كتب علي الموسوي:
“تولّى إمرة سجن الخيام، وأقدم على قمع احتجاجات قام بها الأسرى بالعنف والقوّة أدّت إلى وفاة الأسيرين إبراهيم أبو عزّة وبلال السلمان في العام ١٩٩٤، وممارسة ضروب التعذيب على الأسرى ومعاملتهم معاملة غير إنسانية، وعلى المشاركة أو الإشراف على تعذيب الأسرى، وعلى تعذيب الأسير علي حمزة، ومن ثمّ خطفه وإخفائه.”
كلّ هذه الجرائم وردت في متن الحكم الصادر بحقّ “جزّار معتقل الخيام” العميل عامر الياس الفاخوري عن المحكمة العسكرية الدائمة التي ارتأت نزولاً عند طلب سياسي واضح، “كفّ التعقّبات وإسقاط دعوى الحقّ العام بمرور الزمن العشري”.
ولو أنّ أفعال الفاخوري الجرمية والمصادق عليها باعترافات كثيرة من معتقلين رأوا الموت على يديه في معتقل الموت في الخيام خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، تمّت في أوروبا، لما تأخّر كلّ صاحب ضمير وطني وحسّ بالإنسانية عن إنزال عقوبة الإعدام به، أو عقوبة الأشغال الشاقة المؤبّدة، ذلك أنّ كرامات المضحين في سبيل تحرير وطنهم الأحياء منهم والشهداء والجرحى، تستحقّ أن يرتفع القضاء العسكري إلى مصافها ليكون من الناجين من نار كتابات التاريخ ولو بعد مائة سنة.
وقد أُسقطت كلّ جرائم الفاخوري الصريحة بإرهابها بفعل حبكة سياسية أسبغ عليها رداء قانوني، لأنّ تخصيص عملاء إسرائيل بقانون يُبقي الملاحقة قائمة بحقّهم مهما أطالوا هروبهم ومهما لازمتهم الحماية الخارجية، لا يمكن أن يبصر النور التشريعي في لبنان نتيجة الخضوع للمساومات الطائفية التي تتقدّم “مصلحة الوطن العليا”.
إلاّ أنّ جرائم الفاخوري يستحيل أن تموت أو تندثر أو تتلاشى كونها محفورة في الذاكرة الجماعية، وفي نبض كلّ طفل وفتاة وشاب وامرأة ورجل وعجوز مسّتهم عن قُرْب أو عن بُعْد، في صميم حياتهم. والوطن يعيش بأهله المثخنين بالكرامة لا بعملائه.
وهنا صورة الحكم على الفاخوري لكي تظلّ عبرة للأجيال المقبلة لتعرف الخبيث من الطيّب، وليعرف الجميع أنّ كفّ التعقّبات عن عامر الفاخوري لا يسقط خيانته وتعامله مع العدوّ الإسرائيلي:
وسبق لقاضي التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا أن أصدرت في 4 شباط 2020 قراراً اتهمت فيه الفاخوري بموجب المواد /٥٤٩/ و ٥٤٩/ ٢٠١ و/٥٦٩/ عقوبات التي تقضي بالإعدام، بعدما سردت وقائع لا يمكن للتاريخ أن يغفلها وأبرزها:
• عيّن آمراً لمعتقل الخيام بأمر من قائد جيش لبنان الجنوبي أنطوان لحد، وبحكم طبيعة عمله كان يجتمع بصفة دورية مع ضبّاط إسرائيليين في نادي الضبّاط قرب ثكنة مرجعيون.
• خلال العام ١٩٩٤ حصلت انتفاضة داخل معتقل الخيام بعد أن طالب الموقوفون بتحسين أوضاعهم لناحية تأمين الطعام والسماح بزيارة ذويهم لهم وعدم احتجازهم في الغرف الإنفرادية أو تعريضهم للتعذيب، وأنّ الموقوفين قاموا بالطرق على أبواب الزنزانات، فأطلق عناصر الحراسة القنابل الدخانية عليهم.
• بصفته آمراً لمعتقل الخيام ومنعاً من وقوع أيّة أعمال تمرّد كان يعمد إلى معاملة المعتقلين بقسوة.
• بعد وصوله إلى الولايات المتحدة الأميركية في العام 2001، تقدّم بطلب لجوء سياسي واستحصل لاحقاً على بطاقة تجدّد عبر محكمة الهجرة، وفي العام ٢٠١٣ استحصل على بطاقة الإقامة، وفي العام ٢٠١٩ استحصل على الجنسية الأميركية، وشارك في جمع التبرّعات للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية ولانتخابات الكونغرس، وهو من مؤيّدي الرئيس الحالي دونالد ترامب.
“محكمة” – الإثنين في 2020/3/16
النصّ الحرفي للقرار الاتهامي بالعميل عامر الفاخوري: من معتقل الخيام إلى الماسونية/علي الموسوي(3/1)