المثلية الجنسية خيار أم مرض؟/مريانا برو
تحقيق المحامية مريانا برو:
تعرّف المثلية الجنسية، ويقال لها بالإنكليزية (Homosexuality)، على أنّها توجّه جنسي يتسم بالإنجذاب الشعوري، والرومنسي، والجنسي بين أشخاص من نفس الجنس.
ويرجع تاريخها إلى آلاف السنين، ووجدت في كثير من الحضارات كما يستدلّ على ذلك من بعض الرسومات واللوحات والمنحوتات الموروثة منها. ووفق أبحاث وتقارير كثيرة أجريت في السنوات الأخيرة، فإنّ المثلية موجودة في عالم الحيوان أيضاً، وهناك قرابة 1500 فصيلة حيوانية مثلية، وبالتالي فهي لا تقتصر على الإنسان.
وثمّة اختلاف في رؤية القانون والقضاء إلى الحالات المعروضة عليه، ولذلك فإنّ السؤال الرئيسي هو هل المثلية الجنسية من الناحية القانونية، جرم يعاقب عليه، أم حقّ طبيعي من حقوق الإنسان؟!
يجد الأستاذ الجامعي الدكتور جيلبير سليمان في حديث مع “محكمة” أنّه للإجابة على هذا السؤال الشائك، لا بدّ من عرض التطوّر التاريخي لوضع هؤلاء الأشخاص الذين عاشوا في مختلف المجتمعات منذ القدم حتّى عصرنا هذا. فالقيم الإجتماعية تتشابه مبدئياً بين شعوب الأرض وإن كان تطوّرها لا يأتي متزامناً في ما بينها، فنرى ما كان مرفوضاً في بعض الدول قد أصبح مسموحاً الآن، ليأتي التغيير لاحقاً بعد عدّة سنوات فيطال دولاً أخرى ولو بعد حين.
تعاطي الدول
ويستعرض سليمان ما حفلت به بعض الدول كنموذج عن تعاطيها مع حالات المثلية الجنسية، ومنها القانون الفرنسي الذي ظلّ حتّى نهاية القرن الثامن عشر، يعاقب المثليين بعقوبة الإعدام، وقد نفّذ آخر إعدام في السادس من حزيران العام 1750 في باريس وطاول جان ديو وبرونو لونوارJean Diot et Bruno Lenoir شنقاً، ثمّ أحرقت الجثّتان وصودرت كلّ أملاكهما.
ومع الثورة الفرنسية في العام 1791، كانت فرنسا من أولى الدول التي نزعت الصفة الجرمية عن الأفعال المثلية بين الراشدين ولكنْ مع الإبقاء للشرطة على صلاحية إحصاء المثليين وتنظيم ملفّات شخصية لهم، وقد استمرّ هذا الإجراء طوال مئتي سنة حتّى عام 1981، وذلك بهدف منع دعارة القاصرين والفضائح وعمليات الإبتزاز التي قد تحصل في مثل تلك الحالات.
وفي العام 1974، خُفّض سنّ الرشد الجنسي في حالة المثلية إلى 18 عاماً بعد أن كان 21 عاماً تحت طائلة العقوبة. وفي العام 1983 عُدّل قانون الموظّفين حيث شُطبت عبارة”العادات الجيّدة” من نظامهم العام، ومنذ العام 2004 أضحى القانون حمائياً صرفاً لصالح المثليين ليعاقب سائر أفراد المجتمع ممن يتعرّضون للمثليين خاصةً بالعبارات العلنية التي تحضّ على الكره وترمز إلى الإهانة والتفرقة!
لبنان يجرّم العلاقات المثلية
أمّا في لبنان، فإنّ قانون العقوبات اللبناني يجرّم العلاقات المثلية وفقاً لأحكام المادة 534 منه والتي تنصّ على أنّ كلّ مجامعة على خلاف للطبيعة يعاقب عليها بالحبس حتّى سنة واحدة. ولكن بالرغم من هذا النصّ الصريح، تمكّن الإجتهاد اللبناني منذ العام 2009، من فتح ثغرة صغيرة أضاء فيها على هذه الظاهرة الإجتماعية في لبنان والبلاد العربية ليبدأ نقاشٌ جدّي حول حقوق تلك الفئة من الناس.
وبمراجعة بعض الأحكام الصادرة في هذا الشأن، نلاحظ أنّ القضاة ركّزوا تارةً على أنّ القانون لم يحدّد مفهوماً معيّناً للطبيعة أو معياراً يجري على أساسه تحديد مدى تطابق أو مخالفة الفعل للطبيعة ولقوانينها، وطوراً على اعتبار المثلية ممارسة لحقّ طبيعي، وليست جريمة جزائية، مع التشديد على دور المحكمة الأوّل والأساس والمتمثّل بحماية الحرّيات العامة وصون حقوق الإنسان بما يحفظ له كيانه وكرامته ضمن المجتمع الذي يعيش فيه، دون تمييز أو تفضيل لأيّ فرد آخر.
ويعتبر سليمان أنّ المثلية الجنسية “حقّ طبيعي من حقوق الإنسان، فهي خيار وليست مرضاً يستتبع سجن من يعاني منه، خاصةً بعد إزالتها من قِبل منظّمة الصحّة العالمية من قائمة الأمراض والاضطرابات النفسية، مشيراً إلى أنّ للمحكمة حرّية تفسير كلمة “الطبيعة” الواردة في نصّ المادة 534 عقوبات وفقاً لقناعاتها المبنية على العلم وتطوّر المفاهيم الإجتماعية”.
ويعتبر الدكتور سليمان أنّ شرعة حقوق الإنسان والدساتير بشكل عام كفلت حرّية المواطنين ضمن حدود القانون، والمثلية هي إحدى صور الحرّية والحقّ بالتعبير، سواء التعبير عن شعور أو عن رأي، وبالتالي يجب عدم معاقبة من يدلي برأيه أو يُظهر ميوله قولاً أو فعلاً، وإلاّ اعتبر الأمر مسّاً بكرامته كإنسان.
فئة من الناس
ويستشهد سليمان بالتاريخ ليقول إنّ عقوبة الإعدام لم تستطع أن تزيل المثلية الجنسية من الوجود، ولا أن تخفّف من نسبتها، وهذا يعني برأيه، أنّه”يجب التعامل مع المثليين كفئة من الناس لن تختفي مع الوقت، ولا يجوز بالتالي، تركهم خارج النسيج الإجتماعي”، مشيراً إلى أنّ “الإعتراف بالمثلية الجنسية كحقّ يقلّل كثيراً من عدد الجرائم التي تُرتكب بحقّهم من قبل سائر أفراد المجتمع الذين يقومون بابتزازهم، فيرضخون مرغمين خوفاً من فضح حقيقتهم”. ولا يغفل سليمان الحديث عن جرائم الإغتصاب التي تُرتكب بحقّهم داخل السجون حيث يتمّ وضعهم في زنزانات مع باقي السجناء حسب جنسهم المذكور على الهويّة دون مراعاة ما قد يتعرّضون له من مخاطر جمّة.
ويسأل الدكتور سليمان عن “هدف العقوبة التي قضت بها المادة 534 عقوبات وجدواها الإصلاحي، فهل حبس المثليين بين شهر وسنة سيغيّر من “طبيعتهم”؟ وهل حبسهم سيمنعهم عن العلاقات المثلية بعد تنفيذهم للعقوبة المقضي بها، أم سيجعلهم أكثر حذراً وسريةً فقط لا غير؟ ليخلص إلى القول “بعدم تلازم وترابط عقوبة المادة 534 مع حالة المثلية التي وُصِفت بأنّها جريمة”.
ويشرح سليمان من وجهة نظره، ما قصده المشترع بالمجامعة خلافاً للطبيعة، بأنّه “ليس العلاقات بين المثليين أو المتحوّلين جنسياً، بل هي كلّ مجامعة بين رجلٍ وامرأة، أو بين رجلين أو إمرأتين، تخرج عن أطر السلامة الجسدية والنفسية للشريك وطبعاً من دون رضاه. كمن يجامع شريكته مثلاً مستعملاً آلات حادة أو أدوات خطرة أو يقوم معها بعلاقة جنسية يلزمها فيها على ممارسات لا ترضى بها، فيطبّق عندها نصّ المادة 534 عقوبات وبصرف النظر عن تشابه جنسيّ الشريكين أو اختلافه وبهدف حماية أحدهما من ممارسات الآخر. وإنّنا نرى أنّه بالإمكان، الإستفادة من نصّ المادة 534 عقوبات من أجل تطبيقه على حالات قد لا تستجمع عناصر جرم الإيذاء المقصود مثلاً، فيمكن عندها للمتضرّر اللجوء إلى القضاء من أجل طلب الحماية من ممارسات شريكه التي تعدّت حدود الطبيعة وبدأت تسيء إليه جسدياً أو حتّى نفسياً”.
تبعات قانونية
ويربط سليمان بين ما إذا كانت المثلية الجنسية حقّاً أو جرماً، بالقرار المسبق بمدى الحرّية التي سيمنحها المجتمع لهذه الفئة من الناس، فإذا اعتبرنا العلاقات المثلية جرماً جزائياً، وجُب تطبيق النصّ حرفياً وعدم التساهل مطلقاً خاصة مع الحرّية التي نراها في بعض النوادي الليلية في لبنان وعلى صفحات التواصل الإجتماعي. أمّا إذا سلّمنا بأنّ المثلية هي حقٌّ طبيعي من حقوق الإنسان، فلا يجب التوقّف عندها حيث انتهى اجتهاد القضاء اللبناني، لا بل من هنا، قد نبدأ. فالإعتراف بحقوق المثليين له تِبْعات قانونية عديدة ومتفرّعة، قد لا يقبل بها حتّى بعض القضاة ممّن حماهم من عقوبة المادة 534، وعندها سنصطدم لا محالة بإشكالية قانونية كبيرة وهي معاملة المثليين، وهم أصحاب حقّ طبيعي، كمعاملة سائر أفراد المجتمع، فنقع عندها بنظر البعض في المحظور، إذ ستُطرح عندها مسألة منحهم ما تبقّى من الحقوق المدنية وهي الحقّ بالزواج، وتكوين الأسرة، والإرث، فمن غير المقبول أبداً منحهم بيد، ما سُمّي ﺑ”حق طبيعي” لهم، لنعود ونسلبهم باليد الثانية، سائر الحقوق المنبثقة عن الحقّ الأوّل. فهل المجتمع اللبناني في يومنا هذا على استعداد لتغليب إنسانيته على سائر معتقداته الدينية وعاداته وتقاليده الإجتماعية؟ وهذا سؤالٌ برسم كلّ مواطن مسؤول.
وماذا عن نظرة القضاة الشباب والقضاة الأكبر سنّاً إلى المثلية الجنسية وغيرها من الملفّات التي تطرح جدلاً في المجتمع؟ نسأل الدكتور سليمان، فيجيب بأنّ “للسلطة القضائية دوراً يتجاوز إحقاق الحقّ وإرساء العدالة، وهو تطوير المجتمع أخلاقياً وإنسانياً وحثّ المشترع دوماً على تعديل النصوص بما يضمن حماية حقوق الإنسان ويفعّل تطبيقها من أجل الإرتقاء نحو الإحترام الكلّي للطبيعة البشرية بعيداً عن أيّ تفرقة أو تمييز. ومن المعلوم أنّ الأجيال تختلف عن بعضها البعض في الأفكار والسلوكيات ممّا سينعكس حتماً على اجتهاد المحاكم وخاصة في بعض المسائل المثيرة للجدل كالمثلية الجنسية وغيرها من المواضيع. فالقضاة من جيل الشباب يتميّزون بثقافة قد تتناقض في بعض الأحيان جذرياً مع ثقافة زملائهم الأكبر سنّاً. فهم توّاقون إلى الإستقلالية والتغيير والتفلّت من بعض الضوابط والحواجز”.
صراع داخلي وخارجي
ويلاحظ سليمان أنّ الطلاّب بأغلبيتهم يتقبّلون زملاءهم المثليين بشكل لافت للنظر، لا بل إنّهم يتعاملون معهم وكأنّ شيئاً لم يكن، وقد يكون ذلك مردّه إلى وسائل التواصل الإجتماعي التي سمحت بعبور مختلف الأفكار والتيّارات حدود الأوطان، معرباً عن اعتقاده بأنّهم يعيشون في مجتمعنا حالةً من الصراع الداخلي والخارجي ويعانون الأزمات الداخلية النفسية والخوف وغيره تبعاً لكلّ شخص، فبطبيعة مجتمعنا الذي يعدّ منغلقاً جنسياً، لا يمكن للمثلي أن ينعم بالسلام إلاّ بعد صراع مرير، فالصراعات التي يعيشونها تبدأ من التربية والمجتمع وصولاً إلى القانون الذي يتناسب والتقاليد، لا التطوّر الإنساني والعلمي” .
يعيش المثلي حالة من الصراع الدائم في نفسه وبين عقله الباطني وجسده، وقد يكون هذا الأمر من أجل أن يتفادى جلد نفسه وجلد المجتمع له، ولكن لا يمكن تغيير طبيعة الأفراد، فهل على المجتمع أن يتقبّل ويحترم حقوق المثليين ويتركهم يمارسون مشاعرهم، كما يريدون، أو أنّ سيف الجلد سيبقى مسلّطاً؟
المثلية والأديان
إنّ جميع الأديان تحرِّم المثلية الجنسية بشكل قطعي، وتعتبرها خطيئة كبرى، وتصل عقوبة هذا الفعل إلى الإعدام كما حصل قبل عصر النهضة في أوروبا حيث تمّ إعدام الكثيرين من المثليين إستناداً إلى أسس دينية.
يقول الأب بولس وهبة لـ“محكمة” إنّ “الإيمان المسيحي ضدّ اللواط أو السحاق، أو ما يسمّيه البعض الشذوذ الجنسي، وأنا اسمّيه باللغة المعاصرة، المثلية، لأنّ الكتاب المقدّس إبتداء من قصّة الخلق الرمزية في بدايته، تتحدّث على أنّ الله خلق الإنسان ذكراً وأنثى، ولهذا يترك الإنسان أباه وأمّه ويلازم إمرأته فيصيران جسداً واحداً، وفي العهد الجديد، تستعمل هذه الآية للدلالة على أنّ الوضع الطبيعي لارتباط الإنسان بآخر إرتباطاً جنسياً، كيانياً، وجودياً، إجتماعياً، هو بين امرأة ورجل، وعنه ينتج الأولاد وتتكوّن العائلة التي هي عماد المجتمع”.
ويضيف وهبة:”نحن نعرف من الناحية السيكولوجية، والإجتماعية، أنّ الولد بحاجة لصورة الأب، أو دور الأب، أو وجود الأمّ لكي يتكاملون مع بعض، لذلك تعتبر العلاقة بين رجل ورجل، أو امرأة وامرأة، شذوذاً جنسياً، وبحسب ما يقول بولس الرسول مخالفاً للطبيعة، ولكنْ في حال اعتبرناها خطيئة، فنحن لا نكره الخاطئ، بل نحتضنه ونتعاطى معه بتفهّم، ونحن ملمّون بالأبحاث الجديدة التي تصدر اليوم، وتعتبر المثلية شيئاً متوارثاً بالجينات، أيّ عنده إستعداد للمثلية إذا أتت ظروف وحرّكت هذا الموضوع، بينما ظروف مشابهة لا تحرّك وضعاً مشابهاً عند آخر، وهذا يدعونا إلى أن نفهم المثلية بطريقة جديدة بناء للأبحاث ونفهم المثلي ونحضنه ولا نعتبره خارج الكنيسة، إنّما هو بحالة خاصة بحاجة للفهم والتفهّم والإحاطة”.
ويؤكّد وهبة أنّ الزواج حُكْماً، هو ارتباط رجل بأنثى بحسب التعريف القاموسي، بينما ارتباط رجل برجل وامرأة بامرأة، لا يمكن أن يسمّى زواجاً، ولن نرضى عنه مهما جرى، وإذا حصل فضدّ تبنّي الأولاد، لأنّ ذلك “يخربط” الطبيعة، ولن ننسى أنّ أساس المجتمع العائلة”.
ويستشهد الأب وهبة بما ورد في سفر اللاويين 18:”لاَ تُضَاجِعْ ذَكَرًا مُضَاجَعَةَ امْرَأَةٍ. إِنَّهُ رِجْسٌ”.
المثلية مرض نفسي
درس علم النفس المثلية الجنسية كظاهرة منفصلة، إذ كانت النظرة إليها في المراحل الأولى بوصفها إضطراباً نفسياً، إلى أن قامت الجمعية الأميركية للأطباء النفسيين في العام 1973 بإزالة المثلية الجنسية من قاعة الإضطرابات النفسية، تبعها مجلس ممثّلي جمعية علم النفس الأميركية في العام 1975، ثمّ أزالت مؤسّسات الصحّة النفسية الكبرى حول العالم بمن فيها منظّمة الصحّة العالمية التابعة للأمم المتحدة في العام 1990 تصنيف المثلية كاضطراب نفسي.
وقد وصف مؤسّس علم التحليل النفسي الطبيب النمساوي سيغموند فرويد اليهودي الأصل، المثلية الجنسية بأنّها واحدة من عدّة خيارات جنسية متاحة للأشخاص، معتقداً أنّ “ازدواجية الميول المتأصّلة في البشر، تقود الأفراد في نهاية الأمر لاختيار التعبير الأكثر إرضاءً من الناحية الجنسية، ولكن وبسبب المحرّمات الثقافية، فإنّه يتمّ كبت المثلية في كثير من الناس. ووفقاً لفرويد، فإنّه إذا لم يكن هناك وجود للمحرّمات، فإنّ الناس ستختار الخيار الأكثر إرضاءً بالنسبة لها بغضّ النظر عن ماهية هذا الخيار الذي يمكن له أن يبقى متغيّراً عبر حياة الفرد، ففي بعض الأحيان سيكون الشخص مثلياً، وفي أحيان أخرى سيكون مغايراً!.
المثلية الجنسية علمياً
يرى الممرّض والمدرّس اللبناني جان بول مشورب المتخصّص في التعليم الطبّي في ايطاليا في اتصال مع “محكمة” أنّ “هذا الموضوع عالمي، وهو عبارة عن حقوق إنسان وليس مرضاً أو شذوذاً”، ويقول:” أنا أرفض كإنسان وكطبيب تحقير المثليين، وهي حالة ليست عبارة عن هرمونات إلاّ في حالات نادرة جدّاً، وأصل الموضوع أنّ هويّتهم الجندرية غير هويّتهم الجنسية حسب الولادة .
ويؤيّد هذا المنحى الدكتور بسّام الرياشي في حديث مع “محكمة”، وهو طبيب غير متخصّص في هذا المجال، ولكنّه ومن خلال معلومات وأبحاث إطلع عليها، يؤكّد أنّ المثلية ليست مرضاً إلاّ في حالات قليلة هي عبارة عن هرمونات، أمّا في أغلب الحالات، فالمثلي إنسان له طبيعة خاصة، ولكنّه ليس مرضاً جسدياً ولا نفسياً.
ما هي أسباب رهاب المثلية، أو ما يعرف بالهوموفبيا؟
تنتشر المثلية في صفوف الشباب، ولا توجد عائلة تتمنّى أن يكون إبنها مثلي الجنس، أو ابنتها مثلية، وثمّة اعتقاد شائع بأنّ التكلّم على المثلية هو تشجيع عليها، فهل الأمر كذلك؟ وهل يجب الصمت وعدم طرح الموضوع وقد أصبح حديث الساعة والأكثر تداولاً على وجه الكرة الأرضية؟.
يعتقد بعض الناس أنّ المثلية لا تشبه تعاطي المخدّرات أو ترويجها، وأنها ليست جرماً أو مرضاً معدياً، وأنّه من الغباء التفكير بأنّ المثلي قد يجعل مثلاً، صديقه غير المثلي، شبيهاً له، فمن يملك غريزة منذ ولادته، لن تتبدّل، كما أنّ المنع والتجريم أو الإتاحة لن تؤثّر في الموضوع!.
ويبقى السؤال الأهمّ والصراع الأبرز، كيف يجب أن ينظر المجتمع إلى المثلية الجنسية، بشكل عقلاني أم بنبذها، بجلد المثليين أم باحتضانهم؟ وهل يمكن أن تتغيّر المقاربة القانونية لملفّاتهم عند وصولها إلى المحاكم اللبنانية؟
الجواب رهن القادم من الأيّام.
_____________________
رأي شخصي
أعتقد أنّ المثلية الجنسية موضوع مهمّ، وأهمّيته تكمن في التعرّف إلى أنّ مثليي الجنس يعيشون صراعاً كبيراً عند إدراكهم ميولهم، فهم لا يختارون أن يكونوا مثليين، إنّما يولدون مثليين، وهنا صلب الموضوع، لذلك لا يمكن أن نحاسب أشخاصاً على ما ولدوا عليه، فهذه طبيعتهم!
أعتقد أنّه موضوع يمسّ العمق الإنساني، وبحاجة للعلم والإنسانية حتّى نتوصّل لمحبّة الجميع وتفهّمهم دون جلدهم.
وأتمنّى على القضاء أن يواكب التطوّر الإجتماعي والعلمي، وهذا ما أظهره بعض القضاة الذين أصدروا قرارت مميّزة في هذا المجال، ومنهم القاضي منير سليمان عام 2009 والقضاة ربيع معلوف، وناجي الدحداح، وهشام القنطار.
وبرأيي، فإنّ الانسانية والمعرفة هي انتصار للبشرية، ويجب أن ننظر إلى موضوع المثلية بشكل عقلاني!.
مريانا برو
__________________
تجريم العلاقات المثلية
صدرت أحكام كثيرة عن غير محكمة لبنانية، في موضوع المثلية الجنسية، قاربتها من وجهة نظر قضاتها مع رؤية القانون لها، وهي أحكام متناقضة ومتفاوتة، ومن أبرزها الحكم الصادر عن محكمة الجنايات في بيروت والتي كانت مؤلّفة من القاضية هيلانة اسكندر رئيسةً والقاضيين ألبير قيومجي وهاني عبد المنعم الحجّار مستشارين حيث اعتبرت أنّ إلغاء تجريم العلاقات المثلية نزولاً عند المعاهدات الدولية التي تتعارض أحكامها مع نصّ المادة 534 عقوبات ليس من مهامها كمحكمة وإنّما المشرّع اللبناني، وبالتالي، فإنّ ما يطبّق قانوناً هو نصّ هذه المادة. وجاءت هذه القناعة ضمن حكم صادر في جنحة ممارسة اللواط تفرّعت عن جريمة قتل م.م. في محلّة الجعيتاوي في العام 2010.
وقد نشرت “محكمة” حيثيات هذا الحكم في العدد 9 الصادر في تموز 2016. (محكمة)
(نشر هذا الموضوع في مجلّة “محكمة” – العدد 27 – آذار 2018 – السنة الثالثة)
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.