علم وخبر

شروط إعمال أحكام الفقرة باء من المادة 328 محاكمات جزائية/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
بحثت محكمة التمييز الجزائية العليا المؤلّفة من القضاة الرئيس رالف الرياشي والمستشارين خضر زنهور وبركان سعد مسألة مهمّة تتعلّق بشروط إعمال أحكام الفقرة (ب) من المادة 328 من قانون أصول المحاكمات الجزائية كسبب من أسباب إعادة المحاكمة لدى توافر حكمين قاضيين كلاهما بالتجريم أو بالادانة، بمعنى أن يكون قد حكم بموجب أحدهما على شخص بجناية أو جنحة. ثمّ حكم في ما بعد على شخص آخر بالجرم ذاته فينشأ عن ذلك تناقض بين الحكمين يستحيل معه التوفيق بينهما فيصبح أحد الحكمين دليلاً على براءة المحكوم عليه بموجب الحكم الآخر.
كما بحثت المحكمة، وبعد القول بانتفاء توفر شروط إعمال الفقرة (ب) من المادة 328 المذكورة، إعتبرت أنّ شروط إعادة المحاكمة غير متوافرة وقضت بردّ الطلب.
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 2003/5/15
حيث إنّه يفهم من الفقرة (ب) من المادة 328 من قانون أصول المحاكمات الجزائية أنّها تشترط لإعمال أحكامها، كسبب من أسباب إعادة المحاكمة، توافر حكمين قاضيين كلاهما بالتجريم أو بالادانة، بمعنى أن يكون قد حكم بموجب أحدهما على شخص بجناية أو جنحة، ثمّ حكم في ما بعد على شخص آخر بالجرم ذاته فينشأ عن ذلك تناقض بين الحكمين يستحيل معه التوفيق بينهما فيصبح أحد الحكمين دليلاً على براءة المحكوم عليه بموجب الحكم الآخر.
وحيث إنّ ما تنصّ عليه الفقرة (ب) من المادة 328 المذكورة لا ينطبق على واقع المراجعة الحاضرة، وذلك لأنّ القرار المطلوب إعادة المحاكمة بشأنه والصادر عن محكمة جنايات الأحداث قضى بتجريم المتهم، المستدعي، في حين أنّ القرار الصادر عن محكمة الجنايات العادية في النبطية قد انتهى إلى إعلان براءة المتهمين الآخرين لعدم كفاية الدليل وللشكّ. فلا يكون هناك قراران قاضيان بالتجريم يستحيل التوفيق بينما على النحو المبيّن أعلاه. خصوصاً وأنّ ما صدر عن محكمة الجنايات العادية من قرار بالبراءة بني على تقييم للأدلّة وهو أمر يعود شأنه “للمحكمة الواضعة يدها على الدعوى المعروضة أمامها فتنحصر مفاعيل الحكم الصادر بنتيجتها بالفرقاء فيها عملاً بالمفعول النسبي للأحكام فلا يقيّد ذلك محكمة أخرى ناظرة في دعوى مساقة بحقّ مدعى عليهم آخرين إذ تبقى حرّة في تقييم الأدلّة بحقّ هؤلاء وفقاً لما توفّرها لها من قناعة مستقلّة عن القناعة التي توافرت للمحكمة الأولى.
وحيث إنّ القرار الصادر عن محكمة الجنايات العادية المدلى به لا يكون بما انتهى إليه من براءة بالنسبة لبعض المدعى عليهم، قائمة على عدم توافر الدليل والشكّ، إذ أثّر على ما انتهى إليه قرار محكمة جنايات الأحداث بالنسبة للمتهم، المستدعي والذي لم يكن فريقاً في الدعوى الأولى فتنتفي بذلك الشروط المقرّرة في البند (ب) من المادة 328 من قانون أصول المحاكمات الجزائية المبرّرة لإعادة المحاكمة.
وحيث إنّه يبقى تحديد ما إذا كان في الوقائع والإفادات التي اعتمدها قرار محكمة الجنايات العادية ما يمكن أن يؤلّف أفعالاً جديدة أو مستندات كانت مجهولة أثناء المحاكمة الجارية لدى محكمة الأحداث تبرّر إعادة المحاكمة بشأن القرار الصادر عن هذه الأخيرة وفقاً لمنطوق البند (د) من المادة 328 المذكور.
وحيث إنّ الوقائع والإفادات المدلى بها من المستدعي كسند لإعادة المحاكمة، والتي سبق عرضها آنفاً في متن هذا القرار، إنّما تتمحور جميعها حول إفادات ووقائع وردت إمّا في التحقيق الأوّل أو في التحقيق الاستنطاقي، أو أمام محكمة جنايات الأحداث وجميعها أمور كانت مطروحة لدى هذه المحكمة الأخيرة أثناء تمحيصها في الدعوى التي صدر بنتيجتها القرار المطعون فيه ما ينفي عنها طابع “الفعل الجديد” أو “المستتر المجهول أثناء المحاكمة” بمعناها المقصود في البند (د) من المادة 328 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، علماً أنّ ما هو مدلى به من قبل المستدعي من أنّ محمّد أفاد أمام محكمة الجنايات أنّ محلّه لم يتعرّض للسرقة، ليس من شأنه أن يقوّض ما سبق وأدلى به أمام قاضي التحقيق من إفادة كانت معروضة أمام محكمة جنايات الأحداث، ومفادها أنّه بعد أن أعلمته المفرزة القضائية بالسرقة، تفقّد محلّه فوجده ناقصاً من بعض أغراضه، فاتخذ صفة الادعاء الشخصي بحقّ من يكشفه التحقيق كمسؤول عن السرقة، وبالتالي فإنّ إفادته لدى محكمة الجنايات العادية على النحو الذي يعرضه المستدعي، ليس من شأنها على ضوء افادته الاستنطاقية أن تؤلّف دليلاً جدّياً على البراءة بالنسبة للمستدعي وفقاً لما تفرضه المادة 328 المذكورة في البند (د) منها.
وحيث إنّه تبعاً لما تقدّم، فإنّ شروط إعادة المحاكمة لا تكون متوافرة بالنسبة للمراجعة الحاضرة، فيقتضي ردّها في الأساس.
لذلك
تقرّر بالإجماع:
1- قبول طلب إعادة المحاكمة في الشكل.
2- ردّ طلب إعادة المحاكمة في الأساس.
3- ردّ جميع الطلبات والأسباب الزائدة أو المخالفة لمنطوق هذا القرار.
4- تضمين المستدعي جميع النفقات القانونية ومصادرة التأمين المدفوع إيراداً لصالح الخزينة العامة.
“محكمة” – الجمعة في 2020/1/3

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!