النصّ الحرفي للقرار الاتهامي بالعميل عامر الفاخوري: شهادات الأسرى المحرّرين/علي الموسوي(3/2)
كتب علي الموسوي:
يستحقّ القرار الاتهامي الممهور بتوقيع قاضي التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا في قضيّة آمر “معتقل الموت” في الخيام عامر الفاخوري، أن يكون كتاباً للتاريخ وللأجيال، وذلك لما يتضمّنه من توثيق دقيق لأمرين متناقضين، لأحد وجوه العمالة مع العدوّ الإسرائيلي والتعذيب حتّى الموت، ولشهادات أسرى محرّرين دفعوا الكثير من الكرامة والأعمار ليبقى الوطن حرّاً وأنقى من السماء الصافية.
وخصّصت أبو شقرا جزءاً كبيراً من قرارها الاتهامي لإفادات عدد من الأسرى والمعتقلين المحرّرين الذين سارعوا فور شيوع خبر توقيف الفاخوري إلى تقديم إخبارات ضدّه، وروى كلّ واحد منهم قصّته مع الاعتقال ومشاهداته ومعرفته بالفاخوري وأحوال معتقل الموت في الخيام.
هنا الحلقة الثانية من القرار الاتهامي الذي تتفرّد “محكمة” بنشره لأهمّيته ولكي يكون عبرة لكلّ من تسوّل له نفسه خيانة وطنه، مع الإشارة إلى أنّ هذا القرار مؤلّف من 18434 كلمة:
“وأنّه بتاريخ 2019/9/19 ورد إلى الملفّ إخبار مقدّم من الأسرى المحرّرين نبيه حسين عواضة، وأحمد محمّد طالب، وجهاد حسن حمود، ومحمّد حسين رمضان، وعفيف شريف حمود، ويوسف علي ترمس، وعبّاس عبد المنعم قبلان، وأنور محمّد ياسين، ولافي قاسم مصري، بوكالة المحامي معن الأسعد، الذي تقدّم أيضاً بتاريخ 2019/9/24 بلائحة لسماع شهود هم: أحمد موسى سرور، وعلي أحمد غضبوني، وحسن محمود مواسي، وعصام سليم عواضة، فتمّ بتاريخ 2019/9/24 الاستماع إلى شهادة كلّ من أنور محمّد ياسين، ويوسف علي ترمس، وعباس عبد المنعم قبلان، ولافي قاسم مصري، على سبيل المعلومات،
وتمّ بتاريخ 2019/9/25 الاستماع إلى شهادة كلّ من نبيه حسين عواضة، وأحمد محمّد طالب، وجهاد حسن حمود، على سبيل المعلومات،
وتمّ بتاريخ 2019/9/26 الاستماع إلى شهادة كلّ من محمّد حسين رمضان، وعفيف شريف حمود، وأحمد موسى سرور، على سبيل المعلومات،
وتمّ بتاريخ 2019/10/3 الاستماع إلى شهادة حسن محمود مواسي، وقرّرنا صرف النظر عن سماع شهادة كلّ من عصام سليم عواضة، وعلي أحمد غضبوني بعد أن صرّح المحامي معن الأسعد على المحضر التأسيسي أنّ المذكورين يعملان مع قوّات الطوارئ الدولية ولم يسمح لهما بنيل مأذونية للمثول أمام القضاء العسكري،
أنور ياسين
فأدلى الشاهد أنور محمّد ياسين: أنّه انتمى في العام ١٩٨٥ إلى الحزب الشيوعي، وانضمّ إلى جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية التي كانت تشمل الحزب الشيوعي والحزب القومي وحزب البعث السوري ومنظّمة العمل الشيوعي، وهي كانت حركة مسلّحة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وفي ذلك الوقت كان قد تمّ تهجير عائلته من حاصبيا إلى صيدا بسبب انتمائها إلى الخطّ الوطني المقاوم للإحتلال، وأنّه حمل السلاح ضد “إسرائيل” وشارك في العديد من أعمال المقاومة كان آخرها عملية جبل الشيخ وهي عبارة عن مواجهة بين المقاومين وبين فرقة كوماندوس إسرائيلي كانت قد أجرت إنزالاً في السفوح الغربية لجبل الشيخ التي كانت خارج نطاق الأراضي المحتلة في الجنوب، ودامت المواجهة لستّ ساعات ونصف، وهو تعرّض للإصابة في القدم والرأس والكتف، ثمّ تعرّض للأسر في اليوم التالي وأودع في معتقل داخل فلسطين المحتلة وتنقّل بين معتقلات عدّة على مدى سبعة عشر عاماً وخرج في العام ٢٠٠٤، وأنّه لم يودع في سجن الخيام، وأنّ الضرر الذي لحق به من عامر فاخوري وخوّله التقدّم بإخبار هو أنّ عامر من عملاء العدوّ الذين ألحقوا ضرراً عاماً بالوطن من خلال عمالتهم للعدوّ، وألحقوا به ضرراً خاصاً من خلال تزويدهم العدوّ بمعلومات عن المقاومين، فهو عندما اعتقل أعطى لنفسه إسماً وهمياً لزوم العمل المقاوم السرّي لكن عندما وصل إلى معتقلات فلسطين المحتلة تبيّن له أنّ إسمه الحقيقي وجميع المعلومات عنه متوفّرة لدى العدوّ وذلك بسبب عملائه الموجودين في لبنان، وأنّ لديه معلومات عن عامر فاخوري تفيد بأنّ المذكور كان أحد الرؤوس الأساسية لمنظومة الإحتلال، وهو يوازي أنطوان لحد وسعد حداد وجان الحمصي، وأنّ عامر كان المسؤول عن حراسات المعتقلين في معتقل الخيام، وأنّه لا يعرف عامر بالشكل، وأنّه من خلال كونه مقاوماً ثمّ أسيراً ثمّ أسيراً محرّراً فهو يعلم أنّ عامر كان يقوم بالتحقيق مع الأسرى وتعذيبهم، وهو كوّن هذا العلم من خلال متابعته لقضايا الأسرى وتقاطع المعلومات المتأتية من كلّ منهم والتي تبيّن أنّ عامر فاخوري كان رئيساً لعدّة فرق حراسة مارست التعذيب بحقّ الأسرى بل هو مارس التعذيب شخصياً بحقّ الأسير علي عبد الله حمزة الذي أخرجه عامر من معتقل الخيام وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ولم يعد أحد يعلم شيئاً عن مصيره وهو يعتبر بحكم المفقود حتّى اليوم، وأنّه خرج من معتقلات فلسطين بموجب صفقة تبادل في العام ٢٠٠٤ بين المقاومة الإسلامية “حزب الله” وبين العدوّ، وكان قد صدر بحقّه حكم من محاكم العدوّ بسجنه لمدّة ثلاثين عاماً، وهو كغيره من الأسرى المحرّرين ينتظر العدالة من القضاء اللبناني وخاصة القضاء العسكري لأنّهم وثقوا بالدولة وبالقضاء بعد تحريرهم وسلّموا كلّ ما لديهم من معلومات عن موضوع العمالة لدولة العدوّ لتتمّ متابعة الأمر بشكل راقٍ وقانوني في حين أنّ المقاومين في بلاد أخرى قاموا بعمليات إعدام ميدانية للعملاء فور تحرير بلادهم، وأنّ الملاحقة القضائية الراقية يجب أن تكون رادعاً للأجيال القادمة من الإنخراط في العمل الجاسوسي لصالح الأعداء، وأنّه يتكلّم باسم “هيئة ممثّلي الأسرى المحرّرين” وهو لا يريد أن يوضع في مستوى واحد مع العميل أو في مستوى أدنى منه ويريد تحصيل حقوقه عبر توقيع القصاص العادل على العميل من قبل الدولة،
يوسف ترمس
وأدلى الشاهد يوسف علي ترمس أنه عندما اجتاحت “إسرائيل” جنوب لبنان في العام ١٩٨٢ كان يبلغ الثانية عشر من عمره، وهو شارك مع شبّان المنطقة في أعمال مقاومة مدنية كالرشق بالحجارة وإقفال الطرق، وفي المقابل كان جنود العدو يرمون لهم ألواح الشوكولا لإغرائهم كونهم أطفالاً، واستمر المنوال على هذا النحو حتّى العام ١٩٨٧ حين تمّ تهجير كلّ أهالي بلدته (طلوسة – مرجعيون) بعد قيام المقاومين من حزب الله بعمل عسكري ضدّ “إسرائيل”، وفي هذا العام انتمى هو إلى المقاومة الإسلامية ولا يزال، وأنّه بحكم انتمائه للمقاومة الإسلامية حمل السلاح ضدّ العدوّ، وأنّه من معتقلي الخيام، وهو وقع مع رفيق له في كمين كان أعدّه لهما العدوّ عندما كانا يقومان بمهمّة استطلاعية لصالح المقاومة الإسلامية في محلّة وادي السلوقي التابعة لبلدته،
الفاخوري يتباهى
وأنّه من خلال وجوده في معتقل الخيام عرف المدعى عليه عامر فاخوري، وهو كان المسؤول العسكري للمعتقل، وأنه يعرف عامر بشكل شخصي، وأنه يمكنه التعرّف على عامر، وأن عامر كان يتباهى دوماً باسمه أمام المعتقلين ويعرّف عن نفسه لهم بالمسؤول العسكري للمعتقل، وكان عامر يتباهى بالأعمال التي كان يقوم بها بحقّ المعتقلين ويهدّد الباقين باستعمالها بحقّهم، وهو عندما أودع في معتقل الخيام كان بحوزته بطاقة تثبت انتماءه لنادٍ رياضي وتفيد أنّه يتمرّن على حمل الأثقال، وكان ذلك مبرّراً لتعرّضه لما كان يسمّى “الحدل”، حيث كان يطلب منه النوم أرضاً ويصعد الجنود على ظهره ويدوسونه بالأقدام، وهو يكون مغطّى الوجه بكيس أسود وفي رجليه ويديه أصفاد، وأن ذلك كان يتمّ بأمر من عامر، وهو لا يمكنه الجزم أنّ عامر كان من بين الجنود لكن هو من أصدر الأمر لهم بالتعذيب على هذا النحو، وأنّ عامر كان يقوم ليلاً بجولات على العنابر ويأمر المعتقلين بالاستيقاظ وارتداء الملابس بدقائق معدودة والوقوف ووجوههم نحو الحائط، وفي حال أدار أحدهم وجهه ولو قليلاً كان يتمّ إخراجه وضربه بأمر من عامر، وأحيانآً صلبه حتّى الفجر، وكان عامر يكرر هذا الأمر أكثر من مرة خلال ساعات الليل لمنعهم من النوم، وأنّ عامر كان يجول على العنابر وهو محاط بأكثر من مرافق وجميعهم مدجّجون بالسلاح وكذلك هو، وفي أحيان كثيرة كان يتم منعهم من الإستحمام أو الخروج للشمس لمدة شهر، وكان الطعام يقدّم لهم بكميات قليلة لا تكفيهم، أو يكون الطعام فاسداً،
الدود في التونا
ويذكر مرّة أنّه عرض على عامر كيف أنّ لحم التونا الذي أعطي له مليء بالدود، فأجابه عامر أنّ عليه تناوله ولن يصيبه شيء، وفي حال اعترض المعتقلون على كلّ ذلك مطالبين بمقابلة أيّ إسرائيلي لتحسين شروط الاعتقال، كان عامر يجيبهم بأنّه هو حاكم المعتقل وهو من بيده الأمر، وأنّ سلام فاخوري إبن عم المدعى عليه عامر فاخوري كان مجرّد عنصر تحت إمرة عامر، وأن عامر كان بالطبع يثق بسلام أكثر من غيره بحكم القرابة بينهما، وهو يذكر أنه عندما اعترض على وجود الدود في لحم التونا حضر سلام بداية لكنه لم يتخذ أي إجراء للحل، وهو استمهله لمراجعة عامر، وأنه يمكنه التمييز جيداً بين سلام وعامر، فهو بقي في معتقل الخيام لمدة تسع سنوات كان خلالها يشاهد سلام وعامر بشكل يومي تقريباً ولأكثر من مرّة في يوم واحد، وأنّ شكل كلّ منهما مختلف عن الآخر، فسلام أقصر من عامر وأسمن منه حتى أن ملامح الوجه مختلفة بينهما تماماً، وأنّه مستعدّ لمواجهة عامر، وأنه أودع في معتقل الخيام في العام ١٩٨٩ وخرج منه في العام ١٩٩٨ بعد عملية تبادل أجراها حزب الله بأشلاء جنود إسرائيليين قتلوا في عملية أنصارية التي قام بها حزب الله،
محاولة قلع عين معتقل
وأنّه بعد اعتقاله أودع في السجن الإنفرادي لمدة ستة أشهر تقريباً خضع خلالها للتحقيق الذي عانى خلاله من الضرب والصلب والجرح بالمقص وبآلات حادة والصعق بالكهرباء كما جرت محاولة لقلع عينه اليسرى، وعندما خرج من السجن الإنفرادي أودع في زنزانة مع عملاء، وهو اكتشف ذلك صدفة حيث كان تعرض يومها لضرب مبرح وللجلد وكان كل جسده متورم وكان يشخر من شدة الألم لكنه لم يكن غافياً، واعتقد من معه أنه غفا بشكل عميق بسبب شخيره، عندها باتوا يتحدثون عن وعدهم بوضعهم في المعتقل لمدة محددة لكن تمّ نسيانهم فيه وأنهم ممتعضون من ذلك،
الأصفاد في اليدين لأربعة أيّام
وهو يذكر أنه في إحدى المرات بقيت الأصفاد في يديه لمدة أربعة أيام وهي عبارة عن حبل بلاستيكي، وكانت يداه خلف ظهره وورمت وبات لونها أزرق، وهو لم يكن يشعر بكل ذلك، إلى أن مرّ أحد الجنود الإسرائيليين في جولة مراقبة وتنبّه إلى وضع يديه، فأمر بفكّ الأصفاد البلاستيكية لأنها كانت تحزّ على يديه ولا زال أثرها بادٍ حتى اليوم، وأمر بوضع أصفاد حديدية بدلاً منها، وأن التحقيق كان يتم دوماً تحت التهديد باعتقال أحد من أهله لا سيما النساء منهم، وهو يذكر مرة أن المحقق وضع المسدس في رأسه وهدده بالقتل، وأحضر له قميصاً عليه آثار دم وقال له أنه قميص رفيقه وأنه قتله وسيقتله من بعده ليجبره على الكلام، وأنّه يذكر أبو نبيل جان الحمصي كرئيس لفريق المحقّقين، وأنّ كلّ ما يحصل في غرفة التحقيق كان يتم بأوامر من جان الحمصي، لكن بعد انتهاء التحقيق تصبح السلطة لعامر، وأنّ جان كان أحياناً يطلب من عامر متابعة الضرب والتعذيب بعد انتهاء التحقيق، وأنّ أعمال الصلب والضرب كانت تقوم به عناصر الشرطة الخاضعة لأمرة عامر،
حمزة يلفظ أنفاسه
وأنّ عامر أخرج علي عبد الله حمزة من معتقل الخيام بسيّارته وكان علي يلفظ أنفاسه الأخيرة، وأنه لم يكن موجوداً خلال تعذيب علي عبد الله حمزة لأنّ هذا الأمر حصل في العام ١٩٨٥ بينهما هو أودع في معتقل الخيام في العام ١٩٨٩، لكنّه علم بما حصل مع علي عبد الله حمزة من المعتقلين الذين كانوا موجودين يومها وبقوا في المعتقل عندما أودع هو فيه ويذكر منهم عصام عواضة،
إستشهاد السلمان وأبو العزّ
وأنّه كان موجوداً في المعتقل عندما قتل بلال السلمان وابراهيم أبو العزّ، ويذكر يومها أنه كان موجوداً في الغرفة /١٠/، ويومها بدأت إنتفاضة في العنبرين /٣/ و/٤/، وكان بلال وابراهيم يقبعان في العنبر /٤/، وحصلت الإنتفاضة اعتراضاً على المعاملة خاصة بمنعهم من الصلاة بالضرب والإهانة وبسبب قلة الطعام أو فساده، وأنه تمّ رمي قنابل دخانية في العنبرين /٣/ و/٤/ ثم أحضر بلال وابراهيم إلي العنبر رقم /٢/ وأودع بلال في الغرقة رقم /٤/ وابراهيم في الغرفة رقم /١٧/ وكانا يئنان من الألم طوال الليل، وكانوا هم يصرخون طالبين من الشرطة إسعافهما لكن دون جدوى، وعندما طلع الصباح تبين أن بلال وابراهيم فارقا الحياة، فصاروا يصرخون ويطرقون على الأبواب طالبين نجدتهما، عندها تم رمي قنابل غازية في العنابر انفجرت إحداها في وجهه، ما أدى إلى حالات اختناق واستفراغ وصراخ من شدة الألم الذي تحدثه مفاعيل الغاز، وعندما تأزّم الوضع وبات واضحاً أنّ المعتقلين سيموتون أمر عامر بكسر النوافذ لدخول الهواء وبإخراجهم إلى فسحة الشمس، وبات عامر يتجول فوق الفسحة ويحملهم مسؤولية ما تعرضوا له معبراً عن رغبته بوفاتهم جميعاً،
وأنه بعد رمي القنابل الغازية تمّ سحب ابراهيم وبلال من رجليهما وربّما كان يمكن إنقاذهما لكن لا شكّ أنّ القنابل الغازية سرّعت في وفاتهما، وأنّ عامر كان يستهزئ بما حصل مع بلال وابراهيم ويدّعي أنهما في المستشفى وسيحضران بعد وقت قليل، وأنّه لم تحصل أية عملية إخفاء قسري خلال وجوده في المعتقل، لكن أحياناً كانوا يفقدون أحد رفاقهم ثم يعلمون أنه أدخل إلى فلسطين المحتلة بطلب من الإسرائيليين،
أدوية للأعصاب
وأنه بالإضافة إلى علي عبد الله حمزة فهو يسمع أن شخصاً من آل مطر لا يزال مصيره مجهولاً حتى اليوم، وأنه بسبب التعذيب الذي تعرّض له بقي في الفراش لمدة أربع سنوات ورفضت الشرطة بقيادة عامر أي طلب لنقله إلى المستشفى وكان عامر يكتفي بإرسال الممرض له الذي كان يعطيه دواء مسكناً، إلى أن أجرى إضراباً عن الطعام وتضامن معه رفاقه فتمّ عندها نقله إلى المستشفى، وأنه يعاني حتى الآن من آلام مبرحة في ظهره وهو يتناول أدوية للأعصاب، كما تعرّض الغضروف في ركبتيه للتلف الجزئي كونه كان يجبر كغيره على الركوع لفترات طويلة في ساحة المعتقل من قبل الشرطة بقيادة عامر، وكانت هذه الساحة تسمّى ساحة التعذيب، حتّى أنّ عناصر الشرطة كانوا أحياناً يقومون بضربهم لمجرّد أنّهم خسروا رهاناً على لعبة مصارعة تبثّ على التلفاز أو لمجرد التسلية إذا ما شعروا بالضجر، وهو تعرض مرة لهذا النوع من الضرب كما تعرض للصلب حتى الصباح وعندما أنزل شعر بأنه على شفير الموت، وكانوا إذا شكوا الأمر لعامر أجابهم “الشباب بدن يتسلوا ويتدربوا”،
عباس قبلان
وأدلى الشاهد عباس عبد المنعم قبلان أنه انتمى في العام ١٩٨٦ لحركة أمل وكان بين صفوف المقاومين للإحتلال وتمّ اعتقاله في العام ١٩٨٧، وأنه أودع في معتقل الخيام، وأنه يعرف المدعى عليه عامر فاخوري ويعرف شكله، وهو تواجه مع عامر أكثر من مرة داخل المعتقل، وأنه خرج من الإعتقال في 1998/6/26 على إثر صفقة مبادلة التي قام بها حزب الله بأشلاء جنود إسرائيليين كان قد قتلوا في عملية أنصارية، وأنّه مستعد لمواجهة عامر، وأنه خلال وجوده في المعتقل تعرّض للضرب والتعذيب على يد عامر فاخوري، فعامر كان أحد المسؤولين عن معتقل الخيام، إذ كان جان الحمصي هو المسؤول عن التحقيق الأمني وكان عامر المسؤول العسكري واللوجستي عن كلّ ما هو خارج غرف التحقيق، وكان عناصر الشرطة يخضعون تماماً لأوامر عامر، وأي شيء يقومون به كان بأمر مباشر منه،
السجن رقم 4
وهو يذكر بالتحديد التعذيب الذي تعرض له على خلفية الإنتفاضة في 1989/11/25 حيث كان يقبع يومها في الغرفة /٢١/ من السجن رقم /٤/ حين مرّ عامر وحوله المرافقون وجميعهم مسلّحون، وأنّ عامر تحدّث معه مباشرة وسأله عن رأيه بما حصل بعد رمي القنابل الدخانية عليهم، وهو أجاب عامر أن ما حصل هو نتيجة أفعاله هو، بعدها أمر عامر عنصراً يلقب “بيدو” واسمه غابي باسيل بإخراجهم إلى الفسحة، وهناك تعرّضوا للضرب بجميع الوسائل كالعصي وقضبان الحديد وغصون الشجر وأعقاب البنادق، وأن جميع المعتقلين في السجن رقم /٤/ تعرضوا لهذا الضرب الذي استمر من الصباح حتى المساء، وقبل حلول المساء تمّ وضعهم في السجن رقم /٢/، وعند الصباح علموا أنّ بلال فارق الحياة ما أدّى إلى تجدّد الانتفاضة وصراخ المعتقلين والضرب على الأبواب، فرميت عليهم قنابل غازية، ما أدّى إلى حالات استفراغ وألم شديد، وعندما شعر عناصر الشرطة أن الأسرى شارفوا على الموت تمّ فتح النوافذ وإخراجهم إلى الفسحة، وأثناء خروجه شاهد ابراهيم يحمل إلى الخارج، وبمجرد وصوله ابراهيم إلى الباحة فارق الحياة،
شاهد الموت بعينيه
وهو يذكر أن عامر وقف فوق الفسحة وأعلمهم أن بلال وابراهيم نقلا إلى المستشفى وسيكونان بخير، وهو يعتبر أن هذه الحادثة هي أشدّ ما تعرض له لأنه شاهد الموت بعينيه، وأنه تعرض للتعذيب خلال التحقيق الذي دام لثلاثة أشهر، ومن ضروب التعذيب التي تعرض لها الصعق بالكهرباء والجلد بالكرباج والصلب على العامود، وأن الصلب كان يمكن أن يحصل بأمر من جان الحمصي فيقوم عناصر الشرطة بضرب المعتقل وهو معلق على العامود وقد يحصل الطلب بسبب أمر قام به المعتقل داخل الزنزانة فيكون الصلب والضرب عندها من قبل عناصر الشرط وبأمر من عامر،
لافي المصري
وأدلى الشاهد لافي قاسم مصري أنّه تطوّع في المقاومة الإسلامية منذ العام ١٩٨٢، وهو تعرّض للاعتقال من قبل العدوّ، وتمّ وضعه في معتقل الخيام، وأنّه مارس العمل المقاوم المسلّح ضدّ العدوّ، وهو اعتقل على حاجز بيت ياحون عندما كان في طريقه نحو بلدته ميس الجبل قادماً من بيروت، وأنّ هذا الحاجز كان مشتركاً بين جيش لحد وجيش العدوّ، وقد وجّهت له تهمة العمل مع المقاومة الإسلامية ضدّ العدو الصهيوني، وأن اعتقاله حصل في 1989/1/25، وأنّه خلال وجوده في معتقل الخيام تعرّف على شخص يدعى عامر فاخوري، وأن عامر كان المسؤول العسكري عن الشرطة وعن جميع العناصر الموجودين داخل حرم السجن وكان يوازيه في السلطة المدعو جان الحمصي وهو المسؤول عن التحقيق الأمني،
التعرّف إلى المحقّقين من أصواتهم
وأنّه تعرض للتعذيب على يدي عامر شخصياً لمرّتين، وهو يؤكّد على ذلك لأنّه عند تعرّضه للضرب لم يكن وجهه مغطّى بكيس، وهو تعرّض للكثير من التعذيب في مرّات أخرى لكنّ وجهه كان مغطّى بكيس ولم يكن يعلم بالتالي من يقوم بتعذيبه، لكن طبعاً وبحكم استمرار وجوده في المعتقل لسنوات تمكّن من معرفة الأسماء الحقيقية للمحقّقين من خلال صوتهم عندما كانوا يتحدثون معهم وهم في غرفهم حيث كان يمكنهم مشاهدتهم، كما تمكّن من معرفة أسماء العديد من العناصر عندما كان يشاهدهم وهو معلق على العامود أو إذا كان موجوداً في الفسحة حيث كان يتقصد العناصر ضربهم ولكمهم بعقب البندقية، وأنه تعرض للتعذيب أيضاً خلال التحقيق باستخدام الصعق بالكهرباء وسكب المياه الباردة جداً على جسده ثم المياه الساخنة جداً تليها مياه باردة جداً، كما تمّ حرق يديه بلصقهما على الوجاق، وأن التعذيب الذي كان يحصل خلال التحقيق كان يتم من قبل الفريق التابع لجان الحمصي والتعذيب الذي كان يحصل خارج التحقيق كان يتم من قبل عناصر الشرطة التابعة لعامر فاخوري،
بقي معلّقاً على العمود
وأنه علم من المعتقلين الذين كانوا في المعتقل في العام ١٩٨٥ وبقوا فيه حتى دخوله إليه بأن علي عبد الله حمزة تعرض للضرب والصلب وبقي طوال الليل معلقاً على العامود، وعند الصباح اختفى ولا يزال مفقوداً حتى اليوم، وهو يقول أنه طالما أن التعذيب حصل في باحة المعتقل فلا بدّ أن عامر هو من كان المشرف عليه، وهو سمع من المعتقلين الذي كانوا يعملون “كلفة” أي يؤدون خدمات توزيع الطعام والمياه لباقي المعتقلين أنهم شاهدوا عامر يضع علي في صندوق سيارته ويغادر المعتقل، وأنه خرج من المعتقل في 1998/6/26، وهو يذكر بلال وابراهيم تماماً، وهما قتلا بعد دخوله إلى المعتقل، وهو يذكر أن هذين الشابين كانا لا يفترقان، وعندما أودعا في غرفته رقم /٦/ في السجن رقم /٤/ قاما بخياطة فرشة كل منهما مع الأخرى كدليل على رغبتهما بعدم الانفصال عن بعضهما البعض، وكان من المعروف أنه إذا أودع بلال في غرفة غير غرفة ابراهيم كانا يضربان عن الطعام حتى يتم وضعهما في غرفة واحدة،
إطلاق نار واشتعال الانتفاضة
ويذكر أنّه في ظهر اليوم التالي لوصول ابراهيم وبلال إلى غرفته تمّ سماع صوت إطلاق نار من السجن رقم /٣/ وتوقع الأسير بدر الدين نواس وهو فلسطيني أردني حصول إنتفاضة بسبب سوء المعاملة كونه كان في السجن رقم /٣/ حيث كان يتم الحديث عن وجوب إجراء انتفاضة، عندها بدأوا يصرخون طالبين من الشرطة إفهامهم ما يحصل ولم يجبهم أحد، وأن بلال بدأ يركل الباب بقوة، عندها وبأمر من عامر تمّ رمي قنبلة دخانية وضعت على طاقة موجودة في أسفل الباب من ناحية الخارج، ما جعلهم عاجزين عن إبعادها، وبعدها بدأت أصوات الصراخ تتصاعد من الغرف الأخرى فتمّ رمي قنبلة ثانية على غرفتهم، وهو يذكر كيف أن بلال سقط أرضاً وبدأ يستفرغ كل ما في أحشائه، ثم سقط ابراهيم، وسقط هو، وبعدها تمّ إخراجه هو وبلال فيما أبقي ابراهيم مع بدر الدين كونهما فلسطينيين، وهو يذكر أن عامر حضر وسأل الأسير جورج صليبا عمّن بدأ بركل الباب فأجابه جورج أن بلال هو من فعل ذلك، وأن جورج كان أصلاً يتنقل بحرية داخل وخارج الغرفة لأنه مسيحي، وأن جورج خرج من الغرفة، ثم هدأ السجن قليلاً بسبب انتشار الدخان،
ممرّض غير إنساني
وبعد هدوء السجن تمّ إخراج المعتقلين إلى الفسحة وتعرض الكثيرون ممن بقوا قادرين على الوقوف والمشي للضرب والإهانة، وهو استفاق ووجد نفسه في الباحة موضوعاً على حمّالة وقربه بلال وكان يئن، ووجد بقعة تحت يده هو، اليمنى، فتنبّه إلى أنه تعرض للحقن بطريقة غير أصولية ما أدى إلى نزيف من الشريان، وكان الشرطي يتفرّج عليه دون أن يقدّم له أية إسعافات، ويعتقد أن بلال لم يتحمّل مثله فهو كان رياضياً ودخل المعتقل حديثاً فيما كان مضى على وجود بلال في المعتقل ثلاث سنوات ونصف، وأن بلال كان يطلب من الشرطي إسعافه لكن دون جدوى، وأن الممرض اكتفى بشقّ أكياس المصل ورمي محتواها على وجوههم، بعدها أمر عامر بإعادتهم إلى غرفهم، وهناك بقي ابراهيم وبلال يئنان طوال الليل من الألم، وأنه خلال توجههم إلى غرفتهم واجه هو عامر شخصياً عندما قال له عامر أنه لا جدوى من تصرفهم كأبطال، فأجابه هو أنّ الأبطال موجودون حتماً وسيواجهونه، وفي الصباح حضر الشرطي عزيز شمعون وأمر بلال وابراهيم بجمع أغراضهم، وهما تباطآ في تنفيذ هذا الأمر بسبب ألمهما فهدّدهما الشرطي بالضرب، عندها ساعد المعتقلون بلال وابراهيم اللذين خرجا بصعوبة، فيما كان الشرطي شمعون يركلهما ويدفع بهما واقتادهما إلى السجن رقم /٢/، بعدها علم هو أن بلال وابراهيم توفيا في صباح اليوم التالي، وعلم أن السبب هو تعرضهما لقنبلة دخانية في السجن رقم /٢/، وهو كان فقد الوعي بعد خروج بلال وابراهيم من الغرفة وبدأت مادة سوداء تخرج من صدره وبقي أرضاً لمدة ثلاثة أيام يعيش فقط على القليل من المياه ويعاني من سعال حاد، إلى أن مرّ الممرض ورأى وجوب نقله للمستشفى وهناك خضع لتصوير شعاعي، وأمر الطبيب بتنظيف رئتيه من الدخان، لكن بدل ذلك تمت إعادته إلى المعتقل حيث كان الممرض يكتفي بإعطائه حبة دواء يجهل نوعها كل يوم، وهو بقي على هذا المنوال لثلاثة أشهر وهو لا يزال حتى اليوم يعاني من الربو،
إضراب عن الطعام
وأنّه في العام ١٩٩١ أضرب الأسرى عن الطعام بسبب سوء المعاملة، وأنه في اليوم الثالث من الإضراب تمّ إجبارهم على الخروج إلى الفسحة وكان يقف هو مع أربعة معتقلين، عندما وقف عامر بوجهه تماماً وسأله إذا كان سيفكّ الإضراب وهو ردّ بالنفي، عندها صفعه عامر بقوة ما جعل رأسه يرتطم بالحائط، وانهال عليه العناصر الذين كانوا برفقة عامر بالضرب المبرح بواسطة عصي، ثم أمر عامر بوضعه مع المعتقلين الأربعة في المطبخ حيث لا يمكن سماع أصواتهم مهما علت، وهناك أجبروا على الوقوف لساعات وهم يرفعون أيديهم في الهواء وإذا ما انخفضت يدهم قليلاً تعرضوا للضرب من قبل عناصر الشرطة ويذكر منهم جهاد طنوس، وبعد ذلك سقط هو أرضاً كاللوح وبقي مقعداً لمدة ست سنوات، ويذكر أنه بعد وقوعه جاء عامر يسأله عن سبب قيامه بذلك فردّ أن الموت أشرف لهم من المعاملة التي يلقونها منه،
معاناة معتقل
وأنه متأكد أن هذا الشخص هو عامر فاخوري وليس إبن عمه سلام فاخوري، وهو يعرف شكل عامر جيداً، لكن بعد عشرين سنة لا بدّ أن تكون تغيّرت ملامحه قليلاً، وأنه مستعد لمواجهة عامر، وهو خضع للتحقيق لمدة أربعين يوماً متواصلة تعرض خلالها للتعذيب لكنه لم يبك أبداً، وبكي فقط عندما علم في انتفاضة ١٩٩١ أن رفاقه فكّوا الإضراب عن الطعام بعد أن أوهمهم الممرض أنه فكّ الإضراب، وكان الممرض قد أعطاه حبة دواء مع قليل من الماء بعد أن سقط أرضاً، وهو عانى من كسر في ضلعه ولا يزال يعاني من ألمه حتى اليوم كما عانى من نزيف مستمر في أذنه اليمنى لمدة عشر سنوات، وهو يعاني اليوم من خروج الدم مع البول بسبب صعقه بالكهرباء، كما يعاني من آلام مبرحة في الظهر استوجبت إجراء عملية جراحية، وهو اليوم يعاني من القرحة وعدم قدرته على المشي بشكل صحيح، وأن زوجته خضعت للتحقيق على مدى يوم كامل في معتقل الخيام بعد اعتقاله، كما تمّ اعتقال أولاد عمه علي وحسن محمد نجيب فرحات لمدة ثلاث سنوات، واعتقال صهره حسين علي قاسم لمدة ثلاث سنوات لمجرد أنهم أقرباؤه، كما تعرضت سيدات من جيرانه للتحقيق، وتمّ التحقيق أيضاً مع إبن عمه كامل محمد نجيب فرحات الذي كان يبلغ السابعة عشر من عمره، وبسبب التعذيب النفسي الذي تعرض له فهو لا يزال حتى اليوم يعاني من أمراض عصبية وبات شخصاً غير طبيعي،
نبيه عواضة
وأدلى الشاهد نبيه حسين عواضة أنه انتمى للحزب الشيوعي في العام ١٩٨٦، لكنه كان ناشطاً في العمل الكشفي والشبابي في الحزب الشيوعي منذ العام ١٩٨٣، وفي العام ١٩٨٦ انضمّ إلى جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية التي كانت تضم بالإضافة إلى الحزب الشيوعي أحزاب يسارية أخرى كحزب البعث والحزب القومي ومنظمة العمل الشيوعي، وهو كلّف بمهمة أمنية في بلدته عيترون التي كانت ترزح تحت الإحتلال تتمثّل بمراقبة واغتيال المسؤول الأمني لصالح ميليشيا لحد علي يوسف، لكنّه لم يتمكّن من اغتياله، وهو تابع العمل المقاوم لحين اعتقاله، وأوضح أنه من سكان بيروت لكنه انتقل في العام ١٩٨٦ إلى بلدته ليدرس في مدرستها الرسمية وكان يومها يبلغ الرابعة عشرة من عمره وكلّف عندها بهذه المهمة الأمنية، وبعدها شارك بتسع عمليات انطلق فيها من بيروت نحو الجنوب، وتمّ أسره في العملية التاسعة بتاريخ 1988/9/10 في بلدة دير سريان، وكان يومها الأسير الأصغر سناً في معتقلات العدو، وأنه لم يودع في معتقل الخيام، بل في معتقل عسقلان في جنوب فلسطين المحتلة وكان معه الأسرى المحررون أنور ياسين والشهيد سمير القنطار والشيخ عبد الكريم عبيد والشيخ مصطفى الديراني وعادل ترمس وقاسم قمص ومحمد بدير ومصطفى حمود واسماعيل الزين وكثر من لبنانيين وفلسطينيين وسوريين،
رفض الوقوف إحتراماً للقاضي الإسرائيلي
وقد صدر بحقه حكم بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً من محكمة عسكرية إسرائيلية بتهمة حمل السلاح ومحاولة قتل جنود إسرائيليين، وأن محاكمته حصلت بالصورة الغيابية لأنه رفض الوقوف إحتراماً للقاضي الإسرائيلي، وهو أمضى عشر سنوات في معتقل عسقلان ثمّ خرج في 1998/6/26 في صفقة تبادل قام بها حزب الله بأشلاء جنود إسرائيليين قتلوا في عملية أنصارية، وأنه يوم تنفيذ عملية التبادل تمّ وضعه مع غيره من الأسرى المحررين في آلية عسكرية إسرائيلية ونقلوا إلى المنطقة الحدودية بين لبنان و”إسرائيل” وهناك سأله أحد الصحافيين الإسرائيليين إن كان ينوي حمل السلاح مجدّداً بعد تحريره وهو ردّ بالإيجاب، ما أدى إلى حصول نوع من الهرج والمرج بين صفوف العسكريين الإسرائيليين المشرفين على عملية التبادل، لكن لم يحصل أيّ تعرّض جسدي له كونه كان موجوداً داخل الآلية العسكرية، وكان كل شيء يحصل تحت نظر الإعلام الإسرائيلي والعالمي،
عامر الفاخوري ورمزي نهرا
وبعدها تمّ وضعهم في سيارة للصليب الأحمر ونقلهم إلى معتقل الخيام لأخذ أسرى محرّرين من هناك ضمن إطار الصفقة عينها، وبوصولهم إلى معتقل الخيام حاوره صحافي تابع لتلفزيون الشرق الأوسط التابع لسعد حداد وسأله إن كان سيعود إلى العمل المقاوم المسلّح بعد تحريره وهو ردّ بالإيجاب وبأنه سيقوم بذلك لأن الإحتلال غير شرعي ويجب أن يزول، وأن كلامه أثار غضب عناصر الشرطة في معتقل الخيام، وفي تلك اللحظة شاهد المدعى عليه عامر فاخوري وعرف اسمه لأنّ الأسير المحرّر رمزي نهرا الذي كان عميلاً مزدوجاً بين حزب الله و”إسرائيل” تحدّث معه بالإسم، وبقي إسم عامر عالقاً في ذهنه خاصة من خلال عمله مع هيئة الأسرى المحرّرين حيث كان هذا الإسم يتكرّر على ألسنتهم، ويذكر يومها أنّ عامر كان في زيّ عسكري وكان محاطاً بعناصره، وبدأ يصرخ ويشتم ويهدّد بقتلهم بسبب الكلام الذي تفوّه به هو ردّاً على سؤال الصحافي، وأنه شعر بالخوف واعتقد أنّ إحضارهم إلى معتقل الخيام هدفه تصفيتهم كون “إسرائيل” لن تجرؤ على قتلهم داخل أراضيها، وهو يعتقد أنه لولا وجود الصليب الأحمر لكان تمّ قتلهم،
100 يوم من التحقيق
وأضاف أنه خضع في مركز الإستخبارات الإسرائيلية المعروف بإسم “أمان” للتحقيق على مدى مئة يوم، كما كان يخضع للتحقيق أيضاً من قبل الموساد، وهو حُرِم من رؤية النور والشمس طوال فترة التحقيق وكان يتناول وجبة طعام واحدة ويمنع عليه النوم إلاّ لساعات قليلة، حتى إذا ما غفا يأتي الحارس ويطرق على باب الزنزانة لإيقاظه، وكان عليه الوقوف فوراً ووضع الكيس في رأسه والإستدارة نحو الحائط ورفع يديه في الهواء وإلاّ تعرّض للضرب، وهو تعرّض للتعذيب بواسطة المياه الساخنة والباردة عبر وضعه في زنزانة بالكاد تتسع له في سقفها صابورة مياه، فتفتح عليه المياه الباردة جداً وبعدها فوراً المياه الساخنة جداً، وهكذا دواليك، دون أية قدرة له على تجنّب المياه بسبب ضيق المساحة، وتبيّن له من خلال التحقيق أنّ لدى المحقّقين معلومات كثيرة عنه وعن بلدته وعن العمل المقاوم مصدرها العملاء،
أحمد طالب
وأدلى الشاهد أحمد محمد طالب أنه انتمى في العام ١٩٨٦ لحزب الله الذي كان يومها فقط حزباً مسلحاً مقاوماً ولم يكن قد انخرط في العمل السياسي، وهو لم يقم بأعمال قتالية ضد العدو لأن عمله انحصر ضمن نطاق بيروت في مركز عسكري يعنى بالتجنيد والتدريب، وأنّه تعرّض للإعتقال في 1987/12/18 على متن باخرة مدنية متوجهة نحو قبرص حين كان يعمل كبحّار، وكان في تلك الفترة قد علّق عمله الحزبي بسبب حاجته المادية لإكمال علمه، وهو تعرّض للإعتقال من قبل ميليشيا القوات اللبنانية وبقي محتجزاً لديهم لمدّة سنتين، وأنه لم يودع في معتقل الخيام، بل سلّم مباشرة إلى العدو ووضع في سجن سرّي لا يعرف اسمه حتى اليوم تابع للموساد وبقي فيه حتى العام ١٩٩٤، حين نقل إلى سجن بئر السبع ثم إلى سجن كفريونا في نتاليا شمالي فلسطين المحتلة ثم إلى سجن أيالون في الرملة وسط فلسطين المحتلة، إلى حين تحريره في 2000/4/19 في صفقة تبادل أرساها حزب الله شملت ثلاثة عشر أسيراً،
التحقيق لدى القوّات اللبنانية
أما عمّا لديه ليقوله بشأن المدعى عليه عامر فاخوري فهو أنه وعلى الرغم من خضوعه للتحقيق لدى ميليشيا القوات اللبنانية إلاّ أن هذا التحقيق لم يكن مبنياً على أساس انتمائه لحزب الله وإنما فقط لكونه مسلماً وهو تعرض خلاله للتعذيب كالضرب والتعليق والإهانات والتهديد بالقتل والجلد والركل، لكن بعد نقله إلى داخل فلسطين المحتلة والتحقيق معه مجدداً على مدى شهر تعرض خلاله للتعذيب كالحرمان من النور والشمس والسجن الإنفرادي والمنع من النوم والوقوف أو الركوع لفترات طويلة جداً والطعام بكميات قليلة جداً، فقد تبين له من خلال التحقيق أن مع العدو معلومات دقيقة جداً وصلته من عملائه، وهو ومن خلال عمله في جمعية الأسرى تبين له أن ما خضع له من تعذيب جسدي لدى ميليشيا القوات اللبنانية وما علمه عن التعذيب الجسدي الذي يمارس في معتقل الخيام لا يختلف عن التعذيب النفسي الذي تعرض له لدى الإسرائيليين، وهو لم يتعرض للتعذيب الجسدي لديهم لسبق تعذيبه في لبنان،
التسلية بالأسرى بطريقة سادية
وهو يعتبر أن من حقه كأسير محرر وكرئيس لجمعية الأسرى أن يتقدم بإخبار بحق المدعى عليه عامر فاخوري ويعتبره مجرم حرب، وأن عامر لم يكن مجبراً على الإنضواء ضمن صفوف جيش لحد ولا على القيام بكل ضروب التعذيب التي مارسها بحق الأسرى والتي وصلت إلى حدّ التسلية بهم بطريقة سادية،
كما يذكر أيضاً أسماء جان الحمصي وأسعد سعيد وأنطوان حايك وحنا سلامي الملقب “عويجان” والشخص الملقب “أبو برهان” الذي كان يعمل مع جان الحمصي في التحقيق،
“محكمة” – الأربعاء في 2020/2/5
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.