محام متدرّج ينتحل صفة قاض دولي ويُوقع بمحامين في الاستئناف
كتبت ياسمينة العلي:
لم يترك “المحامي المتدرّج” و. ف. صفة غير صحيحة إلاّ وارتداها، من قاض دولي، ومسؤول عن مكتب أفغانستان في المحكمة الدولية، ومنظّم تقرير دارفور في السودان، ومسؤول ملفّ سوريا في الأمم المتحدة، إلى مستشار وزير الدفاع الوطني اللبناني ومستشار رئيس الحكومة السابق(نجيب ميقاتي)، وانتهاء بادعاء التقرّب من رئيس المجلس النيابي نبيه برّي.
دغدغته مناداة بعضهم له بعبارة “ريّس” بعدما تقدّم لمباراة الدخول إلى القضاء ورسب. صدّق نفسه وصار يتصل بقضاة معرّفاً عن نفسه بأنّه” القاضي…”، ويذيع أمام مراجعيه أو بالأحرى ضحاياه وبينهم محامون بالإستئناف، أنّ لديه علاقات على مستوى عال مع سياسيين ورجال أمن.
هذا بعض ما جاء في الحكم الصادر عن القاضي المنفرد الجزائي في بعبدا ساندرا الخوري في 20 كانون الأوّل 2016، بحقّ و.ف.، وقضى بسجنه سنة وستّة شهور وتغريمه مبلغ مليون ليرة بعد إدانته بجنحة المادة 655 عقوبات، وسجنه ستّة أشهر سنداً للمادة 392/257 عقوبات، على أن تنفّذ بحقّه العقوبة الأولى كونها الأشدّ، مع إلزامه بأن يدفع مبلغ 120 مليون ليرة للمدعي إ. د. على سبيل الردّ ومبلغ عشرة ملايين ليرة كعطل وضرر، ومبلغ خمسة ملايين ليرة للمحامي ر. د. على سبيل العطل والضرر، وإبلاغ نسخة عن هذا الحكم الوجاهي والقابل للاستئناف، إلى نقيب المحامين في بيروت سنداً للمادة 104 من قانون تنظيم مهنة المحاماة.
ومآل هذه الدعوى بحسب مضمون الحكم القضائي، أنّ و. ف. تمكّن نتيجة صفته الكاذبة من إيقاع المحامي ر. د. بالغلط، وحَمَلَه على تسليمه مبلغاً من المال سبق له أن استلمه من موكّله المدعي إ. د. من أجل إنجاز معاملة في وزارة المالية وتخفيض رسوم الانتقال المترتّبة لتحرير تركة المرحوم س.د.
كيف بدأت القصّة؟.
خلال إنجاز المحامي ر.د. ملفّ تركة ونقل ملكية عقارات المورّث س.د. إلى زوجتيه وأولاده، قامت إحدى الزوجتين ن.ح. بتعريفه إلى و. ف. على أنّه قاض في المحكمة الدولية، وأعلمه و.ف. بقدرته على إنجاز الملفّ معتمداً على قربه من الرئيس نبيه برّي، وأنّ ر.ع. معقّب معاملات يمكنه متابعة الملفّ بمعاونة المحامي ع.ص..
وذات يوم، إتصل و. ف. بالمحامي ر.د. وأبلغه بأنّه تمّ تحديد رسوم الإنتقال وهي مرتفعة، عارضاً عليه الاعتراض عليها في وزارة المالية لتخفيضها، إلاّ أنّ الطلب رُفض، وكذلك استئناف هذا القرار، وزعم أنّ لديه الحلّ بحكم قربه من الرئيس نبيه برّي ووزير المال، وتكلّم أمام ر.د. مع شخص مجهول أكّد له أنّه لن يدفع سوى مبلغ 120 مليون ليرة، وسلّمه ر.د. هذا المبلغ من أجل دفعه في وزارة المالية.
وبعد فترة زمنية إستفسر ر.د. من و.ف. عن مصير المعاملة، فأخبره بأنّ الأمور تسير وفقاً لما هو مطلوب، وأنّه يجب الإنتظار. ولمّا بدأ ر.د. يطالب فقيه بالإيصالات المدفوعة من أجل إبرازها أمام موكّليه، بدأ يعطي حججاً واهية ومنها أنّه فور ورود الملفّ إلى مالية بعبدا، بعد تحويله من مكتب الوزير، يسلّمه الإيصالات، وتذرّع بأنّه يلزمه بعض الوقت كونه يتضمّن تخفيضاً إستثنائياً. ولدى استفسار المحامي ر.د. عن الملفّ في مالية بعبدا، أخبره الموظّف بأنّه محفوظ منذ صدور قرار الهيئة الاستئنافية، فاتصل بـ”القاضي” و.ف. الذي طلب منه عدم الاستفسار عن الملفّ كونه يمرّ “خطّ عسكري”، وسأل ر.د. زميله المحامي ع.ص. عن الأمر، فأخبره بأنّ و.ف. لم يكلّمه يوماً ولم يتصل به مطلقاً ولا يعرف شيئاً عن الموضوع، فما كان منه إلاّ أن راجع و.ف. لاستلام الإيصالات، فتمنّع عن تسليمها له، ولجأ إلى القضاء لاستعادة حقّه، وكانت هذه الدعوى، وكان هذا الحكم.
( نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 13- كانون الثاني 2017).