المحاكمة بقضيّة منال عاصي تنتهي بمرافعة بدران: إنعدام نيّة القتل وتفنيد الطعن التمييزي
كتب علي الموسوي:
ختمت اليوم الثلاثاء، محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضية سهير الحركة وعضوية المستشارين نزيه شربل وناهدة خدّاج وحضور ممثّل النيابة العامة التمييزية القاضي عماد قبلان المحاكمة في قضيّة مقتل منال عاصي على يد زوجها محمّد عدنان النحيلي في 4 شباط 2014 في محلّة الطريق الجديدة في بيروت، وذلك بعدما استمعت إلى مطالعة القاضي قبلان ومرافعة وكيل الدفاع المحامي أحمد بدران.
وقد حضر الجلسة ذوو النحيلي وابنتاه، ومثل مخفوراً من دون قيد، وبدا متأثّراً جدّاً عند سماع كلمات وكيله بدران وأجهش بالبكاء كما فعلت ابنتاه غير مرّة.
نبض العدالة
واستهلّ بدران مرافعته “بتحيّة الظان بكم خيراً والمستوثق بنبض العدالة يجري في عروق محكمتكم”، مشيراً إلى أنّ “التناقضات ثابتة ثبوتاً مطلقاً وهي تؤكّد بأنّ عائلة المرحومة منال عاصي بأكملها كانت تعلم بأنّ الموضوع الأساسي يتعلّق بخيانتها وعلاقتها غير الشرعية بالمدعو(…) وحاولوا عبثاً إخفاء الموضوع على حساب إنقاذ المرحومة، فحكم محكمة الجنايات في بيروت ذكر حرفياً في الصفحة 39 بأنّ أهل الضحية كان همّهم لملمة القضية ومنع نشر فضيحة العلاقة المذكورة أكثر من همّهم نجدتها ونقلها إلى المستشفى بدليل أنّه كان بإمكان الشقيقتين عبير وغوى الإستعانة بأحد لنقلها إلى المستشفى بعد مغادرة المتهم منزله، عوضاً عن أن تعمد عبير إلى تنظيف الصالون من الفاصولياء، كما كان بإمكان شقيقها محمّد فعل ذلك عوضاً عن الإنصراف إلى عمله.
الإسقاط
وأكّد بدران أنّ الطعن المقدّم من النيابة العامة التمييزية بعد إحجام النيابة العامة الاستئنافية في بيروت عن التقدّم بطعن، يعترف بثورة الغضب التي انتابت المتهم، ولكنّه بنى الطعن على واقعة غير صحيحة تفيد بأنّ المتهم عندما عاد إلى منزله في المرّة الثانية، أقدم على ضرب زوجته أيضاً، واعتبرت النيابة أنّه في المرّة الثانية ينبغي أن تكون ثورة الغضب قد انتهت، وهنا يجب العودة إلى إفادة والدة المرحومة أمام محكمة التمييز ليثْبُت بشكل قاطع، عدم إقدام المتهم على ضرب المرحومة ثانيةً عندما عاد، بل مسح وجهها ونقلها إلى المستشفى فوراً، وبالتالي، فإنّ استناد طعن النيابة العامة التمييزية على واقعة ثبت عدم صحّتها ما يجعله مردوداً أساساً.
وتطرّق بدران إلى عقد المصالحة الذي وقّعته عائلة الضحيّة مع المتهم ونصّ على عدم تداول الموضوع إعلامياً، بينما حصل العكس، إذ تعرّض لأبشع أنواع الحملات التي شوّهت سمعته باعتباره قاتلاً، وأبرز نسخة منه للمحكمة وفيه إشارة واضحة إلى تنظيم إسقاط حقّ شخصي على حدة في 7 آذار 2016 أيّ قبل صدور حكم محكمة الجنايات في 14 تموز 2016، وسأل:” ما الذي تغيّر حتّى شنّت جهة الادعاء الشخصي المسقطة أبشع حملة إعلامية مدعومة؟”، وأجاب باختصار أنّه “استغلال بشع ورخيص من جمعيات نسائية تسعى للإستفادة المادية على حساب موضوع عائلي وشخصي وخاص وقضائي”.
صور فوتوغرافية
وقدّم بدران صوراً فوتوغرافية لأسرة النحيلي أراد من خلالها إظهار “حجم السعادة التي كانت تهنأ بها رغم ضيق الحال”، مشيراً إلى أنّ موكّله ورغم مهنته المتواضعة كسائق صهريج متجوّل لبيع الماء، كان يحرص على تلبية كلّ الإحتياجات العائلية وتأمين الرحلات والنزهات، فهل يعقل بعد هذا كلّه أن يصنّف كمعنّف للنساء؟.
وأعاد بدران التذكير بأنّ بالرغم من ثورة الغضب التي انتابت موكّله، إلاّ أنّه لم يستعمل أيّة آلة حادة أو سلاح ناري، وهي متوافرة في منزله وفي متناول يده، وأكثر من ذلك فالحادثة حصلت في المطبخ، مؤكّداً بأنّ النحيلي هو من نقل زوجته إلى المستشفى بسيّارة أجرة كما أكّد ذلك الشاهد محمود الترك الذي أفاد بأنّ المتهم كان يحتضنها في السيّارة ويقبّلها ويقول لها:” يا حبيبة قلبي، تقبريني”.
واستعاد بدران حقيقة جديدة صدرت عن أمّ الضحيّة ومفادها أنّ النحيلي بعد عودته في المرّة الثانية لم يضرب المرحومة، وإنّما قام بغسل وجهها محاولاً إنعاشها قائلاً لها”قومي يا منال”.
لا نيّة للقتل
وتوقّف المحامي بدران عند خلو الملفّ من أيّ إشارة أو شبهة من شأنها تؤكّد نيّة القتل لدى المتهم، وقال إنّ نيّة القتل لا تُفترض إفتراضاً، بل يجب على المحكمة إقامة الدليل عليها من خلال الوقائع الثابتة والظروف المحيطة بالدعوى كاستعمال الجاني آلة حادة، أو سلاحاً نارياً، أو إصابة الضحية في أماكن قاتلة، فهل سمعتم يوماً بقاتل يتصل بذوي ضحيته طالباً منهم الحضور، ثمّ ينقل ضحيته إلى المستشفى محاولاً إنقاذ حياتها؟ ألاّ يفترض أن يلجأ إلى الإختباء والتخفّي، وترك الضحية لمصيرها؟.
واعتبر بدران أنّ ما ورد في قرار الإتهام لجهة وصف الفعل الجرمي بأنّه قتل مقصود، جاء فاقداً للصلة بين الواقع والقانون، وللتعليل القانوني السليم، لأنّ انتفاء قصد القتل وعدم اتجاه إرادة المتهم إلى إزهاق روح زوجته يجعل من الفعل ضرباً أفضى إلى الموت من غير قصد وهو ما نصّت عليه أحكام المادة 550 عقوبات. وسأل:” هي تريد النيابة العامة من المتهم ألاّ يغضب لشرفه وكرامته وسمعة عائلته؟”، مشدّداً على أنّ المتهم كان ضحية من ضحايا الغضب الشديد الذي انتابه وحمله على ضرب زوجته نتيجة فعلها غير المحقّ المتمثّل بارتكاب فعل الزنا وتحقّقه من هذا الأمر نتيجة قراءته للرسائل وثبوت هذا الفعل لاحقاً بموجب حكم قضائي مبرم.
وخلص بدران إلى طلب إعلان براءة موكّله من جرم المادة 549 عقوبات، وإبطال التعقبات بحقّه لعدم توافر عناصرها القانونية، واعتبار فعله من قبيل جرم الإيذاء المفضي إلى الموت سنداً للمادة 550 عقوبات، ومنحه العذر المخفّف المنصوص عليها في المادتين 252 و251 عقوبات، والأسباب التخفيفية نظراً لظروف القضيّة سنداً للمادة 254 عقوبات، والإكتفاء بمدّة توقيفه.
وأعطي الكلام الأخير للمتهم النحيلي، فقال:” أنا نادم والله لا يجرّب حدا بمتل اللي صار معي”، طالباً” الشفقة والرحمة” وأدمعت عيناه.
وحدّدت القاضية الحركة يوم الخميس في 2 تشرين الثاني 2017 موعداً لإصدار القرار المبرم، أيّ قبل أربعة أيّام من إحالة القاضي نزيه شربل على التقاعد لبلوغه سنّ الثامنة والستّين.
“محكمة” – الثلاثاء في 03/10/2017.
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.