عشية ذكرى 13 نيسان 1975: لنتّحد كي لا نُعيد الحريق/أنطونيو الهاشم

أنطونيو الهاشم (نقيب المحامين سابقاً):
تحلّ علينا ذكرى 13 نيسان، لا كموعد عادي في رزنامة الوطن، بل كوجعٍ محفورٍ في ذاكرته، كندبةٍ لا تُمحى مهما مرّ الزمن. في مثل هذا اليوم من العام 1975، اشتعلت شرارة الحرب الأهلية اللبنانية، وبدأ النزيف الذي لم يتوقّف فعليًا حتى اليوم.
لم تكن تلك الحرب حربًا بين جبهتين فقط، بل كانت حربًا على معنى الوطن. تحوّل الجار إلى غريب، والحقيقة إلى وجهة نظر، والرصاصة إلى لغة. كان لبنان يتفتّت أمام عيون بنيه، ولم يكن في الأفق سوى الدخان.
لكن من وسط الركام، من بين حكايات الأمهات الثكالى والآباء المكلومين، وُلد جيل جديد. جيل لم يختبر الملاجئ، لكنه وُلد في ظلّ الخراب. جيل لم يركض بين القذائف، لكنه يركض اليوم خلف لقمة العيش والكرامة المهدورة. هذا الجيل الذي نشأ على حافة دولة تتداعى، واقتصاد ينهار، وثقة مفقودة بين المواطن والمؤسسة.
جيلٌ يحمل عبءَ الماضي دون أن يكون له يدٌ فيه. لكنّه، رغم كل شيء، يحمل أيضًا الأمل.
انتم يا شابات وشباب لبنان ، جيلٌ قرأ الحرب في كتب التاريخ ووجوه الأباء و الأجداد، ارفضوا أن يكتب فصل جديد منها. لا تكرروا، بل خذوا العبر. لا تنقسموا بل التقوا. ابنوا وطنًا لا تُحدّده الطوائف، بل يجمعه الحلم. وطن لا تُمزّقه الهويات، بل تنسجه المواطنة.
في 13 نيسان، لا نُحيي الذكرى كي نغرق في البكاء، بل لنقف على الأطلال ونقول: كفى!
كفى حروبًا باسم الدين، كفى انقسامات باسم السياسة، كفى طائفية تُبرّر العجز، وتُغلّف الانهيار.
فلنُحيي هذه الذكرى كدرسٍ جماعي، كصرخة ضمير، وكفرصة أخيرة لكتابة تاريخ مختلف.
وها نحن، أمام مفترق طرق، إما أن تعيدوا إنتاج الحريق، أو أن تطفؤه بوعيٍ وطنيٍ جديد.
نريد لبنان الجامعة، لا المتراس. لبنان المدرسة، لا الميليشيا. لبنان الدولة، لا الدويلات. لبنان الذي يعيش فينا لا في خرائطِ الأمر الواقع.
جيل المصالحة، هذا وقتكم
اتحدوا، من أجل لبنان.
لبنان الواحد، الحر، العادل.
ولنقلها جميعاً بصوتٍ عالٍ، من وجع التاريخ إلى رجاء المستقبل:
لن ننسى… لكننا لن نكرّر.
“محكمة” – السبت في 2025/4/12