أبحاث ودراسات

ملاحظات على الحكم البريطاني ضدّ شركة سافارو: لا فائدة ترجى منه للمتضرّرين من انفجار المرفأ/محمد مغربي

المحامي الدكتور محمد مغربي:
شاهد الناس على مدى الاسابيع الماضية اهتماماً اعلامياً كبيراً بــ “النصر العظيم” الذي تم تحقيقه على يد مكتب محاماة امريكي ـ بريطاني في لندن بالاستحصال على حكم من محكمة بريطانية ضد شركة سافارو ليمتد “لصالح المتضررين ” من انفجار 4 آب 2020، وبما قضى به الحكم من عطل وضرر للمدعين الذين يتبيّن من مقال نشرته وسيلة اعلام تصدر في بيروت باللغة الفرنسية أنّ عددهم لا يتجاوز الأربعة (من آلاف المتضررين) وان مجموع المحكوم به يناهز ما يعادل او يزيد قليلاً على مليون دولار امريكي. وربط المقال المذكور بين الحكم البريطاني وما توصـل إليه أحد الاعلاميين اللبنانيين من وجود علاقة بين شركة سافارو ليمتد و” ثلاثة رجال أعمال سوريين/روس مقربين من الحكومة السورية “! فأعطى هذا السرد آمالاً غير واقعية لسائر المتضررين من انفجار 4 آب لانه اغفل الحقائق التي تتبين من الملاحظات التالية التي ارى أنه من الواجب نشرها وهي:
أوّلاً: الحكم البريطاني صدر غيابياً!
لم تقدم شركة سافارو الى المحكمة البريطانية دفاعاً في الدعوى ولم تحضر الى المحكمة ولم تقدم عذراً عن عدم الحضور. فلم تحصل اية محاكمة في الدعوى! وبحسب قانون المحاكمات المدنية الساري المفعول في انكلترا ووايلز، فإنّ تخلّف المدعى عليه عن الجواب والحضور يوجب اصدار حكم غيابي عليه default judgment بإجابة طلبات الجهة المدعية دون ان تقدم أية بينات تؤيّدها!
ثانياً: إذا كان لذلك الحكم اي مفعول، فإنه ينحصر بالمدعين الاربعة ولا يتجاوزهم الى المتضررين الذين يعدون بالآلاف.
ثالثاً: شركة سافارو ذات رأسمال قدره الف باوند استرليني اي حوالي الف وثلاثمائة دولار امريكي وهي متوقفة عن العمل منذ العام 2007 ولا نشاط لها.
رابعاً: بمراجعة سجل الشركات في لندن Company House عن شركة سافارو يتبيّن التالي:
– تأسست شركة سافارو ليمتد في 2006/6/10 برأسمال قدره 1000 باوند استرليني وتحمل رقم 05841913 في سجل الشركات.
– تبين البيانات المالية التي ابرزتها الشركة حتى آخر كانون الاول 2020 عدم وجود اية حركة او نشاط لها وبقاء رأسمالها على حاله.
– انها تقدمت بطلب شطب في 2006/12/4.
– انها قدمت ميزانية عن الفترة حتى 2008/13/31 بصفتها متوقفة عن العمل.
– ان لها مديراً واحداً من الجنسية الاوكرانية وله عنوان في اوكرانيا.

انفجار مرفأ بيروت(تصوير مجلة محكمة)

خامساً: لا اثبات على ملكية الشركة لشحنة النترات:
– فإنه من المعروف ان ملكية ما هو مشحون على السفن تعود الى حامل وثيقة الشحن bill of lading. وهذه الوثيقة تبين من له الحق باستلام الشحنة في بلد المقصد مقابل المبلغ المودع لدى المصرف بحسب شروط الاعتماد المستندي. وهي قابلة للتداول. وهذه المستندات تكون في العادة في حيازة المصرف الذي يقوم بتسليمها عند تسديد ثمن الشراء ونفقات النقل والتسليم اليه. فلا تكون وثيقة شحن النترات قد انتقلت من الصانع/المصدّر الى ملكية اي كان، لأنّه لم يتم اي تسليم في بلد المقصد وهو الموزمبيق، ولو تمّت محاكمة لردت المحكمة الدعوى.
– ولم يقدم المدعون اي اثبات على ان شركة سافارو ليمتد هي حاملة وثيقة شحنة للنترات، ولا ان هذه الشحنة هي التي تسببت في الانفجار وتعرضت له في آن معاً او ان الشركة هي التي ادخلتها الى مستودع في حرم مرفأ بيروت، بل انه من الثابت انه تم انزال النترات من ظهر السفينة وادخالها الى المستودع بأمر من القاضي جاد معلوف. ومع ذلك فإن الحكم صدر بإجابة الطلبات التي تضمنتها عريضة الدعوى.
سادساً: ان مسؤولية الشركة محددة بقيمة رأسمالها المدفوع وهي الف باوند استرليني!
سابعاً: لم ينشر نص الحكم الذي صدر في 2023/1/31 (أو 2023/2/1 لا أدري) ولا وجود لنصّه على الانترنت. وكان من واجب الذين استصدروه نشره في لبنان باللغة العربية اظهاراً للحقيقة. وأنني أدعوهم إلى ذلك.
كل ذلك مما يبين ان الهدف من الدعوى التي تم تقديمها ضد شركة صغيرة متوقفة عن العمل ومطلوب شطبها ولا يتجاوز رأسمالها الالف باوند استرليني مع المعرفة سلفاً انها لن تحضر (ولن تقدم دفاعاً لما قد تتكبده من اجور المحامين!) هو غير جدي، بل هو محض اعلامي ومن اجل الترويج لمكتب المحاماة الامريكي ـ البريطاني وربما ايضاً لتسجيل اهداف سياسية في لبنان عن طريق الضجة التي تم احداثها في الاعلام عن حكم غيابي لا يسمن ولا يغني عن جوع ولا فائدة ترجى منه للمتضررين. وهو من قبيل اطلاق النار من مسدس غير محشو على حيوان ميّت.
“محكمة” – الأربعاء في 2023/6/21

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!