بعد أكثر من ثلاثين عاماً كارثة تشيرنوبل تعود إلى الواجهة/جنى أبو صالح
الدكتورة جنى أبو صالح:
شبّت حرائق ضخمة في منطقة تشيرنوبل في أوكرانيا، ويحاول أكثر من 100 رجل إطفاء مدعومين بطائرات ومعدّات أخرى العمل على إخمادها، وأكّدت السلطات أنّ ألسنة اللهب انتشرت على مساحة تبلغ حوالي 100 هكتار داخل منطقة الحظر القريبة من المحطّة النووية السابقة والتي تبلغ مساحتها 2600 كلم مربّع ، وهي المنطقة التي تمّ تحديدها بعد كارثة العام 1986 التي لا تزال أسوأ حادث نووي في العالم، وقد أعلن رئيس دائرة التفتيش البيئي عن أنباء سيّئة تفيد بأنّ مستوى النشاط الإشعاعي في قلب الحريق أعلى بـ 16 مرّة من مستوى المعدّل الطبيعي، وقد أتى الحريق على حوالي 20 هكتاراً من الغابات المحيطة بالمحطّة النووية السابقة.
من الصعب أن نتخيل مأساةً أسوأ من كارثة تشيرنوبل، ولكنّ الأصعب هو أن نفهم كيف حاول رجال السلطة في الاتحاد السوفييتي بكلّ الوسائل إخفاء أكبر كارثة نووية في التاريخ.
إرث كارثة تشيرنوبل
وقعت حادثة تشيرنوبل النووية فى أبريل من عام 1986، وقد أسفرت عن نشر التلوّث الإشعاعى على نطاق واسع فى المناطق المأهولة بالسكّان، في جمهوريات روسيا البيضاء وروسيا وأوكرانيا من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق. وعقب وقوع الحادثة مباشرة تمّ إجلاء سكّان مدينة prypiat القريبين من محطّة توليد الكهرباء حيث وقعت الحادثة الرهيبة، وتلا هذا إجلاء جميع السكّان الذين يعيشون في مناطق تقع داخل دائرة نصف قطرها 30 كيلو متراً حول المحطّة الشهيرة. وفي ما بعد تمّ فرض العديد من القيود الملزمة على الدخول والخروج من المنطقة، وكذلك على المواد الغذائية المستهلكة، وبمجرّد تنفيذ تلك الخطوة بدأت بعدها الخطوة التالية مباشرة وهى إزالة التلوّث الإشعاعي، واتخاذ العديد من الخطوات المضادة هيدرولوجيا وزراعياً؛ للتقليل من آثار التلوّث الإشعاعى الناجم.
وخلال الأشهر التي تلت وقوع الحادثة وخلال طور حالة الطوارئ آنذاك، فقد تمّ اتخاذ تدابير إضافية تكفل التقليل التدريجي لانتقالات مزيد من السكّان من وإلى المناطق المتضرّرة، وانتهى الأمر بوضع تدابير مضادة تكميلية منعت الانتقالات تماماً. وظهرت بعد ذلك تدريجياً قضيّة إعادة التأهيل على المدى الطويل – تحديداً في أواخر الثمانينات – عندما صار الوضع أكثر وضوحاً.
هدفت الاستراتيجيات الوقائية التي اعتمدت بعد مرحلة الطوارئ إلى نقل السكّان بعيداً عن المناطق الملوّثة إشعاعياً، والحدّ من انتشار التلوّث، فى محاولة للسيطرة على تلوّث البيئة بشتّى الطرق. كلّ هذه الاستراتيجيات جيدة، إلاّ أنّها لم تكن كافية، ولم تكفل وقاية السكّان المقيمين بشكل دائم في مناطق شاسعة الاتساع، ولكنّها أقل تلوّثاً.
شكّل التلوّث الإشعاعي على المدى الطويل في هذه المناطق مصدر قلق دائم للسكّان؛ خاصة لارتباطه بالصحّة، بسبب حالة عدم اليقين بشأن ما تبقى من مصادر التعرّض الإشعاعي على المدى الطويل، ولا سيّما بسبب التلوّث الإشعاع الداخلي الأشدّ خطراً والأكثر مدعاة للقلق. كما ظهرت أيضاً عقبة أخرى غاية في الخطورة؛ وهى كيفية تدبير سبل الحفاظ على نوعية الحياة وجودتها على المدى الطويل، بداية من السكّان، ومروراً بالصيانة المستديمة للبنية التحتية الإجتماعية والإقتصادية.
في عام 1990، اعتمدت الجمعية العامة القرار 190/45 ، داعية فيه إلى “التعاون الدولي في معالجة الآثار الناجمة عن حادثة محطّة تشيرنوبل للطاقة النووية وتخفيفها”. وكان ذلك بداية مشاركة الأمم المتحدة في الجهود المبذولة لإنعاش تشيرنوبيل. وأنشئت فرقة عمل مشتركة بين الوكالات لتنسيق التعاون بشأن تشيرنوبيل. وفي عام 1991، أنشأت الأمم المتحدة الصندوق الاستئماني لتشيرنوبيل – يعمل حالياً تحت إدارة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية. ومنذ عام 1986، دشّنت المؤسّسات التابعة للأمم المتحدة والمنظّمات غير الحكومية الرئيسية ما يزيد عن 230 مشروعاً من مشاريع البحوث والمساعدة في مجالات الصحّة والسلامة النووية وإعادة التأهيل والبيئة وإنتاج الأغذية النظيفة والمعلومات.
وفي عام 2002، أعلنت الأمم المتحدة تحوّلاً في استراتيجيتها بشأن تشيرنوبل، مع تركيز على نهج إنمائي طويل الأجل. وأخذ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومكاتبه الإقليمية في البلدان الثلاثة المتضرّرة، زمام المبادرة في تنفيذ الاستراتيجية الجديدة. وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب قرارها 71/125 المؤرّخ في 8 كانون الأول/ديسمبر 2016، سعياً منها لزيادة الوعي بالآثار الطويلة الأجل لكارثة تشيرنوبيل، إعلان يوم 26 نيسان/أبريل بوصفه اليوم لإحياء ذكرى كارثة تشيرنوبيل، على أن يبدأ الاحتفال به كلّ سنة اعتباراً من عام 2017. ودعت جميع الدول الأعضاء، والوكالات المعنية في منظومة الأمم المتحدة والمنظّمات الدولية الأخرى، فضلاً عن المجتمع المدني، إلى الاحتفال بهذا اليوم.
فالأضرار النووية تتمتّع بخصوصية تميّزها عن باقي الأضرار التقليدية، من حيث فداحتها واتساعها المكاني، وسرعة انتشارها، واتسامها بطابع الخفّية والكمون، حيث تتراخى نتائجها إلى المستقبل، الأمر الذي أدّى لاستحداث نظام قانوني استثنائي للمسؤولية المدنية عن الأضرار النووية، يعتمد على المسؤولية الموضوعية، كأساسٍ للتعويض.
أوّلا”- الأضرار النووية ترتّب المسؤولية المدنية:
أسفرت الجهود التي بذلتها المنظّمات الدولية المعنية بالطاقة النووية عن إبرام عدّة اتفاقات في مجال تنظيم المسؤولية المدنية عن الاستخدام السلمي للطاقة النووية. وقد تباينت تلك الاتفاقات في تعريفها للضرر النووي، فمنها من ضيّق في مفهومه، ومنها من توسّع فيه، وذلك كما يأتي:
1- إتفاقية باريس بشأن المسؤولية المدنية في مجال الطاقة النووية لسنة 1960
تعدّ اتفاقية باريس أوّل آلية إقليمية تعمل في إطار منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأوروبية ووكالة الطاقة النووية ، حيث أبرمت اتفاقية باريس بشأن المسؤولية المدنية في مجال الطاقة النووية في 29 يوليو 1960 من جانب خمس عشرة دولة أوروبية، ودخلت حيّز التنفيذ في 1 أبريل 1968، وتطبّق أحكامها فقط في حالة حدوث حادث نووي في إقليم إحدى الدول المتعاقدة، ولا تلزم غيرها من الدول.
لم تتصدّ إتفاقية باريس 1960 مباشرة لتعريف الضرر النووي، بل عرضت عليه بشكل غير مباشر، من خلال تعريفها للحادث النووي تارة، وتحديد مسؤولية مشغّل المنشأة النووية تارة أخرى حيث عُرِّف الحادث النووي وفقاً للمادة الأولى، فقرة أ/ 1 من اتفاقية باريس لسنة 1960 ، أنّه “كلّ واقعة أو سلسلة من الوقائع، ذات أصل واحد، سبّبت أضراراً، طالما أنّ هذه الوقائع أو بعض الأضرار المتسبّبة قد صدرت، أو نتجت إمّا عن الخواص الإشعاعية، أو اجتماع الخواص الإشعاعية والخواص السامة والانفجارية، أو خواص خطرة أخرى للوقود النووي، أو المنتجات، أو النفايات المشعّة، أو عن إشعاعات مؤينة صادرة عن أيّ مصدر آخر للإشعاعات، يوجد داخل منشأة نووية”.
2- إتفاقية فيينا بشأن المسؤولية المدنية عن الأضرار النووية لعام 1963
أبرمت اتفاقية فيينا بشأن المسؤولية المدنية عن الأضرار النووية في 21 مايو 1963 ، ودخلت حيّز النفاذ في 12 نوفمبر 1977 تحت رعاية الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ووقّع على إبرامها تسع دول، وما لبث أن ازداد عدد الأطراف الموقّعين مع صدور بروتوكول 1997 المعدّل للإتفاقية، ليصل إلى أربعين دولة سنة 2014 ، تعتبر غالبيتها من قبيل الدول النامية، حديثة العهد بالطاقة النووية والاستخدامات السلمية لها، خاصة في مجال إنتاج الكهرباء. وقد استلهمت اتفاقية فيينا ذات المبادئ والأفكار التي اعتنقتها اتفاقية باريس، جملة وتفصيلاً؛ حيث أوردت نظاماً للمسؤولية المدنية عن الأضرار الناشئة عن استغلال المنشآت النووية، يقوم على ذات المبادئ والأسس التي أقرّتها اتفاقية باريس بشأن المسؤولية، برغم وجود بعض الاختلافات في بعض النقاط الثانوية. وتتميّز هذه الاتفاقية عن اتفاقية باريس من حيث اتساع نطاقها؛ ففي حين تتسم اتفاقية باريس بطابعها الإقليمي؛ فهي قاصرة على دول أوروبا، فإنّ اتفاقية فيينا تتميّز بما لها من طابع عالمي، وهي مفتوحة لانضمام كلّ دولة عضو في منظّمة الأمم المتحدة، فهي بذلك اتفاقية عالمية التطبيق، بعكس اتفاقية باريس إقليمية التطبيق، لقد عرفت اتفاقية فيينا بشأن المسؤولية المدنية عن الأضرار النووية لسنة 1963 الأضرار النووية في المادة الأولى/ فقرة 11 على أنّها:
“1- الوفاة أو الإصابة الشخصية، أو أيّ خسائر أو أضرار في الممتلكات، تنشأ أو تنجم عن الخواص الإشعاعية، أو عن مزيج من الخواص الإشعاعية والخواص السمية أو التفجيرية، أو غيرها من الخواص الخطرة، التي يتسم بها ما في المنشأة النووية من وقود نووي، أو نواتج، أو نفايات مشعة، أو التي تتسم بها المواد النووية الواردة من المنشأة النووية، أو المواد النووية المتولّدة داخل المنشأة، أو المرسلة إليها؛
2 – وأي خسائر أو أضرار أخرى، تنشأ أو تنجم على هذا النحو، إذا كان قانون المحكمة المختصة ينصّ على ذلك، وبالقدر الذي ينصّ عليه؛
3- والوفاة أو الإصابة الشخصية، أو أي خسائر أو أضرار في الممتلكات، تنشأ أو تنجم عن إشعاعات مؤينة أخرى، منبعثة من أيّ مصدر إشعاعي آخر، موجود داخل المنشأة النووية، إذا كان قانون دولة المنشأة ينص على ذلك .
3- بروتوكول تعديل اتفاقية فيينا للمسؤولية المدنية عن الأضرار النووية 1997
أدرك المجتمع الدولي بعد حادثة تشيرنوبل 1986 الحاجة إلى نظام قانوني جديد يوفر حماية أكبر للمتضرّرين بسبب الحوادث النووية خاصة وأنّ الإتحاد السوفياتي آنذاك، قد تنصّل من تحمّل المسؤولية عن الأضرار التي تسبّب فيها. وبهدف تقوية النظام القائم، الخاص بالمسؤولية المدنية عن الأضرار النووية، وتحسين موقف الضحايا المحتملين للحوادث النووية، بدأت سنة 1989 مفاوضات بين الدول لتنقيح إتفاقية 1963 ، وجعلها أكثر فاعلية، وفي 12 سبتمبر 1997 تمّ التوقيع على بروتوكول 1997 المعدّل لاتفاقية فيينا، وتوالت بعد ذلك تصديقات الدول المختلفة.
هذا البروتوكول يعمل على تحسين موقف الضحايا المحتملين للحوادث النووية، دون أن يؤثّر في المفهوم الأساسي للاتفاقية، كما رفع من قيمة التعويض عن الأضرار النووية، ووسع من نطاق التطبيق.
وقد كان من ضمن مواد الاتفاقية المعدّلة، المادة الخاصة بتعريف الأضرار النووية، حيث استبدل التعريف السابق للأضرار النووية في اتفاقية فيينا 1963 بتعريف أكثر تنظيماً، وشمولاً؛ حيث شمل أضراراً جديدة، لم يتمّ الإشارة إليها في الاتفاقات السابقة، كما يأتي:
« 1- الوفاة أو الإصابة الشخصية. 2- فقدان الممتلكات أو تلفها؛ وكل عنصر من العناصر التالية، بالقدر الذي يحدده قانون المحكمة المختصة. 3-الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الفقدان أو التلف، المشار اليهما في الفقرتين الفرعيتين 1 و 2، وبالقدر غير الوارد في هاتين الفقرتين الفرعيتين، إذا ما تكبّدها شخص، يحقّ له المطالبة بالتعويض عن مثل هذا الفقدان أو التلف. 4 – تكاليف تدابير استعادة الأوضاع في البيئة المتلفة، ما لم يكن التلف طفيفاً، إذا كانت هذه التدابير قد اتخذت بالفعل أو يزمع اتخاذها، وبالقدر غير الوارد في الفقرة الفرعية 2. 5- فقدان الدخل الناجم عن منفعة اقتصادية من استخدام البيئة أو التمتع بها، المتكبد نتيجة لتلف شديد يلحق بتلك البيئة، وبالقدر غير الوارد في الفقرة الفرعية 2. 6 -تكاليف التدابير الوقائية، وكل خسارة أو أضرار أخرى سببتها مثل هذه التدابير. 7 -أي خسائر اقتصادية أخرى، خلاف أي خسائر ناتجة عن إتلاف البيئة، إذا أباح ذلك القانون العام للمسؤولية المدنية، الذي تطبقه المحكمة المختصة. وفي حالة الفقرات الفرعية من 1 إلى 5 و 7 أعلاه، بقدر ما تكون الخسائر أو الأضرار قد نشأت أو نجمت عن الإشعاعات المؤينة، المنبعثة من أي مصدر إشعاعات داخل منشأة نووية، أو المنبعثة من الوقود النووي، أو النواتج المشعة أو النفايات المشعة الموجودة في منشأة نووية، أو التي تعزى إلى مواد نووية، واردة أو ناشئة من منشأة نووية، أو مرسلة إلى منشأة نووية، سواءً كانت ناجمة عن الخواص الإشعاعية لهذه المواد، أو مزيج من الخواص الإشعاعية والخواص السمية أو الانفجارية، أو الخواص الخطرة الأخرى لهذه المواد .
ثانيا”- خصائص المسؤولية المدنية لمستغل المنشأة النووية:
تتميّز المسؤولية المدنية لمشغل المنشأة النووية بعدد من الخصائص:
1. مسؤولية موضوعية، إنّ الإنشغال لضمان حماية فعالة لضحايا أضرار التلوّث الذي تسببه المنشأة النووية قد فرض على الإتفاقيات التي تناولت موضوع المسؤولية المدنية لمستغل المنشأة النووية عن هذه الأضرار إقرار مبدأ (مسؤولية موضوعية) استنادا إلى نظرية المخاطر حيث يعتبر مستغل المنشأة مسؤولا مسؤولية مطلقة عن الأضرار النووية ؛ ويقصد بالممسؤولية المطلقة إقامة التبعية على عاتق المسؤول عن نشاط خطر، بما يحدثه بالغير من أضرار، ودون اللجوء إلى إثبات الخطأ من جانبه.
فالمسؤولية المطلقة تحقق فائدتين إحاهما وقائية لمنع الأنشطة ذات الأخطار التي تضر بالبيئة والأخرى تعويضية عن الأضرار التي تتركها تلك الأنشط العابرة للحدود.
2. مسؤولية محددة- يعد مبدأ تحديد المسؤولية شرطاً لازماً لقيام المسؤولية الموضوعية لذلك قررت الإتفاقيات المتعلقة بالمسؤولية المدنية الناتجة عن أضرار الطاقة النووية، تحديد هذه المسؤولية بمبالغ معينة وحددت هذه الإتفاقيات الحد الدنى والحد الأقصى للمبالغ الخاصة بتغطية الأضرار الناتجة عن المنشآت النووية، كما قامت الدول بتحديد تلك التعويضات ضمن تشريعاتها الداخلية ؛
إلا أن مبالغ التعويضات التي رصدت ضمن الإتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية يوجه لها الكثير من الإنتقادات إذ أنها غير كافية لإصلاح الأضرار المحتمل وقوعها.
3. مسؤولية مركّزة – أمام تعدّد المسؤولين المحتملين عن إحداث الأضرار الناتجة عن استعمال المنشآت النووية ومن أجل رفع الحواجز التي قد تواجه طالبي التعويض، عمدت القواعد الإتفاقية بشأن المسؤولية المدنية في هذا المجال النووي إلى تحديد المسؤول القانوني عن هذه الأضرار من خلال إقرارها مبدأ تركيز المسؤولية، فأقرّت الإتفاقيات الدولية بإلقاء مسؤولية الأضرار على مستغلّ المنشأة النووية باعتباره الشخص الذي تحدّده وتعترف به السلطة العامة لكونه مستغلاً لهذه المنشأة.
فالمنشآت النووية تتسم بالخطورة نظراً لما ينتج عنها من كوارث بيئية وصحيّة بالإنسان وممتلكاته، حتّى أنّ التعويض بعد وقوع الكارثة لن يفضي إلى إعادة الوضع إلى ما كان عليه خصوصاً في المجال البيئي.
هل الطاقة النووية خيار لخفض الإنبعاثات انبعاثات الغازات الدفيئة؟
تشكّل الطاقة النووية في رأي الكثيرين مصدراً مهمّاً من مصادر الطاقة لاستعمالات مدنية، فأصبحت العلوم النووية أساساً في بعض الأبحاث الطبّية والزراعية والصناعية، وتمتاز الطاقة النووية باستهلاكها المخفّض للوقود مقارنةً مع محطّات الوقود الأحفوري، فتعتبر مصدراً نظيفاً نظراً لعدم إطلاقه مواد كيميائية وملوّثة خلال استخدامه كما يمكن إنتاج كمّيات كبيرة من الطاقة. ويعتبر طول أمد تشغيل المحطّات إلى فترة زمنية تصل إلى 40 سنة.
في المقابل، ينتقد آخرون هذا المنظور بشدّة لعدّة أسباب، منها التكلفة الباهظة الثمن لتلك المحطّات طويلة الأمد، والحاجة الماسة إلى كمّيات ضخمة من الماء لتشغيل المفاعلات النووية، وضرورة التخلّص من النفايات المشعّة في المناطق الخالية من الأخطار الزلزالية وضرورة تخزينها لفترة طوية بشكل غير مسبوق وهي مشكلة لم تحلها الصناعات النووية بعد، كما أنّ تعدين اليورانيوم قد يكون له آثار وخيمة على التنوّع البيولوجي وخلق مشاكل صحية لعمّال المناجم. إضافة إلى القلق الواسع النطاق حول الآثار المتعلّقة بالسلامة والتي أبرزتها هاريسبورغ في الولايات المتحدة، وحادثة فوكوشيما في اليابا والتي تعرّضت للزلزال عام 2011 ولا تزال غير مستقرّة تماماً حتّى الآن، أضف إلى ذلك حادث تشرنوبل 1986 التي ظهرت اليوم مع اندلاع الحرائق وظهور ارتفاع مستوى النشاط الإشعاعي في المنطقة.
“محكمة” – الجمعة في 2020/4/17
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.