عدم توافر شروط جرم المراباة/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
اعتبر القاضي المنفرد الجزائي في المتن الرئيس السيد محمود وسام المرتضى انه لتحقق جرم المراباة يجب ان يكون هناك عقد قرض جمع بين الطرفين المدعي والمدعى عليه يختزن جرم مراباة ارتكبه هذا الاخير بحق الاول.
كما اعتبر الرئيس المرتضى ان العملية الحاصلة بين المدعي والمدعى عليه لم يتخللها اي عقد قرض مالي جديد، ولم تشمل على اي مداينة، ولم تعد ان تكون تسوية ومخالصه للدين.
وقضى بابطال التعقبات بحق المدعى عليه، ومما جاء في الحكم الصادر بتاريخ 2004/8/30
بناء عليه،
أوّلاً: في الوقائع:
تبين ان المدعي كان قد تقدم امام حضرة قاضي التحقيق في العام 1994 بشكواه المباشرة التي بالاستناد اليها صار السير بالملاحقة موضوع القضية الحاضرة، وعرض انه وفي العام 1988 كان بحاجة ماسة الى سيولة نقدية للتعامل مع ظروف خاصة المت به، وان احد اصدقائه ارشده الى المدعى عليه على اساس ان هذا الاخير يتعاطى الاقراض بالفائدة، وانه وبالنتيجة، اقترض من المذكور مبلغا من المال وضمانة لدفع هذا المبلغ اذعن لطلب المدعى عليه ونظم لمصلحة هذا الاخير، صوريا، عقد بيع موضوعه عقار يملكه هو ذي الرقم 263 المروج.
واردف المدعي بأن الفريقين ادرجا في ذلك العقد ثمنا للعقار المذكور مقداره مليونا ليرة لبنانية، وبأن ها الثمن جاء بحدود مبلغ الدين اصلا وفائدة، وبأن المدعى عليه عمد بعدها، وبتاريخ 1991/10/8 تحديداً، إلى حمله الى توقيع تعهد باخلاء العقار المذكور. واضاف المدعي بأنه عرض بعدها على المدعى ان يقوم بتسديد كامل الدين المتوجب لهذا الاخير، وبأن المدعى عليه قام عندها بتضخيم مبلغ الدين وجعله مئة وخمسين الف د. اميركي، وانه رضخ مجددا وقبل دفع هذا المبلغ الى المدعى عليه كما ارتضى آلية للتسوية والتسديد فرضها هذا الاخير تمثلت بتنظيم عقد بيع بين الفريقين بتاريخ 1991/12/21 موضوعه ذلك العقار كان هو فيه الطرف المشتري في حين كان المدعى عليه هو الطرف البائع وقد ورد فيه بأن هذا الاخير يبيع العقار المذكور من الاول (اي من المدعي) بمبلغ مئة وخمسين الف د. اميركي (اي بمقدار ذلك الدين بعد الاستقرار على مبدأ توجيه والاذعان لوجوب دفعه) وبأنه وتحت غطاء هذا العقد وتنفيذا له تلقى المدعى عليه من المدعي مبلغ اربعين الف د. اميركي وجرى ادراج بند في العقد مفاده ان الرصيد الذي مقداره مئة وعشرة الاف د.ا. سوف يدفع الى المدعى عليه ضمن مهلة ستة اشهر من تاريخ تنظيم ذلك العقد.
ولفت المدعي الى ان المدعى عليه عمد بعدها، وخلافا لمال تلك التسوية، الى ايداع عقد العام 1988 في السجل العقاري وهدفه تسجيل العقار المذكور على اسمه، متنكرا لسابق ما كان قد تخالص عليه هو والمدعي.
وتبين ان المدعى انتهى في شكواه تلك الى التظلم من جرم مراباة ادلى بان عناصره قائمة ومتوفرة، ليطلب بالنتيجة ادانة المدعى عليه بجرم المادة 661 من قانون العقوبات وبالغاء العقدين المومئ اليهما وبالزام المذكور باعادة المبالغ التي دفعها له المدعي.
وتبين انه وفي سياق مرحلة التحقيق الاستنطاقي صدر قرار عن حضرة قاضي التحقيق اعتبر ان الافعال المدعى بها تتمثل بفعلين انيين احدهما حصل في العام 1988 والاخر حصل في العام 1991، وان الفعل الاول من هذين الفعلين قد سقطت دعوى الحق العام به بمرور زمن ثلاثي عليه ابتدأ واكتمل قبل التقدم بالدعوى المباشرة المذكورة.
وتبين ان القرار المذكور اقترن بالتصديق استئنافا بقرار صدر عن الهيئة الاتهامية في جبل لبنان.
وقد تأيدت هذه الوقائع:
– بضمون الشكوى المباشرة.
– بمجريات مرحلة التحقيق الاستنطاقي.
– بمجمل اقوال الفريقين.
– بمجمل الاوراق والمستندات المبرزة.
ثانياً: في القانون
حيث لا محيد عن الاشارة في البدء الى ان الملاحقة الحاضرة، على النحو المحالة به امام هذه المحكمة، قد اضحت محصورة في العملية التي حصلت في العام 1991 بين الفريقين، وفي مدى اختزانها لعناصر جرم المراباة المنصوص عنه والمعاقب عليه في المادة 662 من قانون العقوبات.
وحيث ان هذا الاختصار قد ترتب تبعا لذلك القرار الصادر عن حضرة قاضي التحقيق في سياق المرحلة الاستنطاقية، المقترن بالتصديق استئنافا، والذي اعتبر ان ثمة استقلالا في الاركان بين العمليتين المذكورتين وبأن العملية الاولى الحاصلة في العام 1988 قد مر عليها زمن ثلاثي افضى الى سقوط دعوى الحق العام فيها بتاريخ سابق لتحريك الملاحقة الحاضرة.
وحيث معلوم، بداهة، وبحسب صريح وواضح نص المادتين 661 و 662 من قانون العقوبات، انه يفترض لتحقق جرم المراباة، ومما يفترضه الامر من عناصر، ان يكون هناك عقد قرض جمع بين الطرفين المدعي والمدعى عليه تخلل تلك العملية المدعى بأنها اختزنت جرم مراباة ارتكبه هذا الاخير بحق الاول.
وحيث واضح وبين، على نحو لا يحتمل اي تأويل اخر، ان تلك العملية الحاصلة بين الفريقين في العام 1991، المنحصر فيها موضوع الملاحقة الحاضرة، والمدعى بأنها تختزن بحد ذاتها جرم المراباة المذكور، لم يتخللها اي عقد قرض مالي جديد، ولم تشتمل على اية مداينة، ولم تعد ان تكون تسوية ومخالصة للدين الذي كان المدعى عليه قد اقرضه للمدعي في العام 1988.
وحيث تكون تلك العملية، المدلى بأنها تختزن جرم المراباة، مفتقرة لاحد الاركان المكونة والمحققة للحالة الجرمية موضوع الاسناد.
وحيث ان افتقار الملاحقة لذلك الركن الجرمي ينفي تحقق الحالة الجرمية موضوعها وبوجب ابطال التعقبات لعدم صحتها.
وحيث في ضوء التعليل السابق، والنتيجة المنتهى اليها، لم يعد ثمة داع للبحث في سائر ما زاد او خالف من مطالب واسباب، او لمزيد من البحث.
لذلك
يحكم:
بإبطال التعقبات وبتضمين المدعي النفقات كافة، وبرد كل ما زاد او خالف.
حكما قابلا للاستئناف صدر وافهم علنا في جديدة المتن بتاريخ 2004/8/30
“محكمة” – الأحد في 2019/6/23