أبرز الأخبارعلم وخبرميديا

قضيّة بيع مصرف لبنان للدولار: إحالة مازن حمدان وآخرين على “الجنايات”/علي الموسوي

كتب علي الموسوي:
حسم القضاء مسألة تدخّل مصرف لبنان في عمليات بيع وشراء الدولار الأميركي في السوق المحلّية في شهري نيسان وأيّار من العام 2020 عبر عدد من صرّافي الفئتين (أ) و(ب) وغير المرخّصين وبينهم من هو غير لبناني، لتخفيض السعر ودعم الليرة اللبنانية، غير أنّ العملة الأميركية سرعان ما حلّقت عالياً حتّى لامست العشرة آلاف ليرة للدولار الواحد.
وينهض من متن القرار الظني الصادر عن قاضي التحقيق الأوّل في بيروت بالإنابة شربل بو سمره، سؤال جوهري هل مصرف لبنان كان يرمي من وراء هذا التدخّل المغطّى بتعميم لحاكمه رياض سلامة، إلى تحقيق دعاية إعلامية لنفسه أمام الرأي العام وحسب، أم السعي بقوّة إلى خفض سعر الدولار؟ ولماذا انصبّ الهدف على تحقيق هذا المكسب بدلاً من السعي إلى السيطرة على السوق لضبط الأمور في تخلّ واضح عن تأدية واجبه ومهمّته الرئيسية؟
فبالفم الملآن يقول مديرية العمليات النقدية في مصرف لبنان المدعى عليه مازن حسين حمدان إنّه تدخّل بائعاً وشارياً “للتأثير إيجابياً على سعر الصرف وللدعاية بأنّ مصرف لبنان يقوم بعمليات بيع لدعم الليرة اللبنانية”!
ولم يتوانَ القرار الظنّي عن إعطاء الجواب في باب مناقشة الحيثيات، بالإشارة إلى أنّ تصرّف حمدان والموظّف المتقاعد وسام سويدان بعكس تعميم سلامة وتواصلهما مع صرّافين من الفئة(ب) لبيع الدولار وخفض سعره لم يحقّق الغاية المتوخّاة منه، معتبراً أنّ هذا الأمر “أدّى إلى النيل من مكانة الدولة المالية”.
ومع أنّه لا يحقّ للصرّافين من الفئة(ب) الإشتراك في بيع وشراء العملات الأجنبية، إلاّ أنّه جرى تجاوز القانون بداعي أنّهم أكثر حضوراً وانتشاراً في السوق المحلّي بعكس الصرّافين المنضوين في الفئة(أ)، وهذا ما يساعد في تحقيق هدف مصرف لبنان بالوصول إلى تغطية إعلامية شاملة، علماً أنّ تعميم سلامة الذي يحمل الرقم 149 حصر عملية البيع والشراء بصرّافي الفئة(أ).
ويضيء القرار الظنّي على الأمور التالية:
أوّلاً: إنّ عمليات بيع مصرف لبنان للدولار الأميركي لم تتمّ بموجب بيانات رسمية، وإنّما جرى إعدادها في فترة لاحقة على بدء النيابة العامة المالية الملاحقة القضائية بعد انكشاف حصول عمليات خارجة على الأصول والقانون، وهذا ما يفيد عن وجود تزوير جنائي.
ثانياً: قام حمدان بدسّ كتابات غير صحيحة في الحسابات لإخفاء اختلاس أموال تخصّ مصرف لبنان.
ثالثاً: أنّ مازن حمدان ووسام سويدان وماهر صابر ومازن فرعون أجروا عمليات مصرفية بغية إخفاء المصدر الحقيقي غير المشروع للأموال الناتجة عن جرم الإختلاس، وهو ما يفيد بوجود تبييض للأموال.
واتفق القرار الظنّي مع المطالعة بالأساس للنيابة وافترق عنها فاستبدل الجرم بآخر، وما لبثت النيابة العامة المالية أن نظرت القرار الظنّي في موافقة علنية على كلّ ما ورد فيه حتّى ولو كان موقفها مغايراً لما توصّلت إليه التحقيقات الإستنطاقية.
وهكذا أحال القاضي بو سمره كلاً من المدعى عليهم مازن حمدان، ووسام سويدان، وماهر صابر، ومازن فرعون على المحاكمة أمام محكمة الجنايات في بيروت بجرائم متفاوتة بينها الإختلاس والتزوير الجنائي ومنع المحاكمة عنهم لجهة تأليف “جمعية أشرار”.
“محكمة” تتفرّد بنشر كامل القرار الظنّي لقضيّة شغلت الرأي العام المحلّي كونها مرتبطة بمعيشته وحياته الإجتماعية والإقتصادية في بلد يعاني الكثير من الويلات:
إنّ قاضي التحقيق الأوّل في بيروت بالإنابة شربل بو سمره،
لدى التدقيق،
وبعد الإطلاع على ورقة الطلب عدد ۲۲۰۲ تاریخ 2020/5/18،
تبيّن أنّه أسند إلى المدعى عليهم:
1- مازن حسين حمدان، والدته هيفاء، مواليد 1969، لبناني،
٢- ماهر جهاد صابر، والدته دلال، مواليد 1965، سوري،
٣- وسام سميح سويدان، والدته ليلی، مواليد ۱۹۷۲، لبناني،
4 – مازن عبد الغني فرعون، والدته فاطمة، مواليد ۱۹۷۷، لبناني،
5- عبد الرحيم أحمد منذر، والدته سنية، مواليد ۱۹۹۲، لبناني،
6- كلّ من يظهره التحقيق،
بأنّه في بيروت وخارجها وبتاريخ لم يمرّ عليه الزمن أقدم المدعى عليهم على مخالفة قانون الصرافة وعلى المسّ بهيبة الدولة المالية وعلى تبييض الأموال مع علمهم بالأمر، الجرائم المنصوص عليها في قانون تنظيم مهنة الصرافة رقم 2001/347 ، وقانون تبييض الأموال رقم 2015/44، والمادتين ۳۱۹ و۲۹۷ من قانون العقوبات،
وبعد الإطلاع على أوراق الدعوى كافة،
وعلى المطالعة في الأساس تاریخ 2020/11/12،
وبنتيجة التحقيقات المجراة:
أوّلاً: في الوقائع:
تبيّن أنّه بتاريخ 2020/4/3 صدر عن مصرف لبنان تعمیم برقم 149 أتاح لشركات الصيرفة من الفئة “أ” بالتقدّم بطلب لبيع وشراء الدولار الأميركي من مصرف لبنان عبر الوحدة الخاصة في مديرية العمليات النقدية في المصرف التي تتولّى عمليات التداول بالعملات الأجنبية الورقية، إلاّ أنّه بالإضافة إلى التعامل مع صرّافين من الفئة “أ”، وخلافاً لهذا التعميم، تمّ بيع الدولار إلى أشخاص خارج هذه الفئة بعضهم من الفئة “ب” والبعض الآخر غير حائز على رخصة صرافة،
حمدان
وخلال التحقيقات الأوّلية أفاد مدير الوحدة الخاصة في مديرية العمليات النقدية في مصرف لبنان، المدعى عليه مازن حسين حمدان، بأنّه تعامل في البدء مع ثلاثة صرّافين من الفئة “أ” لشراء الدولار، وهم شركة حلاوة وشركتي مكتّف وسرور، ثمّ قام ببيع الدولار لاحقاً إلى صرّافين من الفئة “أ” بالإضافة إلى جزء بسيط لصرّافين من الفئة “ب” وذلك بهدف إعادة تزويده للسوق للتأثير إيجابياً على سعر الصرف وللدعاية بأنّ مصرف لبنان يقوم بعمليات بيع لدعم الليرة اللبنانية، وأنّ اختيار الصرّافين من الفئة الأولى تمّ بناء على أوامر من حاكم مصرف لبنان وليس بناء لاختياره الشخصي، وأنّ اختيار الصرّافين من الفئة الثانية حصل عشوائياً وأنّ حاكم مصرف لبنان وافق على هذه العمليات بصورة لاحقة وبواسطة الهاتف،
سويدان
وأفاد المدعى عليه وسام سميح سويدان بأنّه موظّف متقاعد من مصرف لبنان، وأنّه تلقى اتصالاً من مدير العمليات النقدية في المصرف بعد صدور التعميم يطلب الإستعانة به للتواصل مع بعض الصرّافين لبيعهم الدولار، وأنّه اتصل بأكثر من صرّاف أبلغهم بعرض مصرف لبنان، وأنّ مدير العمليات النقدية هو من يحدّد سعر بيع الدولار وشرائه، وأنّ المصرف لم يكن ينظّم ايصالات عند التعامل مع الصرّافين، وأنّه لم يكن يتمّ التأكّد من مستنداتهم الثبوتية عند شرائهم للدولار، وأنّ العمليات كانت تدوّن بالتفاصيل في جدول excel غير مرتبط بالنظام الأساسي للمعلوماتية في المصرف، لأنّ هذا النظام لم يكن مهيّئاً لهذه الغاية،
صابر
وأفاد المدعى عليه ماهر جهاد صابر بأنّ المدعى عليه وسام سويدان هو من اتصل به وعرض عليه تزويده بالدولار بسعر السوق وأنّ هذا الأخير أخبره بأنّه تمّ الإستعانة به من قبل مصرف لبنان رغم كونه قد أحيل على التقاعد، وأنّ الوحدة هي وحدة نقدية مستقلّة لا تصدر إیصالات ولا علاقة لها بمصرف لبنان وهدفها بيع وشراء الدولار، وأنّه في مرحلة أولى اشترى ثلاثين ألف دولار أميركي على سعر ثلاثة آلاف وأربعمائة، وبعد ذلك بيومين اشترى الدولار على سعر ثلاثة آلاف وثمانمائة، وأنّ العمليتين حصلتا من دون تزويده بأيّ إيصال رغم طلبه ذلك، واعترف بأنّه صرّاف من الفئة “ب” ولا يحقّ له قانوناً الإشتراك في بيع وشراء العملات الأجنبية،
وتمّ الإستماع إلى كلّ من الصرّافين الياس سرور، ولیفون قوسطانيان، ومحمود حلاوة، ورامز مكتّف، الذين أفادوا بأنّهم حصلوا على الموافقة للتعامل مع مصرف لبنان بصورة شفهية من المدعى عليه مازن حمدان، وأنّهم لم يستحصلوا على أيّ إيصال يثبت العمليات التي أجروها مع المصرف،
مصرف لبنان والتغطية الإعلامية
وخلال التحقيق الإستنطاقي، أفاد المدعى عليه مازن حسين حمدان بأنّه بعد صدور التعميم بدأت الوحدة بتلقّي طلبات الإنضمام من الصرّافين، وبأنّه قام بإبلاغ ۷ صرّافين من الفئة “أ” الذي يبلغ عددهم 14 صرّافاً اختارهم بحسب معلوماته والمعلومات المستقاة من وسام سويدان، وبأنّه لم يتصل بجميع صرّافي الفئة الأولى نظراً لضيق الوقت، وبأنّه أقدم على بيع الدولار لصرّافين من خارج الفئة “أ” لأنّ صرّافي هذه الفئة يعتمدون شركات نقل الأموال، وهذا لا يؤمّن تغطية إعلامية كما يرغب مصرف لبنان، في حين أنّ صرّافي الفئة “ب” هم أكثر ظهوراً في السوق المحلّي ، وبأنّ عمليات البيع للفئة “ب” لم تتجاوز خمسمائة ألف دولار أميركي ما يعادل ۳ % من مجمل العمليات، وبأنّه أبلغ حاكم مصرف لبنان بتعامله مع صرّافين من الفئة “ب” بعد انتهاء هذه العمليات وبواسطة الهاتف، وبأنّه اتصل بزميله المدعى عليه وسام سويدان بغية التواصل مع الصرّافين من مختلف المناطق کون هذا الأخير يعرفهم أكثر منه، وبأنّه لم يكن يعلم أنّ ماهر غير مرخّص ومن الجنسية السورية، وأنّه لم يتمّ تنظيم ايصالات لعمليات البيع والشراء لضيق الوقت، وأنّه في المرحلة الأولى كان يتمّ التدوين الدفتري للعمليات بصورة إجمالية بهدف التسريع في العمل وأنّ التدوين الفردي بدأ في المرحلة الثانية،
وأفاد المدعى عليه وسام سميح سويدان بأنّه يقوم بمساعدة موظّفي مصرف لبنان بعد تقاعده بناء لطلب مدير العمليات النقدية مازن حمدان للتواصل مع صرّافین موزّعین جغرافياً لإحداث صدی بنشاط مصرف لبنان كونه كان يعمل على نافذة تبديل العملات بالليرة اللبنانية ويعرف عدداً كبيراً منهم بغية خفض سعر صرف الدولار، وبأنّه اتصل بخمس صرّافين وأنّ اختياره لهؤلاء الصرّافين نابع من معرفته بهم من دون علمه ما إذا كانوا مرخّصين أم لا ، وبأنّه لا يعرف عبد الرحيم منذر بل إنّه تواصل مع أخيه محمّد منذر الذي يعمل كموظّف لدى عبد الرحيم،
وأفاد المدعى عليه ماهر جهاد صابر بأنّه اشترى في المرّة الأولى مبلغ عشرين ألف دولار من المصرف وفي المرّة الثانية ثلاثين ألف دولار وفقاً لسعر السوق،
وأفاد المدعى عليه مازن عبد الغني فرعون بأنّ المدعى عليه وسام سويدان هو من اتصل به ليعلمه بعرض مصرف لبنان ببيع الدولار بسعر ثلاثة آلاف وأربعمائة ليرة لبنانية للتأثير إيجاباً في السوق، وبأنّه اشترى الدولار على ثلاث مراحل، في المدّة الأولى مبلغ عشرين ألف دولار وفي المدّة الأخيرة أربعين ألف دولار على سعر ثلاثة آلاف وثمانمائة ليرة لبنانية،
وتبيّن أنّه بتاريخ 2020/5/27 ورد استدعاء من المدعى عليه عبد الرحيم أحمد منذر عرض فيه بأنّه المدير المفوّض بالتوقيع عن شركة منذر للصرافة، وهي شركة مسجّلة ومرخّصة أصولاً لم تتعاط أعمال الصرافة من تاريخ 2020/4/8 حتّى 2020/5/11 بسبب إقفالها بالشمع الأحمر، وأن لا علاقة له بالجرائم موضوع الإدعاء إذ إنّ الشخص الذي أورد المدعى عليه وسام سويدان اسمه في التحقيق هو شقيقه محمّد منذر الذي كان يتعامل مع مصرف لبنان ويتصرّف من تلقاء نفسه مستغلاً اسمه وصفته وأنّ شقيقه لا علاقة له إطلاقاً بشركة الصرافة،
وتبيّن أنّ الاسم الثلاثي للمدعى عليه وسام سويدان الوارد على أشكال مختلفة في الملفّ هو فعلياً وسام سميح سويدان وفقاً للوكالة المنظّمة لدى الكاتب العدل في بيروت برقم 2019/733.
تأيّدت هذه الوقائع:
1- بالإدعاء العام،
2- بالتحقيقات الأوّلية والاستنطاقية،
3- بمجمل التحقيق،
ثانياً: في القانون
حيث يظهر أنّ المدعى عليه عبد الرحيم منذر لم يقدم على إجراء أيّ عملية بيع أو شراء دولار من مصرف لبنان ، وأنّ من تعامل مع المصرف هو شقيق الأخير، السيّد محمّد منذر، ما يقتضي منع المحاكمة عن المدعى عليه عبد الرحيم أحمد منذر لجهة الجرائم المنسوبة إليه كافة،
وحيث إنّه من الثابت أنّه بين تاریخ 2020/4/8 و2020/5/5 حصلت عمليات تداول نقدية مع صرّافين عبر الوحدة الخاصة في مصرف لبنان بطريقة مخالفة للتعميم رقم 149 الذي يحصر التعامل مع الفئة “أ” بحيث أنّه تمّ بيع الدولار لصرّافين من الفئة “ب” من دون أخذ موافقة مسبقة من حاكم مصرف لبنان، وأنّ المدعى عليه حمدان لم يعلم الحاكم بهذه العمليات إلاّ بمرحلة لاحقة وبعد إتمامها،
وحيث يتّبين من الوقائع ومن التحقيقات المجراة أنّ مدير هذه الوحدة، المدعى عليه مازن حمدان، هو من عمد وبالإشتراك مع المدعى عليه وسام سويدان إلى اختيار الصرّافين من الفئة “ب” الذين جرى بيعهم الدولار من دون تحديد أيّ معيار موضوعي يبرّر تمييز هؤلاء الصرّافين عن غيرهم الذين لم يتمّ إعلامهم عن رغبة مصرف لبنان بييع الدولار سوى إفادة حمدان بأنّه أراد اختیار صرّافين منتشرين جغرافياً لإحداث صدى في مختلف المناطق اللبنانية، وإنّ ذلك لا يغيّر في كون الإختيار قد حصل بصورة استنسابية من قبلهما،
وحيث إنّ الموافقة على التعامل مع الصرّافين قد حصلت دون التأكّد من مستنداتهم الثبوتية أو من جنسيتهم ولا من حيازتهم على رخصة الصرافة، الأمر غير المبرّر حصوله في هكذا نوع من العمليات،
وحيث إنّ المدعى عليه وسام سويدان، وهو موظّف متقاعد من مصرف لبنان، قد أقدم على التدخّل في هذه العمليات من دون وجود أيّ تكليف رسمي يبرّر تواجده في المصرف أو يمنحه صلاحيات التواصل واختيار الصرّافين الذين سيتمّ التعامل معهم،
وحيث إنّه بالعودة إلى إفادات المدعى عليهما ماهر صابر ومازن فرعون يتضّح وجود تناقض بين الإفادات العائدة لهما في مراحل التحقيق لجهة حجم المبالغ والسعر الذي على أساسه تمّ الشراء وعدم مطابقتها مع أيّ من الجداول الواردة في إفادة هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، هذا فضلاً عن عدم إبراز أيّ من المدعى عليهم أيّ إيصال أو مستند موقّع من مشتري العملة يبيّن تفاصيل التعامل مع مصرف لبنان وذلك كي يصار إلى مقارنة السعر الفعلي مع السعر المسجّل في قيود المصرف،
وحيث إنّه لدى الطلب من المدعى عليه حمدان تزويد التحقيق ببيانات المبيعات للصرّافين، أفاد بأنّ مصرف لبنان هو بصدد إعداد هذه القيود، ما يعني أنّ العمليات لم تكن تدوّن بتواريخ حصولها، إنّما قد جرى تنظيمها بصورة لاحقة وبعد بدء الملاحقة الجزائية، ما يعزّز من الشكوك حول صحّة هذه البيانات،
وحيث إنّه تبيّن أنّ المدعى عليهم قد عملوا على جني أرباح دون أن يقوموا بأيّ إجراء للتحقّق من ما إذا كانت عمليات التداول قد أدّت إلى التأثير إيجاباً في السوق أو ما إذا كان التصرّف بهذه الأموال قد حصل بشكل هادف إلى هذه النتيجة،
وحيث إنّ مجمل هذه المعطيات من شأنها أن تدلّ على إقدام المدعى عليه مازن حمدان بحكم وظیفته العامة كمدير للوحدة الخاصة في مديرية العمليات النقدية على اختلاس الأرباح الناتجة عن عمليات التداول بالعملات الأجنبية المملوكة لمصرف لبنان عن طريق دسّ كتابات غير صحيحة في الحسابات بهدف منع اكتشاف الإختلاس المرتكب من قبله،
وحيث إنّ الأرباح هي فرع يتبع الأصل، فإنّ اختلاسها يعتبر من قبيل اختلاس أموال عائدة لمصرف لبنان، وبالتالي أموال عمومية، فيكون فعله مؤلّفاً للجناية المنصوص عليها في المادة 360 من قانون العقوبات،
وحيث إن افادة هيئة التحقيق الخاصة لجهة عدم وجود اختلاف بين العمليات المنفّذة والأرصدة الفعلية مقابلها لا يغيّر في هذه النتيجة كونه من الطبيعي، عند وجود عمليات اختلاس، أن يتمّ التصريح عن مبالغ مغلوطة بغية تطابق القيود،
وحيث إنّ المدعى عليهم وسام سويدان وماهر صابر ومازن فرعون قد تدخّلوا بجرم الإختلاس وسهّلوه على النحو المبيّن في باب الوقائع ، فتكون أفعالهم منطبقة على أحكام المادة 360 من قانون العقوبات معطوفة على المادتين 220/219 منه،
وحيث إنّه، ولجهة ما أسند إلى المدعى عليهم من جرم المادة 335 من قانون العقوبات، فإنّ هذه المادة تفترض تأليف جمعية أشرار أو حصول اتفاق خطّي أو شفهي بقصد ارتكاب الجنايات المحدّدة بموجبها بحيث يكون لهذه الجمعية رأس مدبّر وخطط وتوزع للأدوار،
وحيث إنّه لم يثبت وجود هكذا اتفاق في ما بين المدعى عليهم في الدعوى الحاضرة، ما يقتضي منع المحاكمة عنهم لهذه الجهة،
وحيث إنّ المادة 319 من قانون العقوبات تعاقب من يقدم على إذاعة وقائع ملفّقة أو مزاعم كاذبة لإحداث تدنٍ في أوراق النقد الوطنية وزعزعة الثقة في متانة نقد الدولة بإحدى الوسائل المذكورة في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 209،
وحيث إنّ الوسيلة المذكورة في الفقرة الثانية من المادة ۲۰۹ هي الكلام أو الصراخ الذي يسمعه من لا دخل له بالفعل سواء جهر بهما أو نقلا بالوسائل الآلية،
وحيث يظهر من وقائع القضيّة أنّ المدعى عليهما مازن حمدان ووسام سويدان قد قاما بالتواصل مع الصرّافين من الفئة “ب” بصورة مخالفة للتعميم رقم 149 وعرضا عليهم بيع الدولار على اعتبار أنّ ذلك من شأنه أن يخفض سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية إلاّ أنّ النتيجة أتت مغايرة لأقوالهما، فيكونا بهذه الأفعال قد أقدما على إذاعة كلام لمن لا دخل له، أدّى إلى النيل من مكانة الدولة المالية، ما يؤلّف جرم المادة 319 عقوبات،
وحيث إنّه في المقابل، فإنّ شروط هذه المادة لا تتوافر في أفعال المدعى عليهما ماهر صابر ومازن فرعون، ما يقتضي منع المحاكمة عنهما لهذه الجهة،
وحيث إنّ المدعى عليهم مازن حمدان ووسام سويدان وماهر صابر ومازن فرعون قد أقدموا على إجراء عمليات مصرفية بغية إخفاء المصدر الحقيقي غير المشروع للأموال الناتجة عن جرم الإختلاس، الأمر الذي يشكّل بحسب المادة الثانية معطوفة على المادة الأولى من قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب رقم 2015/44 جرم تبييض الأموال،
وحيث إنّ المادة الثالثة من هذا القانون تعاقب كلّ من أقدم أو حاول الإقدام على إجراء عمليات تبييض أموال، ما يوجب الظنّ بالمدعى عليهم بجرم المادة الثالثة المذكورة،
وحيث إنّه، ولجهة ما أسند إلى المدعى عليه مازن حمدان من جرم المادة الأولى من المرسوم رقم 83/156، فإنّ هذا الجرم يفترض أن يكون الفاعل مكلّفاً ضريبياً وأن يقوم بالتهرّب من دفع الضريبة، الأمر غير المتوافر في المدعى عليه في القضيّة الراهن، ما يقتضي منع المحاكمة عنه لهذه الجهة،
وحيث إنّ المدعى عليه مازن حمدان قد أقدم على التزوير في سجّل قيد العمليات الجارية في مصرف لبنان وذلك عن طريق إثبات معلومات مغايرة للواقع والحقيقة لإخفاء الإختلاس واستعمل المزوّر، ما يقتضي اعتبار فعله من قبيل جرمي المواد 457 و 457/454 من قانون العقوبات،
وحيث إنّ المدعى عليه ماهر صابر سوري الجنسية وغير حائز على ترخيص بمزاولة مهنة الصرافة،
وحيث إنّه يحظَّر على غير المصارف والمؤسّسات المالية ومؤسّسات الوساطة المالية المسجّلة لدى مصرف لبنان امتهان أعمال الصرافة إلاّ بعد الإستحصال على ترخيص مسبق من مصرف لبنان،
وحيث إنّ المادة ۲۰ من قانون تنظيم مهنة الصرافة رقم 2001/347 تعاقب كلّ من يمارس مهنة الصيرفة دون ترخيص، وبالتالي فإنّ ممارسة المدعى عليه المذكور لأعمال الصرافة دون الإستحصال على ترخيص مسبق يجيز له ذلك، يؤلّف جنحة المادة ۲۰ من القانون رقم 2001/347،
لذلك
يقرّر وفقاً وخلافاً للمطالعة:
أوّلاً:إعتبار فعل المدعى عليه مازن حسين حمدان من نوع جناية المادة 360 من قانون العقوبات وفعل المدعى عليهم وسام سميح سويدان وماهر جهاد صابر ومازن عبد الغني فرعون من نوع جناية المادة 360 معطوفة على المادة 220/219 من القانون ذاته،
ثانياً: إعتبار فعل المدعى عليه مازن حمدان من نوع جرمي المادة 457 من قانون العقوبات والمادة 457/454 من القانون ذاته،
ثالثاً: الظنّ بالمدعى عليهما مازن حمدان ووسام سويدان بجرم المادة 319 من قانون العقوبات، ومنع المحاكمة عن المدعى عليهما ماهر صابر ومازن فرعون لهذه الجهة،
رابعاً: الظنّ بالمدعى عليهم مازن حمدان ووسام سويدان وماهر صابر ومازن فرعون بجرم المادة الثالثة من القانون رقم 2015/44،
خامساً: الظنّ بالمدعى عليه ماهر جهاد صابر بجرم المادة ۲۰ من القانون رقم 2001/347،
سادساً:منع المحاكمة عن المدعى عليهم مازن حمدان ووسام سويدان وماهر صابر ومازن فرعون لجهة جرائم المواد 335 من قانون العقوبات.
سابعاً:منع المحاكمة عن المدعى عليه مازن حمدان لجهة جرم المادة الأولى من المرسوم رقم 83/146.
ثامناً:منع المحاكمة عن المدعى عليه عبد الرحيم أحمد منذر لجهة الجرائم المنسوبة إليه كافة،
تاسعاً: اتباع الجنح بالجنايات للتلازم،
عاشراً:إیجاب محاكمة المدعى عليهم مازن حمدان ووسام سويدان وماهر صابر ومازن فرعون أمام محكمة الجنايات في بيروت وتدريكهم الرسوم والنفقات القانونية كافة،
حادي عشر:إيداع الأوراق جانب النيابة العامة المالية في بيروت لإحالتها أمام المرجع القضائي المختص،
بيروت في 2020/12/22
“محكمة” – الأربعاء في 2020/12/23
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!