معارضون ومؤيّدون للسماح للمحامي بحضور التحقيقات الأوّلية وماذا يقول عازوري؟/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
بمجرّد إقرار المجلس النيابي تعديل المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية والتي تسمح للمحامي بمرافقة موكّله منذ اللحظة الأولى لاحتجازه من الضابطة العدلية حمايةً له ولحقوقه بالدفاع، حتّى ظهرت آراء قانونية متناقضة بين مؤيّد ومرحّب ومعارض.
ومعظم المعارضين هم قضاة يخشون أن يتحكّم الموقوف ومحاميه بمسار التحقيق لدى الضابطة العدلية عبر اتباع أساليب ملتوية ومناقضة للقانون، أو تأخير إجراء التحقيق الأوّلي بالسرعة الممكنة إذ يرفض المحامي على سبيل المثال الحضور فوراً متذرّعاً بحجج مختلفة، وبالتالي لا بدّ من ضمانات تتيح تنفيذ هذا التعديل بالشكل المتوخّى منه.
حماية المدعى عليهم
وفي حديث مع “محكمة” يرحّب المحامي أكرم عازوري بتعديل المادة 47 المذكورة، ويقول: إنّ هذا التعديل يجعل من القانون اللبناني متوافقاً مع المعاهدات الدولية التي وقّع لبنان عليها، مؤكّداً ضرورة النظر إلى مسألة حماية المدعى عليهم في مرحلة التوقيف القضائي الاحتياطي وتقيّد قضاة التحقيق بحرفية المادة 107 من قانون أصول المحاكمات الجزائية وعدم تحويرها عند التطبيق.
ويرى عازوري أنّ هذه المادة المتقدّمة جدّاً في مجال حماية حقوق الإنسان تجعل من التوقيف الاحتياطي تدبيراً استثنائياً وليس وسيلة للضغط تستعمل في التحقيق منذ العام 2001، فالتوقيف الاحتياطي لا علاقة له ببراءة المدعى عليه المفترضة ولا بمسؤوليته عن الجرم المفترضة أيضاً قبل صدور الحكم بحيث إنّ التوقيف الاحتياطي ليس دليلاً على التجريم، كما أنّ إخلاء السبيل ليس دليلاً على البراءة.
تحوير تطبيق المادة 107 أ.م.ج.
ويضيف عازوري: لا يمكن توقيف الناس احتياطياً إلاّ في الحالات المحدّدة حصرياً في المادة 107 أ.م.ج. في حين أنّ التطبيق فيه تحوير لهذه المادة إذ تستعمل تجاوزاً للضغط على المدعى عليه إمّا من أجل إجباره على دفع حقوق مالية كما في مجال الشيك بدون رصيد، وإمّا لإرغامه على الإقرار إذا أنكر الجرم، وإمّا مراعاة للرأي العام.
نظراً لماهية الجرم!
وتنصّ المادة 107 أ.م.ج. في فقرتها الرابعة بشكل واضح على وجوب تعليل قرار التوقيف وهذا ما لا يحصل، إذ كثيراً ما يعمد قضاة التحقيق إلى تكرار العبارة الممجوجة والمحفوظة عن ظهر قلب والمؤلّفة من ثلاث كلمات:”نظراً لماهية الجرم”، وهي لا تتماشى ولا تتماهى على الإطلاق مع ما جاء في متن الفقرة الرابعة المذكورة من أنّ يبيّن قاضي التحقيق الأسباب والواقعية والمادية التي اعتمدها لإصدار قراره وطبعاً مع ضرورة مراعاة مسائل هامة في التحقيق تتعلّق بالتوقيف الاحتياطي لجهة المحافظة على أدلّة الإثبات والمعالم المادية للجريمة، ومنع حصول أيّ ضغط على الشهود أو المدعين، أو حماية المدعى عليه نفسه، أو الحيلولة دون تواصله مع شركائه مع أنّ هذه الملاحظة الأخيرة سهلة التحقّق في الوقت الراهن بفعل القدرة على التواصل هاتفياً من خلال تطبيق الواتساب والفيديو كول، والزوّار!
ويطالب عازوري بوجوب إخضاع التوقيف الإحتياطي واحترام قضاة التحقيق للمادة 107 أ.م.ج. لرقابة القضاء المدني وليس الجزائي وهذا ما هو حاصل في فرنسا، مقترحاً أن يخضع خرق قضاة التحقيق للمادة 107 أ.م.ج. لرقابة قاضي الأمور المستعجلة مثلاً وذلك حماية لقرينة البراءة.
“محكمة” – الجمعة في 2020/10/15