كسبار يشرح مفهوم مداعاة الدولة لمسؤوليتها عن أعمال القضاة
حلّ المحامي ناضر كسبار، عضو مجلس نقابة المحامين سابقاً والمرشّح لمنصب نقيب المحامين في بيروت في تشرين الثاني المقبل، ضيفاً على اذاعة “صوت لبنان” في ضبيه بدعوة من الإعلامية رندة جباعي فخري، وضمن برنامج في القانون. وكان موضوع الحلقة: مداعاة الدولة بشأن المسؤولية الناجمة عن أعمال القضاة العدليين.
وشرح المحامي كسبار عدّة نقاط تتعلّق بالهيئة الناظرة في الدعاوى والحالات الجائزة فيها مداعاة الدولة ومهلة تقديمها، وتوقيع الاستحضار، ووقف التنفيذ، ودور القاضي المنسوب إليه سبب الدعوى، ودور النيابة العامة، وحالة قبول الدعوى، ومفعول إبطال الحكم والقرار أو الإجراء المشكو منه ونتائج قبول الدعوى.
وقد تطرّق المحامي كسبار إلى الهيئة الناظرة في الدعوى وهي الهيئة العامة لمحكمة التمييز حيث يترأسها الرئيس الأوّل لمحكمة التمييز ويكون رؤساء الغرف أعضاء فيها. وتتمثّل النيابة العامة التمييزية في المحاكمة. وتبدي رأيها بصورة خطيّة أو شفهية. ولا يشترك القاضي الذي أبطل حكمه أو الإجراء الصادر عنه في نظر الدعوى الأساسية وينحّى عن نظرها حكماً. وإذا كانت المداعاة قد حصلت في شأن حكم أو إجراء صادر عن غرفة من غرف المحكمة فتحال الدعوى الأساسية إلى غرفة أخرى بعد إبطال الحكم أو الإجراء.
وبالسؤال حول الحالات التي يجوز فيها مداعاة الدولة بشأن المسؤولية الناجمة عن أعمال القاضي، أجاب كسبار: أنّ هناك عدّة حالات عدّدها القانون وهي:
1- الاستنكاف عن إحقاق الحق Déni de justice
2- الخداع أو الغشّ
3- الرشوة
4- الخطأ الجسيم الذي يفترض أن لا يقع فيه قاضٍ يهتم بواجباته الاهتمام العادي.
وقد أشارت المادة الرابعة من قانون أصول المحاكمات المدنية إلى حالات الاستنكاف وهي غموض النصّ أو انتفاؤه، وكذلك التأخّر بدون سبب عن الحكم، ونصّت على أنّه في حال غموض النصّ، يفسّره القاضي بالمعنى الذي يحدث معه أثراً يكون متواقفاً مع الغرض منه ومؤمّناً التناسق بينه وبين النصوص الأخرى. وفي حال انتفاء النصّ، يعتمد القاضي المبادئ العامة والعرف والإنصاف.
وأشار المحامي كسبار إلى أنّ استحضار الدعوى يجب أن يوقّع من قبل محامٍ مفوّض صراحة بإقامة الدعوى. على أنّه إذا لم يتمكّن صاحب العلاقة من توكيل محام، أو رفض نقيب المحامين تكليف محام لإقامة الدعوى بالاستناد إلى قانون تنظيم مهنة المحاماة، جاز لصاحب العلاقة بعد إثبات هذا الرفض توقيع الاستحضار بنفسه.
أمّا ضدّ من تقام الدعوى، فأجاب كسبار أنّها تقام ضدّ الدولة اللبنانية ممثّلة برئيس هيئة القضايا في وزارة العدل، وضدّ المطلوب إدخاله الخصم الأساسي في الدعوى، وتبلّغ نسخة من القضاة للجواب عليها. كلّ ذلك بعد أن تكون الهيئة العامة قد درست اسحضار الدعوى ومرفقاته تمهيداً للبتّ إمّا بقبولها للجدّية أو بردّها. فإذا قبلتها للجدّية تحصل الإجراءات المنوّه عنها.
وحول مفعول إبطال الحكم أو القرار أو الإجراء المشكو منه، أجاب كسبار أنّ الإبطال يعيد القضيّة إلى الحالة التي كانت عليها قبل الحكم أو الإجراء المشكو منه مباشرة، وتستأنف الإجراءات بناء على لائحة مطالب.
وبالسؤال حول الخطأ الجسيم، أعطى المحامي كسبار عدّة أمثلة حول قرارات صادرة عن الهيئة العامة لمحكمة التمييز والتي عرّفت الخطأ الجسيم الناتج عن إهمال فادح أو عدم تبصّر ورؤية، أو الإهمال المفرط الذي يوازي الجهل المطبق للقانون علماً بأنّ رقابة الهيئة العامة تقع على عمل القاضي وليس على الحلّ القانوني المعتمد. وأعطى مثلاً حول عدم علم القاضي بصدور قانون تعديلي واجب التطبيق على النزاع المعروض أمامه (الهيئة العامة – تاريخ 2001/12/27 – صادر 1999 -2001 ص 203).
وأشار المحامي كسبار إلى قرار حديث صادر عن الهيئة لمحكمة التمييز بتاريخ 2018/1/15. ففي قرار مهمّ ومبدئي صادر عن الهيئة لدى محكمة التمييز المؤلّفة من الرئيس الأوّل جان داود فهد ورؤساء الغرف لدى محكمة التمييز السادة جوزيف سماحة وجان عيد وميشال طرزي، وغسّان فواز وسهير حركة، إعتبرت الهيئة أنّ ما ورد في المادة 76 من المرسوم الاشتراعي رقم 83/88 يتعلّق بحالة خاصة وهي حالة وجود عقار مبني مملوك على الشيوع، فيتعيّن بالتالي، عند قسمة عقار مبني عبر إخضاعه لنظام الملكية المشتركة، تطبيق القواعد والشروط المحدّدة في هذه المادة التي جاءت واضحة لناحية وجوب أخذ موافقة أكثرية الشركاء الذين يملكون أكثر من نصف الأسهم على الأقلّ كشرط لاخضاع العقار المبني لنظام الملكية المشتركة، فلا يمكن تجاوز الشرط المذكور وتطبيق الشروط والأحكام العامة لإزالة الشيوع الواردة في القانون رقم 82/16 على الحالة الخاصة المتعلّقة بالعقارات المبنية المملوكة على الشيوع والتي وضع المشترع شروطاً خاصة لها، خاصة وأنّ قانون إزالة الشيوع لم يعالج مسألة إخضاع العقار المبني المملوك على الشيوع لنظام الملكية المشتركة.
كما اعتبرت الهيئة العامة أنّ المحكمة مصدرة القرار المشكو منه تكون، بالتالي، قد تجاوزت الشرط الذي فرضته المادة 76 من المرسوم الاشتراعي رقم 88/836 وقرّرت قسمة العقار المبني عبر إخضاعه لنظام الملكية المشتركة، فاستندت إلى النصّ العام للتوصّل إلى إخضاع العقار موضوع الدعوى لنظام الملكية المشتركة.
كما اعتبرت أنّه استناداً إلى ما تقدّم، فإنّ المحكمة مصدرة القرار المشكو منه التي تجاوزت أحكام المادة 76 المشار إليها أعلاه وطبّقت القسمة العينية على عقار مبني دون أن تكون الشروط المنصوص عليها في هذه المادة متوافرة، تكون قد ارتكبت خطأ بمفهوم البند الرابع من المادة /741/ أ.م.م. وقضت الهيئة العامة بإبطال القرار المطعون فيه.
“محكمة” – الثلاثاء في 2019/7/23