاساس معادلا للضرر الذي حل بالمتضرر.
وحيث بالنتيجة يجب التأكيد ان الوضع التشريعي اللبناني يجيز للمدين ان يدفع دينه المحدد بعملة اجنبية سواء بهذه العملة او اذا رغب بواسطة العملة اللبنانية ولا يحق للدائن ان يرفض ذلك، ولكن يحول الدين بالعملة الاجنبية الى العملة اللبنانية بالسعر الدارج المحدد في السوق الحرة والمتدالة في الاسواق العادية.
وحيث انه يقتضي اعتماد هذا الحل كونه يجد سنده العملي بانه يوفر العدالة بالقيمة الحقيقية للدين الموفى من المدين وليس بالقيمة الاسمية والكمية للدين المذكور.
وحيث سندا لمجمل ما تقدم يقتضي إلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي مبلغ /20,000/د.أ. كاتعاب محاماة، اضافة الى الفائدة على المعدل القانوني بنسبة 9% سنويا من تاريخ ابلاغه هذا القرار الذي حدد الدين وحتى تاريخ السداد الفعلي، سواء بالعملة الاميركية او اذا رغب بواسطة العملة اللبنانية ولا يحق للدائن ان يرفض ذلك، ولكن يحول الدين من العملة الاجنبية الى العملة اللبنانية بالسعر الدارج على المنصة المنشأة من قبل مصرف لبنان والمسماة صيرفة بتاريخ الدفع.
وحيث انه بالوصول الى هذه النتائج لم يعد من حاجة لبحث سائر ما اثير اسباب ومطالب بما فيها طلب العطل والضرر سواء لعدم الفائدة او لكونها لاقت ردا ضمنيا او لعدم تحقق شروط اجابتها.
لذلك
يقرر:
اولاً: رد مطالب المدعي المتعلقة بالاتعاب عن الدعاوى والمراجعات القضائية المتعلقة باتفاقية الاتعاب النافذة بين فرقاء النزاع وتلك غير المرتبطة بها لمرور الزمن الثنائي على المطالبة بها.
ثانياً: رد الدفع بمرور الزمن للمطالبة بالاتعاب عن الاعمال والمراجعات والاستدعاءات الادارية التي قام بها المدعي خلال العشر سنوات السابقة لتاريخ العزل والمبينة في الاستحضار، وتحديد هذه الاتعاب بمبلغ /20,000/د.أ.، وإلزام المدعى عليهم بالتكافل والتضامن فيما بينهم بتسديدها للمدعي المحامي م.، بالعملة الاميركية او بواسطة العملة اللبنانية ولكن يحول الدين بالعملة الاجنبية الى العملة اللبنانية بالسعر الدارج المحدد في السوق الحرة والمتداولة في الاسواق العادية، مع الفائدة القانونية بمعدل 9% سنويا من تاريخ ابلاغ هذا القرار وحتى تاريخ الدفع الفعلي.
ثالثاً: رد سائر ما اثير من اسباب ومطالب.
رابعا: تضمين المدعي نصف الرسوم والمصاريف وتضمين المدعى عليهم بالتكافل والتضامن فيما بينهم النصف الآخر من الرسوم والمصاريف.
قرارا صدر وافهم علنا بتاريخ 2025/2/20.
“محكمة” – الثلاثاء في 2025/3/4