مواقف وطرائف القضاة والمحامين: جوزف سماحة ونبيل صاري ومطانيوس عيد/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
قبل أن تسيطر الأحزاب والجمعيات وغيرها على العمليات الانتخابية في لبنان، كان المرشّح، أيّ مرشّح ولأيّ مركز أو منصب يضطرّ لتكوين C.V. مهمّ عنه من جهة، وإثبات وجوده في الحياة العلمية والثقافية والنقابية والاجتماعية وغيرها من جهة أخرى. كما كان مضطرًّا لمتابعة شؤون ناخبيه بأدقّ تفاصيلها، ممّا يضطرّه لأن يكون يقظًا، فطنًا، نشيطًا، ملمًّا بجميع المشاكل التي تعترض ناخبيه ومساعدتهم على تخطّيها بحيث يكون قريبًا منهم، يعرفهم واحدًا واحدًا، يتابع شؤونهم وشجونهم، يعرف مشاكلهم وما يعترضهم من عقبات عامة أو خاصة، ليعمل على تذليلها والسعي لإصدار تشريعات أو قرارات مناسبة لها. فمن لا يعرف الداء كيف له أن يصف الدواء؟
هذا الكلام كان ينطبق على نوّابنا أيّام زمان، وإن كان قسم كبير منهم يتكلّ على ما يقدّمه من خدمات. فالمهمّ أنّه كان يقوم بتقديمها وبالاتصال المباشر بناخبيه، كما كان يطبّق في الانتخابات النقابية والجامعية والبلدية وغيرها وغيرها.
وتغيّرت الأحوال في لبنان في ظلّ سيطرة المجموعات من أحزاب وجمعيات وغيرها، وبات من ترضى عنه هذه الأحزاب يصل إلى أعلى المناصب والمراكز والوظائف. وبتنا نرى أشخاصًا يترشّحون إلى النيابة مثلًا فينالون ألفي صوت. وفي دورة أخرى تدعمهم الأحزاب فينالون ماية ألف صوت. أمر غريب عجيب.
والشيء بالشيء يذكر. كنا نجلس في مقهى كاستيل Le castel الشهير في الكسليك كلّ يوم أحد مع مجموعة كبيرة من النوّاب والإعلاميين والمحامين والأطباء.
وكنت أترافق مع المحامي الصديق بيار الحدّاد ونجلس عدّة ساعات في المقهى. وكان في إحدى المرّات أحد الحاضرين متحمّسًا للترشّح إلى النيابة، عندما فاجأنا أحد الأصدقاء المحامين من كبار المشايخ والمعروف بروحه المرحة وقال له:
– إذهب وقبّل يد رستم
وإزاء تعجّب الحاضرين، أردف قائلًا:
– يا أخي. بدلًا من تقبيل ماية ألف يد قبّل يد رستم فتفوز.
فضحك الجميع. مع أنّ الأمر مضحك مبكي. لأنّ البعض يراجع عدّة مرجعيات فيفوز.
في حين أنّ من يناضل ويكافح ويتمتّع بالكفاءة والخبرة وبُعْد النظر والقرب من الناخبين قد لا يفوز. وعندها يبدأ البكاء وصريف الأسنان.
* * *
القاضي جوزيف سماحة
على أثر تقاعد القاضي العالم الآدمي جوزيف سماحة. كتب زميله القاضي نبيل صاري ما يأتي:
رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جوزيف سماحة تقاعد منذ أيّام بعد أن قدّم للعدالة أروع الأحكام والمواقف وبقي مثال القاضي بالمفهوم الراقي للكلمة.
عدل ومناقبية وأخلاق ومصداقية وبُعْد عن الإعلام وكلّ ما يؤذي صورة القضاء.
تغادر سلطة القضاء بجسدك وتبقى بسيرتك وأحكامك ونصاعة جبينك.
نفخر بك رعيل الأشاوس عدلًا بعيدًا عن قضاة المآدب والصالونات ولنا معك صولات في إنقاذ الوطن من عدالة الكارزمتيكية ودهاليزها ومفاسدها.
* **
الإجراءات الطبّية
ينتقد المحامي الألمعي مطانيوس عيد، الإجراءات الطبّية التي يتبعها المسؤولون في لبنان، ويصرّ على أنّ أيّام زمان كان “حليب الدابة” هو الدواء الناجح للتخلّص من جميع الأمراض الجرثومية، وأنّه أبلغ المعنيين بالأمر ولم يتجاوبوا معه بهذا الخصوص.
ويضيف مازحًا: كيف تريد للمريض بشكل عام أن يشفى وهم يضعون كيس مياه ساخنة على رجليه، في حين أنّ أيّام زمان كان الملك دواود يجالس حورية حسناء لتشفيه؟
المهمّ أنّ مطانيوس لا يزال يُصرّ على دواء “حليب الدابة”.
“محكمة” – الجمعة في 2021/2/5