علم وخبر
سلطة مجلس نقابة المحامين بالشطب الاداري شرط مراعاة الأصول/ناضر كسبار
ناضر كسبار(نقيب المحامين السابق في بيروت):
بحثت محكمة الاستئناف المدنية في بروت-الغرفة الناظرة في القضايا النقابية والمؤلفة من القضاة الرئيس أيمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري ومن عضوي مجلس النقابة الاستاذين ايلي بازرلي وايلي حشاش، مسألتين اساسيتين تتعلقان بمدى صلاحية مجلس النقابة بشطب قيد المحامي إدارياً. وبالإجراءات الواجبة لاتخاذ القرار بالشطب. فاعتبرت بعد تعليل مستفيض ان صلاحية الشطب تعود للمجلس شرط مراعاة الاصول واهمها مثول المحامي امام المجلس لسماع دفاعه حول مضمون الافعال المنسوبة اليه.
وقضت بتكريس سلطة المجلس بالشطب الاداري. وفسخ قراره بسبب عدم مراعاة الاصول.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2019/11/14.
بناء عليه،
أوّلاً: في الشكل
حيث ان الاستئناف الحاضر قدم من قبل محام، وضمن المهلة القانونية، وارفقت ربطاً به صورة طبق الاصل عن القرار المطعون فيه، وسددت عنه الرسوم والتأمينات المتوجبة قانوناً، فضلا عن ايراد الاسباب الاستئنافية فيه وتحديد الطلبات في خاتمته اصولا مما يتعين معه قبوله شكلا سيما لاستيفائه سائر شروطه الشكلية المنصوص عليها في المادة /655/ من قانون اصول المحاكمات المدنية.
ثانياً: في الاساس
حيث انه يتبين ان النزاع الراهن يتعلق بالقرار المستأنف الصادر عن مجلس نقابة المحامين في بيروت، والقاضي بشطب المستأنف من الجدول العام للمحامين.
وحيث ان المستأنف يطعن في القرار المستأنف لاسباب متعددة سوف يصار الى بحثها تباعا:
أ- في مسألة طبيعة القرار المستأنف والقواعد المطبقة عليه:
وحيث ان المستأنف يطعن بان القرار المستأنف هو قرار تأديبي بحقه، مدليا بانه ليس
لمجلس النقابة سلطة القاء تدابير وعقوبات تاديبية،بل ان اختصاص ذلك يعود للمجلس التأديبي للنقابة، فيكون مجلس النقابة قد تجاوز اختصاصه المحدد قانونا.
وحيث ان نقابة المحامين في بيروت تدلي بان القرار المستأنف هو قرار شطب اداري تنظيمي يختص مجلس النقابة بإتخاذه وليس قراراً بالشطب التأديبي الذي يصدره المجلس التأديبي للنقابة.
وحيث لهذه الجهة يقتضي الاشارة الى ان الاجتهاد الفرنسي المتعلق بقرارات مجالس نقابات المحامين في فرنسا لا يمكن تطبيقه في لبنان، كون القرارات المذكورة قد صدرت في معرض كون مجالس نقابات المحامين في فرنسا هي نفسها مجالس تأديبية للمحامين وقد صدرت القرارات المدلي بها عن مجالس النقابات بصفة مجالس تأديبية وبعد محاكمة تأديبية، الامر المختلف في لبنان حيث مجلس نقابة المحامين لا يتمتع بسلطة تأديبية بل يعود ذلك الى هيئة خاصة هي المجلس التأديبي للنقابة.
وحيث يتبين ان القرار المستأنف قد صدر عن مجلس نقابة المحامين في بيروت متضمنا شطب قيد المستأنف المحامي من الجدول العام، بالاستناد الى انه من حق مجلس النقابة السهر على مسلك المحامين ومناقبيتهم وتصرفاتهم وان يتخذ التدابير المناسبة في مثل هذه الحال بما فيها عند اللزوم التدابير الاستثنائية التي تقتضيها الظروف التي تستدعيها.
وحيث لهذه الجهة فان المادة 59 من قانون تنظيم مهنة المحاماة نصت على انه يختص مجلس النقابة بإدارة شؤونها ويعود له بنوع خاص:
1- البت في طلبات الانتماء الى النقابة وطلبات التعيين في الوظائف النقابية.
.
.
11- السهر على مسلك المحامين
12- اصدار تعليمات للمحامين تتعلق بممارسة مهنتهم
.
.
وحيث يتبين انه من الواضح والصريح ان التعداد الوارد في المادة 59 الآنفة الذكر اتى على سبيل المثال، بدليل ان مطلع المادة المذكورة نص على ان اختصاص المجلس هو ادارة شؤون النقابة بشكل عام، ومن اوجه هذه الادارة البنود المدرجة فيها كأمثلة على سبيل الذكر وليس على سبيل الحصر.
وحيث ان ما يعزز هذه الوجهة ورود اختصاصات اخرى لمجلس النقابة لم يرد ذكرها في التعداد الوارد في المادة 59 المشار اليها آنفا.
وحيث اعمالاً لذلك فان بعض اختصاصات المجلس قد وردت في النظام الداخلي للنقابة دون وروده في قانون تنظيم المهنة، كمثل الشطب للانقطاع عن ممارسة المهنة مدة من الزمن او عدم اتخاذ مكتب ضمن النطاق الجغرافي للنقابة.
وحيث انه ضمن هذا الاطار فان المادة 5 من قانون تنظيم مهنة المحاماة اشترطت في البند الرابع منها لمزاولة مهنة المحاماة ان يكون من ينوي مزاولة هذه المهنة متمتعاً بسيرة توحي الصقة والاحترام، واعطت المادة 7 من القانون المذكور مجلس النقابة اختصاص التثبت من توافر شروط المادة 5 الآنفة الذكر.
وحيث عملاً بذلك وعملاً بكون مجلس النقابة مختصاً بإدارة شؤون المهنة والسهر على مسلك المحامين، فانه يكون للمجلس التحقق دائماً من استمرار توافر شروط المادة 5 الآنفة الذكر طوال فترة انتساب المحامي الى النقابة، وليس فقط عند تقديم طلب التسجيل في النقابة، وذلك بمعزل عن اي ملاحقة تأديبية، اذ ان التثبت المشار اليه نابع من واجبات مجلس النقابة بمراقبة شؤون النقابة والمنتسبين اليها والتحقق من توافر شروط الانتساب بشكل دائم ومستمر.
وحيث ضمن هذا السياق، فانه لمجلس النقابة ان يتخذ تدابير تتعلق بقيد المحامين في جدول المحامين العاملين عند تحقق شروط ذلك، وشطب هذا القيد عند زوال احد هذه الشروط، لاسيما وانه بموجب المبدأ القائل بتوازي الاجراءات paralellisme des formes فإن من له اجراء القيد عند تحقق الشروط له شطبه عند زوال هذه الشروط
وحيث كذلك فانه بموجب البند 11 من المادة 59 من قانون تنظيم المهنة يختص مجلس النقابة بالسهر على مسلك المحامين، الامر الذي يؤكد اختصاص المجلس بالاشراف المستمر اداريا على توفر شروط المادة 5 من قانون تنظيم المهنة لاسيما شرط التمتع بسيرة توحي الصقة والاحترام
وحيث ضمن هذا التحليل يتبين ان المادة 15 من النظام اجازت لمجلس النقابة شطب المحامين من الجدول الثاني، اي جدول المحامين العاملين (وفق المادة 12 من النظام الداخلي للنقابة) انفاذاً لقرار صادر عن مجلس النقابة، فيكون اختصاص المجلس المذكور في المادة 15 من النظام الآنفة الذكر مطلقاً ضمن اختصاص المجلس بإدارة شؤون النقابة وتنظيمها واستمرار تحققه من توافر شروط المادة 5 من قانون تنظيم المهنة في المنتسبين اليها، فيكون ما تضمنته المادة 15 من النظام الداخلي للنقابة منطبقا على القانون وواجب التطبيق.
وحيث ان هذا الحق المعطى لمجلس النقابة مرده الى ان المجلس المذكور هو السلطة الوحيدة التي اناط بها القانون اعلان صفة المحامي وتسجيله على جدول المحامين عند توافر الشروط المفروضة.
– قرار محكمة استئناف بيروت الغرفة السادسة رقم 17 تاريخ 1973/7/18 حصانة المحامي في الاجتهاد اللبناني، المحامي نبيل طوبيا، ص 82
وحيث بالتالي يكون القرار المستأنف متخذاً بالاستناد الى سلطة مجلس نقابة المحامين
الادارية في الاشراف على شؤون النقابة ومراقبة توافر شروط الانتساب الى النقابة يشكل مستمر ودائم، ما يستتبع اعتباره متمتعاً بالصفة الادارية، وليس بالصفة التأديبية ونتيجة محاكمة تأديبية محددة احكامها في المواد 96 وما يليها من قانون تنظيم المهنة ولا اثر لعدم ايراد الصفة المذكورة في متن القرار على نفاذه.
وحيث تبعا لما تقدم يقتضي استبعاد كافة قواعد واصول المحاكمة النقابية التأديبية التي يدلي بها المستأنف لعدم انطباق هذه القواعد والاحكام على موضوع النزاع الراهن.
وحيث سنداً لما تقدم يقتضي تكريس سلطة مجلس نقابة المحامين الادارية في الاشراف على شؤون النقابة ومراقبة توافر شروط الانتساب الى النقابة بشكل مستمر ودائم لاسيما لجهة توافر شروط المادة 5 من قانون تنظيم مهنة المحاماة طوال فترة انتساب المحامي الى النقابة
وحيث تبعاً لكون القرار المستأنف متمتعا بالصفة الادارية، فان اجتهاد محكمة التمييز اعتبر ان قرار المجلس هو قرار اداري، ولا تأثير لاستئنافه على قوته التنفيذية بإعتبار ان مجلس النقابة لا يتمتع بالصفة القضائية، ولا يؤلف محكمة من محاكم الدرجة الاولى، وبالتالي فان قرار الشطب الاداري هو قرار معجل التنفيذ واستئنافه لا يوقف التنفيذ الا اذا قررت محكمة الاستئناف ذلك، وذلك خلافا للقرارات الصادرة عن المجلس التأديبي التي لا تعتبر معجلة التنفيذ وفق اجتهاد المحكمة (قرار هذه المحكمة تاريخ 2012/6/25 رقم اساس 2003/222 ، المحامي محمد مغربي ضد نقابة المحامين في بيروت، غير منشور)
بهذا المعنى:
– تمييز جزائي غرفة ثالثة قرار رقم 2003/166 تاريخ 2003/7/2 كساندر ص 1207
– تمييزجزائي غرفة سادسة قرار رقم 2002/178 تاريخ 2002/7/11 كساندر ص: 878
وحيث على ضوء ما تقدم ترد ادلاءات المستأنف المناقضة لما تقدم، ويقتضي تكريس
حق مجلس النقابة بإتخاذ القرار المستأنف بالشكل الاداري وفق ما صار بيانه
ب- في الاجراءات الواجبة لاتخاذ القرار المستأنف
وحيث ان المستأنف يطعن في القرار المستأنف مدلياً بعدم مراعاة اصول دعوته وعدم
مراعاة حق الدفاع المقدس من قبل مجلس النقابة عند اتخاذ القرار المذكور
وحيث يتبين من القرار المستأنف انه لا يتضمن ما يشير الى انه تمت دعوة المستأنف لسماع اقواله حول الافعال المشار اليها في القرار المستأنف قبل اتخاذ هذا القرار
وحيث يتبين ان مجلس النقابة بالنظر لما اوضحه في قراره من ان المستأنف لم يعد يتمتع بسيرة توحي الثقة والاحترام، قرر شطبه ادارياً من الجدول العام للمحامين
وحيث لا يتبين بموجب المستندات المبرزة في الملف ومن مضمون القرار المستأنف انه قد جرى تمكين المستأ،ف من تقديم دفاعه امام مجلس النقابة مجتمعاً، او انه تمت دعوته لتمكينه من الدفاع عن نفسه امام مجلس النقابة مجتمعاً وفق الاصول المحددة للتبليغ سواء في قانون تنظيم المهنة او في النظام الداخلي للنقابة
وحيث لهذه الجهة، فإن الدستور اللبناني نص في الفقرة “ب” من مقدمته على ان لبنان عضو مؤسس وعامل في منظمة الامم المتحدة وملتزم مواثيقها والاعلان العالمي لحقوق الانسان وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقوق والمجالات دون استثناء، علماً ان المقدمة المشار اليها تشكل جزءا لا يتجزأ من الدستور وتتمتع بموقعه في تسلسل القوانين
وحيث بالتالي فإن المعاهدات الدولية المشار اليها آنفا تشكل كذلك جزءا من الدستور عملا بالفقرة “ب” الآنف ذكرها من مقدمة الدستور
وحيث ان المادة 10 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان تنص على ان “لكل انسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الاخرين، في ان تنظر قضيته امام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته واية تهمة جنائية موجهة له”
وحيث ان المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية نصت على ان “من حق كل فرد لدة الفصل في اية تهمة جزائية توجه اليه او في حقوقه والتزاماته في اي دعوى مدنية، ان تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية منشأة وفقا للقانون”
وحيث ان المبدأ الآنف ذكره ينبثق عنه مبدأ التساوي في الوسائل امام المحكمة Egalité des armes الذي يكرس حق كل طرف بتقديم حججه وادلته بصورة تخوله الدفاع عن نفسه والمثول على قدم المساواة امام خصمه
وحيث ان حق الدفاع المكرس في مختلف المواثيق الآنف ذكرها هو من الحقوق الطبيعية والمبادئ الاساسية او المبادئ العامة وقد صنفته محكمة التمييز اللبنانية ضمن المبادئ القانونية الاساسية، كما اكد المجلس الدستوري على انه يتمتع بقيمة دستورية
– تمييز لبناني غرفة اولى قرار 25 تاريخ 1973/3/20 ، العدل 1973 ص 328
– قرار مجلس دستوري رقم 2001/5 الجريدة الرسمية 2001 رقم 24 ص 1794
وحيث من الثابت ان الاتجاه الحديث في الاجتهاد والفقه الداخلي والعالمي يتشدد في
تطبيق واحترام حق الدفاع العائد لكل انسان في اسماع دفاعه وواجب تمكينه من ذلك
وحيث ان هذه الوجهة لاقت تكريساً لها في الاجتهاد الاداري امام مجلس شورى الدولة
بالنسبة لموظفي القطاع العام ومستخدمي المؤسسات العام التي تقدم خدمة عامة
وحيث كذلك فانه حتى في فرنسا فإن اختصاص مجلس النقابة لجهة الاسقاط من اللائحة السنوية للمحامين وهو اختصاص اداري، فإنه يتوجب على المجلس المذكور ان يستدعي المحامي وفق اصول معينة وتمكينه من تقديم دفاعه قبل اتخاذ قراره
وحيث ان نظرية المحاكمة العادلة واحترام حقوق الدفاع يطبقان امام المحاكم العادية وكذلك امام الهيئات الادارية المخولة اتهاذ تدابير بحق المواطنين والمنتسبين اليها
وحيث ان الاجتهاد والفقه الحديثين يتجهان الى توسيع نطاق حقوق الافراد والحماية والمتوفرة لهم انطلاقا من اعتبار مبادئ المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع مبدأ عاماً منبثقاً عن حق طبيعي، بحيث يفرض تطبيق هذه المبادئ بحدها الادنى على الاقل على اشخاص او هيئات مخولة اتخاذ قرارات او تدابير مؤثرة بحقوق الغير
“aucune autoriténe semble a prriori échapper au respect de ces exigences procédurales lorsqu’elle est amenée une décision au détriment d’autrui. Enfin, les puissances privées, qu’on désignera ainsi, faute de mieux pour l’instant, ne sont pas à l’écart de ce mouvement de proceduralisation de notre droit. En un mot chaque fois qu’une personne, qu’elle soit publique ou privé, physiue ou morale, exerce un pouvoir au détriment d’autrui elle est susceptible d’être contrainte dans son action par une exigence procédurale »
– Droit processuel droit commun du procés serge guinchard monique bandrac xavier lagarde et mélina douchy précis dalloz edition 2001 n630
وحيث ان تقدير مدى وجوب التقيد بالمبادئ المومأ اليها اعلاه لا يستند فقط الى طبيعة الهيئة
التي تتخذ القرار بل الى خطورة القرار الصادر ومدى تأثيره على حقوق الغير وطبيعة الحقوق التي يتم المساس بها
وحيث ان المحاماة هي وفق المادة الاولى من قانون تنظيم المهنة مهنة ينظمها القانون وتهدف الى تحقيق رسالة العدالة بإبداء الراي القانوني والدفاع عن الحقوق، وهي وفق المادة 2 من القانون الآنف الذكر تساهم في تنفيذ الخدمة العامة، ولا يمكن ممارسة مهنة المحاماة دون الانتساب الى نقابة المحامين
وحيث ان ممارسة مهنة المحاماة من قبل المستأنف، هي ممارسة لمهنته الاساسية والعمل الاساسي الذي مارسه سحابة فترة من الزمن
وحيث ان الصلاحيات الممنوحة الى مجلس النقابة لجهة الاشراف على ادارة النقابة، لاسيما حق المجلس المذكور في التحقق دائماً من استمرار توافر شروط المادة 5 الآنفة الذكر طوال فترة انتساب المحامي الى النقابة، وخطورة التدبير الممكن ان يتخذ المجلس المذكور الذي قد يصل الى الشطب الاداري نهائيا من جدول المحامين، وبالتالي الحرمان من ممارسة مهنة المحاماة تبعاً لما صار بيانه فيما سبق تستتبع بالنظر لخطورتها ومدى تأثيرها على حق اساسي وجوهري التقيد بالحد الادنى من تأمين حق الدفاع اقله تأمين فرصة للاستماع الى المطلوب اتخاذ التدبير الاداري بحقه
وحيث لا يرد على ما تقدم بأن قرارات مجلس النقابة لهذه الجهة تبقى خاضعة للرقابة اللاحقة من قبل القضاء بحيث تتوفر عندها الضمانات اللازمة التي من شأنها تغطية اي عيوب في الاصول المتبعة امام مجلس النقابة ، اذ ان ذلك لا يبرر عدم احترام المبادئ المعروضة اعلاه وقد تؤدي الى الحؤول دون تمكين موكليه من الدفاع عن حقوقهم المنازع بها ويدفعهم الى توكيل غيره ما قد يلحق به اضراراً لا تعوض، بحيث تصبح المراجعة اللاحقة غير ذي جدوى، لاسيما في ضوء الوقت الذي تتطلبه اجراءات التقاضي العادية
وحيث يقتضي على ضوء كافة ما تقدم على مجلس النقابة وقبل اتخاذ التدابير معين بحق محام منتسب الى النقابة، كمثل القرار موضوع النزاع، تأمين حق الدفاع للمحامي المذكور او اقله تأمين الحق له بإستماع اقواله وملاحظاته بشأن التدبير عن طريق دعوته وكذلك لشرح الاسباب التي ادت الى اتخاذ التدبير بحقه لتمكينه من الوقوف عليها والطعن بالقرار لاحقاً
وحيث يتبين ان مجلس نقابة المحامين لم يدع المستأنف لسماع دفاعه بشأن التدبير المتخذ، ولم يتبين ان المستأنف مكن من ابداء ملاحظاته او مناقشة ما بني عليه قرار المجلس المستأنف، او تمت دعوته لتميكنه من ذلك امام مجلس النقابة وهو الجهاز المخول عند اجتماعه باتخاذ القرار المتعلق بمصير انتساب المحامي للنقابة، وليس اي جهاز آخر، علماً ان كل من النقيب ومجلس النقابة ومفوض قصر العدل هم اجهزة مختلفة من اجهزة النقابة ولكل منهم صلاحيات محددة
وحيث بالتالي فإن القرار المستأنف صدر دون مراعاة الحد الادنى من حقوق الدفاع التي تشكل حقاً جوهرياً وادى الى التعرض لحق اساسي من حقوق الانسان
وحيث انه لم يثبت ان المستأنف قد ابلغ اصولاً دعوته للمثول امام مجلس النقابة لسماع دفاعه حول مضمون الافعال المشار اليها في القرار المستأنف، وذلك وفق اصول التبليغ المحددة في المادة 116 من قانون تنظيم مهنة المحاماة معطوفة على المادة 112 من انلظام الداخلي للنقابة، التي نصت على ان تبلغ الدعوات العائدة الى كل من مجلس نقابة المحامين وفقاً للاصول المبينة في المادة 112 المشار اليها
وحيث ان ارتكاب المستأنف للمخالفات المبينة من النقابة المستأنف عليها لا يعني حرمانه من حقوق الانسان لمجرد ارتكابه للمخالفات المشار اليها
وحيث تبعاً لمجمل ما تقدم يقتضي قبول الاستئناف لهذه الجهة، ورؤية الموضوع انتقالاً وفسخ القرار المستأنف وابطال اثاره للاسباب المبينة تفصيلاً فيما تقدم
وحيث ان فسخ القرار المستأنف ليس من شأنه تقرير وجوب اعادة قيد المستأنف على جدول المحامين بالنظر من جهة اولى البت بطلب المستأنف لهذه الجهة من مجلس النقابة، ومن جهة ثانية لان اتخاذ مثل هذا التدبير والتقرير سلباً او ايجاباً يوجب على مجلس النقابة بعد سماع المستأنف او دعوته اصولاً، لما لذلك من اثر في ذهن اعضاء مجلس النقابة عند التصويت على القرار بعد سماع افادة المحامي، ويكون اثر القرار الراهن اعادة وضعية الطرفين الى ما قبل تاريخ قرار الشطب الاداري
وحيث بوصول المحكمة الى هذه النتيجة لم يعد من حاجة لبحث سائر ما اثير من اسباب ومطالب لعدم الفائدة او لكونها لاقت رداً ضمنياً، بما فيها من طلبات حفظ الحقوق كون القانون هو الحافظ لها
لذلك
تقرر بالاجماع:
1- قبول الاستئناف شكلاً
2- تكريس سلطة مجلس نقابة المحامين الادارية في الاشراف على شؤون النقابة ومراقبة توافر شروط الانتساب الى النقابة بشكل مستمر ودائم لاسيما لجهة توافر شروط المادة 5 من قانون تنظيم مهنة المحاماة طوال فترة انتساب المحامي الى النقابة، ورد ما يدلي به المستأنف لهذه الجهة
3- قبول الاستئناف في الاساس، وفسخ القرار المستأنف، وابطال كافة الاثار التي نتجت عنه، للاسباب المبينة في متن هذا القرار
4- رد سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة
5- اعادة التأمين وتضمين المستأنف عليها رسوم ومصارف الاستئناف
قراراً صدر وافهم علناً في بيروت بتاريخ 2019/11/14.
“محكمة” – الخميس في 2024/9/5