خاص “محكمة”: بالفيديو.. تكبيل أرجل سجناء خلال سوقهم إلى قصور العدل/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
أنّى لسجين فاقد الحيل بفعل الأصفاد في اليدين والحراسة اللصيقة من عنصرين في قوى الأمن الداخلي أن يفكّر بالإفلات والهرب؟ وأنّى لحلم الفرار أن يراود السجين وهو محاط بمجموعة أمنية مسلّحة تتناوب على تأبّط يديه المتصلتين من الخلف بجنزير غير مخصّص للإنسان؟ وكيف يضيف السجين، مطلق سجين، ملاحقة وعقوبة جديدة إلى سجّله وهو أساساً، يريد الخلاص من عيشة”الخمس نجوم” في السجون اللبنانية المكتظة بآلاف السجناء من مختلف الجنسيات والاتهامات؟.
ألم يكن من الأفضل عدم اللجوء إلى تكبيل قدمي السجين بسلسلة حديدية عند سوقه إلى حضور جلسة محاكمته أو استجوابه أو سماع إفادته على سبيل المعلومات في قضيّة ما؟ ألا توجد فكرة أرقى لمعاملة السجين عند اقتياده إلى قصور العدل والمحاكم كما هو ظاهر من الفيديو الذي التقطناها في عدلية بيروت، ومن الصور التي التقطناها في عدلية بيروت؟ أليس من الأفضل التخفيف من شدّة التشويه اللاحق بحقوق الإنسان؟ وكيف يقبل قضاة بهذا المنظر المؤلم فيكتفون بغضّ الطرف عنه، متخفّفين من مسؤوليتهم القانونية تجاه هكذا اعتداء على الإنسان ومتخفّين خلف “عدم الإنتباه”، و”عدم علاقتهم بالأمر”، و”عدم رؤيتهم لطريقة التكبيل هذه” وغيرها من العبارات المؤذية بحدّ ذاتها كردّة فعل أوّلية عند مفاتحتهم من قبل محامين وصحفيين بهذه المشهدية اليومية في مختلف قصور العدل والمحاكم الموجودة في لبنان؟.
صحيح أنّ فرار أيّ سجين مسؤولية على عاتق القوى الأمنية المعنية بسجنه سواء أكانت سريّة السجون في قوى الأمن الداخلي، أو سواها من الفصائل والمخافر، وقد حصلت محاولات فرار عديدة من غير سجن، ويجب اتخاذ كلّ إجراءات الحيطة، إلاّ أنّه يفترض إيجاد حلّ بديل لعدم تصوير الإنسان على أنّه حيوان، وبغير صورته التي خُلق عليها.
يجب عدم اللجوء إلى تكبيل القدمين، وعدم إشعار السجين بالإهانة والإذلال بغضّ النظر عن جرمه فادحاً كان أم صغيراً، لأنّ السجون وجدت للإصلاح، ولإخراج السجين أكثر رقياً وإنسانية من قبْل، ولكي يتعلّم منها خطأه ويستفيد من تجربته فيها وتمضية سنوات من عمره خلف القضبان وفي قلب الظلمات، لا أن تأتي طريقة التعامل معه بغير هيئته الإنسانية لتزيد من جروحاته فليس كلّ السجناء مجرمين محترفين، وإرهابيين من الطراز الرفيع.
إنّ هذا الفيديو وهذه الصورة برسم الإنسانية قبل أيّ شيء آخر، لئلاّ نقول الوزير الفلاني أو المسؤول الفلاني، ونأمل أن تنعدم كلّياً فلا تعود تظهر وبهذا الشكل العلني الفجّ أمام روّاد المحاكم من قضاة ومحامين ومواطنين متقاضين وعابري خدمة سريعة.
وتقتضي الإشارة إلى مقارنة صغيرة كثيراً ما تحدث في عدلية بيروت وربّما في سواها، وهي أنّ دورية من “فرع المعلومات” تحضر سجيناً خطراً من دون تكبيل قدميه، مكتفيةً بوضع الأصفاد في يديه وفي “تطميشه”، وذلك للحؤول دون معرفة هوّيته من مشاهديه الكثر خلال مروره في قاعة “الخطى الضائعة”، بينما سجين عادي موقوف بجرم بسيط ولا يشكّل خطراً على الوضع الأمني، تكبّل يداه ورجلاه!.
“محكمة” – الأربعاء في 2018/06/20