لبنان المقاوم يحرّر جرود عرسال من الإرهاب
كتب علي الموسوي:
أعاد حزب الله جرود عرسال ومرتفعات السلسلة الشرقية من جبال لبنان المحتلة إلى حضن الوطن بعدما أجهز على جبهة النصرة، أو بالأحرى “تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الشام”، في معارك شرسة إستمرّت ستّة أيّام.
وقدّم رجال المقاومة أنموذجاً يحتذى في الجهاد والقتال في معارك جرت على ارتفاع 2300 متر وما فوق عن سطح البحر، وأهدوا اللبنانيين جميعاً مسيحيين ومسلمين، هذا التحرير المظفّر، حيث صار بإمكان الجميع التنعّم بالطمأنينة والأمان والهدوء بعد موجة من السيّارات المفخّخة والإنتحاريين والصواريخ، عانى منها بشكل خاص، أبناء الضاحية الجنوبية، والقاع، ورأس بعلبك، والهرمل، وكانت تهدّد الجميع باستثناء من آل على نفسه أن يكون بيئة حاضنة للإرهاب وجماعات التكفير.
ولا تخلو أيّة حرب من تضحيات، فرصّع أكثر من عشرين شهيداً جبين لبنان بالعزّ والعنفوان، مؤكّدين أنّ الكرامة لا تعتاش مع سياسات “النأي بالنفس” التي أوصلت إرهابيين إلى عقر الوطن.
والشهداء أهل النصر ومفخرة الأمّة، تنظر إليهم فلا تشبع.. ولا ترى إلاّ وجوهاً مفعمة بالخير والألق.. وكلّ الكلمات، مهما اتسعت معانيها، تخجل أمام دمائهم وتضحياتهم.
ويكفي فخاراً أنّ علم لبنان عاد خفّاقاً فوق جرود فُخّخت لسنوات خمس، بالإرهاب ومتفرّعاته. ولولا قبضاتُ هؤلاء المقاومين الشرفاء ومؤازرة الجيش اللبناني لهم، لاتسع نزيف الهيبة الوطنية.
وللتاريخ، فإنّ هذه المرتفعات الشاهقات عادت لبنانية في عهد الرئيس ميشال عون الداعم للمقاومة، بعدما استبيحت في عهد سواه.
وكانت معارك جرود عرسال، قد بدأت فجر يوم الجمعة الواقع فيه 21 تموز 2017، ومعها شرعت فلول الظلام بالإندحار، حتّى كان عرس التحرير فجر الخميس في 27 تموز 2017، بعد محاصرة ما تبقّى من شرذمة الإرهابيين في وادي حميد ومدينة الملاهي، ورفعهم راية الإستسلام، ومسارعتهم إلى إجراء مفاوضات تولّاها عن الجانب اللبناني مدير عام الأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم أرست إتفاقاً قضى بالإفراج عن خمسة مجاهدين من المقاومة أُسروا سابقاً، في مدينة حلب، وتسليم جثامين عدد من الشهداء، وتأمين ممرّ عبور للإرهابيين بإمرة أميرهم جمال حسين زينية الملقّب بـ”أبي مالك التلّي”، وعائلاتهم ومن يرغب من المدنيين السوريين القاطنين في مخيّمات النازحين الأربعة في جرود عرسال، إلى مدينة إدلب السورية حيث جبهات القتال مشتعلة بالدم والبارود والموت، وإلغاء وجود المخيّمات المذكورة وانتقال ساكنيها للعيش في بلدة عرسال.
وبزوال وجود “النصرة”، تعود هذه الأرض إلى حضن الوطن، مع التذكير بأنّ اتفاقاً آخر يتعلّق بـفصيل “سرايا أهل الشام” نصّ على انتقالهم هم أيضاً، إلى سوريا بالتنسيق مع الدولة السورية، لتصبح هذه البقعة من الأراضي اللبنانية خالية تماماً من جماعات الإرهاب، باستثناء منطقة صغيرة يسيطر عليها تنظيم “داعش” الذي ينوي بدوره الإنسحاب إلى منطقة دير الزور في ظلّ الكمّاشة العسكرية المُطْبقة عليه من كلّ النواحي في لبنان وسوريا حيث لا أمل له بالصمود في معركة خاسرة عسكرياً.
“محكمة” – الجمعة في 28/07/2017.